الأمر يستحق دراسة اجتماعية ونفسية حيث يتوجه الناس لاشعورياً
إلي شراء فانوس يحمل اسم شخصية أحبوها أو يرتفع سعر نوع من البلح عن أقرانه
من أنواع البلح الأخري ونكتشف في شهر رمضان أن كل محلات الياميش أطلقت علي
صنف من البلح اسم هذا الفنان أو لاعب الكرة أو حتي رجل السياسة!!
هذا العام أرسلت لنا الصين فانوس
»ابوتريكة« هو الآن الأكثر تداولاً..
العام الماضي كان فانوس المفتش
»كرومبو« هو المسيطر علي السوق لأن الجمهور في مصر والعالم العربي أحب »كرومبو«
فأصبح يلهث وراء فانوسه..
بينما هذا العام اقترب
»ابوتريكة« أكثر من الناس رغم انها لم تكن سنة سعيدة
عليه كروياً.. فهو لم يشارك في دورة أفريقيا إلا أن هناك علاقة خاصة بينه
وبين الجمهور تذكرني بتلك الرابطة الحميمة والدافئة بين الجمهور و»محمود
الخطيب« فلقد كان قبل أكثر من
٠٢
عاما مهما تباين مستواه في الملعب إلا أن الناس تحبه..
بينما في سوق البلح صعد أسم »محمد ناجي«
الشهير ب»جدو«
ورغم الصراع بين الأهلي والزمالك للاستحواذ عليه وكذلك فإن تصريحات »جدو«
من المؤكد قد أغضبت جمهور الزمالك عندما قال أنه افضل له الاعتزال عن أن
يلعب ضمن فريق الزمالك إلا أنه ارضي بالتأكيد حزب الأغلبية الكروي في مصر
الشهير بالنادي الأهلي بإصراره مهما كانت التضحيات علي ارتداء الفانلة
الحمراء!!
الكرة والسياسة والفن ثلاثة مؤثرات تراها في سوق البلح مثلا في العام
الماضي كانت قد اجتاحت مصر الحالة »الأوبامية«
نسبة إلي »بارك أوباما« التي سبق وأن عاشتها العديد من دول العالم التي
يعتقد البعض خطأ أن مشاعرهم دائما يتم تهذيبها عن طريق العقل الواعي..
والحقيقة هي أن الإنسان مهما تعددت الثقافات التي
ينشأ عليها يظل بداخله جزء عاطفي لا يخضع لمنطق العقل..
تذكر ماحدث مع الأخطبوط »بول«
في أكثر الدول عقلانية ألمانيا وكيف رصدت
أغلب الدول الاوروبية وبينها صاحب الكأس أسبانيا أموالاً
ضخمة للاستحواذ علي الأخطبوط الذي اتهمته المستشارة الألمانية »ميركل« بعدم
الولاء والخيانة للوطن الذي نما وترعرع في مياهه لأنه توقع هزيمة ألمانيا
وتوعدته بأنها سوف تنتقم منه وتأكله علي العشاء مشوياً
ومحمراً ومسلوقاً!!
»الكاريزما«
التي حصل عليها
»أوباما« في العام الماضي تمثلت في حالة الترقب لخطابه في جامعة القاهرة
التي عاشها الملايين في كل اجهزة الإعلام بل أن توزيع الصحف اليومية شهد
أرقاماً غير مسبوقة في البيع لم يحدث هذا من قبل إلا فقط في القضايا
المصيرية التي عاشها الناس مثل الحروب والزلازل..
تي شيرت
»أوباما« أحد الوسائل التي عبر بها الناس عن حبهم له..
كان تعبيراً
بسيطاً ومباشرا فصار في هذا العام الماضي تعبيرا اكثر مباشرة وارتفع بالفعل كيلو البلح الذي يحمل اسمه
بعد ان حقق حضور »أوباما«
كل هذا النجاح واعتلي تلك المكانة إلا أنه بعد ذلك شهدت اسهمه خفوتاً حاداً
وهكذا اختفي هذا العام تماما من سوق البلح..
لاعبو الكرة ونجوم التمثيل والغناء يشتركون
في هذا التسابق السنوي عندما يتحول الفنان الي سلعة..
البلح يعتبر سلاحا شعبيا لإعلان الإعجاب وايضاً للتشهير ولهذا يوجد نوع من البلح الذي يسيطر عليه
السوس أطلقوا عليه منذ ثلاثة أعوام في رمضان اسم
»شارون« يقصدون »إسحاق شارون« وليس بالطبع نجمة الإغراء »شارون ستون«
كما انهم هذا العام استبدلوه باسم
»نتنياهو«.
ولايقتصر الأمر علي البلح ولكن ايضاً
لدينا سوق الجلاليب يباع في الأسواق ومنذ عدة سنوات جلباب »هيفاء« و»نانسي«
و»روبي« ولكن بعد ان تراجعت اسهم »روبي«
تراجع ايضاً
سعر فستانها بينما لاتزال أسعار جلباب »هيفاء«
و»نانسي« في ارتفاع!!
مثلا في الثمانينيات ومع بداية معركة البلح في رمضان كانت
»صفية العمري« تقدم دورها الأثير »نازك السلحدار«
في
»ليالي الحلمية«
فأطلقوا علي أفخر أنواع البلح
»نازك هانم« أو بلح »صفية« بل امتدت أيضاً إلي واحدة من أنواع السيارات أصبحت اسمها
»عيون صفية«.. بعد ذلك نسي »نازك« ونسوا »صفية« وعيونها.. كانت قبل ٥١ عاما
اسماء »نادية الجندي« و»نبيلة عبيد« و»ليلي علوي« و»يسرا« و»إلهام شاهين«
تتصدر سوق البلح وتباع الأصناف الممتازة التي تحمل أسماءهن
بأعلي الأسعار ثم خفت تواجدهن فانخفضت أسعارهن ثم اختفوا تماما من السوق..
وهو ماحدث بعد ذلك مع »اللمبي«
محمد سعد الذي كان يحتل مركزاً
متقدماً في دنيا البلح منذ عام
٢٠٠٢
حيث اطلقوا اسم بلح »سعد«
وبلح »اللمبي« قبل أن ينزوي من الأسواق في الأعوام الأربعة الأخيرة بعد أن
هبطت ايرادات أفلامه.. هذا العام موعدنا مع بلح »حلمي«
و»مكي«
بعد أنا صار بلح »سعد«
و»هنيدي«
موضة قديمة.. ربما تسأل في نهاية المقال عن اسماء الكتاب والمفكرين وما هي
مكانتهم في الأسواق أقول لكم لكل مقام مقال وهؤلاء الكتاب تباع أفلام تحمل
اسماءهم في بعض المكتبات ليس فقط في رمضان لكن في كل شهور العام وان أعلي
الأقلام سعراً هي تلك التي تحمل أسماء »نجيب محفوظ«
و»نزار قباني«
و»فاروق جويدة«
لكنها لاتنافس في السعر فانونس
»ابوتريكة« ولاجلبات »هيفاء« ولابلح »حلمي«!!
أخبار النجوم المصرية في
29/07/2010
طلقة حبر
صناعة النجم خارج الشاشة
وعلي خشبة المسرح
بقلم : د.أحمد سخسوخ
أدرك لي ستراسبرج وكازان أن وجه النجم لم يعد منفصلا عن جسده،
وقد تمثل هذا الدمج بينهما في مارلون براندو نجح تجار السينما في عرض جسد
نورمان جان موريتسون »مارلين مونرو« المتعطش إلي النظرات علي الممثلين
المصاحبين لها،
لكي يجذبوا الي فلكها نظرات المشاهدين،
ومن هنا خلقت أسطوررة مارلين مونرو عبر هذه
الصناعة الهوليودية.
ولا يوجد لدينا مؤسسات كبري أو صغري لصناعة النجم،
عكس ما كان يحدث في السينما الامريكية قبل أربعينيات القرن الماضي، وهي
الصناعة التي اختلفت بعد ظهور ستوديو الممثلين في نيويورك نهاية
الأربعينيات علي يد الياكازان ولي ستراسبرج.
لقد بدأت هذه الصناعة علي أثر ظهور السينما الأمريكية،
والتي كانت تروج للنجم خارج الشاشة، وقبل أن يطل علي الجمهور بطلعته البهية،
وقد اعتمدت هذه الصناعة في هوليود علي الاستراتيجية التالية:
أولا:
تسويق النجوم،
بمعني اكتشاف مواهب جديدة
ثم الترويج لها قبل ظهورها علي الشاشة في الصحف اليومية
والمجلات، أي صنع النجم في خيال المشاهد قبل ظهوره ممثلا،
وصنع شهرته أولا بعيدا عن الأفلام حتي يمهدوا الطريق له.
ثانيا:
حين تدور الكاميرا ويبدأ الوجه الجديد في التمثيل، هنا يؤكد صناع الفيلم علي اللقطات المكبرة له
Close up
بعد أن يهيء لظهوره عن طريق الشخصيات الاخري في الفيلم،
والتي هي رجع الصدي له.
ثالثا:
اعتمد صناع الفيلم علي لقطة
»رد الفعل« وهي العنصر الاساسي في نظام خلق النجم الهوليوودي،
وقد تبلورت هذه النظرية فيما قبل الحرب العالمية الثانية، اذا اعتمدوا بشكل أساسي علي حيلة فنية تكمن في
تحويل نظرات الممثلين وتكريسها نحو النجم لكي لا تخطئه عين المتفرج ويظل في
حالة تركيز دائمة عليه.
ونموذجا لذلك تجدها في أفلام مارلين مونرو.
انهيار نظام صناعة النجم
وصل هذا النظام الي منتهاه بعد الحرب العالمية الثانية،
وبدأ يتغير مع اعتماد استوديوهات هوليوود علي ممثلي كل فيلم علي حدة، بعد
أن كان يعتمد علي مجموعة محددة من الممثلين،
وكان من أسباب هذا التغير:
أولا:
ظهور التليفزيون في الاربعينيات والذي كان منافسا
قويا للسينما.
ثانيا:
تأثير السيناتور مكارثي السلبي علي صناعة السينما
بتكوينه للجنة النشاط المعادي لامريكا ومطاردته للنجوم والفنانين الذين
يمارسون نشاطا سياسيا.
ثالثا:
صدور قانون منع الاحتكار عام
٨٤٩١ والذي أجبر الاستوديوهات الخمس الكبري علي التخلي عن قاعات العرض
السينمائي التي كانت تمتلكها، اذ كانت هذه الشركات تخوض صراعا للسيطرة علي دور العرض السينمائي في
العالم، وبذلك شكلت احتكارا فعليا،
وقد جاء قانون ٨٤ ليقف ضد الاحتكار ويفصل قاعات العرض عن الاستوديوهات، مما
أدي الي انهيار هذا النظام القديم.
رابعا:
ولكل هذا تخلت الاستوديوهات الكبري عن النظام التي
كانت تتبعه قديما، وقد أصبحت الشاشة هي المكان الوحيد لصنع شهرة النجوم، ومن هنا جاءت فكرة الياكازان وستراسبرج في صنع الممثل الفعلي عن طريق
التدريبات العملية علي خشبة المسرح،
اذ ادركا ان وجه النجم لم يعد منفصلا عن جسده، وقد تمثل هذا الدمج بين الوجه والجسد في مارلون
براندو الذي كان نتاجا لتدريبات مسرح الجماعة وستوديو الممثل.
ستوديو الممثل
ولهذا كان ظهور ستوديو الممثل نهاية الاربعينيات ضرورة حتمها
تغير نظام الاستوديو في نيويورك، وبالتالي فقد أصبح الممثل هو الشخصية التي يؤديها
بانفعالاتها وحركاتها وتاريخها.
وفي ستوديو الممثل الذي أداره كازان ثم آلت ادارته إلي ستراسبورج،
كان هناك أكثر من نظام للعمل في الاستوديو
نظام النجوم المحترفين
هو النظام الأول الذي قام علي أساسه ستوديو الممثل في التعامل
مع النجوم المحترفين الذين حققوا شهرة عالمية في مجال التمثيل، ولكنهم رغم
ذلك يملكون طموحا في تطوير أدواتهم الفنية من خلال العمل الشاق داخل
الاستوديو وعلي خشبة مسرحه وأمام جمهوره ونقاده ومدربيه.
نظام الاختبار
يحصل النجوم علي عضوية ستوديو الممثل ويمارسون
تدريباتهم وتطوير أدواتهم الابداعية دون اختبار.
وفي النظام الثاني يتقدم آلاف للاختبار سنويا،
فيتم اختيار ثلاثة أفراد فقط من بين المتقدمين يضمهم الاستوديو بين النجوم،
وقد اسعدني الحظ أن استطعت اجتياز ورشة جون كوستوبولوس في مدينة برلين
وخبرت هذه التجربة من خلاله، وهو الذي دخل الاستوديو بالاختبار واستطاع أن ينال اعجاب ستراسبورج
حتي عينه مساعدا له في استوديو الممثل بنيويورك،
وبعدها بدأ نشر تجربته خارج أمريكا.
نظام الفصول الدراسية
وهو نظام ثالث يقوم علي نظام الفصول الدراسية التي كانت تحوي
اعدادا هائلة من الممثلين، وسميت ب »معامل الفئران«،
وكان العمل في هذه الفصول يختلف عن العمل في ستوديو الممثل، حيث يدفعون
أجرا للاستوديو مقابل تدريباتهم علي خشبته، وفي هذه الفصول كان يوجه الي
ستراسبرج انتقادا بانه كان يعامل تلامذته باعتبارهم فأر تجربة وسميت الفصول
ب »معمل الفئران«
،
إذ كانت الفصول تحوي اعدادا كبيرة، وكان لديهم فصلان يعمل معهم مرات أربع اسبوعيا،
وكان العمل في هذه الفصول يختلف عن العمل في ستوديو الممثل.
وفي هذه الفصول كان ستراسبرج يقدم تمارينه علي أسس علمية،
خاصة علم النفس، وكان أول من اكتشف ذلك هو المخرج الروسي ستانيسلافسكي،
وكان كازان وستراسبرج قد تتلمذا علي أيدي تلامذته الذين هاجروا من روسيا
الي أمريكا في عشرينيات القرن الماضي من أمثال ريتشارد بولسلافسكي وماريا
أوزبنسكايا، والسؤال الذي يطرح نفسه، اذا كان التمثيل علما،
فهل ما يقيمه بعض الأفراد لدينا في الحركة المسرحية، وفي بعض الشقق المؤجرة لتعليم التمثيل،
وبعض القاعات الصغيرة التي انتشرت مثل الصناعات الصينية الرخيصة، يعتمدون
علي هذه الأساسيات العلمية؟ أم أنها مجرد تجارة، والتجارة في بلدنا أصبحت
شطارة ملأي بالبضاعة الفاسدة التي شلت حركتنا الجسدية والعقلية معا بما
تقدمه من نماذج بلهاء ومتخلفة تفرغ
العقل من كل قيمة اعتدنا علي احترامها؟!
أخبار النجوم المصرية في
29/07/2010 |