عندما كنا صغارا.. كانت امريكا بالنسبة لنا كلنا..
بلاد الاحلام..
البلاد التي يمكن فيها للمعجزات أن تتحقق..
ويمكن لعامل مصعد في عمارة..
أو بائع صغير في متجر..
أن يصبح مليونيرا ويمكن لفتاة من طبقة فقيرة أن تصل الي أعلي
مراتب العز والمجد.
كل شيء كان ممكنا في بلد العجائب..
لذلك كنا ندهش عندما نسمع اخبارا أو نري أفلاما تندد بالتمييز
العنصري..
أو نعجب لشجاعة بعض السينمائيين الامريكيين عندما يدافعون في
بعض أفلام الغرب »الوسترن«
عن هؤلاء الهنود الحمر الذين سرقت أراضيهم وتشرد شعبهم ودأبت أفلام »الكوبوي«
التقليدية علي اتهامهم وتصويرهم وحوشا كاسرة..
لا هم لها إلا اللحاق بعربات البيض البريئة..
وقتل ركابها..
وسرقة أموالها.
ولكن كل هذا لم يستطع أن يمحو من أذهاننا الصورة البراقة..
لبلد يفتح ذراعيه كبيرتين للمغامرة ويحقق
الطموح..
ويهدي النجاح لهؤلاء الذين يعملون أو القادرون علي الابتكار
والتجديد.
انه بلد الاحلام بلا منازع..
البلد الذي يحلم كل مواطن مهما كانت درجة بعده أو قربه عن
»القارة الجديدة«
بالوصول إليه..
وتحقيق آماله في ربوعه.
هذه الصورة تغيرت كثيرا.. مع مرور الزمن والسنوات..
ورحل الوجه الجميل..
وانكسر القناع ليظهر لنا بعدذلك الوجه الآخر المقيت وجه الظلم والاستعمار
والجشع المالي.. والتدخل في حياة الشعوب..
وبث أجهزة المخابرات..
وتشجيع الثورات الداخلية والخارجية في أي بلد كان بغية بيع السلاح.. وتدعيم
صناعة الحديد الثقيلة..
أكبر صناعات الولايات المتحدة..
ولو كان ذلك علي حساب الضحايا ودماء الابرياء..
وتفتت البلاد وشيوع الفقر والجريمة في
انحاء المعمورة كلها.
رحلت اذن »أمريكا الاحلام«
وحلت محلها »أمريكا الكوابيس«
والتي تحاول هوليوود أحيانا تحسين صورتها لدي الملايين دون جدوي.. لان
أصواتا أخري حرة..
امكنها ان تنطلق من هذه البلاد نفسها..
لتفضح الممارسات الخبيثة والطمع في موارد الآخرين.. والعمل علي استبدادهم
واستقلالهم.
لا أريد أن أخوض في تناقضات السينما الامريكية حول المشاكل التي تأكل
الولايات المتحدة من الداخل.. فهي كثيرة الايجابي منها يقف الي جانب السلبي
بقوة وتأثير.
ولكن ها هو دافيد فنشر المخرج الامريكي الكبير الذي ادهشنا العام الماضي
بفيلم اعتبره الكثيرون أهم ما قدمته السينما الامريكية في عام وهو »حالة
بنجامين بوتون« المأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب سكوت نيتنر جيرالد..
حولها المخرج العبقري الي ملحمة انسانية وشعرية..
لاحد
لجمالها وتأثيرها.
»بنجامين بوتون«
لم يكن استثناء في مسيرة دافيد فنشر فقد سبق لهذا المخرج
المتمكن أن قدم لنا أفلاما تعتبر الآن من كلاسيكيات السينما الامريكية
كفيلم نادي القتال بكل رمزيته وميتافيزيقيته والخطايا السبعة..
بكل التشويق الدرامي والفلسفي الذي يحمله في ثناياه..
وزودياك الذي يتحدث عن جريمة قتل غامضة..
ولم ينل ما يستحقه من نجاح واهتمام.
وها هو فنشر يعود مرة أخري بقوة كبيرة ليقدم فيلما عن »الحلم الامريكي«
الذي اعتقدنا طويلا انه قد اجهض الي غير رجعة..
ولكنه يقدمه علي شكل طبق حلواني مليء بالسموم القاتلة.. فهو يؤكد أن الحلم
الذي ظنناه راح الي غير رجعة لازال ممكنا..
وان طالبا ذكيا من جامعة هارفارد الشهيرة استطاع أن يحقق حلمه بالثراء..
وأن يصبح صاحب ملايين أو اذا شئنا الدقة أصغر ملياردير في العالم من خلال
لعبة اخترعها واراد أن يثأر بها من الفتاة التي أحبها وهجرته.. فقرر
التشهير بها عن طريق اقامة شبكة فيس بوك..
تمهد للعلاقات بين طلاب الجامعة وطالباتها..
عن طريق بث صورهن وأسماءهن.
وتنجح اللعبة التي شاركه فيها زميل عمره ادواردو والتوأمين دينكل فوس أبناء
احد رجال الاعمال الكبار.. هذا النجاح يثمر منذ شهوره الاول..
بذور الحقد
والاختلاف بين الشرفاء خصوصا التوأمين..
الذين ازعجهم استئثار البطل الصغير مارك
زاكربرج بالعملية كلها ونسبها الي نفسه..
راميا بهما عرض الحائط.. لذلك يلجأن الي ادارة المدرسة ثم الي القضاء في
محاولة ايقافه.. واثبات وجودهما..
أي بكلمة أخري..
ما ان اطل المال برأسه من الباب حتي ابتدأت
المعارك من النافذة.
وينجح السيناريو البارع الذي كتبه ارون سوركين في رسم ابعاد شخصيه زاكربرج
بمهارة فائقة.. فهو انسان مهووس بفكرته الوليدة التي بدأت تتعاظم
ويمتدشأنها مما جعله يطبقها.. خارج جامعة هارفارد التي ينتمي إليها الي
جامعات أخري.. فاق عددها المائتين بعد شهور قليلة من انتشار الفكرة.
وتبقي الصداقة قائمة وقوية بين زاكربرج وادواردو الذي عينه مديرا ماليا
للمشروع.. الي أن تظهر في الافق شخصية أخري..
وصولية،
وجشعة هي شخصية الامير ساريو السابق »شون«
الذي يبدأ بتعليم زاكربرج..
مباديء لعبة الوصول وأولها..
ان تنسي كل مبادئك..
وكل عواطفك وكل صلاتك..
وان لا يبقي أمامك سوي رب واحد تعبده هو مصلحتك والمال.
وهكذا يجد زاكربرج نفسه مسوقا الي التخلي عن ادواردو شريك عمره بتحريض من
شون الذي ابتدأ يسيطر تماما عليه وعلي تصرفاته..
مع ملايين الدولارات التي تتساقط من كل مكان وازدياد عدد
المشتركين في هذه الشبكة الجديدة التي أنشأها والذين تجاوز عددهم الملايين..
كما امتد انتشارها الي كل انحاء الولايات المتحدة ثم خارجها في أماكن أخري
من العالم.
لكن ادواردو.. لم يصمت.. وقرر الثأر من شون..
ومن زميل عمره.
وهكذا تدور الدوائر.. وتسقط العواطف كلها..
وتنهار المباديء والصداقات ويحاول زاكربرج استعادة حلمه وحبه
القديم الذي بات يعتقد جازما ان بإمكانه استردادها رغم تشهيره السابق بها
مادام يملك المال والنفوذ..
أليس هذا هو المبدأ السائد في أمريكا الاحلام.
دافيد فنشر في فيلمه عن الفيس بوك..
يضرب بشدة وبعمق..
يطرح الحلم الامريكي مرة أخري..
ولكنه يجرده من بريقه وأوهام السعادة التي تحيط به..
ليرنا اياه »كابوسا ورديا« يتغلغل الي أعماق الروح
فيدمرها، ويكرر الاسطورة القديمة..
عن الرجل الذي استبدل قلبه..
بدائرة من ذهب..
أو يكرر مأساة فاوست الذي باع روحه للشيطان.
الحلم الامريكي.. كما يراه فينشر لازال حيا..
ولازال ممكنا،
ولكن ثمنه الآن أصبح باهظا اذ ان في مقابل فسحة الامل التي يهبها لصاحبه..
فانه يطلق حوله السحاب الأسود الذي يمطر عليه عقارب وأفاعي.
فينشر قال كل هذا في فيلمه..
الذي صور فيه ولادة الحلم..
ثم نموه وتطوره حتي أصبح وحشا يأكل صاحبه..
ولايبقي منه إلا رمادا تطيره الرياح..
الممثل الشاب الذي جسد زاكربرج..
استطاع أن يقدم وجهه الذي تختلط فيه القسوة
والوحشية ببراءة مصطنعة..
وعينين جامدتين
..لا تعرفان معني للهوي أو للعواطف، والحقيقة ان فينشر لم يكن موفقا في هذا الاختيار
فحسب..
بل ان توفيقه شمل جميع الممثلين الشباب الذي اعتمد عليهم في
تجسيد الشخصيات ادواردو وشين والتوأمان..
وحتي الحبيبة ربيكا.. رغم قصر دورها كانت معبرة ومؤثرة الي حد كبير.
السيناريو يستمد قوته وضربته القوية..
من كونه يعتمد علي قصة حقيقية وشخصيات بعضها لازال حيا يرزق..
لكن فينشر عرف كيف يعطي هذا السيناريو المليء بالحوار حركة داخلية
وديناميكية خاصة به.. وجعلنا رغما عنا نعيش في بوتقة الاحداث..
ونشعر بلهيبها الناري الذي يحرق كل ما حوله.
لقد حاول فينشر في أفلامه السابقة..
ان ينقذ علي طريقته الرمزية والمختلطة بشيء من الميتافيزيقية
بلده أمريكا..
كما في نادي القتال علي وجه الخصوص..
ولكنه في فيلمه الاخير هذا يبتعد عن الرموز والايحاء ويفضل الضربة القاصمة.
لقد اراد أن يضع الحلم الامريكي كله في زجاجة صغيرة..
خلطها بديناميت متفجر ثم القاها في وجوهنا..
واطلق علي ثورته العارمة هذه اسم »فيلم سينمائي«
تري ما هي القنبلة القادمة التي يجهزها لنا هذا المخرج
العبقري.. الأيام وحدها هي القادرة علي أن تجيب.
أخبار النجوم المصرية في
04/11/2010
أيام زمان
ناعسة .. نجيب محفوظ
الأغنية الشعبية
بقلم : موفق بيومي
في غير قليل من الأحيان يكسوها الغبار أو يغطيها التراب ولكنها وبمجرد أن
نمسح بأصابعنا ماعلاها من قهر الزمن تعود لامعة ومتوهجة، ربما-
كعادتنا- نسخر منها أو حتي لانشعر بها ولكنها -شئنا أم بينا-
تخالط الدم وتعانق الجينات..
انها العبقرية المصرية وليدة حكمة الآف السنين.
> > >
ها هو يجلس علي حافة ترعة تشق غيطانا بلا حدود في لحظة شروق او
ساعة مغيب يستظل بأوراق »توتة«
حنون أو فروع
»جميزة« عجوز يستعد لمشقة يوم أو يرتاح منها..
انه بعينه ذلك الفلاح الفصيح الذي جلس ايام
مينا وسنوسرت ومن بعدهما في ايام كافور الاخشيدي وصلاح الدين ومراد بك
ومحمد علي وحتي يومنا هذا يمسح همومه -ولاينساها-
علي انغامه ناي ريفي نحته بأصابع يده المعروقتين من فروع البوص تجلس بجانبه
ناعسة او بهية -مهما تغير اسمها علي مدار العصور-..
ترنو إليه يحنو اسمه
-ولا إسمها - إلا نادراً ولكننا نعرف ونحفظ ماتركوه لنا من عشرات الاغاني
والمواويل وحكايات الربابة.. من منا يعرف مؤلف ياليل ياعين -
كل الليالي وسائر العيون
- أو »قولوا لعين الشمس«
وغيرها من اعمال عبقرية أرخت لاسي وآهات وحياة الأمة المصرية
بالأغنية والموال ملثما أرخ لنفس الحياة المعاصرة العم نجيب محفوظ في قصصه
ورواياته..
صدفة عجيبة -
وكل المصادفات عجيبة-
قادتنا الي كنز كشف لنا عن رمز مجهول من الفولكلور المصري التي كتبت ولحنت
بالفطرة عشرات القطع الشهيرة والعظيمة..
انها ذات العيون الناعسة.
»دردا بلد الردال«
هكذا كان -وربما مازال-
ينطق أهل جرجا اسم مدينتهم ويصفونها طبقاً للهجتهم الجميلة المميزة التي تحول حرف الجيم الي
دال..
مدينة عريقة وخالدة كانت جوهرة الصعيد المصري وعاصمة الإقليم
الذي يحمل اسمها قبل ان يتغير اسم المديرية قبل نحو قرن من الزمان
-ضمن آلاف الاشياء التي تغيرت وتعدلت في هذا القرن العجيب -حاملاً اسم
العاصمة الجديدة سوهاج-
بحكم موقعها الجغرافي الذي يصل شمال الصعيد بجنونه ومع تركيبة
السكان العرقية الجامعة عبقرية بين أجناس عديدة ورثت جرجا ثم اثاث وثقافات
متعددة ضمت الفرعوني والبدوي والعربي والتركي حيث التقي الجميع علي ارضها
وما جاورها من مدن اخري ومن هنا حفلت ليالي من يدونها ويسجلها حفاظاً
علي هذا التراث النادر وهو ماتم بطرق متعددة كما ان هذا الإلتقاء
الفولكلوري كان سبباً في ظهور عدد من نوابغ الفن بسائر أشكاله وكانوا جميعاً
- رغم قلة عددهم -
شديدي الأهمية ومعروفين علي مستوي الإقليم او مستوي مصر كلها
بدرجات متفاوتة -مثل شفيقة -
ولكننا اليوم نزيح الستار عن فنانة شاملة
مجهولة لايعرف احدنا عنها شيئاً لانها مثل مئات من العظماء المنسيين الذين سبقوها
فنانة بالفطرة لاتجيد القراءة أو تعرف الكتابة ولكنها
-شأنهم جميعاً- تحترف العظمة في صمت.
> > >
في نحو عام ٥٦٨١ ولدت بطلة قصتنا بمدينة جرجا وكان لها عيون شديدة الإتساع
تزينان وجهها رائع الجمال وقد اطلق عليها ابوها اسم ناعسة ومنذ حداثتها
ظهرت عليها علامات النبوغ في مجال الحفظ والإلقاء فقد كانت تهرع الي مجلس
شاعر الربابة كلما جاء وجلس قريباً من دارهم وتقبع في آخر صنوف المستمعين
مع أقرانها من الأطفال تنصت الي مغامرات أبوزيد ومفاجآت السيرة الهلالية
وعند عودتها إلي منزلها كانت تعيد كل ماسمعته بدقة مذهلة ولم يمض الكثير
حتي بدأت في بناء عالمها الخاص بها وتأليف أغاني وحكايات من وحي خيالها
وكانت ترتجل كل ماتقول وفقاً
للظروف التي تحيط بها وقت التأليف وسرعان ماذاع صيتها في مدينة جرجا بل
والمديرية كلها ولم يمنعها الزواج من الإستمرار في هوايتها العبقرية وبفضل
جمالها ظلت حلماً لكل الرجال وحتي بعد بلوغها ارذل العمر ظلت منبعاً
لوحي الشعراء الشجين والعاشقين الذين جعلوا منها رمزاً لمصر التي لاتشيخ ولاتشيب واستخدمه المؤلفون
اسمها في مواويلهم وملاحمهم.
وضعت ناعسة آلاف القطع التي ضاع معظمها للأسف في مجاهل النسيان ولم يحفظ
الرواة لها سوي القليل الذي نشير بسرعة الي أهمه واشهره ومنه تلك الاغنية
التي قالتها عندما زارت القاهرة في مطلع القرن الفائت وطال الزيارة الي
الحد الذي جعل مشاعرها تفيض بالحنين الي ديارها وفي ظهيرة أحد الايام كانت
تمر قريباً من محطة القطار
-محطة مصر- وتصادف تحرك وابور الظهر المتجه الي الجنوب فكتبت ملحمتها
الخالدة »ياوابور الساعة
٢١
يامجبل ع الصعيد..
حبيبي قلبه قاسي وانت قلبك حديد«..
من اغانيها ايضاً
تلك التي جاملت بها نفسها عندما تقدمت في السن وسقطت بعض اسنانها وركبت
بدلاً منها - كما كان شائعاً حينذاك -اسنانا من ذهب فقالت
»يابوسنة دهب.. دهب لولي« ومن أشهر وأهم اغانيها ايضاً
تلك المقطوعة الرقيقة التي استوحتها من مقابلتها
لأحد الشباب الذي القي عليها السلام بغزل جميل فقالت »سلم
علي لماجابلني وحياني ولدي ياولدي سلم علي«
ومن الأغاني التي كان مفترضاً
فيها أن تذيع وتنتشر تلك التي قالتها في مدح الملك فاروق »ملك البلاد يازين
يافاروق يانور العين«
ولكن قيام الحركة المباركة ومصادرتها لكل
مايتعلق بفاروق واسرة محمد علي منع الناس من ترديد الاغنية الوليدة خوفاً
من إتهامه بالرجعية!
ومن الجدير بالذكر انا ناعسة قد عاصرت عشرة حكام لمصر ما بين
خديو وسلطان وملك ورئيس جمهورية بدءاً
من إسماعيل وصولاً إلي عبدالناصر خلال عمرها الذي طال الي نحو تسعين عاماً
جاءت خلالها علي التراث الغنائي الشعبي المصري بكنز من الاعمال الرائعة
والنادرة التي كانت تلحنها بنفسها بالسليقة وقد صور معاصروها الكثير من
أغانيها والحانها ليتغني بها الكثيرون من جيل العمالقة مثل شادية وفريد
الاطرش وعبدالوهاب ولم تنل هي من كل ذلك شيئاً مادياً
أو أدبياً
ورحلت فقيرة وحيدة اهملتها الدنيا التي نالت منها ولكنها ابداً لم تنل من
نتاج عبقريتها الذي سيبقي ويدوم حتي يأذن الله.
أخبار النجوم المصرية في
04/11/2010
سينمائيات
الأحلام
الممكنة
مصطفي درويش
»لولا« اسم مفضل لدي البعض من مشاهير المخرجين الاوروبيين،
من بينهم أذكر علي سبيل التمثيل »ماكس اوفلس«، جوزيف فون شترتبرج«
و»جاك ديمي«.
فالأول »شترنبرج« اطلق اسم »لولا.. لولا« علي ملهمته النجمة »مارلين ديترش«
في
»الملاك الأزرق«
أول فيلم الماني ناطق
(٠٣٩١)، فضلا عن انه أول فيلم »لمارلين«
تلعب فيه دوراً
رئيسياً.
والثاني »اوفلس« اختار للممثلة الفرنسية »مارتين كارول«
أن تتقمص شخصية أمرأة اسمها »لولا مونتس«،
في فيلم له بنفس الأسم (٥٥٩١).
أما الثالث »ديمي« فقد تميز باختيار الاسم »لولا«
ليكون عنوانا لأول فيلم روائي طويل من
ابداعه (١٦٩١)
ووقتها لم يكن له من العمر سوي تسعة وعشرين عاماً.
هذا ولم يمض علي ابداعه »لولا« الا تسعة وعشرين عاماً مماثلة إلا وكان قد غاب عن دنيانا
(٠٩٩١) ، مخلفاً مجموعة من أفلام يغلب عليها الطابع الشعري، مما جعلها متميزة عن أفلام التيارات الرئيسية في
ذلك الزمن البعيد،
الذي شهد مولد الموجه الجديدة الفرنسية
، تلك الموجه التي قلبت جميع الموازين.
ولانه قبل نصف قرن من عمر الزمان، كانت جميع العلاقات بين مصر وفرنسا مقطوعة بسبب العدوان الثلاثي
(٦٥٩١)، فلا فيلم »لولا«، ولا أي فيلم آخر »لديمي«، جري له أي عرض عندنا
غير انه ما ان عادت العلاقات طبيعية بين البلدين،
وحل الوئام محل الخصام، حتي اقيم أسبوع للسينما الفرنسية، في دار سينما
»رمسيس«.
وكان من بين عروض ذلك الأسبوع فيلم »ديمي«
الفائز بسعفة كان الذهبية
(٤٦٩١) »مظلات شربورج«، وليس فيلمه الأول »لولا«.
كما كان بينها فيلم لزوجته المخرجة هي الأخري »انيس فاردا«
واسمه »كليو من الخامسة إلي السابعة«.
وان يعرض فيلمان لمخرج ومخرجة يجمعهما رباط مقدس خلال ايام الأسبوع كان،
ولاشك ، حدثا غير مسبوق، وان كان لم ينتبه اليه الكثير،
وذلك للانفصال عن الثقافة الفرنسية،
زهاء عقد من عمر الزمان وعلي كل،
فكلا الفيلمين،
كان تحفة فيها من الابتكار الشيء الكثير.
ولايفوتني هنا ان أذكر ان »مظلات شربورج«
كان،
والحق يقال، اعجوبة بين الأفلام.
فالحوار فيه كان يدور بالخفاء، ولاشيء الا الغناء.
وفكرة الفيلم بسيطة، تدور حول قصة فتاة »كاترين دي نيف«
لم تطق انتظار حبيب قلبها
الذي سافر ليحارب في الجزائر،
وتزوجت بفتي اوسع منه ثراء،
غفر لها انها حامل، ورضي ان يتبني وليدها،
ويهبه اسمه.
ورغم اعجابي بالفيلم ، وبخاصة تكويناته والوانه شديدة الابهار، الا انني
كنت افضل »لولا« بديلا له ، لانه اول فيلم »لديمي«
ولكثرة ماقرأته عنه،
لاسيما في العدد الرابع من مجلة »أفان سين سينما«
المنشور فيه سيناريو »لولا«
كاملا
(مايو ١٦٩١).
كنت احلم بمشاهدة »لولا« وتؤدي دورها الممثلة الفاتنة »انوك ايميه«.
ولم يتحقق الحلم في أسبوع السينما الفرنسية، قبل ستة واربعين عاما وانما تحقق قبل بضعة أيام،
عندما رأيت »لولا« ساحرة علي شاشة صغيرة، مسجلة علي اسطوانة مدمجة (دي.
في. دي«.
وهكذا، ومع الصبر، تتحقق الأحلام.
moustafa@sarwat.de
أخبار النجوم المصرية في
04/11/2010 |