لا يغادر صاحب «بحب السيما» السير على هدي اللغة السينمائية الخاصة به. ما
يستخدمه من ألوان في فيلمه الجديد يقود هذه المرة نحو كلية
الفنون الجميلة لتكون
مسرح الأحداث بشخوصها وتكويناتها وتعبيراتها المتسائلة عن جدوى أن يكون
هناك شيء
طبيعي في كل هذا القحط والجدب اللذين يحيطان بالأبطال ومصائرهم، وكل ما
ينشأ عنهم.
هنا حوار مع المخرج المصري أسامة فوزي حول فيلمه الأخير «بالألوان
الطبيعية» الذي
يتحدث عن هذا الفيلم من دون أن يغيب عن باله أنه في طور التحضير لمشروع
جديد مكمل
لمشاريع سبق له وعمل عليها:
·
لماذا تبدو في فيلمك، وكأن هناك
رغبة دفينة تقوم على تظهير شيء جواني يقبع
في داخلك أساساً؟
- «بالألوان
الطبيعية» هو سحر السينما ومادتها المستقاة منها، ولو أننا قلنا
بحسب الترجمة الانكليزية «الألوان الحقيقية» لغدا هذا السحر بعيداً من
الادراك. ولو
قمنا بتذكر المرحلة التي بدأ فيها ظهور الألوان في السينما،
لغدت ألوان فيلمي مبالغ
فيها للغاية.
·
هل كنت تدرك أن هناك نوعاً من
المبالغة في روايتك تصل حد اللامعقول؟
-
أعتقد أن هناك مبالغة في كل شيء من حولنا يصل حد الهزل واللامعقول إن شئت.
·
«بالألوان
الطبيعية» هل هو فيلم عن فساد جهاز التعليم؟
-
لا بالتأكيد... ليس التعليم هو قضية الفيلم الأساسية. هو فيلم عن فساد قيم
مجتمع بأكمله. هذا المجتمع لديه مشاكل وهواجس مسكوت عنها، والتعليم جزء
منها. تخيل
أن رسم الجسد الإنساني بكامل تفرعاته هو اشكال تخلصنا منه مطلع القرن
الماضي مع
الشيخ محمد عبده، وقد مرّ هذا مع بداية تأسيس كلية الفنون
الجميلة عام 1907، ومع
ذلك تجد نفسك مضطراً الآن لأن تناقش قضايا حسمت منذ أكثر من مئة سنة. إن
مجتمعاً
يرتد عن هذه الأفكار هو في حاجة للكثير من الألوان الطبيعية لقول أشياء
مختلفة.
·
إلامَ تعزو هذا التراجع؟
-
هذا موضوع كبير سيدخلنا في قضايا كثيرة بعيدة من الفيلم، وهي عموماً ظروف
تاريخية وسياسية صنعت هذا الواقع المتردي.
·
يوسف (كريم قاسم) لم يحسم
خياراته الفكرية وقناعاته الدينية في الفيلم على
رغم رفضه دراسة الطب على حساب دراسته للفنون؟!
-
هذه ليست خيارات فردية، بل هواجسه المتمثلة بالأشباح الأربعة: هاجس البنت
التي
تمثل الرغبة والحب، وهاجس العم محمود الذي يمثل الفشل، وهاجس الداعية الذي
يمثل
الحلال والحرام، وهاجس الأم التي لم يلب رغبتها بأن يصبح
طبيباً بعد أن ربته وتعبت
عليه فلم يسبب لها إلا التعاسة.
·
لماذا أبقيت على عنصر نزيه وسط
هذا الفساد العميم؟
-
على رغم الفساد المنتشر في جنبات الكلية، من دون شك ستجد مخلّصاً يريد وضع
حد
لهذا الفساد، والطلاب الجيدون يعرفون هذا جيداً. ولكن حتى لا تتحول الحكاية
برمتها
إلى مسألة شخصية بيننا وبين كلية الفنون، كان لا بد من وجود
هذا العنصر بغض النظر
عن المدرسة الفنية التي ينتمي لها.
·
ما الذي تعنيه الكوميديا الإلهية
ليوسف كمشروع تخرج؟ هل هي عبوره نحو هذا
الحسم الفكري والفني الذي يحتاجه كفنان؟
-
كما سبق وقلت لك، يوسف لديه هاجس التساؤلات، وهو لا بد واقع في دائرة
الحلال
والحرام، ولقد شاهدنا صراخه وتعهداته، وبالتالي، فإن هواجسه المتأتية عن
المجتمع
ورجال الدين تشير إلى أن ما يحصل يقع ضمن دائرة الحرام، ولهذا
كان مهماً في
اختياراته أن يتعرض لموضوعة الدين.
·
لماذا أردته أن يظهر بهذا
المظهر؟
-
بالنسبة له الفكرة الكامنة في تفاصيل الطقوس الدينية جعلته يبحث عن معنى
الإيمان الحقيقي.
·
وأين وجد هذا المعنى برأيك؟
-
أنا لا أعتقد أنه حسم خياراته، ولكن هو استطاع أن يصل إلى فكرة أن الجمال
هو
الطريق الحقيقي إلى الفن، وإلا لما انزرعت الموهبة بداخله.
·
ما الذي يفعله الأصوليون في
الكلية... هل هي إشارة فقط على تعاظم دورهم في
الحياة الاجتماعية، أم أن شرطاً فنياً فرض (الأعمى) من هذه
الزاوية بالذات؟
-
في السنة الماضية كانوا عازمين على إلغاء قسم النحت بسبب عدم توافر طلاب
له،
وبالتالي وجد الأصوليون ثغرة صريحة للدخول في الكلية من أجل فرض وجهات
نظرهم
وتصوراتهم عن الفن.
·
مشهد الخلط بين مختلف الاتجاهات
الدينية والفنية (رقص شرقي – رقص غربي
–
داعية إسلامي – مبشر مسيحي) في الكلية، هل هو اختزال مشوش للمجتمع المصري
كما يبدو
الآن؟!
-
بالطبع، تستطيع أن تسحب ذلك على المجتمع، فالتشتت الحاصل فيه يجمع دائماً
ما
بين النقيضين: الخير والشر، الحلال والحرام. إنها حال التأرجح التي يعيشها
المجتمع
بأكمله.
·
ماذا عن اختيارك لممثلين غير
معروفين لفيلمك؟
-
النجوم الذين يؤمّنون للفيلم شباك التذاكر أصبحوا فوق الثلاثين، وبالتالي
لا
يمكن دعوتهم من اجل أداء أدوار من هم في العشرين.
·
هل كنت تفضلهم نجوماً؟
-
لا... على رغم أن الفيلم عرض أثناء مباريات كأس الأمم الأفريقية وامتحانات
الطلاب، فإن هذا لم يقض مضاجع أصحاب الصالات، لأنهم يعرفون أن أفلامنا لا
تصنع من
أجل شباك التذاكر، لذا فهم يبرمجونها في الفصل الميت، أي في
الوقت الذي يكون جمهور
الشباب منشغلاً بالقضايا التي تهمه.
الحياة اللندنية في
16/07/2010
الأرشيف السينمائي المصري في قصر عمر
طوسون
القاهرة - «الحياة»
أشار وزير الثقافة المصري فاروق حسني إلى أن هناك توافقاً مصرياً فرنسياً
لاختيار «قصر الأمير عمر طوسون» مقراً لإقامة مشروع الأرشيف
القومي للسينما المصرية
ومتحف السينما والسينماتيك، لما يتميز به القصر من طراز معماري فريد وعراقة
متميزة،
تليق بصناعة السينما المصرية التي يتجاوز عمرها مئة عام.ومن المعروف ان هذا
المشروع
يتم تنفيذه في إطار إتفاقية التعاون السينمائي بين الجانبين المصري ممثلاً
في
المركز القومي للسينما، والفرنسي ممثلاً في المركز الوطني
للسينما الفرنسي، والتي
تم توقيعها على هامش فعاليات مهرجان «كان» السينمائي خلال دورته الماضية
بفرنسا،
وبالتعاون مع السفارة الفرنسية والمركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة.
واستضافت أخيراً وزارة الثقافة وفداً فرنسياً برئاسة مديرة المقتنيات وحفظ
التراث السينمائي والأرشيف في المركز الوطني للسينما الفرنسي،
في زيارة لمدة ثلاثة
أيام، واكبهما خلالها الدكتور خالد عبدالجليل رئيس المركز القومي للسينما
في مصر،
إذ قام خلالها الوفد بتفقد العديد من المواقع التي رأى الفنان الوزير فاروق
حسني أن
تكون هدفاً للزيارة، وفي مقدمها «قصر الأمير عمر طوسون» والذي رشحه وزير
الثقافة
ليكون مقراً للأرشيف القومي للسينما المصرية ومتحف السينما
والسينماتيك. ووقع
اختيار رئيسة الوفد الفرنسي، على أحد المخازن المجهزة تجهيزاً عالمياً
بأحدث
التقنيات التكنولوجية، لتكون مخزناً لنيجاتيف الأفلام، حيث يتميز المخزن
بالاتساع
وحداثة التجهيزات بحيث يمكن استخدامه لعشرات السنوات المقبلة.
وستقوم وزارة الثقافة
بتكليف أحد المكاتب الاستشارية المتخصصة إعداد مشروع متكامل للأرشيف
السينمائي
ومتحف السينما والسينماتيك، ليكون من أهم المشاريع القومية التي سيتم
تنفيذها لتليق
بالتراث السينمائي المصري والمحافظة عليه، ضمن منظومة متكاملة تنتهجها
وزارة
الثقافة لحماية التراث السينمائي المصري والحفاظ عليه.
الحياة اللندنية في
16/07/2010 |