يؤكد أنه يقدم نوعية جديدة من الكوميديا لم يعتدها الجمهور المصرى وفى
الوقت نفسه لا يخفى سعادته لتحقيقها كل هذه الإيرادات وينفى فى الوقت نفسه
أن تكون أفلامه بلا مضمون.. مؤجلا حلمه فى الإخراج حتى يثبت أقدامه فى عالم
التمثيل إنه الفنان أحمد مكى الذى فتح قلبه لـ«الشروق» فى هذا الحوار....
·
تساءل الكثير من جمهور فيلمك «لا
تراجع ولا استسلام» عن النوعية التى ينتمى لها الفيلم؟
هو نوع من الضحك لم نقدمه فى مصر من قبل ولكنه موجود عالميا ويطلقون عليه
اسم «البارودى» وهو فن السخرية من الأعمال السينمائية ولعل أشهر أنواعها
عالميا هو سلسلة أفلام «scary
movie» وللعلم كانت هناك محاولات لتقديمه من قبل ولكن بطريقة فجة جدا فى
بعض القنوات الكوميدية.
·
أعتقد أن هذه النوعية ليست جديدة
كما تقول فقد سبق تقديمها من قبل على يد الفنان فؤاد المهندس؟
أنا أحب فؤاد المهندس وهو أفضل كوميديان مصرى وهو الأب الروحى للكوميديا
المصرية، وبالطبع أتفق معك فى ذلك. ولكننى هذه المرة قررت المغامرة بفيلم
كامل ينتمى للبارودى ولكنه وفى الوقت ذاته فيلم مصرى ومرتبط بموروثنا
الثقافى والسينمائى وهكذا فكرنا فى أن نقدم قصة مستعملة فى السينما المصرية
ألا وهى قصة استبدال الشخص بآخر يشبهه وهى تيمة قديمة لدرجة أن الفنان نجيب
الريحانى نفسه قدمها مرتين فى فيلميه «سى عمر» و«سلامة فى خير» وللعلم
وضعنا فى أذهاننا تقديم فكرة تحقيق الحلم وتشجيع الناس على محاولة صنع
أحلامهم من خلال شخص محدود الذكاء هو «حزلقوم» لكنه فقط يحاول تحقيق أى شىء
إيجابى وتحسين مستواه وهو فيلم حلمت أن يكون فيه ضحك وتفاؤل للجمهور.
·
تحدثت عن كونك كنت تخاطر بتقديمك
نوعية أفلامك لكن لا تنكر أن الجديد مع الجمهور ينجح أيا كان مستواه؟
بالطبع الجمهور يحب الجديد ويحب السخرية لكننا هذه المرة غامرنا بكوننا قد
قررنا عدم السخرية من أعمال بعينها على الرغم من كونها الطريقة الأسهل
للنجاح مع الجمهور لكننى استبعدتها لكونى أعرف الصناعة ومشكلاتها وما يحدث
فيها وقررت السخرية من اتجاه معين وليس فيلما معينا وخصوصا أننى أرى أن من
يقدم تجربة السخرية من ناس بعينها وخصوصا فى القنوات هم مجموعة من المرتزقة
المتاجرين بشهرة من يقلدونهم وهؤلاء أطالبهم بتقديم نصف تاريخ من يسخرون
منه أما أنا فأسخر من الأسلوب نفسه فطوال الفيلم نسخر من أسئلة كانت
تضايقنى أنا شخصيا، منها مثلا: لماذا يكون دوما مشهد الانفجار سلو موشن
ويكون بطلا الفيلم ناظرين لبعضهما البعض ويكونان حبيبين.. والمفاجاة أن
الناس فاهمة، يعنى مثلا فى مشهد «ما تخافش هييجى تانى» وهى الجملة التى
قالها ماجد كدوانى بالفيلم الجمهور ضحك بشدة لأنها بالفعل حملت تساؤلاته
هو.
·
مساحة كبيرة لماجد كدوانى ودنيا
سمير غانم فى فيلمين متتاليين هل هذا يعنى أنك تنتمى لنوعية الممثلين الذين
لا يخافون تألق الآخرين بجوارهم؟
الفيلم هو عبارة عن عمل جماعى وكلنا نعمل معا من أجل الوصول به للنجاح وهذا
ما أؤمن به وخصوصا مع كونى مخرجا فأنا أرفض الفردية التى كنت أعانيها من
بعض النجوم، وللعلم الأفلام القديمة كانت تنجح لوجود العديد من النجوم
والأبطال بها وأنا لا أعانى عقدة النقص كى أظهر بمفردى فى الأفلام أنا مع
الأداء الجماعى.
·
«لا تراجع ولا استسلام» من
إنتاجك ترى متى يلجأ الممثل للإنتاج لنفسه؟
يلجأ الممثل للإنتاج لنفسه عندما يكون لديه مشروع فنى يرغب فى تحقيقه وهو
شىء يبدأ حتى من اسم شركتنا «بيرد آى» أو عين الطائر وهو مصطلح فى الإخراج
له علاقة بزاوية الكاميرة ونهدف من هذه الشركة لإحداث ثورة فى عالم السينما
والأفكار المختلفة للأفلام وحتى القصير منها.
·
يعتبر الكثيرون أن مشهد الفنان
غسان مطر من أهم مشاهد الفيلم فلماذا هو تحديدا وكيف أقنعتموه؟
كما أخبرتك من قبل أنا أسخر هنا من فكرة التنميط والأكليشيهات المحفوظة
والفنان غسان مطر من أهم هذه الأشكال الثابتة فمنذ صغرنا وهو يلعب دور
الشرير مع أنه طيب القلب ودمه خفيف وللعلم أنا أرى أن مشهد غسان مطر هو
الأهم فى الفيلم والمعبر وبحق عن روح الفيلم.
·
شاهدنا بدرية طلبة كمترجمة لم
تنطق كلمة صحيحة وكانت مثار ضحك كبير!
هذه شخصية حقيقية لمذيعة شاهدتها بنفسى كانت تعمل مع مدحت شلبى وكانت
تستضيف مدربا فرنسيا وكلمته بالفرنسية ولكن بجمل خاطئة وعندما أخبرها أنه
لا يفهم ما تقوله قالت إنه لا يفهم الفرنسية!!
·
اتفق معك فى أن الجمهور قد ضحك
مع الفيلم لكنهم فى الوقت ذاته لم يشعروا بوجود قصة بالمعنى المتعارف عليه؟
ليس مفترضا أن يشعروا بقصة الفيلم وكونهم قد ضحكوا وأحبوا الفيلم فهذا
يعنى أنه قد حقق الغرض منه.
·
أنت متهم أن أفلامك مضحكة فقط
وبلا مضمون؟
دعنى أخبرك بشىء.. منذ صغرى وهناك مجموعة من القصص التى حفظتها وأثرت فى
طوال عمرى ولعل أهمها قصة جحا وحماره ولو ركزت مع الناس فلن تنال إلا
مجموعة من الأمراض كالضغط والسكر.
·
تنفيذ مشهد الانفجار لم يكن
محكما؟
بالطبع ليس محكما وهو شىء مقصود فالغرض منه هو السخرية من مثل هذه المشاهد
ومن ميثاقها غير مكتوب فأنت تعرف أنه مشهد انفجار منذ لحظته الأولى وسيحدث
والبطلة مع البطل وهما ينظران لبعضهما البعض وهناك مشهد زواجهما التاريخى
بعدها بالطبع إنها أشياء محفوظة سخرنا منها.
·
تتحدث كثيرا عن كون ما قدمتموه
فيلما يسخر من أفلامنا القديمة ولكن هناك تفصيلة كاملة لا علاقة لها بهذه
الأفلام هى النينجا وشخصية الرجل الباحث عن أشيائه فما الهدف منها؟
أتفق معك فى كونها غير موجودة فى أفلامنا لكنها لمحة قصدنا بها السخرية من
الأفلام القتالية التى تتطلب دوما وجود عدو دائم للبطل طوال الفيلم وهو ما
راعيناه وبحثنا فى أفلامنا والأفلام الأجنبية حتى وصلنا لشخصية النينجا
وإمعانا فى سخريتنا منها جعلناه لا يموت بل إن أدهم قد قتله من قبل لكنه لا
يموت ويبحث عن شىء غامض أطلقنا عليه اسم أشيائه.
·
يتساءل الجمهور ونحن معهم: هل
سنرى أحمد مكى فى فيلم جاد بعيدا عن الكوميديا؟
أنا مع الفيلم الجيد وأبحث عن الدور الجيد والملائم لى وسأضرب لك مثلا
بفيلم «ليلة البيبى دول» والذى قدمت فيه ثمانية مشاهد رغم أننى كنت أستعد
لأول أفلامى كبطل وكانت الشخصية حقيقية وبعيدة تماما عن الكوميديا وللعلم
قمت بإضافة بعض التفاصيل للشخصية وقدمتها وقد أحبها الجمهور بالرغم من
بعدها عن الكوميديا.
·
ربط البعض بين شخصية حزلقوم التى
تقدمها هنا وشخصيتى سيد فى «تامر وشوقية» والتى أداها نضال الشافعى وشخصية
عبكويم فى الستاند أب كوميدى و«حرمت يا بابا» التى أداها على قنديل؟
لا أنا لا أتفق معهم فى هذا الحديث فأنا أصنع تاريخا للشخصية التى أكتبها
أو أؤديها أجعلها مختلفة تماما عن أية شخصية أخرى ولهذا لا يوجد تشابه بين
أى شخصية أجسدها وشخصية أخرى.
·
فى العام الماضى تشابهت تماما
ظروف عرض فيلمك وفيلم أحمد حلمى وهذا العام حدث الربط نفسه ولكن مع اختلاف
مواعيد العرض هل نحن فى حالة منافسة على من يفوز بلقب رقم 1؟
لا أهتم بهذه المنافسة ولا الترتيب، كل ما يهمنى هو إسعاد الجمهور وأن
أنجح ويحبنى الناس هذا فقط هو ما يشغلنى.
·
ثلاثة أفلام بنفس المخرج وتؤدى
بنفس الطريقة وفيلمان منهم بالبطلة ذاتها كلها أشياء مكررة يخشى البعض أن
تكرر تجربة «اللمبى»؟
بداية هذا الفيلم نحمد الله على أنه يكسر القاعدة الثلاثية الخاصة
بالتجربة الثالثة لنفس فريق العمل وبالنسبة لماجد كدوانى ودنيا فالشخصية
تنادى صاحبها كما يقولون ودنيا هنا تلعب دور فتاة فى الخامسة والعشرين من
عمرها وهذا يكفى فلا توجد ممثلة أخرى قادرة على أداء هذه المرحلة العمرية
بنفس كفاءة دنيا وأنا لم أتجمد أو أقع أسير الشخصية الواحدة أنا قدمت فى
ثلاثة أفلام فقط أكثر من 10 شخصيات وأبحث دوما عن الجديد.
·
كنت خائفا من تجربتك هذه حتى إنك
ربطت بين «طير أنت» وهذا الفيلم؟
أنا أحب أن أقوم بالربط بين أفلامى والأفلام التى تليها لأنها تعطى للمشاهد
شعورا بالألفة وهو ما حدث فى «طير أنت» تجاه «إتش دبور» وما سيحدث فى
الفيلم المقبل.
الشروق المصرية في
14/07/2010
لا تراجع..
بقلم: كمال رمزي
أحمد مكى فنان موهوب، استطاع، بأعمال قليلة أن يثبت اسمه فى عالم
الكوميديا، ففيما يبدو أن شخصية الشاب المندفع، الملتهب الانفعالات،
الساخط، العصبى، التى جسدها، المرة تلو المرة، لاقت هوى عند جمهور واسع،
تلاحظه بسهولة أمام شباك تذاكر أفلامه.. وهو شديد الطموح، يؤلف ويغنى ويخرج
ويمثل، يرغب دائما فى تقديم الجديد المبهر.
لكن، فى هذه المرة، يبدو طموحه أكبر وأبعد من طاقته وإمكاناته، ذلك أنه ــ
مع كاتب السيناريو شريف نجيب والمخرج أحمد الجندى ــ حاول الاقتراب من
كوميديا المحاكاة الساخرة للأعمال الفنية الناجحة، وهذا النوع من
الكوميديا، المعروف باسم «البيرليسك» على قدر كبير من الصعوبة، يحتاج
لتضافر خبرات مبدعين كبار لا تتوافر عند صناع «لا تراجع ولا استسلام».
وإذا كانت السينما المصرية عرفت فن «البيرليسك» وقدمته على نحو جزئى، داخل
الأفلام، فى شكل فقرات كاريكاتورية تحاكى، بروح فكاهية، مواقف سينمائية
شهيرة، فإن السينما الإيطالية أفردت عشرات الأفلام التى تسخر من أفلام
«الغرب الأمريكى» أو «الويسترن»، فيما أطلق عليها اسم «ويسترن إسباجيتى»،
وجدير بالذكر أن السينما الأمريكية حققت نجاحا هائلا فى محاكاتها الساخرة
لأفلام الرعب ومصاصى الدماء ورومانسيات الأربعينيات.
ينهض «لا تراجع..» على فكرة البديل المألوفة: «حزلقون ــ أحمد مكى»، الشاب
الساذج، الطيب، الرعديد، تجرى زراعته داخل عصابة «عزام ــ عزت أبوعوف»،
تاجر المخدرات الخطير، بدلا من «أدهم»، الذراع اليمنى لرئيس العصابة، حسب
خطة ضابط المباحث «سراج ــ ماجد الكدوانى».. وفى الأجزاء الأولى من الفيلم،
نشهد «حزلقون» على ظهر مركب، المفروض أنه يتجه نحو اليونان.
يسبح بطلنا إلى الشاطئ، يلاحظ تشابها بينه وبين شواطئنا الشعبية، وبعد
مشاهد طريفة لصبى يجرى على الرمال بسرواله، وسيدة بدينة تأكل «المحشى» من
حلة، وبائع «فريسكا»، يكتشف «حزلقون» أنه خدع، وأن صاحب المركب أنزله أمام
الشاطئ المصرى، ويعود إلى والدته «ميار ــ دلال عبدالعزيز».. وعندما يراه
خبير التجميل الأجنبى، وهو يشكو حاله أمام عدسة التليفزيون، يقرر اختياره
كبديل لـ«أدهم» حيث تزعم الشرطة أنه لايزال على قيد الحياة. وفعلا، يغدو
«حزلقون» كما كان «أدهم»، الذراع اليمنى لرئيس العصابة».
أحمد مكى، فى دور «حزلقون»، يغير صوته فيصبح رفيعا، طفوليا، ويقدم بعض
اللمسات الكوميدية، القائمة على الحركة، فى البداية.. لكن الفيلم يفاجئنا
بأنه لا يحاكى، ساخرا، أفلام العصابات والمطاردات، ولكن يقلدها، وبطريقة
بالغة البلادة، وهى بلادة تشمل مجمل عناصر «لا تراجع..»: شخصيات مرسومة
بتسطح شديد، يؤديها عزت أبوعوف بإهمال، ولا يتوقف الكدوانى عن الجعير،
وتبدو دلال عبدالعزيز متعجلة، تعطى إحساسا بأنها تريد اللحاق بموعد تمثيلى
آخر، وسرعان ما ننسى «جرمين ــ دنيا سمير غانم».. وأخيرا، عقب القبض على
العصابة، وزواج الحبيب من الحبيبة، تدرك أن «لا تراجع» بدلا من أن يضحكنا..
ضحك علينا.
الشروق المصرية في
14/07/2010 |