عرضت قناة روتانا
سينما في سهرتها فيلم 'بدون رقابة'، ذلك الذي أثار الجدل لكونه يتميز
بالجرأة
الشديدة في تناوله لواقع الشباب الجامعي، الذي بات مشغولا من وجهة نظر صناع
الفيلم
بالجنس والمخدرات، الفيلم لم يستمر طويلا بدور العرض وآل مصيره
للقنوات الفضائيةن
التي جددت موجات الاحتجاج والرفض إزاء المشاهد المثيرة والجمل الحوارية
الخارجة عن
المعيار الأخلاقي المتعارف عليه في السينما، كان السؤال الحائر في معظم
نوافذ
التعبير الإعلامية، كيف يتم التصريح بعرض مثل هذا الفيلم في
السينما
والتلفزيون؟
السؤال الثاني، أين كانت الرقابة على المصنفات الفنية؟ وهل المقصود
هو أن يكون الاسم على المسمى لنشاهد هذا الابتزال؟!
لقد كنت واحدا من ضيوف
البرامج السينمائية الذين وجهت إليهم هذه النوعية من الأسئلة المحيرة حول
دور
الرقابة وأهميتها ومساوئ إلغائها، وبالمصادفة البحتة كنت قد شاهدت حلقة
كاملة بقناة
الجزيرة عن 'الرقيب' الرقيب بكل أشكاله ووظائفه في السينما
والصحافة والأدب وغيرها
من أوجه الإبداع، وقد فتحت شهيتي للكلام عن هذه القضية الدقيقة شديدة
الحساسية،
وبالفعل حاولت أن أكون صادقاً مع نفسي فيما أقوله، من دون أن أسير في الركب
وأردد
ما يردده أنصار الحرية المطلقة أو السلفيون المحافظون ووجدتني
أقف في المنطقة
الفاصلة بين المؤيدين والمعارضين ولي في ذلك حجتي.
ودعونا نتساءل من هو
الرقيب؟
الإجابة من وجهة نظري هي أن الرقيب ليس هو الشخص الذي يقوم بالحذف
والمصادرة في شريط السينما أو السيناريو، وإنما يتمثل في فطرة الإنسان التي
فطره
الله عليها والتي بموجبها يقبل ما يقبله عقله ووجدانه ويرفض ما يرفضه عقله
ووجدانه،
فإحساس الإنسان هو رقيبه الأول الذي يحدد مساراته الفكرية والفنية والأدبية
ويشكل
ذائقته فيقبل هذا ويرفض ذاك، كما أن الضمير رقيب آخر قيم على
صاحبه يوخزه حين يخطئ
ويطاوعه إذا أصاب، بيد أن العقل يمثل جهازا مركزيا للرقابة الذاتية داخل كل
شخص
رشيد ينبه الحواس ويعطيها الأوامر فتنصاع لأوامره وإذا ما حدث عكس ذلك كان
الخلل
الذي يستوجب العلاج، تلك بديهيات الرقابة وقانونها المرفوض من البعض، على
اعتبار
انه حجر على الإبداع، وفي الواقع ان الرقابة الحقيقية هي
المسؤولية الفردية أو
الجماعية، فإذا ما كان الفرد مسؤولا مسؤولية كاملة ومن ثم تنتفي الحاجة إلى
رقيب
خارجي، أما إذا لم يتوافر شرط المسؤولية عند الفرد والجماعة كانت الرقابة
عملا
واجبا لتحديد الاتجاهات والمسارات والأهداف، فهي مسألة أشبه
بالقانون الوضعي العادل
من دونه تشيع الفوضى وتنتشر الجريمة وتخرج الأشياء عن سياقاتها وليست هذه
دعوة
لتبني مبدأ العقوبة تجاه من لا يلتزمون بالقانون وإنما محاولة لممارسة
الحرية
الإبداعية بغير صدام مع التشريعات الرقابية، خاصة أن العمل
الإبداعي يستوجب الذكاء،
بل أن الذكاء ركن أساسي فيه، وطالما امتلك المبدع هذه الميزة فلن يتعارض
إبداعه مع
لوائح الرقابة، فالإفلات منها سهل ويسير مادامت هناك نية حسنة لعمل شيء
هادف وبناء،
ولكن كل هذا لن يتحقق إلا إذا تخلى الرقيب عن بيروقراطية
الموظف وتعامل مع النص او
المصنف الفني بروح الفنان، عندئذ لا يحدث التصادم ولن تكون هناك مشكلة
وأتصور أن
الفترة التي تولى فيها منصب مدير الرقابة على المصنفات الفنية مبدعون،
روائيون
ونقاد ومخرجون كانت الشكاوى من التعسف الرقابي شبه معدومة، لأن
هؤلاء وكان آخرهم
الناقد السينمائي ورئيس المجلس الأعلى للثقافة علي أبو شادي ظلوا يتعاملون
مع إبداع
الآخرين بحساسية مرهفة وكانوا في أغلب الأحيان يضعون أنفسهم مكان المخرج أو
السيناريست، مما أعطى إحساسا بالطمأنينة من جانب الكُتاب
والمبدعين ورفع سقف الحرية
عالياً، ولم يحدث نزاع إلا في حدود ضيقة وعلى تجارب سينمائية معينة لها
طبيعة
سياسية خاصة، فالرقابة في عهود سابقة وعصور ذهبية لها سابقة وعصور ذهبية
لها سمحت
بعرض أفلام مثل حمام الملاطيلي للمخرج الكبير صلاح أبو سيف،
المذنبون لسعيد مرزوق،
وهما فيلمان أثير حولهما جدل واسع واتسما بجرأة غير مسبوقة في تاريخ
السينما، أي أن
الرقابة لم تكن دائما حائلا أمام الإبداع والحرية ولكن الرقباء هم القضية
الأساسية
في المسألة الخلافية حول تأييد وجود الرقابة من عدمه، غير أن
مستوى العمل الفني هو
ما يحفز على التصريح بالعرض أو مصادرته، وهذا ايضا عامل مهم من عوامل
القبول أو
الرفض، ونحن لا نسوق الأمثلة والدلائل لننتصر لفكرة الرقابة، ولكن لنؤكد أن
الجهاز
الرقابي ليس وحده المسؤول عن الأزمة الفنية وبالتحديد أزمة السينما، حيث
لهذه
الأزمة أوجه كثيرة ربما كانت الحرية واحدا منها، ولكي يتضح
رأينا اكثر فإننا نشدد
على أن محو الأمية الثقافية لجمهور السينما والفن بشكل عام هو المشروع
الأسبق على
طموح إلغاء الرقابة والأجدر بالإهمال فإنه إذا تحقق صارت المخاوف من فتح
أبواب
الإبداع على مصارعها من دون قيد أو شرط ضربا من خيال، إذ لم
يكن هناك ضرورة حينئذ
لوجود رقابة أو رقباء، أما إذا لم تُحل مشكلة الأمية الثقافية وظل الفن
والسينما من
وجهة نظر الغالبية العظمى حراما ومنكرا فلن تفلح مساعي الإلغاء والتحرر
وسنصبح في
حاجة لمزيد من الوصاية، لأن الرقابة هي الباب الموصود الذي يمنع عنا نيران
العامة
والدهماء ويحمينا من براكين الغضب المشتعلة تحت السطح، فحذار
من إطلاق صيحات التحرر
وفك أغلال السينما قبل أن تكون الجماهير مستعدة لذلك والحالة الثقافية تسمح
بآفاق
جديدة للتعبير وحريته وإصراره.
القدس العربي في
11/10/2010
فيلم فلسطيني يرصد فرصة التغير السلمي في الشرق الاوسط
نيويورك - من كريستين كيرني
في بعض الاحيان ينجح قدر قليل من
السلام في قطع مشوار طويل. اكتشف ذلك الهنود بزعامة المهاتما
غاندي، كما تعلمها
أيضا الامريكيون السود من مارتن لوثر كينغ زعيم الحقوق المدنية.
فعلتها أيضا
قرية يعيش فيها الفلسطينيون والاسرائيليون بوحي من رب أسرة عنيد وابنته
التي لم
يتعد عمرها 15 عاما. ووثق قصتهم التي لا يعرفها كثيرون فيلم (بدرس)
الوثائقي الجديد
الذي يأمل صناعه ان ينشر رسالة مفادها ان السلام يمكن ان يحدث تغييرا حتى
في أرض
تمزقها الحروب.
ومع محاولة الفلسطينيين والاسرائيليين استئناف محادثات السلام،
حمل الفيلم الذي عرض لاول مرة في نيويورك في مطلع الاسبوع الماضي ويعرض في
شتى
انحاء الولايات المتحدة خلال الاسابيع القليلة القادمة معنى
جديدا.
يظهر الفيلم
الوثائقي ثنائي الاب والابنة وهما يقودان مجموعة من القرويين الفلسطينيين،
وقد انضم
اليهم في لفتة ذات معنى بعض الانصار الاسرائيليين في حملة لا تنطوي على اي
عنف
للدفاع عن قريتهم الزراعية 'بدرس' ضد الجدار العازل الذي تبنيه
اسرائيل في عمق
أراضي الضفة الغربية، التي احتلتها في حرب عام 1967 ليفصل بين السكان
الفلسطينيين
والمستوطنين الاسرائيليين.
تقع قرية 'بدرس' على بعد 31 كيلومترا من رام الله في
شمال الضفة الغربية ويوثق الفيلم لعملية الاحتجاج السلمي للمزارعين
الفلسطينيين على
الجرافات الاسرائيلية، وكيف انهم لم يلجأوا الى العنف حتى مع اقتلاع
الجرافات
لاشجار الزيتون حصادهم وثقافتهم الفلسطينية عام 2003 في حملة
استمرت عشرة أشهر
لتغيير مسار الجدار.
وقالت جوليا باشا مخرجة الفيلم 'انها قصة قصيرة وقرية
صغيرة. لكن هناك الكثير من الدروس التي يمكن تعلمها مما حدث هناك، والكثير
مما
فعلوه في هذا المجتمع يمكن ان يطبق على نطاق واسع'.
وحتى تسرد القصة وتشحنها
بالمشاعر جمعت باشا لقطات صورها المحتجون والقرويون بعد
الاحداث ومزجتها بلقاءات
لاحقة مع اللاعبين الرئيسيين، سواء من جانب أهل القرية او من جانب الجيش
الاسرائيلي.
وقالت باشا 'أردنا ان نضع وجوه الجانبين في هذا الصراع في ضمير
الناس.
بدرس بدت كعالم مصغر لرصد الحركة الديناميكية التي تحدث حين يقرر هذا
المجتمع استخدام استراتيجية اللاعنف في المقاومة'.
شملت المقابلات التي وثق لها
الفيلم زعيما محليا من حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وقرويين
محتجين ونشيطين
اسرائيليين وقائدة سرية من شرطة الحدود الاسرائيلية وضابطا في الجيش
الاسرائيلي
برتبة كابتن.
يقود الاحتجاج والفيلم رئيس بلدية 'بدرس' عايد مرار وهو رب اسرة
كان نشيطا سابقا في حركة فتح وقضى سنوات في سجون اسرائيل وتقود معه
الاحتجاج ابنته
التزام التي كانت في ذلك الوقت عمرها 15 عاما. في لحظة من
لحظات الاحتجاج غامرت
بحياتها حين وقفت في طريق الجرافة الاسرائيلية.
وتقول باشا ان مرار رجل متواضع،
وانها اقنعته بعد أشهر طويلة بالاشتراك في الفيلم الوثائقي.
يقول مرار في أسى
وأمل في أول الفيلم 'نريد ان نربي أطفالنا في سلام وأمل. نحن نستخدم
استراتيجية
المقاومة الشعبية واللاعنف'.
وقوبل الفيلم باستحسان النقاد وكتب نيكولاس كريستوف
في صحيفة 'نيويورك تايمز' انه 'الفيلم الوثائقي الذي يجب ان يرى هذا العام'
وقال
انه 'نافذة مثيرة للاهتمام لما يمكن ان يكون ممكنا اذا لجأ الفلسطينيون الى
العصيان
المدني على نطاق واسع'، بينما وصفت 'الغارديان' الفيلم بأنه 'يفتح العيون'
على
الحقائق.
وقالت باشا ان من النقاط الملهمة لاكتشاف قصة الفيلم كيف نشر سكان 'بدرس' قصة نجاح استراتيجية احتجاجهم الى
قرى أخرى وبنوا روابط ثقة مع
الاسرائيليين.
وقالت قبل ان تعلق على مشاركة بعض الاسرائيليين في الجهود ' هذا
الفيلم الوثائقي لم يحافظ فقط على ما لديهم، بل وسعه. اذا كافح الناس معا
يبدأون في
الايمان بأنهم يتقاسمون قضية واحدة ويرون انك مستعد للمجازفة من أجلي وأنا
مستعدة
للمجازفة من أجلك'.
ويقول مرار في نهاية الفيلم 'قلت لهم دوما هذا ليس مصيرنا.
لدينا خيار. يمكننا اتخاذ قرار بان نقاوم'.
(رويترز)
القدس العربي في
11/10/2010
الحاسة السادسة
«متروبوليس» زينب
بقلم :إبراهيم توتونجي
ألمانيا العام 1927 المخرج فريتز لانجز في استوديوهات «بابلسبرغ» منكب
على تصوير «متروبوليس». يعرف تماما أنه بصدد انجاز أول فيلم خيال علمي في
تاريخ السينما، لكنه، على الارجح لم يكن يدري أن ذاك الشاب العربي المصري
الذي سمح له بالدخول الى الاستوديو، سيذهب في العام التالي الى بلاده وينجز
أحد أهم الأفلام الصامتة في تاريخ السينما العربية وهو «زينب».
المخرج هو محمد كريم الذي أبحر ذات يوم، من أيام العام 1920، عبر
ميناء الاسكندرية، الى أوروبا، في سفينة من الأحلام رست به في ألمانيا، حيث
تعرف على لانجز، النمساوي الأصل، واحد أهم مخرجي تلك الحقبة، وحورت معرفة
كريم به حلم الشاب المصري بدراسة التمثيل الى الإخراج.
ولولا «متروبوليس»، الذي يعرضه »مهرجان ابوظبي السينمائي« مرمما في 21
اكتوبر، لما اتخذ كريم قراره بالتحول الى الاخراج، ولما كان فيلم «زينب»
الذي كان أول لقاء بين السينما العربية والرواية باشتغاله على قصة محمد
هيكل «زينب» التي وقّعها، وهو في الثانية والعشرين من عمره يدرس القانون في
باريس، باسم «فلاح مصري».
ورغم أن «متروبوليس» الذي تتجاوز مدته الساعتين، يركز على ملامح العصر
الصناعي، والصراع بين المالكين والعمال، مصورا توحش الرأسمالية ومستشرفا
الدور الذي ستلعبه الآلات في حياة الانسان، الا ان تأثر كريم بلانجز لم يصل
الى حد تقليد الفكرة في بلاده التي كانت لا تزال زراعية بامتياز، فكان أن
لجأ الى رواية هيكل.
تحكي الرواية عن زينب أجمل فتاة في القرية، والتي تعمل أجيرة في حقل
والد الشاب حمدان المتعلم »ابن الأكابر« الذي يقع في حبها ليجد في هذا الحب
بعض عزاء ينسيه حبه الأول. لكنها لا تبادله الحب لأن قلبها مشغول بحبيبها
إبراهيم.
وتتحكم التقاليد مرة أخرى في مصير هذا الحب فيحدث لها نفس ما حدث
لحامد، وتدفع بها أسرتها للزواج من شاب ثري هو حسن، فتذعن زينب لهذا الزواج
كارهة. وفي تلك الأثناء يستدعى إبراهيم للخدمة العسكرية ويرحل إلي السودان،
بينما يغادر حامد القرية إلي المدينة طلبا للنسيان .
تعيش زينب مع زوجها حسن بجسدها فقط، وروحها معلقة بحبيبها إبراهيم،
ويظل العذاب حياتها بالعذاب حتى تصاب بداء الرئة الذي تقضي عليها وتذهب
«شهيدة الحب». قصة قد تبدو لنا اليوم ساذجة، الا أنها كانت تجسد في وقت
كتابتها، ثم تحولها الى فيلم صامت، انعكاسا ابداعيا لتبني أفكار قاسم أمين
الثورية آنذاك بتحرير المرأة وتحريها على اختيار قدرها.
تلك الافكار التي بقيت مؤثرة ولها صداها، طيلة ثلاثة عقود تلت تنفيذ
الفيلم، حتى أن كريم نفسه قد استعاده في الخمسينيات بنسخة جديدة غير صامتة،
وبأبطال جدد، وعرضه في «مهرجان برلين السينمائي» وحصد عنه الاشادات.
لكن «زينب» الصامت يبقى تحفة حقيقية شاهدة على عبقرية وحماس الجيل
الأول من صناع السينما بمصر، وهو أول فيلم ظهرت فيه لقطات ملونة وأول فيلم
توضع له موسيقى تصويرية حية الفتها بهيجة حافظ. حبذا لو كان »أبوظبي«
السينمائي قد بحث عن نسخة منه وعرضها في فعالية »كلاسيكيات مرممة«. كانت
مشاهدته لتحصد متعة تضاهي مشاهدة «متروبوليس».
ibrahimt@albayan.ae
البيان الإماراتية في
11/10/2010
السينما الإيرانية تحقق العالمية دون ابتذال ومتاجرة
بالجسد
رغم ترشيح فيلم «وداعاً بغداد» لتمثيل ايران للحصول على جائزة
الأوسكار
ورغم الاحترام الخاص الذي تحظى به فإن بعض المهرجانات الدولية تحاول
الإشارة بخبث
إلى السينما الايرانية ولعل اصرار الأردن على اشتراك فيلم «الملكة وأنا»
وهو فيلم
تسجيلي عن حياة فرح بهلوى، يؤكد أن هناك رغبة ما عند
السينمائيين في عدم فهم
الأحداث وفقاً لمنظور أصحابها بل ان بعضهم لا يعرف جيداً وضع السينما في
إيران،
والحقيقة أن السينما الإيرانية بحد ذاتها تشكل ظاهرة تستحق الدراسة بكونها
استطاعت
خلال وقت قصير أن تصل للعالمية، وتفرض نفسها في المحافل والمهرجانات
السينمائية
المتعددة على الرغم من الضوابط التي قيدت بها نفسها والعوائق
التي تواجهها خاصة عند
مقارنتها بالسينما العربية سواء المصرية أو سينما المغرب العربي التي تبدي
تفلتاً
شبيهاً بالسينمات الغربية.
كما أن السينما الإيرانية تعد الأنموذج الأقرب لما
يمكن أن نسميه بالسينما الإسلامية وبالذات من حيث درجة المحافظة والبعد عن
المشاهد
المبتذلة.
لقد كان أهم انجاز للثورة هو محاولة صياغة مشروع فكري وعملي مستقل عن
مد الأمركة السائد، ولم يكن الفن الذي نتج عن ذلك فناً ايديولوجياً
بالنموذج الفن
السوفيتي الروسي مثلا بل أدت مقاطعة ايران للسينما الأميركية
الروائية والكرتون
وغيرها إلى شحذ الطاقات الابداعية وتنمية الأدوار الفنية، فأنتجت سينما
يمكن وصفها
بأنها انسانية راقية، تحترم القيم ولا تتاجر بجسد المرأة، ولا تغطي بالعنف
تفاهة
المضمون ولا تعتمد على الإبهار، بل هي سينما بالغة البساطة
وتحمل رسالة بالمعنى
الإسلامي الحضاري، والدليل هو أنها حصدت عشرات الجوائز الدولية في السنوات
العشر
الأخيرة في السينما الروائية وسينما الطفل والسينما التسجيلية، بل تم ترشيح
الأفلام
الإيرانية للأوسكار لعامين متتاليين.
النجاح
ومع هذه الضوابط فإنه لا يمكن
انكار مدى النجاح الذي حققته السينما الإيرانية في الآونة
الأخيرة من خلال مجموعة
من الأفلام مثل (أطفال الجنة) أو الحصول على السعفة الذهبية من خلال فيلم
(طعم
الكرز) أو جوائز المهرجانات الأخرى مثل فيلم (لون الجنة) و(اللوح الأسود)
و(وقت
لسكر الخيول) و(ليلى) و(يوم الجمعة).. وغيرها فضلا عن اشتهار العديد من
أسماء
الإخراج على المستوى العالمي أمثال مخملباف ومجيد مجيدي وعباس
كريستياني وحسن
يكتبانه وآخرين.
ميزات أخرى
هناك ميزات أخرى تتمتع بها السينما الإيرانية على الكثير
من السينمات الأخرى كانت أيضاً سبباً أكيداً في نجاح هذه السينما.
المتابع
للسينما الايرانية سيشهد حضور البعد الديني بشكل كبير، ليس في مقدمة
التريلر التي
تبدأ غالباً بالبسملة فحسب وإنما في بعض المشاهد التي تعطي انطباعاً عن
ارتباط
الرجل الايراني بدينه.
عند مشاهدة الكثير من الأفلام الايرانية سيلحظ المتابع
الالتقاط المبهر الذي تقوم به الكاميرا لتعبر عن أبعاد معينة داخل نسق
الفيلم فهي
سينما باعتقادي يعتمد مخرجوها على الايحاء والترميز بصورة
واضحة من خلال توظيف
كاميرا التصوير توظيفاً رائعاً وهذا ما يجعلها تقدم بديلاً يتناسب مع نسقها
العام
عن لقطات الأكشن والإثارة.
الفكرة والقصة في السينما الايرانية تشكل أبعاداً
خطيرة وتحمل عمقاً مدهشاً سواء على مستوى السيناريو أو على مستوى الشخصيات.
والحقيقة أن مشاهدة أفلام للسينما الايرانية في غاية الأهمية لمتابعي
السينما
العالمية حيث تعطيك شيئاً لن تجده بالتأكيد في سينمات أخرى.
الأضواء اليمنية في
12/10/2010 |