هذا الفيلم غريب حقاً.. غريب في موضوعه، وغريب في معالجته
المبتورة التي جعلت الحكاية تنتهي في منتصف الفيلم تقريباً وبعد نحو الساعة
من
بدايته، الفيلم اسمه
(Back - Up plan)
أو كما عرض تجارياً تحت عنوان «خطة بديلة»
ومشكلته الأساسية في سيناريو «كيت انجيلو» التي بدت قصيرة النفس لا تستطيع
أن
تستفيد من الفكرة الثرية، ولذلك قالت تقريباً كل ما عندها في فترة وجيزة ..
ثم أخذت
تبحث عن مشكلة تكمل بها زمن الفيلم.
وكان كل ما فعلته أنها استغلت الجانب
الكوميدي في فكرتها الأساسية وهي صراع المرأة الأبدي بين حلمها بالأمومة
وحلمها
بالحب والرجل المناسب. إذا سارت الأمور بشكل طبيعي فإن الحكاية تتم بدون
صراع وبهذا
التطور المنطقي: تحب المرأة فتتزوج وتنجب وتصبح أماً، ولكن المفارقة التي
ستفجر
الكوميديا هي انقلاب هذه الخطوات، فالبطلة استعجلت الأمومة فقررت الإنجاب
بالتلقيح
الصناعي، ثم قابلت رجلا أحبته، وقبل ما فعلته، وتزوجها، هذا هو الجانب
الهزلي في
الفكرة التي تقول بوضوح إن الأمومة لا تنتظر ولكن الحب يمكن أن ينتظر!
ولكن
كاتبة السيناريو لم تنتبه إلي أن حكايتها
لها جانب تراجيدي واضح جداً لم تشأ أن
تقترب منه، وهي حرة في اختياراتها ولكننا
نحاسبها علي أن عدم الوعي بهذا الجانب جعل
الجزء الثاني من الفيلم بلا معني تقريباً لأنه يتحدث عن موضوع آخر لا علاقة
له
بالفكرة الأصلية، نسيت المؤلفة مشكلة الفيلم وهي أن البطلة قبلت أن تتحول
إلي مجرد
وعاء مثل «البقرة كما تقول» توضع فيه الحيوانات المنوية لرجل متبرع لا تعرف
عنه
شيئاً لمجرد أن تحمل لقب أم، وبصرف النظر عن الزاوية الأخلاقية والدينية
التي لم
تكن أصلاً في الحسبان، فإن ذلك أدي إلي خلل درامي فادح، إذ أصبح التساؤل
هو: كيف
يمكن أن يعيش رجل مع امرأة اعتبرت الإنجاب مجرد عملية بيولوجية بحتة لا
تحتاج إلا
لتلقيح صناعي وبالتالي لا يزيد دور الذكر فيها عن دور ذكر النحل! بل كيف
يمكن أن
تتعامل المرأة مع طفل قادم انجبته عن طريق الحب بعد أن اختارت أولاً أن
تعرف
الأمومة بعملية بيولوجية بحتة؟ الإجابة عن هذه التساؤلات تكشف عن الجانب
التراجيدي
للفكرة، ولذلك قررت المؤلفة الهروب منه تماماً، وأصبحت عقدة الفيلم (بعد
قبول الشاب
الارتباط بالمرأة) مسألة استقبال التوءم القادم ومصاريفه، وكان الأعجب أن
المرأة هي
التي ستكون مترددة لاستكمال حياتها مع الشاب وليس العكس، باختصار: دخلنا في
قصة
أخري لها علاقة بالاختيار الأصلي للمرأة وهو قبولها لفكرة الإنجاب بدون حب
بل وبدون
رجل، ثم جاء الرجل «علي مهل» واستجاب لكل الشروط!
قلت إن أساس الفكرة شديد
الثراء ولكن المعالجة هي المشكلة، الفيلم
بأكمله الذي أخرجه «آلان بول» يمكن
اعتباره سرداً من وجهة نظر نسائية كلمتين
لا ثالث لهما ، يقول الفيلم إنهما يسيطران
علي أي امرأة أو فتاة وهما: الحب والإنجاب، فرغم أن بطلة الفيلم «زويه»
(جنيفر
لوبيز) حققت نجاحاً في عملها أولاً في شركة للانترنت، وثانياً بامتلاك
متجراً
للحيوانات الأليفة إلا أنها تستعجل الأمومة، ولأنها لم تجد الرجل الذي تحبه
فاختارت
أن تعكس المعادلة بأن تلجأ إلي التلقيح الصناعي لكي تحمل، اتجهت إلي أحد
المعامل
المتخصصة، واشترت ما تركه أحد المتبرعين لكي تتم عملية الحمل، ثم كان لقاء
الصدفة
بينها وبين الشاب «ستان».أليكس أوالجبن، وهو صاحب مزرعة تنتج أنواعًا
مختلفة من
الجبين يعرضها ويبيعها في سوق المدينة، ومن خلال مصادفات الأفلام
الرومانسية
المعتادة، والمقابلات المتكررة، تقع «زوية» في الحب في نفس الوقت الذي
يتحرك في
أحشائها جنين من رجل لم تعرفه ولم تره في حياتها، وتصبح المشكلة كيف يمكن
أن تخبر
الشباب بأنها حامل من تلقيح صناعي في حين يظن هو أنه قد وقع في غرام
«سندريللا» أو «سنووايت»!
النصف الأول من الفيلم متماسك إلي حد كبير سواء في البناء
المتصاعد لاكتشاف فكرة «زوية» للحصول علي الأمومة، أو في علاقتها مع «ستان»
الذي لا
يعرف شيئًا حتي يتلقي المفاجأة، كما تنضم «زوية» إلي جمعية «للأمهات
العازبات
الفخورات» - كما يطلقن علي أنفسهن- كلهن يشكلن تنويعة علي حالة «زوية» التي
تلخصها
هذه العبارة: «الأمومة لا تنتظر ولكن الحب والزواج ينتظران». وقد لجأت
عضوات هذه
الجمعية إما إلي تبني أطفال أو الحمل عن طريق التلقيح الصناعي.
وحتي عندما
تنتقل «زوية» إلي مزرعة «ستان» يبدو البناء
متماسكًا، هنا نكون قد وصلنا تقريبًا
إلي منتصف زمن الفيلم عندما يكتشف «ستان» أن «زوية» حامل بالتلقيح الصناعي،
ستأخذه
المفاجأة وسيركز أكثر علي أنها كذبت عليه ولم تخبره منذ بداية علاقتهما
وسترد هي
بأنه هو أيضاً كذب عليها عندما لم يخبرها أنه لم يستكمل دراسته الجامعية
وأنه مازال
طالبًا، ورغم أن الفارق في الكذب بين الاثنين بعيد إلا أن المؤلفة تريد أن
تجعل «ستان»
يوافق علي الارتباط بـ«زوية»، وفي اللحظة التي يتم فيها ذلك يكون فيلمنا قد
انتهي دراميًا ولم يزل هناك وقت معتبر باقيًا، فكيف سيتم ملء الزمن الباقي؟!
اختار السيناريو أن يتحدث عن شيء آخر تمامًا لا علاقة له بنظرة «زوية»
البيولوچية البحتة لفكرة الإنجاب، ودخلنا في مخاوف «ستان» من عدم قدرته علي
ما
ستنجبه «زوية» خاصة بعد أن اكتشف الطبيب أنها ستنجب توءمًا، وبدلاً من أن
تصبح
القضية الأساسية هي الطريقة التي أنجبت بها «زوية» أصبحت مشكلتنا في عددهم،
ولو أن
متفرجًا لم يشاهد النصف الأول من الفيلم بما فيه نظرية «زوية» في «الخطة
البديلة»
بالإنجاب أولاً ثم العثور بعد ذلك علي الحب، لو لم يعرف المتفرج ذلك لاعتقد
أنه
يشاهد في النصف الثاني من الفيلم حكاية تقليديةعن زوجة حامل تنتظر مولودًا،
وزوجها
يدرس توفير مصاريف ما بعد الإنجاب مثلما شاهدنا في أفلام كثيرة أجنبية
ومصرية
أيضًا.
علي أن أغرب ما في هذا الجزء أن «زوية» هي التي تضع العراقيل أمام «ستان»
لأنها لا تثق في الرجال، وهذا هو السبب أخيرًا في عدم زواجها. من الصعب أن
تقتنع أصلاً بأن يتمسك بها «ستان» الذي خانته زوجته السويدية السابقة أكثر
من مرة،
فكيف يثق بزوجة أنجبت توءماً من شخص لم تعرفه؟ وكيف يثق في أنها لن تكرر
الأمر بعد
الزواج؟ ولأن الفيلم خرج عن موضوعه فقد زادت مساحة الحشو والتكرار، وتأكدت
فكرة
الجانب البيولوجي في الأمومة بمشهد لا يخلو من الكوميديا عن عملية توليد
إحدي عضوات
جمعية العازبات الأمهات والفخورات!
بالطبع ستعود «زوية» إلي «ستان» لتحصل
علي الحب بعد أن حصلت من قبل علي الأمومة، وستكون هناك له مشاهد إضافية عن
زواجهما،
بل وانتظار «زوية» لمولود جديد عن حب، بعد أن أنجبت توءمها بالتلقيح
الصناعي، وهكذا
ينتهي الجزء الثاني بأكمله إلي تناقض مع القسم الأول، فحتي
منتصف الفيلم كانت الخطة
البديلة بالإنجاب أولاً ثم البحث عن الحب فاشلة خاصة مع خوف «زوية»
من إخبار «ستان»
بما فعلته، أما الجزء الثاني فينتهي إلي نجاح ساحق للخطة
البديلة حيث حصلت الأخت
«زوية» علي «توءم» جميل بالتلقيح الصناعي، وعلي زوج عاشق ولهان
اسمه «ستان»، وها هي
في انتظار طفل جديد بدون تلقيح صناعي!
الحقيقة أن صورة المرأة كما جسدتها «چينيفر
لوبيز» ليست جيدة علي الإطلاق، وبصرف النظر عن لا أخلاقية فكرة بنوك
التلقيح
الصناعي المأخوذة من متبرعين، فإن الأمومة مفهوم إنساني وعاطفي وإلاّ أصبحت
أي
امرأة مجرد وعاء للإنجاب، وفي أحد مشاهد الفيلم تتحدث أم أنجبت بالتلقيح
الصناعي عن
أن ابنتها تتساءل عن أبيها المجهول. طبعًا لم تهتم المؤلفة بهذه الخطوط
التي كان
يمكن أن تصنع عقدة أكثر إقناعًا، وظلت المشكلة التي لا حلّ لها إن الجزء
الأول يمكن
استساغته بدرجة مقبول أمّا الجزء الثاني فهو صفر كبير!
«چينيفر لوبيز»
ممثلة جيدة كما شاهدناها في أفلام سابقة، وتتمتع أيضًا بدرجة
واضحة من القبول في
أداء المشاهد الكوميدية، وللأسف لم يخدمها
الدور كثيرًا في اللعب علي مشاعر الأمومة
والعشق بالتبادل، أما أليكس أولجلين في دور «ستان» فهو ممثل مجتهد وإن كان
يذكرني
شكلاً بالمغني «كاظم الساهر»، ولذلك كنت أخشي أن يُغني لحبيبته في كل مشهد
كل عام «وأنت
حبيبتي» أو «زيديني عشقًا زيديني»!
روز اليوسف اليومية في
21/07/2010
الممثل المؤلف بين الرفض والقبول
ماجدة خيرالله: البزاوي "سييء" تامر "متواضع" الصاوي "ناجح"
سيف: تدخل الممثل في النص مرفوض
هل يختفي دور المؤلف في المستقبل؟ سؤال يطرحه الموسم السينمائي الحالي
بقوة بعد ان قام ثلاثة من نجوم الشباك بكتابة قصص أفلامهم وهم أحمد مكي
وتامر حسني ومحمد سعد إلي جانب دخول بعض الممثلين مجال التأليف مثل محمود
البزاوي وتامر عبدالمنعم وخالد الصاوي.
"الجمهورية" طرحت السؤال علي نقاد السينما. تقول ماجدة خيرالله: إنه
لا يوجد مانع ان يكون الفنان متعدد المواهب فمثلاً فريد شوقي كان يقوم
بالتأليف إلي جانب دوره كممثل ومحمد فوزي كان مطرباً وممثلاً وملحناً
ومنتجاً ولكن المهم هل الممثل مؤهل أصلاً لهذا فلو كان مؤهلا فالنتيجة
أعمال جيدة أما غير المؤهل فينتهي به الأمر بأعمال دون المستوي.
تري ان محمود البزاوي قدم مستوي سيئاً وتامر حسني متواضع المستوي سواء
في كتابة القصة أو الأغنية وأكدت ان خالد الصاوي مؤهل للكتابة وصاحب تجربة
ناجحة.
عن تأثير دخول الممثل عالم التأليف علي المؤلف أكدت أنه لا يوجد تأثير
لأن السوق مفتوح للجميع وعن اكتفاء المؤلف بكتابة سيناريو لقصة كتبها النجم
تري أنه حسب شخصية الممثل فهناك من يري نفسه نجماً ويلغي وجود الجميع من
حوله سواء كان مخرجاً أو مؤلفاً أو ممثلاً مثل محمد سعد. علي المؤلف ان
يدرك مع من يتعامل من البداية لان هناك مؤلفا يكتب فيلماً ويفاجأ بفيلم آخر
عند مشاهدته.. يري د.وليد يوسف ان دخول الممثلين عالم التأليف ليس ظاهرة
غريبة فنجيب الريحاني كان يشترك مع بديع خيري وشكسبير هذا الاسم العملاق في
عالم التأليف. هناك أبحاث تحاول إنه من الجائز ان يكون أسماء لورشة كتابة
جماعية وليس اسم شخص.. وإذا كان الممثل عنده خبرة درامية وأفكار وتفاصيل
فلا يوجد مانع من اشتراكه في الكتابه ولكن المرفوض هو تدخله دون خبرة
والأكثر من ذلك ان الممثل لو استطاع توظيف خبرته في التمثيل. في التأليف
سيكون عاملا مميزا وليس سلبي. الممثل الموهوب هو من يعرف جملة الحوار
الركيكه من دونها فمثلاً أحمد مكي مخرج في الأساس فلابد ان يستغل خبراته في
الإخراج لتوظيفها في التأليف والتمثيل وحسب هذا المخزون من الخبرات يتحدد
قيمة العمل الفني.
أكد د. وليد ان هناك بعض النجوم يضعون أسماءهم مع المؤلفين كنوع من
أنواع الضمان ألا يذهب الفيلم لممثل غيره واحتكاره فهناك جانب تجاري في
الموضوع.
عن تأثير هذه الظاهرة علي المؤلف يقول إنه سيظل المؤلف مؤلفا والتخصص
هو الأصل خاصة أن المستوي يتراجع ولابد من عودة الممثل للأسلوب الأمثل
بالعمل وهو إيمان الممثل بسيناريو ما يقوم بتنفيذه دون العبث فيه وأكد ان
غياب دور الدولة له عامل مؤثر ولكن لابد من اشتراك الدولة من خلال مشروعات
دعم السيناريو والسينما بشكل عام.. يري الناقد محمود قاسم: أنه علي الرغم
من اشتراك الممثل في التأليف ليس بالظاهرة الجديدة ولكنه كان يتم في الماضي
عن مواهب شاملة من خلالها ينتج أعمالا قوية مثل أفلام فريد الأطراش أما ما
يحدث الآن أننا في عصر النجم المسيطر علي آليات العملية السينمائية كلها
فالنجم يتحكم في المؤلف والمخرج وهناك بعض النجوم الذين يفرضون قصة حياتهم
علي الشاشة.
المصرية المصرية في
21/07/2010 |