في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل تشهد إمارة دبي ندوة إعلامية
ترصد أخلاقيات المُبرمج وواقع العلاقات بين المهرجانات السينمائية العربية،
بدعوة من مهرجان الفيلم العربي في روتردام بغية الحفاظ على مستوى راقٍ من
العلاقات بين المنابر المهرجانية العربية، والابتعاد بالكامل عن أجواء
الأزمات التي اعتدناها تعصف بعالمنا الناطق الضاد·
يأتي هذا التحرّك لبحث بعيدٍ عن الأضواء بين أبناء ومحبي السينما في
ما خصّ تسابق العديد من المهرجانات العربية المُقيمة والمغتربة للحصول على
عقود احتكارية لأفلام معيّنة يتم منعها عن باقي المهرجانات، ما يحرم جماهير
واسعة من الاستفادة الثقافية والفنية لمجرد محدودية التفكير في أخذ احتكار
لعرض واحد فقط، وهذا لا يُفيد لا الفيلم، ولا السينما ولا نمط العلاقات
المفترض توافرها لدى القيّمين على هذه التظاهرات التي كلما كثرت كلما أوجدت
مكاناً أرحب للقاء السينمائيين لرواد في مكان واحد للتواصل·
إنّها حقيقة واقعة، فالذاهبون إلى مهرجان كان من الزملاء النقاد عندهم
لهفة للتعرّف على جديد كبار السينمائيين في العالم مثلما هم في شوق للقاء
زملاء لا تُتاح لهم فرصة الاجتماع بهم إلا في كان أحياناً، في حال لم تكن
هناك دورات جاذبة لسفرهم إلى مهرجانات إقليمية أو عالمية أخرى·
والذي يؤسَف له أنّ مواعيد العديد من المهرجانات يكون متقارباً
غالباً، ومتداخلاً أحياناً، بحيث يكون على أصحاب الأفلام، كما على النقاد
البقاء على برمجة المغادرة والوصول إلى العديد من العواصم والمدن للحاق
بالعديد من التظاهرات وبالتالي فإن بعض الزملاء تمكّنهم ظروفهم من البقاء
جواً من مهرجان إلى آخر، وحياتهم كلها سينما، لكن المؤكد في السياق هو أنّ
أفلاماً كثيرة يتكرّر عرضها في معظم هذه التظاهرات فيجد المتابع نفسه وكأنه
يراوح مكانه، في وقت يكون المطلوب من التغطية لهذه المواعيد كلها الفوز
بأفلام لا يمكن الاطلاع عليها إلا في بيئتها أحياناً، باستثناء الدورات
العالمية، التي تؤمّن تنويعاً لا يستطيع أي ناقد أن يُلم بكل ما يُعرض خلال
11 يوم مهرجان، ونتذكّر أنّنا كنّا نشاهد يومياً ما بين سبعة وثمانية
أفلام، ومع ذلك تبدو الصورة أقرب إلى تواضع العديد حيث لا بد من أن يفوتنا
في كل يوم ما يقارب الثلاثين فيلماً لم نتمكن من متابعتها وهنا أهمية معرفة
الاختيار· وفي وطننا العربي نسعد لتضاعف عدد المهرجانات، وللمواعيد التي
تجمع زملاء وأصدقاء من كامل الوطن العربي ونقدّم فرصة نادرة جداً للتعارف
بين الطرفين بحيث لا يعود الناقد سجين مكتبه يُنظّر عن بُعد، فالمعرفة
المباشرة تؤمن معرفة وطيدة أكثر بالتفاصيل الأدق·
ولا ننكر في هذا المجال وجود جهات ضغط فاعلة في كل منبر مهرجاني، فيه
رضوخ لبعض المسلّمات من الأسماء والعناوين مع حذر دائم من الوافدين الجدد
والطاقات الشابة، ومحاولة إبعادها ما أمكن إلى زوايا ضيّقة بحيث لا تعرف
سبيلاً إلى التنفّس أو التنافس لا فرق· أي لقاء عربي تنسيقي بين مديري
المهرجانات يخدم في الصميم الفن السابع ويضعنا على سكة العالم المتحضّر
الذي يضع روزنامته قبل أشهر بعد أن يكون عارفاً ما سيقدّمه غيره ومتى وكيف،
واللافت أنّ هذه الدعوة الجديدة تحملها تظاهرة سينمائية عربية في الخارج،
فماذا عن الداخل، حيث يتكرّر التضارب، وكالعادة يتقاذف الجميع المسؤولية
عمّا حصل إلى حد يصبح معه الحق على السينما نفسها، التي نسعد بأنّ حضورها
ما زال مضيئاً وجماهيرياً لا يهزّه أي تطوّر تقني أياً كان·
اللواء اللبنانية في
02/08/2010
عروض
جمال روح فانيسا ريد غريف وأداؤها المُتقن هيمنا على أجواء
(Letters
To
Juliet)
<جدار جولييت> في فيرونا رعى حباً مزدوجاً ورومانسياً
من زمنين إيطاليان خطفا قلبَيْ الصبية صوفي والعجوز كلير وتزوجاهما···
محمد حجازي
حب الكبار له طعم خاص· ولنتصوّر فرحة عجوزين التقيا في عمر المراهقة
الاول، ثم لم يلبثا ان افترقا ليلتقيا بعد 57 سنة، ويتزوجا·
هي رواية مستنسخة من المعنى الذي تحمله مدينة فيرونا الايطالية كعاصمة
للغرام في العالم، وحيث يوجد فيها جدار جولييت الذي تأتيه الصبايا المغرمات
فاقدات الحبيب ويطلبن منه العمل على استرداد الحبيب بعد ان تُعلّق الواحدة
منهن رسالة موجّهة الى هذا الحبيب عبر جولييت، حيث تفترض انها ما يستدلهن
على هذا الغائب او انها تدلهن على الطريق الصواب·
Letters To Juliet
للمخرج غاري ونيبك، شريط رقيق، شفاف، صادق، وفي، حساس، وناعم بأرقى
المشاعر، خصوصاً عندما يتعلق الامر بنموذجَيْ خبرة عاطفية وحياتية يكونان
معاً وهنا مع كلير (فانيسا ريد غريف) ولورانزو بارتوليني (فرانكو نيرو)،
بينما كادت الجميلة صوفي (آماندا سايفريد) أن تضيع في المتاهة وعدم
الاهتمام بها مع أول شاب إيطالي تعرّف عليها في نيويورك، وسافرت معه إلى
فيرونا حيث عادت عاشقة لإيطالي آخر هو شارلي (كريستوفر إيغان) حفيد كلير،
وهنا للقصة ظروف ومصادفات وأقدار، يؤكدها الفيلم الذي كتب نصه: جوزيه
ريفيرا، وتيم سوليفيان، وبدت فيه الصورة مُرهِقة لمن خانته الأقدار.
موسيقى اندريا غيرا واكبت مشاهد الفيلم بكثير من التشبُّع فإذا بكل
المواقف على تنوّعها وتناقضها، حازت ما يناسبها من أنغام، وشعرنا كأن
الموسيقى في الفيلم هي بنت ساعتها لشدة انسيابها وتفاعلها مع المشهدية
المناسبة·
وبينما ننطلق مع الصبية صوفي الجميلة وهي تحب الايطالي فيكتور (غايل
غارسيا بيرنال) الذي يتحضر لافتتاح مطعم في نيويورك لذا فهو يسافر الى
فيرونا في بروفة شهر عسل بين العروسين المقبلين، ولأن باله مشغول بالكامل
بمطعمه، فهو لا يكف عن البحث عن تزويده بمواد من فيرونا مثل النبيذ وبعض
المشتقات الاخرى، وراحت صوفي تبحث عن طريقة لملء وقتها وشاءت الصدفة ان
تقودها الى حائط جولييت، وإذا بها تراقب صبية في مثل سنها تجمع كامل
الرسائل التي تتركها المغرمات على الحائط، وتضعها في سلة وتحملها الى شقة
قريبة، وهناك تدخل وراء الصبية، وتتعرّف على النساء الحاضرات، وهن متقدمات
في السن، لكن خبرتهن الحياتية تتيح لهن التحدث باسم جولييت والرد على رسائل
الصبايا·
رسالة عمرها 57 عاماً ولم تلق جواباً، وحب قديم وامرأة اسمها كلير
تبحث عن حبيب يدعى لورنزو لا تعثر عليه، ولأن النساء سمحن لها بأن تجيب على
بعض الرسائل فقد اختارت صوفي رسالة كلير وقالت لها فيها إنّ الأمل يجعل كل
شيء ممكن الحدوث، وهذا ما شجّع كلير وجعلها تقرر القيام بمحاولة وباشرتها
بمعيّة حفيدها شارلي الذي يقود السيارة بها وهي تطرح اسئلة·
والتقت كلير وصوفي واحبتها سريعاً ودعتها لأن تكون معها في رحلة البحث
التي نصحتها بها، وهكذا كان، وانطلق الثلاثة عبر ايطاليا المنطقة المحيطة
بفيرونا للسؤال عن لورنزو، في الوقت الذي كانت فيه علاقة حب هادئة تنسج بين
شارلي الوسيم لكن قليل الخبرة في النساء وصوفي التي شعرت بالفرق بين شارلي
ديفيد، لكن لم تحصل مفاتحة بين الطرفين·
وتشاء الصدفة أن تعثر كلير على لورنزو بعد عشرة ايام من البحث وإذا به
يعرفها، بعدما ترجّل عن حصانه، طويل القامة، ممشوق القوام ووسيماً، وتقدّم
منها ليخاطبها: كلير، ويتبادلان بالعيون، وكل لواعج اللهفة حواراً كان
واضحاً للعيان· لنا في داخل الصالة· وخصوصاً كلير التي بدت في الدور جد
مناسبة لهذا النوع من الروايات·
ويحين موعد عودة صوفي الى ديفيد، ثم الى نيويورك،
aحيث
لم يتجرّأ شارلي على قول شيء لأنه غبي، وفق قول كلير، الاثنان ارسلا بطاقة
دعوة لحضور حفل زفافهما الى صوفي، التي لم تناقش وبادرت ديفيد: سأذهب وحيدة
لأننا غير مناسبين لبعضنا·
وتحل المسألة بهذا الهدوء·
تسافر الى فيرونا وتشهد زفافاً رائعاً، لكنها تفاجأ بصبية الى جانب
شارلي تصوّرتها خطيبته لكنها كانت قريبته ولا شيء بينهما، وينتهي الشريط
على لقاء العروسين العجوزين، والعروسين الشابين في مكان واحد·
ريد غريف نوّرت الفيلم، وخدمت دوراً جميلاً وجريئاً لكنه جاء في مكانه
على مدى 105 دقائق·
اللواء اللبنانية في
02/08/2010
قراءة
Partir
للمخرجة كورسيني يقدّم كريستن سكوت توماس في دور رائع
إذا أحبّت المرأة فلا أحد يردّها عن فعل ما تريد
غالباً ما نحسم الأمر من روح الفيلم، ونعرف أن وراء الكاميرا امرأة
وليس رجلاً، وهذا ما حصل معنا بينما كنّا نشاهد
Partir للمخرجة كاترين كورسيني، الذي أُجّل عرضه
جماهيرياً في آخر لحظة، ربما للاتفاق على كمّ المشاهد العاطفية الحارة بين
البطلين سوزان (كريستن سكوت توماس) وإيفان (سيرغي لوبيز) وهي كثيرة
استناداً الى سيناريو وضعته المخرجة مع غاييل ماسيه يلحظ لقاءات حميمية
كثيرة في أكثر من موقع تصوير ثم حسم أمر العرض في 12 آب/ أغسطس·
بساطة شديدة تميّز الفيلم·
بعفوية كاملة نتعرّف على الزوجين سوزان، وصموئيل (إيفان آتال) لهما
شاب وفتاة بالغان فيما الحال الاجتماعية ميسّرة، فالرجل حاضر وله قيمته في
الوسط العملي، لكنه ينشغل دائماً فتشعر هي بالوحدة غالباً، إلى أن تكتشف
أنّها ما زالت مرغوبة من الرجال خصوصاً مع إعجابها بالعامل الإسباني إيفان
الذي جاء للمشاركة في تأهيل المنزل·
حادث مفاجئ·· سيارتها دون فرامل، فأسرع باتجاهها لإيقافها فتضرّرت
رجله ونُقِلَ إلى المستشفى حيث عرفت لأول مرة أنّ له ابنة، وأنّه خارج للتو
من السجن، لكنها مع ذلك منجذبة أليه بكلّيتها·· يصر وهو مصاب على الذهاب
الى قرية تُقيم فيها ابنته على بعد ثلاث ساعات بالسيارة، فتجدها سوزان فرصة
كي تكون وإياه وحيدين، خصوصاً أنّه يصر على البقاء هناك ليلة كي يكون مع
ابنته·
وعندما تعود في اليوم التالي تصارح زوجها بأنها ميالة إلى إيفان،
وتعترف أمامه بأنّ العلاقة وصلت إلى مرحلة متقدمة، لكنها تعاهده بألا
تكرّرها مجدداً وعلى هذا الأساس، يتسامح صموئيل، لكنها فجأة تجد نفسها
منجرفة في العلاقة إلى آخر حد، فيحاول صموئيل منعها من الخروج ويحتجزها في
غرفتها، فتغادر من النافذة وعندما تعود تقول له: لا أريدك، وأنا ذاهبة
أليه·
وتنفذ ما في رأسها وتغادر·
يوقف عنها المال، وإيفان يطرد من عمله لأن الزوج فاعل جداً وبالتالي
يصلان إلى مرحلة تبيع فيها ساعة للفوز ببعض المال بغية ملء خزان السيارة،
وتقوم مع إيفان الذي كان رافضاً، بالدخول الى منزلها في غياب زوجها وولديها
وتأخذ عدداً من اللوحات التشكيلية غالية الثمن ثم تحاول بيعها لكن الزبون
يتصل بـصموئيل الذي يرسل البوليس لتعقب الاثنين ويتم اعتقال إيفان، ثم
يُطلق·
تذهب سوزان الى صموئيل الذي يشترط عليها العودة الى المنزل إذا ما
أرادت للحرب بينهما أنْ تتوقف·· تعود وفي الليلة نفسها تذخر بندقية 36
قديمة وتقتله برصاصة واحدة خلال نومه، ثم تلتحق بإيفان·
شريط سريع الإيقاع فيه كل أنواع الجذب - خصوصاً عاطفياً رغم تواضع
جمال البطلة سوزان، لكن السياق يجعل الاهتمام أكثر باندفاعها وأنها وصدقها
كإمرأة في الاعلان عن مشاعرها والذهاب بعيداً في خيارها أياً تكن النتائج·
وكانت الصورة لافتة جداً حين نرى فعل المرأة العاشقة، إنّها تنسى كل
شيء، تترك كل شيء وتذهب إلى الذي تحبه غير عابئة بشيء·
آتال في الفيلم تخدمه فراسة وجهه جداً ليكون غاضباً، لكن وسامته لا
تُعطي المبرر لـ سوزان كي تختار غيره، وبالتالي لو أنّ المخرجة كورسيني
اختارت ممثلاً غير آتال للدور فقط لإعطاء مبرّر لزوجته كي تخونه·
وفي الأدوار الباقية نتعرّف على: برنارد بلانكان، علاء الدين رايبل،
الكسندر فيدال، دايزي بروم، جيرار لارتيغان، جوناثان كوين·
الشريط إنتاج العام المنصرم 2009 ومدته 85 دقيقة وهو ناطق بالفرنسية،
الكاتالونية والانكليزية، ولم يعن لنا الكثير الممثل سيرغي لوبيز، فلم تكن
له مواقف كي نلتفت إليه أكثر خلال التصوير·
اللواء اللبنانية في
02/08/2010 |