كنت محظوظًا في موسم العيد بمفاجأتين سارتين حيث شاهدت اثنين
سأضعهما حتمًا في قائمة أفضل أفلام العام هما «سمير وشهير
وبهير»، وفيلم «عائلة
ميكي» الذي كتبه «عمر جمال» في تجربته الثانية بعد فيلم «أوقات فراغ»
وأخرجه «أكرم
فريد». لأول وهلة، ومن خلال عنوان «عائلة ميكي» قد تتصور أنك ستشاهد فيلما
للأطفال،
ولكنك ستكتشف أنك أمام أحد أكثر أفلام العام حميمية وواقعيته
وصدقًا وجرأة وسخرية،
ورغم الاسم فإن الفيلم عن الكبار وموجه أيضا للكبار، عائلة ميكي صورة
هجائية لاذعة
لعالم الأكاذيب الذي تعيش فيه الأجيال الصاعدة دون أي تبرئة لها، ودون
مواعظ أو
أحلام كبيرة أو مباشرة، ومن خلال التفاصيل الصغيرة الذكية
والحيَّة والنابضة تبدو
المشكلة مزدوجة، ويبدو الجميع مشاركًا في صنع الأكاذيب وارتداء أقنعة
المثالية:
الكبار والصغار معًا.
افتقدت السينما المصرية منذ سنوات ما يمكن أن نطلق
عليه «أفلام العائلة»، بمعني الأفلام التي تتناول علاقة الأباء والأبناء
داخل
العائلة الواحدة، عمومًا كان رصيدنا من هذه الأفلام معدودًا، ولعل أبرز
الأمثلة
عليهما فيلم «عائلة زيزي» الذي أخرجه «فطين عبد الوهاب» في
الستينيات، وفيلم «امبراطورية
ميم» الذي أخرجه «حسين كمال»، في الفيلم الأول كانت المعالجة خفيفية،
وكانت نماذج الأبناء أكبر سنا (فؤاد المهندس وأحمد رمزي)، وفي الفيلم
الثاني كانت
المعالجة أعمق حيث كان المستوي الأبعد للأحداث يناقش فكرة
الحرية وضوابطها من خلال
علاقة السلطة (الأم) بالشعب (الأبناء) وكان الأبناء في امبراطورية ميم من
أعمار
أصغر مما أتاح مناقشة مشكلات المراهقة، أما «عائلة ميكي» فهو يتقاطع أحيانا
ويتوازي
مع الفيلمين السابقين أحيانًا أخري دون أن يقل عنهما أهمية، بل إنني أعتقد
أن هذا
الفيلم الذي يبدو لأول وهلة بسيطًا وصغيرًا يتكلم عن أشياء
عادية أكثر جرأة وأكثر
سخريته وأكثر إدانة لأساليب التعامل بين الآباء والأبناء في المجتمع المصري.
لعلك قد لاحظت بمجرد النظرة السريعة الأولية أن «عائلة ميكي» الاسم يرجعك
تلقائيًا إلي «عائلة زيزي»، وقد كان اسم فيلمنا الأول أكثر
مباشرة وهو «الأسرة
المثالية»، ولعلك قد تلاحظ أنك سواء قصد صنَّاع «عائلة ميكي» ذلك أم لا
أمام عائلة
أو امبراطورية جديدة أصغر تبدأ اسماء كل أفرادها بحرف الميم (مصطفي - ماجد
- مازن
-
ميّادة والطفل الصغير مختار أو ميكي الذي يحمل الفيلم اسمه مثل زيزي)،
ولو نظرت
بصورة أعمق لوجدت أن عائلة «ميكي» يتقاطع مع «عائلة زيزي» و«امبراطورية
ميم» في أن
موضوعه علاقة الآباء والأبناء في أسرة من الطبقة المتوسطة العليا، وأعني
بذلك أن
مشكلاتها ليست مادية علي الاطلاق، ولكنها تنحصر في صعوبة
التكيف مع ظروفهم
والانقطاع التام للتواصل بين جيل الآباء والأبناء، وفي الأفلام الثلاثة
تتوالي
الأكاذيب، ويرتدي الجميع الأقنعة ثم يتكشف كل شيء في النهاية.
ولكن «عائلة
ميكي» يختلف عن الفيلمين السابقين اللذين يغيب عنهما الأب لوفاته في أنه
يجعل الأب
موجودًا دون أن يؤدي ذلك في كثير أو قليل لاختلاف النتائج سواء
في فشل الأبناء أو
زيادة أكاذيبهم أو شعورهم بالاغتراب والوحدة ثم تزيد مساحة السخرية عندما
تصبح هذه
الأسرة مرشحة للفوز بلقب الأسرة المثالية في مسابقة كبري في المشهد الأول
قبل
العناوين يتعرف مباشرة علي أفراد عائلة ميكي وصورتهم الثابتة
السعيدة: الأب لواء
الجيش «أحمد فؤاد سليم» وزوجته مديرة الشئون القانونية في إحدي المؤسسات «لبلبة»
والأبناء من كل الأعمار: «مصطفي» ضابط شرطة
حديث التخرج و«ماجد» طالب في كلية
الهندسة و«مازن» طالب الثانوي و«ميادة» الطالبة والتلميذ
الأصغر «مختار» أو «ميكي»
ومع المشاهد التالية بعد العناوين تتحطم هذه الصورة الثابتة اللامعة: فالأم
التي
تكتشف أكاذيب الموظفين الذين تحقق معهم تجد نفسها مذهولة أمام اكتشافاتها
المتأخرة
لأكاذيب أسرتها: الضابط الشاب ينتهز غياب الجميع إلا من الجدة
الضريرة «رجاء حسين»
ويقوم بإحضار صاحبته والابنة «ميادة» تواعد صاحبها الذي التقطته من الشات
في نفس
الشقة وماجد طالب الهندسة منقطع عن الذهاب للكلية ومازال في السنة الثانية
وليس
الرابعة كما قال لأسرته ومازن يدخل في معركة عنيفة بعد مباراة للكرة ويتعرف
علي أحد
البلطجية حتي ميكي تصنفه ناظرة المدرسة علي أنه من المشاغبين.
تبدو شخصيات
عمر جمال قوية وحية ونابضة خاصة عندما تتحدث الأجيال الجديدة بمصطلحاتها
والحقيقة
أن عائلة ميكي يتقاطع في حديثه عن بداية الألفية الثالثة مع فيلمي أوقات
فراغ
والماجيك ولكن أرجو أن تلاحظ معي أنه إذا كان الفيلم يتابع
حياة الأسرة المفترض
أنها مثالية وأفرادها إلا أنه وبخبث وبطريقة مباشرة يحدثك عن مجتمع بأكمله
يفتقد
المثالية، كل الشخصيات خارج الأسرة لا تختلف عنها في الاضطراب السلوكي،
الجارة التي
تحترف النميمة، الضابط القديم الذي يتعامل بشراسة مع الجميع،
الناظرة التي تضرب
الأطفال، الشباب الذي يجلس طوال الوقت علي المقاهي، أصدقاء الابنة
المشغولون
بالمعارك الشخصية، بصورة أو بأخري يتظاهر السيناريو الجيد بأنه يتحدث طوال
الوقت عن
الأسرة الصغيرة ولكنه لو تأملت قليلاً يتحدث عن المجتمع كله
وعن عالم الكبار.
تتراكم الأكاذيب والأقنعة لدرجة الأم الممزقة من هول اكتشافها لعالم
الأبناء المزيف توافق علي الظهور في برنامج عن الأسرة المشاركة
في التصفية الأخيرة
لمسابقة الأسرة المثالية يجلس الجميع وكأنهم ملائكة لولا عبارة واحدة تؤكد
ندم الأم
لأنها أنجبت أما الأب فهو الحاضر الغائب تماما مثل الجدة الكفيفة «والدة
مريم» التي
أبعدها ابنها عن منزله بخلافها مع زوجته وينجح عمر جمال الذي يتعلم بسرعة
في
استنزاف كل إمكانيات هذه الفوضي الاجتماعية خاصة في مشهد إخفاء
صديقة مصطفي وصديق
ميادة في الشقة الخالية إلا من الجدة.
في الجزء الأخير يقوم الفيلم بضربته
الكبري بسقوط الأقنعة عن الأب والأم معًا اللذين يوافقان علي رشوة لجنة
تحكيم
البرنامج للفوز بلقب الأسرة المثالية.. دراميا جاء التحول مفاجئًا وبدون
تمهيد وكأن
السيناريست يريد ذلك، ولكن تأثير المشهد الذي كان يستحق التمهيد له - مذهل
لأنه
يقول «مورال» الفيلم كله وهو: الجيل الصاعد ليس مثاليا لأن
الجيل الأقدم ليس كذلك..
ولن يكون. سعادتي بلا حدود بالسيناريست «عمر جمال» لأنني لم أعتقد أبدأ أن
«أوقات
فراغ» جيد الصنع، ولكنه «عمر» يصنع الآن بفيلم «عائلة ميكي» عملاً متماسكًا
يمزج
فيه السخرية بالمرارة، وأعتقد أن «عمر» وجيله لا تنقصهم إلا
الخبرة والثقافة وهم
موهوبون فعلاً، سعادتي أيضا كبيرة بالرائعة لبلبة التي أدت أحد أعظم
أدوارها
وستنافس بقوة علي لقب أفضل ممثلات العام، وكذلك بالقديرة «رجاء حسين» التي
عادت
بدور لا ينسي يتأرجح بنا بين الضحك والبكاء، كما كان الفيلم
فرصة لترسيخ موهبة «عمرو
عابد» أحد أبطال «أوقات فراغ» و«الماجيك»، وتقديم وجوه جديدة موهوبة مثل «إيريني فارس»، و«حسن حرب» و«أمير شوقي»
الذي لعب بحضور وظرف دور صديق «ميادة»
المختبئ في الشقة، والطفل محمد طلعت، لابد أيضًا من الإشادة بالعناصر
الفنية خاصة
صورة «رءوف عبدالعزيز» الناعمة المعقولة التي تتناقض مع فوضي الأسرة، وإن
كانت
مشاهد بكاء الأم والجدة تستحق عناية أكبر من التعبير عنها
بالاضاءة علي الوجوه ولكن
العناصر التقنية كانت عمومًا في صورة جيدة، «موسيقي عمرو إسماعيل وديكور
كمال مجدي
ومونتاج مها رشدي».
قبل سنوات، أخذ أحد الأصدقاء المهتمين بالسينما
وبمتابعة مشروعات التخرج في المعهد يطاردني في كل مكان طالبًا مني ترقب
ظهور مخرج
واعد اسمه «أكرم فريد»، وكانت صدمتي هائلة عندما أخرج أكرم فيمله الأول
«فرج» ثم
توالت روائعه مع «السبكي». الآن بعد أن هاجمنا أكرم «فريد» عن
أعماله المتواضعة يجب
أن نقول له بعد عائلة «ميكي»: «حمد الله علي السلامة.. وأهلا بك في نادي
السينما
الجميلة».
لقد أساء إلي موهبته طويلاً.. وتعثر كثيرًا قبل أن يقدم نفسه
بشكل جيد مثل زميله «سامح عبدالعزيز».
ولعلها أيضًا فرصة لكي أستعيد
العلاقات مع صديقي المتحمس «لأكرم فريد» بعد أن ظننت أنه لا علاقة له بفن
السينما..
صديقي طبعًا وليس «أكرم»!
روز اليوسف اليومية في
19/09/2010
رئيس مؤسسة السينما فى تتارستان فلاديمير باطراكوف لـ
روزاليوسف:
مهرجان قازان
السينمائي يحاول تجاوز أخطاء الدورات السابقة
كتب
نسرين الزيات
أكد "فلاديمير باطراكوف" ، رئيس مركز الانتاج السينمائي لجمهورية
تتارستان ، أن الدورة الجديدة من مهرجان قازان السينمائي الدولي والذي
أقيمت
فاعلياته خلال الفترة من 15 إلي 19 الشهر الجاري، وتختتم فاعلياته اليوم
الأحد،
يحمل الكثير من المجهودات المميزة والبارزة، حيث حاولوا فيها تجاوز الاخطاء
والمشاكل التي لاحقت الدورات الماضية من المهرجان، وقال : إننا حاولنا أن
نجد
للأفلام المشاركة في المهرجان هذا العام، سوقًا تجارية مربحة من خلال توفير
إمكانية
بيع حقوق توزيعها في بلدان العالم كافة..كما ان المهرجان هذا العام قام
بإضافة
مسابقة لأفلام الرسوم المتحركة، والتي لم تكن موجودة في الاعوام السابقة،
حيث يعرض
فيها عشرة افلام من روسيا وسوريا وإيران.
هذا بالإضافة إلي عرض عدد من
الأفلام التي أنتجتها البلدان المسلمة من مختلف أنحاء العالم،
كشكل من أشكال نشر
الثقافة الإسلامية بين بلدان العالم.
·
أعلم ان الدورة الجديدة
من المهرجان، قد تم تكوين إدارة جديدة، وتم الإستغناء عن الإدارة القديمة،
والتي
سبق وأن أشرفت علي الدورات الماضية...هل تري وجود إختلاف بين الدورة
الجديدة
والدورات السابقة..؟
في الدورات الخمس الماضية، كان المهرجان ينظم
تحت إدارة المركز السينمائي في تتارستان،
وبإشراف وتمويل وزارة الثقافة لجمهورية
تتارستان وبمساعدة وزارة الثقافة الروسية
ومجلس المفتيين الروس..وكانت ادارة
المهرجان في موسكو تقوم بتسهيل إستلام
الافلام، وتولي الإتصال وإختيار الضيوف
وأعضاء لجنة التحكيم الأفلام واقامة
الاتصالات مع الخارج.. لكن الآن تولي المركز
السينمائي التتاري في قازان هذا الدور، ولذلك فقد قمنا بتغيير اسم المهرجان
من
مهرجان المنبر الذهبي إلي مهرجان قازان السينمائي الدولي.
·
لاحظت في الدورات الثلاث الاولي
من المهرجان، قلة تواجد للسينما العربية...ما
السبب؟
أستطيع القول، أن المهرجان في دورتيه الأخريين، أصبح يعطي
مساحة كبيرة لمشاركة السينما العربية، علي عكس الدورات الأولي.. حيث لم تكن
تخلو
قائمة أفلام المسابقة الرسمية من أفلام عربية وخاصة مصر حيث كانت موجودة في
كل
دورة.. وفي العام الماضي، عرض فيلم "حسن ومرقص" ولاقي إعجاب الكثير من
الجمهور
التتاري وضيوف المهرجان، ولو كانت هناك جائزة للجمهور، لكنا منحناه إياها..
وهذا
يؤكد علي ان مهرجان قازان الدولي يعد فرصة كبيرة لهم للتعريف بثقافاتهم إلي
العالم
ككل، والعالم الغربي خاصة إذا عرفنا أن أغلب وأهم الأفلام المشاركة هي من
أوروبا
وأمريكا.
·
هناك تركيز علي مشاركة عدد كبير
من الافلام الروسية،
والجمهوريات المجاورة والتابعة لها..ما
تعليقك..؟
هذا غير صحيح..
فنحن لا نركز علي الأفلام المحلية أو من الجمهوريات المجاورة فقط ، يمكن أن
يكون
عدد الأفلام المشاركة في المسابقة أكثر من أفلام الدول العربية مثلا، لأنهم
يرسلون
إلي لجنة اختيار الأفلام عدد كبير جدا يزيد علي المائة فيلم ! لكن إيران
دائما ما
ترسل كمًا هائلاً من الافلام التي تقوم بإنتاجها، لذلك في أغلب الدورات
السابقة
أكثر الأفلام الفائزة هي من إيران وليس من روسيا أوالجمهوريات المجاورة!
·
لاحظت انه تم تغيير اسم المهرجان
من المنبر الذهبي لسينما
الشعوب المسلمة، إلي مهرجان قازان
السينمائي الدولي..هل هذا يعني تغييرًا واضحًا
لتيمة المهرجان..؟
بالنسبة
لتيمة مهرجان قازان الدولي فهي لم تتغير، فهي ثابتة
وواحدة من مبادئ المهرجان.. فكل الأفلام التي تناقش قضايا وموضوعات تساهم
في نشر
الخير والسلام والوئام بين جميع شعوب العالم، لا تخرج عن الإطار الأخلاقي،
ولا
تتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف يمكن أن تشارك في هذا المهرجان.
أما
الشعار المختار والذي سنركز عليه هذه السنة فهو "حوار الثقافات من خلال
ثقافة
الحوار" وهذا بدا واضحا في نوعية الأفلام المعروضة.. فكل فيلم يشارك في
مهرجاننا
يعبر عن ثقافة لقومية أو لشعب، وهو بمشاركته في هذا المحفل يشارك في حوار
الثقافات.
·
في إطار الحديث عن نشر الثقافات
والسينما العربية
وتعزيز تواجدها في العالم..ألم تفكروا في
عمل برنامج خاص للسينما المصرية، خاصة
وانها تعدت المائة عام علي وجودها..؟
جرت العادة كل سنة نختار
دولة عربية أو الإسلامية ليكون لها برنامج خاص يعرض افلامها، وكان من
المفترض أن
تكون هذه الدورة بها احتفالية بالسينما المصرية، خاصة بعد زيارة وزيرة
الثقافة
لجمهورية تتارستان لمهرجان القاهرة في دورته الأخيرة.. حيث التقت مع
الدكتور عزت
أبو عوف ونائبته سهير عبد القادر وتم دعوتهما لحضور مهرجان قازان، ومن بعده
تم
الاتفاق علي تخصيص برنامج خاص للسينما المصرية، لكن لم نأخذ ردًا علي تلك
الدعوة،
علي الرغم من اننا قمنا بإختيار عزت أبوعوف كرئيس للجنة التحكيم.
روز اليوسف اليومية في
19/09/2010
الفيلم الإيراني «أسطورة المجاهدين الأفغان» يخترق
«القاعدة»
كازان- دعاء سلطان وعبير عبد الوهاب
مناخ من الود يسود هذه المدينة، وبشاشة لا يمكن تصورها إلا فى مدينة
أفلاطون الفاضلة تحملها وجوه أهلها.. كازان عاصمة جمهورية تترستان، بلد
متعدد الديانات لأغلبية مسلمة.. يعيش فيها الملسمون فى سلام مع المسيحيين
وأقلية من اليهود.. الجامع بجوار الكنيسة والحجاب يقابله الميكروجيب وطاقية
اليهود المعروفة.. لم يكن غريبا إذن أن تحتضن هذه المدينة أول مهرجان من
نوعه يحمل الطابع الإسلامى، وهو مهرجان كازان الدولى للسينما الإسلامية..
لا هدف للمهرجان سوى تقديم صورة صحيحة للإسلام وللمسلمين، وليس أفضل من
صورة المسلمين فى هذه المدينة وتعايشهم الهاديء الوقور مع غيرهم من ذوى
الديانات الأخرى.
فى رابع أيام المهرجان دعتنا صديقة تترية مسلمة اسمها "وسيلة" درست الإعلام
فى جامعة القاهرة إلى منزل أهلها رغبة منها فى إضفاء مزيد من الحميمية على
مناخ بلد حميم حقا مع الجميع.. كنا ثلاثة مصريين وتونسى واحد.. وقبل أن نصف
جو الدفء الفياض فى المنزل التترى، سنوضح فقط أننا كنا نتناقش ونجرى حوارات
متداخلة حول السينما والأفلام.. ذكرنا أسماء مخرجين من عينة الأمريكي
كونتين تارنتينو وفيلمه الأخير
Inglourious Basterds والمخرج الإيرانى عباس كياروستامى وفيلمه
Taste of Cherry
أو طعم الكرز والمخرج التركى يلماظ جوينيه وفيلمه المهم
Yol، وعلت حدة المناقشة بعد أن تطرق الحديث فيها إلى أفلام مهرجان كازان
الدولى السادس للدول الإسلامية وأى الأفلام أفضل وأيها أهم وهكذا.
وجدت "وسيلة" أن المناقشة ربما ستؤثر على الطابع الهاديء للمنزل فغيرت
الموضوع وقالت بفرح طفولى إنها تضع على "الدش" قنوات عربية كثيرة لأنها
تتعلم اللغة العربية وترغب في تقويتها، وفورا أمسكت بالريموت ووصلت إلى
قناة
MBC والتى كانت تعرض لسوء حظنا نحن المصريين فيلم "اللمبي"، ليس هذا
فحسب، بل إنها كانت تعرض ذلك المشهد "المؤثر" فيه والذى يرقص فيه اللمبي في
فرحه! أصاب ثلاثتنا خجلا لا يمكن وصفه، فبعد كل هذا التنظير عن السينما
العالمية، نعرض نحن بضاعتنا المتمثلة فى فيلم "اللمبى".. خجلنا فعلا من
المشهد ومن الفيلم، وهكذا تصبح مقولة الإساءة لسمعة مصر واردة وحقيقية،
فمثل هذه الأفلام فعلا لا يجوز أن تصبح عنوانا للسينما المصرية وتيارا
سائدا فيها، حتى وإن كان وجودها حتميا بمنطق أن السينما تجارة أيضا كما
أنها فن، لكن أن تصبح هى الأصل والأفلام الفنية الجديرة بالمناقشة بمثابة
شطحات فنية نادرة، فهذه هى الإساءة بعينها.
عموما وبعيدا عن الخجل الذى انتابنا فقد امتصت الأسرة التترية خجلنا بمنتهى
الحنان والألفة، فالمنزل يشبه منازل أى أسرة متوسطة فى مصر.. بفرشه البسيط
المتنساق ومساحته الضيقة التى نجدها فى مساكن فيصل وإمبابة.. ربما لذلك
أحبت "وسيلة" مصر وأهلها، وهى مصرة أن تعود إليها مرة أخرى لاستكمال
دراستها، وربما لذلك أحببنا نحن كازان وأهلها.
ومن جهة أخرى وعودة إلى أنشطة المهرجان، فإن عرض الفيلم المصرى "واحد صفر"
فى بداية اليوم مسح حالة الخجل التى انتابتنا نحن المصريين تماما، خصوصا مع
الإقبال الجماهيرى المذهل الذى حظى به الفيلم، ومع التفاعل الرائع مع
أحداثه، فقد تمت دبلجته باللغة الروسية وهو ما ساهم فى فهم الجمهور
لأحداثه.. أعجب الفيلم الجمهور بشدة واحترموه وصفقوا بعد انتهائه تصفيقا
حادا، وهو ما أخرجنا تماما من حالة التوتر التى أصابتنا مسبقا.
برنامج اليوم الثالث للمهرجان كان حافلا بالأفلام المهمة، والتى حظيت
بإقبال جماهيرى ضخم، واحتفاء نقدى من قبل حضور المهرجان من الإعلاميين
والصحفيين والنقاد، فقد تم عرض خمسة أفلام روائية طويلة وهى المصرى "واحد
صفر" و الألمانى
Lippels
Traum
والأفلام الروسية العائلة وstory Bibinur
وWho was not there
وعشر أفلام وثائقية وأهمها الفيلم الإيرانى
Legend of the Afghan Mujahidin للمخرج الإيرانى محمد رضا عباسيان.. مدة الفيلم
73 دقيقة، ومصدر أهميته أن مخرجه عاش وتعايش مع المجاهدين الأفغان
الحقيقيين الذين لا ينتمون لتنظيم القاعدة ودورهم أثناء سقوط القاعدة
وطالبان منذ عام 1996 وحتى عام 2009 بعد انتخاب حكومة حامد كارازاي، وخلال
الفيلم وخلال هذه الفترة الطويلة جمع المخرج جميع مقابلاته مع زعماء
المجاهدين وكثير من أعضاء القاعدة، ثم عاد بعد سقوط طالبان وانتخاب حكومة
كارازي ليجد أن الأمور مازالت كما هى.. نفس الفقر ونفس الوجوه البائسة مع
تغير واحد فقط، وهو أن المجاهدين لم يرغبوا هذه المرة فى مقابلة المخرج،
لكنه زار قبور من قابلهم ولقوا حتفهم خلال فترة غيابه عنهم!
الدستور المصرية في
19/09/2010
دراســــة: السينما المصرية تتجاهل الفقر وتدين الفقراء
عبدالفتاح فرج
كشفت دراسة أجريت مؤخراً بكلية الإعلام جامعة القاهرة أن الأفلام
السينمائية المصرية تتناول المظاهر السلبية للفقير وتهمشه ولا تركز على
النواحى الإيجابية فى حياته كما أنها لا تقوم بالدور الاجتماعى المطلوب
منها.
وتقول صاحبة الدراسة الدكتورة دينا فاروق أبو زيد إن هناك ندرة فى الدراسات
التى تناولت الفقر والفقير فى الأفلام السينمائية المصرية بالإضافة إلى قلة
الأفلام التى تناولت الفقر بشكل عام.
وتضمنت الدراسة 30 فيلما منها 15 كوميديا و15 تراجيدياً، وباختيار ثلاثة
أفلام من كل عام منذ عام 2000 إلى عام 2009 وهى الأفلام التى اعتبرتها عينة
من جمهور السينما أنها الأفلام الأكثر شعبية والمفضلة لديهم والتى تناولت
قضايا الفقر والفقراء وتم جمع البيانات باستخدام تحليل المضمون.
وأظهرت نتائج الدراسة أن معظم الأفلام السينمائية المصرية فى العقد الأول
من القرن الحادى والعشرين قدمت بكثافة السلبيات الأخلاقية للفقير وفى
المقابل لم تهتم بتقديم القضايا والمشاكل الحقيقية والحيوية والأساسية
للفقير. وركزت أغلب الأفلام على التابوهات «المحرمات» والموضوعات التى تجذب
الجمهور بحثا عن العائد المادى بدلا من لعب دور اجتماعى أو تنموى أو تربوى
عند تقديم الفقر والفقراء.
وقام العدد الأكبر من الأفلام بتشكيل صورة نمطية عن الفقير. وقدمت معظم
الأفلام الفقير كشاب متعلم يعيش فى المدينة.
وتوجد نسبة مرتفعة من الأفلام تفوق 50% ركزت على تقديم بعض سلبيات الفقير
وهى التحدث بألفاظ غير لائقة والعنف والتدخين، وتعاطى المخدرات.
فى حين قام عدد قليل من الأفلام بتقديم المرأة والأطفال الفقراء ومشكلاتهم،
وتم التركيز على المرأة المعيلة والمعاملة السيئة للمرأة ومعاناتها من
التحرش الجنسى.
وبالنسبة للأطفال الفقراء فقد تم التركيز على عمالة الأطفال والتسرب من
التعليم.
مجلة أكتوبر المصرية في
19/09/2010
العيد.. موسم أفلام «البواقى والفُضْل»
أحمد النومي
شهد موسم أفلام العيد هذا العام عرض أفلام تم الانتهاء من تصويرها منذ فترة
طويلة أو ما يمكن تسميته «أفلام معلبة».. بخلاف غياب لنجوم الكوميديا
والأكشن عن منافسات الموسم.
وقرر أصحاب الشركات الإنتاجية طرح أربعة أفلام أبرزها فيلم «الرجل الغامض
بسلامته» الذى انتهى المخرج حسن أحمد من تصويره منذ فترة وكان مقرراً عرضه
موسم الصيف المقبل. الفيلم بطولة هانى رمزى ونيللى كريم ومن تأليف بلال فضل
وتقرر طرحه فى 40 شاشة عرض توزيع التحالف الثلاثى بلغت ميزانيته 10 ملايين
جنيه.
وتأجل عرض فيلم «أسوار القمر» إخراج طارق العريان بطولة منى زكى وعمرو سعد
وآسر ياسين سيناريو محمد حفظى وحوار تامر حبيب. بعد ما يقرب من العامين
تصوير وتوقف بعد أن انتهى مخرجه العريان من عمليات المونتاج والمكساج منذ
فترة وتأجل عرضه أكثر من مرة بسبب رفض منتجه محمد حفظى وذلك خوفاً من
النجوم الكبار فى الموسم الصيفى وضيق فترة العيد.
ويعود المنتج أحمد السبكى بنفس فريق فيلم «ابقى قابلنى» ليقوم فيلم «ولاد
البلد» بطولة سعد الصغير ودينا ومحمد لطفى تأليف سيد السبكى وعبد الله حسن
وإخراج اسماعيل فاروق ويعرض فى 35 شاشة عرض توزيع الشركة العربية بلغت
ميزانيته 7 ملايين جنيه.
أيضاً فيلم «بصرة» الذى عُرض فى أكثر من مهرجان دولى مثل مهرجان القاهرة
السينمائى الدولى العام قبل الماضى ومهرجان مراكش وحصد العديد من الجوائز
كان مقرراً عرضه فى العيد لكن مخرجه ومؤلفه أحمد رشوان رفض عرضه هذا الموسم
بطولة باسم السمرة، إياد نصار، بعد أن كان مقرراً له 25 شاشة عرض بلغت
ميزانيته 5 ملايين جنيه.
خامس أفلام الموسم من نوعية أفلام الكوميديا العائلية، وهو فيلم «عائلة
ميكى» إنتاج شركة دولار فيلم من بطولة رجاء حسين وأحمد فؤاد سليم وبعض
الوجوه الجديدة مثل حسن حرب وأمير شوقى تأليف عمر جمال وأخرجه أكرم فريد
وتقرر عرضه فى 25 شاشة عرض بلغت ميزانيته 5 ملايين جنيه.
كذلك قرر المنتج وائل عبد الله طرح فيلم «سمير وشهير وسهير» إخراج معتز
التونى بطولة إيمى سمير غانم وإنجى وجدان ورحمة وهشام ماجد تأليف محمد حفظى
فى 30 شاشة عرض بلغت ميزانيته 7 ملايين جنيه.
ورفض المخرج أحمد ماهر عرض فيلم المسافر بطولة عمر الشريف وسيرين عبد النور
هذا الموسم على أن يعرض فى موسم عيد الأضحى المقبل.
مجلة أكتوبر المصرية في
19/09/2010
عودة الروح إلى السينما فــى موســـم العيــد
محمود عبدالشكور
من حيث الشكل فقط، تستطيع أن تقول إن الروح تعود إلى السينما المصرية إلى
صالات العرض فى موسم عيد الفطر بعد طول «نوم» و«صيانة» و«بطالة» فى شهر
رمضان الذى أصبح شهر التليفزيون بدون نقاش، وقد لاحظت هذا العام أن أفلاماً
كان يفترض أن تنافس فى الموسم الصيفى، تأجل عرضها إلى موسم العيد، بل
واستمرت إعلاناتها طوال شهر رمضان، وهى تذكر المشاهد بأن ينتظرها، كما هو
الحال مع فيلم «هانى رمزى» الجديد «الرجل الغامض بسلامته»، وكما هو الحال
فى ملحمة «سعد الصغير» الجديدة «أولاد البلد» مع «محمد لطفى» و«سليمان
عيد»، والتى لا يبشر التريلر الخاص بها بأى خير أو تفاؤل!
أما من حيث المضمون، فإن أفلام العيد تواجه أخطاراً واضحة أبرزها ضعف
الميزانية للأسرة المصرية التى استنزفتها مطالب رمضان وملابس العيد ثم
الإعداد للموسم الدراسى القادم، ولذلك كله لا يعتمد المنتجون عادة على
الإيرادات الضخمة لموسم العيد الصغير، ويفضلون تأجيل الأفلام الكبيرة لموسم
العيد الكبير الذى عرضت فيه من قبل أفلاماً حققت إيرادات مذهلة مثل
«الجزيرة» و«حين ميسرة»، ويضاف إلى ذلك أن الصورة العامة لا تدعو إلى
التفاؤل، ودليلنا أفلام الصيف التى تقلصت هذا العام إلى تسعة أفلام فقط،
أما الجيد منها فهو معدود للغاية، ربما حققت بعض الأفلام إيرادات عالية مثل
فيلم أحمد حلمى المتواضع «عسل إسود»، أو فيلم تامر حسنى الأكثر تواضعاً
«نور عينى»، أو فيلم «أحمد مكى» الظريف «لا تراجع ولا استسلام»، ولكن
أفلاماً كثيرة بعضها جيد بل ومتفوق مثل «بنتين من مصر» لم يحقق ما يستحق من
إقبال وكان لافتاً أيضاً فى الموسم الصيفى السابق أن بعض النجوم غابوا عن
المنافسة مثل «عادل إمام» الذى كان يجهز لفيلم بعنوان «فرقة ناجى عطا
الله»، وبسبب صعوبة العثور على تمويل لضخامة الفيلم تحول السيناريو إلى
مسلسل تليفزيونى، واختار «عادل إمام» أن يصور فيلماً بعنوان «زهايمر» أمام
«نيللى كريم».
فى كل الأحوال تواصلت شكاوى المنتجين والموزعين من ضعف إيرادات الموسم
عموماً، وأفلام الصيف بصفة خاصة التى حاصرتها الامتحانات، وما أدراك ما
الامتحانات المصرية، ثم مباريات كأس العالم فى جنوب أفريقيا، وحرارة الجو
التى ضربت أرقاماً قياسية، ثم استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية
وسط أنباء عن تراجع الفضائيات الكبيرة وشركات الإنتاج الضخمة عن مشروعاتها
لإنتاج أفلام جديدة مما سيؤثر حتماً على عدد الأفلام المصرية المعروضة خلال
السنوات القادمة.
يختار المنتجون لموسم أفلام العيد- خاصة العيد الصغير- أعمالاً كوميدية
تتناسب مع فرحة الأطفال والشباب تحت سن العشرين وهم جمهور السينما الأساسى،
ورغم أن الصورة العامة لا تشجع كما ذكرت، فإن علينا أن نحمد الله كثيراً فى
أن لدينا أفلاماً مصرية ستعرض فى الصالات، لأنه جاء علينا وقت كانت دور
العرض لا تجد سوى أفلام هندية لعدم وجود إنتاج محلى، وفى مرحلة أخرى لا
ننسى أنه كان يعرض فيلمان أو ثلاثة، ثم يُستكمل موسم العيد بعرض مسرحيات
كوميدية ثم تصويرها للسينما كما حدث مع بعض مسرحيات «عادل إمام» الخوف مع
تراجع الإنتاج المنتظر، والإصرار على فكرة المواسم المحددة دون ابتكار
مواسم جديدة، أن نعود من جديد إلى هذه الأيام التى وصلت أزمة السينما فيها
إلى حافة الهاوية!
مجلة أكتوبر المصرية في
19/09/2010 |