تأتي ربيكا ميللر وتصنع فيلماً، تأخذ رواية من تأليفها وتحولها إلى
سيناريو ومن ثم تخرج هذا السيناريو، والنتيجة فيلم بعنوان
The Private Life of Pippa Lee
«الحياة الشخصية لبيبا لي»، فيلم مسكون بهواجس امرأة، وكل ما حولها يضيء
حياتها التي ستكون في النهاية محتشدة بالدراما، وعلى شيء من المنعطفات
الأثيرة وبحس نسوي يمنح اتساقا للمسارات التي ستؤدي إلى عالم بيبا (روبين
رايت) والذي سيضع أمامنا مساحة اختبار لأحاسيس امرأة عبر مراحلها العمرية،
بينما الفيلم يستعين بـ«الفلاش باك» والراوي التي تكون بيبا نفسها وهي
تستجمع خيوط حياتها منذ لحظة ولادتها وصولاً إلى حاضرها الذي يبدأ به
الفيلم هي المتزوجة من رجل يكبرها بأكثر من 20 سنة.
الفيلم الذي سيعرض قريباً في دور العرض المحلية، من دون أن نعرف ما
الذي تعنيه هذه الـ «قريبا» يستحق المشاهدة لأسباب كثيرة، لها أن تكون
أولاً وأخيراً بوصفها سرد امرأة لحياة امرأة، دون افتراضات أو وصايات
ذكورية مهما سعى المخرج أو الكاتب الذكر أن يضعها جانباً، فإنها سرعان ما
تطفو وتفرض نفسها على زاوية رؤية الشخصية النسائية، هذا ما لم تكن هذه
الرؤية وفي أحيان كثيرة عنصراً ثانوياً، ولعل من سيشاهد هذا الفيلم سيتتبع
ذلك، ويعاين كيف له أن يعيش أحاسيس بيبا من الأعماق كفرصة استثنائية.
هذه المقاربة لن توقع الفيلم بمطب الفجاجة النسوية أيضاً، والنوايا
المسبقة والأحكام الإطلاقية التي تضع المرأة في خندق مواجهة مع الرجل،
الأمر أبسط وأعقد من ذلك، وبالتأكيد أجمل، كون فيلم ربيكا ميللر يحتكم على
دراما جميلة مبنية بحنكة، ومأخوذة تماماً بعوالم بيبا المستعادة والمتقدمة
في زمن الفيلم الافتراضي.
بيبا زوجة وأم، ومن البداية سنعثر عليها بوصفها ملهمة وظلاً لزوجها
الناشر هيرب لي (آلن آركين)، وهذا الأخير يكون قد قرر السكن في بيت هادئ في
ضواحي نيويورك، ويكبرها بأكثر من 20 سنة، ومن اللحظة الأولى تخبرنا بيبا
بأنها لا تريد أن تكون ملهمة بل معروفة، وهذا طرف الخيط الذي سيقودنا إلى
حياة بيبا الشخصية عبر العودة في الزمن منذ لحظة ولادتها وعلاقتها بأمها
المليئة بالحب والمأزومة في الوقت نفسها، كون أمها مدمنة على الحبوب
المهدئة التي تجعلها في أحيان كثيرة تبكي وتضحك في الوقت نفسه.
تستيقظ بيبا فتجد المطبخ في حالة فوضى عارمة، يفتح زوجها الثلاجة فيجد
فردة جورب فيها، إلى أن تقرر هي وزوجها أن يضعا كاميرا لمراقبة من يفعل
ذلك، فتكتشف بيبا بأنها هي من تفعل ذلك، وهي تعيش أزمة تجعلها تقدم على
الأشياء وتنساها، وهنا الحديث عن زمن الفيلم الحاضر الذي يمضي مع حياة بيبا
الماضية جنباً إلى جنب، هربها من عائلتها، ضياعها وانغماسها في عالم الصور
الإباحية، ومن ثم تعرفها على زوجها هيرب لي الذي سرعان ما تقع في غرامه وهي
تجد فيه ملاكها الحارس وهنا الحديث عن الشعور الذي يمنحه رجل يفوقها تجربة
وخبرة وعمراً.
الفعل الاستعادي في الفيلم سيضيء شخصية بيبا تماماً، فهيرب يهجر زوجته
ويتزوجها، زوجة هيرب السابقة سنقع عليها في مشهد لا ينسى حين تدعوه وبيبا
للغداء ومن ثم تقدم على الانتحار أمامهما وعلى طاولة الغداء، ولن تكون هذه
الزوجة السابقة إلا مونيكا بيلوتشي التي منحتنا فرصة الاطمئنان على جمالها
الذي يمضي عكس الزمن بمعنى أنها وكلما تقدمت في العمر تزداد جمالاً، وليكون
المشهد الذي تؤديه في هذا الفيلم انتحاراً مدوياً يبقى يلاحق بيبا إلى آخر
يوم في حياتها.
إلى جانب ما تقدم تقع بيبا في حب ابن جارتها كريس (كيانو ريز)، ومن ثم
اكتشافها خيانة زوجها لها مع صديقتها، والكثير من التعقيدات الدرامية التي
تتشابك وتنتهي باستعادة بيبا حريتها إن صح الوصف، واجدة في كريس ملاذاً
ومنطلقاً نحو حياة جديدة.
التمركز حول شخصية بيبا سيأخذنا إلى عوالمها برقة، رغم قسوة الأحداث
التي تعصف بها، إنها حياة كاملة ولها أن تكون توضيحية لكن عبر الدراما،
والشخصية تتطور وتنعطف عبر الأحداث والسرد البصري. الفيلم صالح للانحياز
له، ولربيكا ميللر أن تخطو به خطوة مهمة إلى الأمام، هي الرسامة والنحاتة،
ابنة الكاتب الأميركي الشهير آرثر ميللر وزوجة الممثل دانيال داي لويس،
وليكون ذلك من باب المعلومة دون اعتبارها من عوامل نجاحها في تقديم فيلم
مميز آخر.
الإمارات اليوم في
22/07/2010
الثنائيات الفنية تتلاشى أمام مافيا «الشللية»
دبي- عبادة إبراهيم
لم يكن نجاح الفنان أيام الزمن الجميل حكرا على صوته واختياراته فقط،
وإنما كانت هناك منظومة مكتملة تقف وراءه، مشكلين حالة فنية ناجحة، والحديث
عن هذه الثنائيات يدفعنا إلى العندليب الأسمر عبد الحليم والشاعر عبد
الرحمن الأبنودي وبليغ حمدي.
وأم كلثوم واحمد رامي، والإبياري وياسين وغيرهم من النماذج الفنية
التي وضعت علامة بارزة في سماء الفن، لتتلاشى اليوم هذه الظاهرة وتستبدل
بالشللية الفنية التي تحكمها المصالح والمحسوبية.يرى الفنان أحمد برهان أن
الثنائيات الفنية لم تعد موجودة مثل السابق، فالمافيا الفنية أصبحت تسيطر
على الساحة الغنائية، وشركات الإنتاج تفرض على فنانيها التعامل مع شلة
معينة دون غيرها.ويضيف: لا أحبذ فكرة التعامل مع ملحن أو مؤلف واحد، لأن
التنوع أصبح مطلوبا هذه الأيام في ظل تزايد أعداد المطربين. بينما يقول
الفنان أحمد السويدي: اختفى زمن الثنائيات الفنية، التي كنا نراها أيام
الزمن الجميل.
والتي خلقت من الفنان أسطورة غنائية، فنحن نعاني اليوم من مافيا تتحكم
في الوسط الفني وتعمل على منع الفنانين الجدد من الظهور في الحفلات
والمناسبات الفنية لمصلحة آخرين. زمن جميل اقترن اسم الملحن محمد القصبجي
باسم أم كلثوم، وغنت أروع أغانية، كما لحن لها أجمل أغنياتها، وقد صرحت أم
كلثوم أكثر من مرة بأنها عثرت على كنز حقيقي بلقائها بالقصبجي، وبدأت
بينهما صداقة فنية متميزة، وكان لها ليس فقط ملحنا، بل أستاذا ومعلما.
وبعد أول أغنية غنت له «إن حالى فى هواها عجب»، ثم بدأت سلسلة من
ألحان القصبجى لأم كلثوم بلغت حوالى 70 لحنا، كان آخرها «رق الحبيب» من شعر
أحمد رامى.
الذي تفرغ تماما لأم كلثوم «على حد قول محمد عبد الوهاب»، وشكل معها
حاله فنية فريدة وثنائيا ناجحا، فقد قدم لها مجموعة كبير من الأغاني التي
حققت نجاحا كبيرا.
وقدم الشاعر محمد حمزة للفنان عبد الحليم حافظ مجموعة كبير من الأغاني
بين العاطفية والوطنية والتي وصل عددها إلي 73 أغنية أشهرها «نبتدي منن
الحكاية» و«حاول تفتكرني» و«مداح القمر» و«موعود»، حتى إنه لقب بلقب شاعر
العندليب.
وفي إحدى المرات قرأ حليم قصيدة للمتنبي تقول «قبض الريح» فتمنى حليم
أن يجد مؤلفا يكتب التعبير نفسه بالعامية.
وجلس بعدها حمزة يفكر في معنى يحمل الدلالة نفسها لمدة 6 أشهر حتى
توصل لجملة «ماسك الهوا بإديه» في أغنية «زي الهوا» ويومها شعر حليم بسعادة
كبيرة لأنه حقق ما كان يتمناه.
أما عبد الرحمن الأبنودي فقد جمعته بحليم صداقة قوية وعميقة وذكريات
وحكايات عدة من ضمنها أغنية «عدى النهار» التي كتبها للعندليب بعد نكسه 67
والتي شعر فيها كمال الطويل ومجدي العمروسي بحاله من الحزن والصدمة في
الوقت نفسه من إعلان الرئيس عبدالناصر التنحي، وقتها طلب حليم من الأبنودي
تأليف أغنية تعترف بالهزيمة فأخرج من جيبه ورقة تحمل اغنية «عدى النهار»،
واتصل ببليغ حمدي على الفور ليقوم بتلحينها.
كان أبو السعود الإبياري صديقا وشريكا في رحلة كفاح الفنان إسماعيل
ياسين الفنية وأقرب الأشخاص إليه، وكان دائما يسانده، ويشجعه طوال الوقت
على النجاح، وعرفه إلى كبار أهل الفن في ذلك الوقت، منهم نجيب الريحاني
وبديع خيري، إضافة إلى قيامه بالتوسط لكي يعمل يس في كازينو بديعة مصابني،
الذي كان فاتحة الخير له.
علاقة صداقة
كان أول لقاء بين الفنانة سعاد حسني وصلاح جاهين في موسكو عند تصوير
فيلم «الناس والليل» أثناء إقامته في المستشفى زاره مخرج الفيلم يوسف شاهين
مع الفنانة سعاد حسني وزوجها علي بدرخان.
ومنذ ذلك التاريخ نشأت علاقة صداقة لا مثيل لها بينهما، فقد تبنى
جاهين سعاد فنيا وروحيا فكتب لها كلمات أغنية خلي بالك من زوزو، الفيلم
الذي ظل يعرض في السينما المصرية لمدة سنة كاملة عام 72، وقدمت الكثير من
الاستعراضات الغنائية في الفيلم التي كانت أيضا من تأليفه.
إضافة إلى تأليف أغاني استعراضات فيلم أميرة حبي أنا ومنها الأغنية
الشهيرة «الدنيا ربيع»، كما شارك في كتابة سيناريو فيلم الكرنك، وآخر ما
كتب للفنانة سعاد حسني كلمات أغنية «صباح الخير يا مولاتي» بمناسبة
الاحتفال بعيد الأم للتلفزيون المصري عام 86، وكانت أيضا آخر أعماله، فقد
مرض بعدها بفترة ودخل المستشفى وفارق الحياة في 21 ابريل في العام نفسه.
البيان الإماراتية في
22/07/2010
موضوعاتها تاريخية ذات إسقاطات سياسية
«إنانا» تستعيد بطولات «صلاح الدين» بتوليفية سينمائية
مسرحية راقصة
دمشق-ماهر منصور
تستعيد فرقة «إنانا» للمسرح الراقص في عرضها «صلاح الدين» الذي قدمته
في افتتاح مهرجان معرض دمشق الدولي، لحظات حاسمة من حياة القائد التاريخي
صلاح الدين، إذ تميل لالتقاط تفاصيلها المتعلقة بمعاركه ونضاله من أجل
تحرير الأرض .
والتي كرسته في التاريخ رمزاً للتحرر والنضال، مغيبة قي الوقت ذاته
تفاصيله الحياتية الاجتماعية والعائلية، فنشهد الحروب التي خاضها واستعداده
لها وصراعه مع الصليبيين وانتصاراته، وما ترافق، وهذه الفترة من خرق هؤلاء
للهدنة التي وقعها معهم وتصرفات أمرائهم الطائشة، ولاسيما لجهة اعتدائهم
على الناس الأمنيين.
العرض الذي سبق وقدمته فرقة «إنانا» على مسرح دار الأوبرا يقوم بشكله
الفني على الجمع بين الحدث الدرامي والمسرح الراقص، وهو شكل لطالما اعتمدته
فرقة إنانا في تجربتها الفنية الطويلة، هي ليست تجربة جديدة على عروض فرقة
إنانا، على كل حال، ولكنها في عرض «صلاح الدين» تتقدم خطوة لجهة استعارة
المشهدية السينمائية لبعض المشاهد الدرامية إلى جانب اللوحات الراقصة
والمشاهد التمثيلية.
وذلك عبر شاشة كبيرة تتصدر المسرح، قام بتنفيذها المخرج السينمائي
نبيل المالح بالتعاون مع مخرج العرض جهاد مفلح، وهو الأمر الذي اعتبره
المخرج المالح في البيان الصحفي للعرض «إغناء واستكمالاً للمشهدية
البصرية»، دون أن يكون مطلوباً منها أن تسرد الحدث، ف«ما يسرد الحدث هو ما
يجري على الخشبة..»، وبالتالي فإن «الشكل السينمائي المقدم تابع للعرض
المسرحي وللراقص الذي يعتبر أساس العرض».
ولا يدعي المخرج المالح ابتكار حالة الشاشة السينمائية على خشب
المسرح، فهو أمر معروف في العالم، إلا أنه شدد على أهمية هذا الخيار
مسرحياً، وذلك، حسب المخرج المالح، «لكون هذا النوع الفني قائم على الفرجة،
فالشاشة السينمائية حققت إضافة مشهدية نوعية وإبهار بصري، وهذا مطلوب في
الفرجة المسرحية».
الصورة السينمائية والتمثيل الحي على المسرح، الرقص والموسيقى، توليفة
فنية بدت متوافقة مع بعضها البعض ضمن صيغة فنية واحدة جمعها المخرج ومدير
الفرقة جهاد مفلح بهدف توصيل فكرة عرضه الراقص «صلاح الدين» بأشكال مبتكرة.
وإن كان المخرج الشاب يعتمد على راقصيه بالدرجة الأولى لإيصال أفكاره،
إلا أنه ومع تعدد عروضه وصل إلى مرحلة تكوين شراكات فنية مع عدد من نجوم
الدراما السورية الذي سبق وشاركوه في أكثر من عرض.
على صعيد المضمون الفكري لن يكون «صلاح الدين» الموضوع السياسي الأول
الذي تتناوله «إنانا»، إذ لطالما اعتمدت الفرقة، ومنذ بداياتها على موضوعات
تاريخية ذات إسقاطات راهنة.
ولاسيما تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية التي لم تغب عن أغلب عروض
فرقة إنانا، وهو الأمر الذي يؤكده مدير الفرقة مفلح بقوله: إن «معظم أعمال
الفرقة تحمل إسقاطات سياسية على الواقع الفلسطيني والعربي»، لافتاً إلى
«أننا قدمنا التراث الفلسطيني بأجمل صورة..».
المشاهد التمثيلية في عرض صلاح الدين أداها نخبة من نجوم الدراما
السورية: عبد الحكيم قطيفان، عبير شمس الدين، رامز أسود، نوار بلبل وحسام
الشاه وعادل علي وغسان عزب، ويقول الفنان عبد الحكيم قطيفان الذي جسد شخصية
صلاح الدين في البيان الصحفي للفرقة:
«وجودنا كممثلين في هذا العمل هو تكثيف لحالات
درامية تعبيرية موجودة في الرقص، وفسحة استرخاء للراقصين تفسح لنا المجال
كدراميين لنقول بالحوار ما لا يقال بالرقص، أو ما يترك علامات استفهام إذا
ما قيل بالرقص، ومع عرض صلاح الدين يخوض الفنان قطيفان مع فرقة إنانا
تجربته الثالثة فقد سبق وشاركها العمل في عرضيها «ضيفة خاتون» «مسقط في
عيون العالم».
بدوره اعتبر الفنان عادل علي والذي سبق وشارك الفرقة في عروضها مسقط
في عيون العالم وأمير البحار وضيفة خاتون وصقر قريش إضافة إلى صلاح الدين،
أن عروض إنانا تحمل هدفاً توعوياً وتربوياً وتاريخياً سياسياً، مشدداً على
أن المشاهد الحوارية أتت متممة ومكملة لما يقدم من رقصات على الخشبة،
بالإضافة إلى شاشة العرض السينمائي التي أضافت للعمل بعداً جمالياً.
صلاح الدين التجربة الثانية للفنان الشاب حسام الشاه مع إنانا فقد سبق
وعمل معها في عرضها بيت الحكمة، ويرى الفنان الشاب بمشاركته فرصة «لأتنفس
قليلاً متعة المسرح مع هؤلاء المبدعين وسط زحام التصوير التلفزيوني».
بينما رأى الفنان غسان عزب أن «الجانب التقني واللياقة البدنية التي
يتمتع بها الراقصون والأداء الدرامي الذي قدمه الممثلون خلق نوعاً من
التكامل على الخشبة». وعبر الفنان الشاب رامز الأسود عن سعادته لوجوده ضمن
عرض الفرقة.
البيان الإماراتية في
22/07/2010
|