أقل ما نستطيع القول عن جديد ديفيد فينتشر انه لا
يرتقي الى أعمال المخرج الذي كان يمكن أن
يقنعنا، حتى الأمس القريب، بكل شيء.
حتى
عندما صوّر سيرة بنجامن باتون، الرجل الذي
عاش عكس عقارب الساعات، في نمط ميلودارمي
رفيع، كان الشغف رفيق كل وحدة تصويرية. فضلاً عن "اللعبة" (1997) الذي حشر
مايكل
دوغلاس، ونحن معه، في جهنم التحكم من بُعد. في "الشبكة الإجتماعية" يخوض
فينتشر
غمار الفيلم المعلوماتي، لكن ثمة فراغ في نظرته. يصوّر بلا اكتراث كبير،
الصعود
الكلاسيكي لشخصية خارقة الذكاء في الفردوس الأميركي الذي يتيح اقتناص الفرص
الذهبية، حتى ولو كان صاحب الطموحات مراهقاً في التاسعة عشرة من العمر. So what؟ قد
يسأل المشاهد في آخر الفيلم! ومعه حق.
سبق نزول الفيلم الى الصالات صيت لاذع:
فينتشر، مخرج "سبعة" و"نادي العراك"، يريد تعرية ظاهرة الشبكة
الاجتماعية المسمّاة "فايسبوك".
فمصنع السينما في هوليوود لا يهدأ. يريد تحويل الحمار بقرة حلوباً أو
دجاجة تبيض ذهباً. المسافة من الأشياء مفقودة، ولم يعد أحد يريد التريث
حالما تبرد
الظاهرة وتصبح معاينتها أكثر قيمة. الكلّ مستعجل لمعرفة الكيف من اللماذا!
وصل
الفيلم الى بيروت الاسبوع الماضي، عاينّاه: كان يمكن أن يكون بدلاً من
حكاية مارك
زوكربرغ، مخترع الـ"فايسبوك" (جيس ايزنبرغ) أي شخص آخر عاش ما يعرّفون عنه
هناك خلف
الاطلسي بـsucces story (قصة
نجاح). للانصاف، هناك مسألة واحدة تقرب الفيلم من
الظاهرة التي يدرسها، هي الكيفية التي عمل
بها هذا المراهق الذي لا يضحك أبداً،
والموتور دائماً، ليغوي نصف مليار بشري
ويضمهم الى شبكة اجتماعية باردة وجامدة، قبل
أن يأتي يوم ينتبه فيه الى أنه غير قادر على امتلاك صديق واحد قطّ.
"النابغة
الذي يربح العالم ويخسر نفسه"، هذا موضوع سبق للسينما الأميركية أن عالجته
مئات
المرات، وفي اطار أكثر ثراء يتلافى الثرثرة الكلامية والمطولات. فينتشر لم
يستطع
الخروج في هذا الفيلم من الغرف المغلقة لجامعة هارفرد حيث نشأت الفكرة. نصه
المنغلق
على ذاته، يبقيه أسيراً لجدران أربعة يجري الحديث فيها طوال ساعتين عن
مسائل
قضائية، وحيث الملكية الفكرية لـ"فايسبوك" ستكون الطاغية على باقي الهموم.
المعايشة
بين سيناريو أيرون سوركين، الآتي من النصوص التلفزيونية ذات
الانتشار الواسع،
واخراج فينتشر، تولد فيلماً ضالاً بين
نوعين من الطموح: طرح الحكاية من جانب،
وتخريب الحكاية نفسها من جانب آخر. تجاذب
ينتهي بسطوة الكلام على الصورة وباستحالة
تركيب قطع البازل المبعثرة كي نرى الجدارية كاملة.
فينتشر يصوّر الحلم الأميركي
في مرحلته الأكثر نضجاً. نعم، هذا الحلم لم تحبطه الحروب
المتتالية، ولم تسحقه
هجمات 11 أيلول، وهو مستمر بأشكال جديدة في
عصر ثورة التواصل والتكنولوجيا الفذة.
ينتقل براً وجواً ويغزو العالم بالذكاء والمعرفة. اذا كان هناك نقطة جوهرية
يجوز
الدفاع عنها في عمل فينتشر، فهي كامنة في المكوّنات التي يصنع منها
شخصياته. الى
فيلم مسطح تقريباً، يدخل كاراكتيرات صعبة المراس رافعاً بها من شأن الفيلم
التي
يمنح الكلام عادة الى المراهقين. هنا، المراهق الانطوائي، الذي يحمل في
داخله
احساساً بالنقصان وخيبة غرامية، يضع حداً لشخصية المراهق - الكليشيه التي
فرضتها
هوليوود واستهلكتها حتى الضجر في آلاف الأفلام. هنا، نحن أمام شخصية، من
لحم ودم،
مهووس وغير اجتماعي، يلعب لعبته ولا يكترث بأحد، ويضع نصب عينيه التعويض عن
الخيبة
الغرامية عبر جعل الفتاة التي يستهويها مجرد مجسم أو أيقونة (كما يقال بلغة
الكومبيوتر) على حاسوبه. إنجازه الطليعي ينطلق من فكرة بسيطة وغير نزيهة:
هو لا
يتقبل منطق الاّ تكترث به فتاة، كونه يميل الى الاعتقاد بأنه بات يتحكم
بخيوط
العالم التكنولوجي، وعليه تالياً أن يتحكم بمخلوقاته. الخيبات المتكررة
التي ستأتيه
من الفتاة، ستزيده عنفاً واصراراً وقسوة. هنا يبلغ الفيلم مرحلة المجاز
ويصبح
للحكاية بُعد آخر. مع انتقال الحكاية من الواقع الى العالم الافتراضي، حيث
وجود
مواز وقصص متشعبة، يصبح بطلنا المضاد بطلاً مطلقاً ينام على بحر من الأموال
والموارد.
مشهداً بعد آخر، يخسر زوكربرغ براءته الطفولية. فقدان البراءة، هذا هو
الفيلم. في هذا المعنى يمكن اعتبار زوكربرغ كاراكتيراً تراجيدياً، فالإلهام
عنده لا
يتحقق الا اذا أنجز ما سيندم عليه في ما بعد. انه كاوبوي غاضب من دون حصان.
الفيلم
مزدحم بمشاهد الصراع على أولوية العبور الى طريق المجد، وهذا ما يشغل
فينتشر ويمنعه
من التقرب أكثر الى شخصية تكمن مشكلتها الأساسية في العزلة التي يعانيها،
ولهذا
سيبتكر وسيطاً ثورياً، سيكون من أول مستخدميه وأول الواقعين في فخّه. في
اللحظات
القليلة التي يتركنا الفيلم معه، نتنشق منها عبق الوحدة التي لم تستطع
الشاشات
ابعادها عن النفوس، بل على العكس. في النهاية، ليس الفيلم عن ظاهرة
"فايسبوك" بقدر
ما هو معاينة مخبرية دقيقة ومضجرة لآلية الخلق والصراع التي
ترافق كل ولادة قيصرية
لعمل طليعي. لا يحاول فينتشر معاقبة
زوكربرغ لأنه بات أصغر ملياردير في العالم، بل
يستعمل اختراعه مدخلاً لمسائل أخرى، طارحاً أسئلة لا تملك أجوبة، عن كيفية
التعايش
بين الرأسمالية والخلق وتحقيق الذات من دون أن تضطر هذه الذات الى ان تُباع
في
المزاد العلني.
نقد
جوزف فارس ينال جائزة أفضل مخرج في الدوحة مع "مرجلة"
الـــتـــربــيـــة الــســــيـــئــة
"النهار"
– الدوحة:
بثماني سنوات من العمل السينمائي الذي تبلور من
دون خطوات ناقصة، عرف جوزف فارس كيف يعثر
على دربه. عرفناه في بداية العقد الماضي
فناناً يافعاً تحرّكه حاجة التصوير انطلاقاً من مراقبة ساخرة لأحوال
الجالية
اللبنانية في المهجر الأسوجي، بحنين ورعونة لافتين، واليوم نتعرف اليه مرة
ثانية،
بعدما صار أكثر نضجاً وبلاغة. بين المرحلتين، نكتشف اننا لم نكن نعرفه الا
قليلاً.
فهذا الذي يبلغ الثالثة والثلاثين اليوم، لم يكن ضليعاً بـ"فلسفة" الأمور
التي
يصوّرها. هنا "عيبه". بسيط النهج وفخور به. يلفلف أجوبته بكلمتين وثلاث،
ويمضي. في
هذا المطرح، هو نقيض بعض رموز الاخراج في لبنان، من برهان
علوية الى غسان سلهب. كي
تفهم فيلماً من أفلام واحد من هذين،
وتقدّره، عليك ان تكون مطلعاً على خطابه
الشفهي. فما يقولانه خارج الفيلم له أهمية في داخله. فارس نقيض ذلك: يختفي
خلف
عمله، كما الكثير من المخرجين الكبار. انه تجسيد للمخرج العبد وليس المخرج
الملك.
بالنسبة اليه، على الفيلم أن يعبّر عن نفسه بنفسه. لا كلام اضافياً يقال
عنه. في
برلين، قبل عامين، اثر مشاهدتي "ليو"، حاولت محادثته، فقوبلت بتهرب وخجل من
جانبه،
يتكشف سرهما يوماً بعد يوم: ليس لهذا السينمائي ما يقوله خارج
الكاميرا.
فارس
ابن ثقافة اخرى، هي الثقافة المختلطة والمتناقضة. وهو من جيل لم يتعلم
السينما عبر
مشاهدة برغمان وأنطونيوني. يعترف انه لم يشاهد أياً من أفلام العملاقين.
ثقافته
ليست معجمية ودوغمائية بقدر ما هي ململمة هجينة، فيها العنصر الأميركي
والأوروبي
والاسكندينافي. في العشرين، دخل معهد السينما في أسوج وكان اصغر الطلاب
عمراً. لكن
التحصيل العلمي لم يشغل باله، فغادر المعهد وفي جعبته بدلاً من الشهادة،
فلسفة
مفادها: "لا احد يستطيع تعلّم الاخراج في المدرسة، بل يتعلمه وهو ينجز
الافلام".
اليوم، ما يميز أفلامه واقع ان صاحبها يأتي من مكان آخر ويحمل في دفء قلبه
بقايا
تربية مختلفة وتجربة لم يشف منها بعد... لحسن حظه.
واذا كان المدلول في أعماله
أهم من الدال، فتقنياته في الانجاز لا تختلف كثيراً عن بقية
زملائه المنظّرين. يعيد
فارس "كتابة" الفيلم خلال التصوير، ويقول
للممثلين تقريباً ما يريد، ويشرح لهم
الهدف من المشهد. اما الحوار فيساعده الممثلون في ابتكاره. والسيناريو في
هذا كله؟: "لا انظر اليه. ديالوغ... سكريبت... هيدا كلّو مسخرة. ما ارمي اليه هو
ان افقد
السيطرة. ارغب في ان يصنع الفيلم نفسه بنفسه".
"زوزو"،
عام 2005، جعله يزور
حرباً عاشها من دون ان يفهمها، لا في حينها
ولا في مرحلة لاحقة. الفيلم من عيون طفل
جاء مفرطاً في السذاجة. لكنه كان ضرورياً لانتقاله الى مرحلة أكثر نضجاً.
"زوزو"
يشبه "الأمير الصغير". خال من السياسة والرؤية القاتمة للحرب. لو لجأ فارس
الى
تسييس القصة، لكان وقع في الوعظ المباشر، ولما كنا ارتحنا الى
الصوص الذي يتكلم
والبيت الذي يحلّق في السماء. بهذه
المعالجة، يشعر المشاهد بمأساة الطفل الذي يفقد
اهله اولاً، وبصدمته عندما يصل الى أسوج ويكتشف انها بلاد خيبته، ثانياً.
نعثر في
الفيلم على روح المسوّدة. فيه بعض "الولدنات" الساحرة. نتفهم فكرة فارس حين
يمنع
الولد من ان يفهم الحرب، لأننا حتى نحن الكبار لم نفهمها.
بالرغم من هذا كله،
كان على فارس أن يصبح راشداً في يوم من الأيام. وهذا النضج قاله بصراحة في
"ليو":
في ليلة احتفاله بالثلاثين، يتعرّض ليو اثناء عودته الى منزله لاعتداء جسدي
هو
وصديقته، يودي بحياة الاخيرة ويتركه هو في حال من الضياع النفسي، ستزداد
توتراً
لتتحول أزمة وحيرة وألماً، ولن يشفى من احساسه بالذنب الى أن يقرر الانتقام.
منذ "يللا يللا" (2002) تحتل الأبوة مركزاً مهماً في عمل فارس. بيد أن هذه
الابوة لم
تكن يوماً قدوة أو محل اعتزاز. ولعل أهمية
عمله انه مترابط نسلاً بوالده، مع السماح
لنفسه بحق نقد أفكار جيله والتربية التي تلقاها. في "ليو"، دور الوالد كان
أصغر من
دوره في أفلامه السابقة. لكن، قبل مساعدة صديقه في عملية الانتقام
الانتحارية،
سيستشير جوزف فارس والده، ومن طبيعة جوابه سيختار معسكره، وهذا يعني، ان
الحضور طاغ
حتى لو لم يكن أساسياً.
بعد "ليو" كان واضحاً أن لا عودة الى الخلف، أي الى
الطفولة. ما توقعناه تأكد مع "مرجلة"، خامس
أفلامه الروائية الطويلة، الذي نال
أخيراً في "مهرجان تريبيكا الدوحة" جائزة أفضل مخرج (مئة ألف دولار). هنا
الفيلم عن
هذا الأب الشرقي، عزيز (جان فارس)، الذي اكتسب في منفاه
الجديد، أسوج، جزءاً كبيراً
من العادات الاسكندينافية؛ تعلم لغة البلاد
وباتت له امتدادات في المجتمع، لكنه لم
يتمكن من التخلص من عقدة "الفحلوة" الشرقية التي على كل رجل يستحق تسمية
"رجل" أن
يتحلى بها، كما تعتقد المجتمعات الشرقية
المحافظة. هنا الرجولة تقاس بطول الشاربين
ورباطة الجأش ونبرة الصوت. "عزيزنا" شهم يتكلم بثقة عالية في النفس، لا
تصعب عليه
حيلة ولا ترفضه امرأة. على الأقل هذا ما يعتقده.
فارس متمكن من خفايا الموضوع
الذي يصوّره، فهو عاش وشبّ في اطار تربية مشابهة لما يرينا،
لكنه بقي على مسافة من
تلك القيم التبسيطية، ومن هنا سخريته
الحنونة والهدامة. فهو يداعب آفات الوالد
المهيب عكس اتجاه الشعر، لكنه يجعله ضحية موروث، يهتم به وبمشاعره قبل أن
يصفعه في
الجزء الأخير من الفيلم، واضعاً يده في كفّ من المخمل.
هذا الأب "قصته قصة"
تتداخل معها قصص أخرى، واحدة منها عن ابنه المصاب بالعقم والذي يقرر هو
وزوجته
التبني من خلف ظهره، وقصص أخرى عن مغامرات زميل له مع كلبه الذي يحتضر، مما
يضطره
للبحث عن كلبة ينجب منها "وارثاً". هناك ايضاً قصة ثالثة تولدها معاناة ربّ
عمله،
الرجل الاربعيني الذي يعتقد ان زوجته يسحرها الجار ذو العضلات
المفتولة، ذلك ان
العلاقة الجنسية بينهما باردة. غني عن
القول، ان نصائح عزيز له بالتعامل مع زوجته
على الطريقة الشرقية، ستكون نتائجها كارثية على الزوجين. اذا أضفنا الى
هذا، تباهي
عزيز بحصوله على كل امرأة يريد وفي كل لحظة، قبل أن ينتبه الى أن الأمور
ليست بتلك
السهولة وان ما يعيشه اكذوبة، فنحصل على كوميديا انسانية عميقة وغنية
بالمدلولات
الثقافية تتضمن التسلية والعمق والتفنن والنظرة الثاقبة والتقنيات المتقنة.
المرجلة على المحك اذاً. يضع فارس الإصبع على الجرح ويشد عليه. يشخّص الآفة.
يدرك أن مشكلة العالم العربي بيولوجية أكثر منها شيئاً آخر. يسمّي فيلمه
بالانكليزية "خصيتان"، لأنه يدرك تمام الادراك ان لبّ المشكلة في هذا الذي
بين ساقي
الرجل. مع هذا الفيلم يعلن انفصاله عن تربية ذكورية لا تؤدي الاّ الى
التكاذب.
الكذب على الذات الذي يولّد الكذب على الآخر.
والحقّ، أنه لم يكن ممكناً انجاز
مثل هذا العمل لولا وجود شخص اسمه جان فارس، الذي تحول في بؤرة
ابنه، ممثلاً بديعاً
يعرف كيف يطلق الطرفة وأين وكيف. تحركه
الجسماني داخل الكادر لغز شرير. صدقه في
تقمص الشخصية ساحر. رفضه الانهزام، وتحويل النكسة لقية سينمائية معلنة
للأمل الصامد
دائماً وأبداً، سرّ ما بعده سرّ. عندما تكلم فارس الى الحضور عبر الشاشة في
حفل
توزيع الجوائز، قال ان والده بات نجماً كبيراً في أسوج وبات يصعب عليه
المشي في
الشارع بسلام ووئام. أما هو فيتهيأ لإنجاز سادس أفلامه. هذا كله ولم يبلغ
الـ35
بعد. لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من التفكير عما كان ليكون مصيره لو لم تقع
الحرب
وبقي فارس في لبنان!
( hauvick.habechian@annahar.com.lb)
أفـلام أخـرى...
"دعني
أدخل" لمات ريفز:
الفيلم
الجديد لمخرج "كلوفرفيلد" يأتي برصد للحركة السينمائية التي نشطت في
السبعينات
وجاءت بأفلام خالدة، مثل "ذا أومن" و"اكزورسيست" و"كاري". الشريط المتقن
الصنع
(انظر الى مشهد الحادث، مثلاً)، الذي يمزج الأولديز بالحداثة
التقنية، تحية
لاإرادية الى تلك المرحلة، يجدد النظرة الى فيلم الرعب
الكلاسيكي انطلاقاً من
الاطروحة المناقضة لقصة "روميو وجولييت".
أوين، صبي في الثانية عشرة من العمر، ضحية
بطش زملائه على مقاعد الدراسة، في غياب الوالدين عن حياته وهمومه، وعدم
دعمهما له،
لا يعرف كيف يدافع عن نفسه ويردّ على القوة بالقوة، الى اليوم الذي تدخل
الى حياته
فتاة غامضة، من عمره، تعيش في المنزل المجاور مع رجل يُفترض أنه والدها.
هذا كله
يدور في أجواء ليلية معتمة، حيث يتم العثور يومياً على جثث، ولا فكرة لدى
الشرطة عن
القاتل. يتطرق المخرج مات ريفز الى انعدام الحب والحرمان اللذين يولدان هذا
الشعور
من التهميش لدى الفرد، ما يجعله يتمسك بأي بصيص أمل، حتى لو جاء هذا الأمل
من مصاصة
دماء، وهي في هذه الحالة، جارة أوين الجديدة، التي سيُغرم بها في علاقة
مؤثرة بين "غريبين". يحملنا ريفز، على دقات قلب بطليه، الى عالم حيث الزومبيون
باتوا مصدر حبّ
بعدما كانوا لعقود خلت مصدر خوف. فكرة
أولية فريدة، تجعل من الشريط واحداً من أفضل
انتاجات هذه السنة.
"يا
نوسك" لايلي خليفة:
بعد
سلسلة أفلام كوميدية قصيرة، كان من المنتظر ان يأتينا خليفة بفيلم طويل،
يضع فيه كل
ما يملكه من طاقات وافكار لم يستطع التعبير عنها باختصار. تجلت هذه الفرصة
في فيلمه
الجديد "يا نوسك" الذي انهى تصويره قبل سنوات ولم يخرج الى الصالات المحلية
الا
حديثاً، بعد عرضه في "مهرجان بيروت السينمائي". يعترف خليفة بأن تصوير هذا
الفيلم
كان سهلاً، على رغم ادراكه ان من الصعب اتمام اي مشروع سينمائي
حين تكون الموازنة
شحيحة، لان ذلك يحدّ من رغبات صاحب العمل
وطموحاته. "عندما تصوّر فيلماً في عشرين
يوماً، ليس كما لو كنت تصوّره في ثلاثة اشهر".
يروي الفيلم مغامرات سويسري في
لبنان بأسلوب طريف. يأتي هذا الشاب الى
بيروت، وكي يجد سبباً حقيقياً يبقيه في هذا
البلد يفتح محلاً لتوزيع البيتزا الى المنازل. يقول خليفة ان ما يهمه هو ان
يتسلى
عندما يقوم بعمل، سواء كان له او لغيره. يفضل التعاطي مع ما يحبه، ويحبذ ان
يرتبط
اسمه بأفلام ذات موازنة ضئيلة يكون العمل فيها ضمن اطار عائلي. هنا، تم
العمل وفق
منطق العائلة الواحدة، والكل فهم الكل. لا يحب خليفة عمليات التصوير التي
تتضمن
عشرات التقنيين والفنيين. واذا أُعطي يوماً ما موازنة كبيرة لفيلم طويل،
فليس
مستبعداً ان يستخدمها لإنجاز خمسة افلام.
"رجال
وآلهة" لكزافييه
بوفوا:
أفلمة قصة الرهبان الفرنسيين السبعة الذين قتلتهم
الجماعة الاسلامية في الجزائر عام 1996، قبل أن يتبين بحسب بعض المصادر ان
الجيش
الجزائري هو الذي صفّاهم، كان يتضمن عدداً لا يستهان به من المطبّات، منها
الوقوع
في الخطاب الذي يمضي في مقارنات بين المسيحية والاسلام. لم يكن هذا ما
أراده بوفوا
في هذه الرائعة السينمائية التي نالت جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان
كانّ
الأخير. مخرج "الملازم الصغير" يعرف كيف يخطف انتباهنا من خلال تجربة
الرهبان
وايمانهم العميق بالرسالة الانسانية التي جعلتهم يتركون بلدهم لمساعدة
الجزائريين
الذين يعانون انواع العسف والظلم جراء التعاطي السيئ للجماعات المتطرفة
معهم.
هـ. ح.
في اطار "مهرجان تريبيكا الدوحة"
في اطار "مهرجان تريبيكا الدوحة"، عُرضت أيضاً ثلاثة
أفلام أخرى على قدر معين من الأهمية: "الجامع" (حاز أيضاً "التانيت الفضي"
في "أيام
قرطاج السينمائية") للمغربي داوود أولاد
السيد، الذي يلفّ العواصم حالياً حاصداً
الجوائز. يزور مخرج "في انتظار بازوليني" موقع فيلمه السابق في قرية مغربية
نائية
ليكتشف أن كل الديكورات التي شيِّدت للتصوير قد أزيلت الا الجامع المصنوع
من
الكرتون، اذ اعتبر اهل القرية ان تدميره معاد للدين الاسلامي، فصار محجاً
للمؤمنين
يسكن فيه من أعلن نفسه "فقيه" الضيعة، بعدما كان اضطلع بهذا الدور في فيلم
أولاد
السيد السابق. شريط متماسك نصاً واخراجاً وتمثيلاً، ينقل بذكاء
كبير أحوال الدين
والخرافة في العالم العربي والاسلامي،
وتوظيف المقدس في خدمة السياسة، بأسلوب
الاستعارة الكيارستمية. هناك ايضاً فيلم
"حاوي" (جائزة أفضل فيلم عربي) لإبرهيم
البطوط الذي يتعامل مع شخصيات مهمشة في مدينة الاسكندرية. مبتعداً عن
مكوّنات
السينما المصرية التقليدية، يدخلنا البطوط، الذي صار واحداً من أعلام ما
يُعرَف
بالسينما المستقلة في بلاده مذ انجز "عين شمس"، الى مناطق غامضة تغمرها
السوداوية.
من تأرجحه المستمر بين التسجيلي الزائف والروائي المصنوع بارتجال، يولد
فيلم "مختلف" تحلو مشاهدته. وأخيراً، عُرض ما نستطيع التعريف عنه كـ"اكتشاف"
المهرجان،
"تيتا ألف مرّة" لمحمود قعبور (جائزة الجمهور، مئة
ألف دولار، في مهرجان جمهوره لا
يزال معدوداً، ولفيلم لم يكلف الا ربع تلك القيمة) الذي يصور جدته، المرأة
الكاريزماتية الأمية التي تعرف كيف تخطف قلب المشاهد، ولنا عودات لاحقة الى
هذه
الأفلام الثلاثة التي ستكون حديث الصحافة المتخصصة في الأشهر المقبلة.
النهار اللبنانية في
04/11/2010
أضاءت ليالى أبو ظبى ويستعد القاهرة السينمائى لاستقبالها..
كاترين دونوف .. الأكثر سحرا وجمالا وأنوثة
كتبت رانيا علوى
تنتمى النجمة الفرنسية الرائعة كاترين دونوف لجيل من النجمات شديدات التألق
والجاذبية والجمال كاترين التى تعود إلى السينما بعد آخر أفلامها فى عام
2008 حيث قدمت فيلما سينمائيا جديدا يحمل اسم "المزهرية" والفيلم عرض
بمهرجان أبو ظبى السينمائى الدولى هذا العام وهو من إخراج فرانسوا أوزون.
تعد كاترين دونوف من النجمات صاحبات الدور السياسى والاجتماعى البارز ولا
تتردد إطلاقا فى تقديم الدعم للكثيرين فى القضايا الإنسانية منها اهتمامها
بالقضية الفلسطينية؛ فهى تعد من أذكى وأجمل النجمات ليس فى السينما
الفرنسية فقط بل والعالمية أيضا.
وبمناسبة عودتها مرة أخرى للوقوف أمام الكاميرات نرصد أهم خطواتها وملامح
مشوارها الفنى، فالممثلة الفرنسية كاترين دونوف هى من مواليد 22 أكتوبر
1943.
وهى تعد من أشهر الممثلا الفرنسيات خلال الستينيات من القرن الماضى، قد
احتفلت بإطلاق فيلمها رقم 100 عام 2008 وهو فيلم "حكاية عيد الميلاد".
بدأت كاترين دونوف حياتها الفنية عام 1956 باسم آخر وهو "كاترين دورلياك"
فقد قامت بتجسيد دور صغير بفيلم يحمل اسم "الطالبات" لأندرية يونيبيل.
وقد أكدت كاترين: "لقد لعبت دورى فى الفيلم وأنا بزى المدرسة"؛ وبعد أربع
سنوات من تقديمها هذا الفيلم ألحت عليها أختها الكبرى فرنسواز لكى تعيد
كاترين دونوف تجربتها الفنية مرة أخرى، فقد اقترحت عليها بان تقوم بتصوير
فيلم جديد باسم "الأبواب المتخبطة"، حيث يبحث مخرج الفيلم جاك بواترونوه عن
وجه جديد لتقوم بتأدية أحد الأدوار بالفيلم، وبعد موافقة أسرتها على دخولها
المجال الفنى نجحت فى العديد من الاختبارات.
ومن هنا بدأت مسيرتها الفنية وقد اختيرت بأن تصبح أجمل الفنانات الفرنسيات
خلال الأربعين عام السابقين.
عملت كاترين تحت إدارة كبار مخرجى السينما العالمية: لويس بونويل ـ راؤول
لويز ـ دو أوليفيرا ـ كلود لولوش ـ شابرول ـ تروفو ـ تيشينيه ـ فيريرى ـ
ريتسى؛ كل هؤلاء أضاءت أفلامهم النجمة كاترين دونوف.
ورشحت أول مرة لنيل جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة عن فيلم
Indochine Indochine
عام 1993؛ كما رشحت كأفضل ممثلة لنيل جائزة
BAFTA عن دورها فى فيلم
Belle de jour وذلك فى عام 1967.
وقد فازت دونوف بالفعل بعدد هائل من الجوائز منها:
جائزة
David di
Donatello Awards
كأفضل ممثلة عام 1981 عن دورها فى فيلم
Le Dernier métro
؛ كما حصلت على جائزة
Women in Film Crystal Awards عام 1993 وتعد هذه الجائزة جائزة دولية.
وعام 1997 فازت بجائزة
Moscow International Film Festival
؛ وحصلت فى مهرجان برلين السينمائى الدولى عام 2002 على جائزة الدب الفضى.
كما حصلت دونوف على جوائز أخرى عالمية منها السعفة الذهبية الشرف بمهرجان
كان السينمائي عام 2005 ؛ و فازت أيضا عام 2006
Golden Kinnaree Career Achievement Award بمهرجان بانكوك السينمائى الدولى.
وفى العام نفسه 2006 حصلت فى
Istanbul International
Film Festival على جائزة السينما؛ كما فازت عام 2008 بإحدى الجوائز التقديرية
بمهرجان كان السينمائى.
اليوم السابع المصرية في
04/11/2010
عرض فيلم "زنديق" فى بانوراما الفيلم الأوروبى
كتبت دينا الأجهورى
تحت رعاية وزارة الثقافة والمركز القومى للسينما ومفوضية الاتحاد الأوروبى
بمصر انطلقت أمس، الأربعاء، فعاليات الدورة الثالثة من بانوراما الفيلم
الأوروبى التى تستمر فعالياتها حتى 9 نوفمبر الجارى، وسيعرض خلال أيام
البانوراما 16 فيلما من أحدث وأهم ما أنتجته السينما الأوروبية التى حصلت
على جوائز من مهرجانات عالمية، بسينما ستارز فى سيتى ستارز وجلاكسى
بالمنيل.
ومن الأفلام المقرر عرضها غدا الجمعة بسينما سيتى ستارز "زنديق"، وهو إنتاج
فلسطينى بريطانى بلجيكى للمخرج ميشيل خليفة، وسيقام ندوة عقب عرض الفيلم
الساعة الثالثة والنصف عصرا.
وكان قد حصل الفيلم على الجائزة الكبرى فى دورة مهرجان دبى السينمائى العام
الماضى، كما شارك الفيلم الشهر الماضى فى رام الله ضمن فعاليات مهرجان
"القصبة السينمائى الدولى 2010"، وتدور أحداث الفيلم فى مدينة "الناصرة"
ويطرح خليفة فى فيلمه الذى يؤدى فيه الفنان محمد البكرى دور البطولة سؤالاً
يطرح دائماً على اللاجئين الفلسطينيين الذى رحلوا أو أُجبروا على الرحيل عن
منازلهم عام 1948، ليكون موجهاً إلى من بقوا فى بيوتهم: "لماذا بقيتم لماذا
لم ترحلوا أريد أن أعرف ماذا جرى معكم"؟
ويقدم الفيلم صوراً حية من مدينة الناصرة التى تضم كنيسة العذراء مريم وبيت
لحم التى يفصلها جدار إسمنتى عن مدينة القدس ورام الله العاصمة السياسية
للفلسطينيين فى رحلة عودة بعد سنوات من الغربة للمشاركة فى عزاء أحد
الأقرباء، لتبدأ منه حكاية ليلة واحدة يختصر فيها خليفة على مدار ساعة ونصف
الساعة حكاية شعب.
حضر الافتتاح أمس عدد كبير من النجوم والسينمائيين منهم محمود حميدة ولبلبة
ومادلين طبر وأشرف مصيلحى ومدير التصوير رمسيس مرزوق، ومجموعة كبيرة من
النقاد ومراسلى القنوات التليفزيونية.
اليوم السابع المصرية في
04/11/2010 |