احترم كثيرًا جهد المخرجة «نبيهة لطفي» في لفت الأنظار إلي شخصية
بهذا الثراء مثل الراحلة «تحية كاريوكا» محور فيلمها التسجيلي «كاريوكا»،
وأشكر لها
بعض اللحظات الإنسانية التي قدمتها عن حياتها الطويلة مما حرك الشجن
والحسرة بين
تألق البدايات ومعاناة الخواتيم، ولكن هناك مشكلات حقيقية جعلت من التجربة
شيئًا
أقرب بمن رسم خطوطًا لبورتريه ثم لم يكمل الصورة بكل تفصيلاتها وملامحها
وأبعادها
المختلفة. هناك أولاً عدم الوصول إلي محور تدور حوله كل هذه المعلومات
المتزاحمة
والتي تقفز من مرحلة إلي أخري، كان الفيلم محتاجًا إلي ما يسميه «النقاد»
مفتاح
الشخصية الذي يربط بين هذا التزاحم السردي المعلوماتي، بدأ الفيلم وانتهي
ونحن لا
نعرف هل كانت «تحية» مجرد فتاة مغامرة أم بنت بلد «جدعة»؟ هل كانت سياسية
بالفطرة
أم سياسية بالمشاركة والاستماع؟ هل ندمت علي حياتها السابقة أم خرجت من
الدنيا
هادئة مطمئنة؟ هل هي سيدة قوية الإرادة أم بدت كذلك أمام الآخرين؟ ألف سؤال
بلا
إجابة رغم تلال المعلومات المتدافعة، كنا في حاجة إلي الفرز من خلال رؤية
خاصة
للشخصية بدلاً من أن يكون الفيلم مجرد تكديس للمعلومات.
وهناك ثانيًا: عدم
وجود منهج في اختيار الشخصيات التي تشهد علي حياة «تحية» أو زمنها أو
شخصيتها. علي
سبيل المثال لا الحصر قال «يوسف شاهين» كلمتين عنها في بداية الفيلم ثم
اختفي
تمامًا، وبينما كانت مشاهد أفلامها في كل مراحلها تتدافع علي الشاشة لم يكن
هناك
ناقد سينمائي واحد يعلق ليختار أفضل هذه الأعمال، وليحلِّل لنا إمكانياتها
كممثلة،
وعلي سبيل المثال أيضًا تدافع بعض الأقارب في الإسماعيلية يحكون عن طفولتها
ومشاكلها مع أخيها الأكبر، وهي أحداث سمعوا عنها ولم يروها، في حين غاب عن
الشهادة «سمير
صبري» الذي أجمعت المعلومات علي أنه كان من أقرب أصدقائها ومستودع أسرارها
في
سنواتها الأخيرة.
وهناك ثالثًا عدم التوازن حتي في هذا الجانب المعلوماتي
السطحي الذي لا يكشف بحال عن جوهر الشخصية،
بعض الأجزاء مررنا عليها سريعًا مثل
أفلامها، وعلاقتها بزميلاتها الراقصات، وبعضها تضخم إلي درجة اعتباره فيلما
قصيرًا
مستقلاً مثل موضوع القبض علي «تحية كاريوكا» عام 1954 بتهمة الانضمام
لتنظيم شيوعي
يحمل اسم الجبهة الوطنية الديمقراطية، ومثل موضوع زيجاتها المتعددة لدرجة
سرد أسماء
الأزواج واحدًا واحدًا، ومثل الفيلم القصير عن إضرابها احتجاجًا علي
القانون 103
لقد بدا الأمر أحيانًا كما لو أن السرد يحكمه توافر المعلومات من عدمه بصرف
النظر
عن رؤية شاملة بين الكل والأجزاء.
وهناك رابعًا عدم الانتقال السلس من
موضوع لآخر بدعوي أننا نتحدث عن شخصية
واحدة. لم يكن هناك تفكير حتي في كتابة لوحات
تحمل عناوين كل مرحلة وتُهيئ المشاهد للانتقالات من الهروب واحتراف الرقص
إلي العمل
في السينما إلي دخول عالم السياسة إلي حكايتها مع الزواج إلي أيام «تحية»
الأخيرة.
وهناك خامسا المشكلة الأكبر في ضعف جودة المادة الأرشيفية المصورة ويشمل
ذلك كل شيء تقريبا من لقطات الأفلام المهترئة إلي قصاصات الصحف المشوهة إلي
بعض
أجزاء البرامج التليفزيونية المختارة بل شملت الرداءة أيضا التسجيلات
الصوتية
لـ«تحية كاريوكا» ويشمل هذا العنصر كذلك عدم وجود تسجيل واحد صوت وصورة
لـ«تحية
كاريوكا» مع أنني أعرف أن التليفزيون المصري يمتلك تلك التسجيلات كما أعتقد
أن
المذيع اللبناني زاهي وهبي سجل إحدي حلقات برنامجه خليك بالبيت مع تحية
كاريوكا هل
يعقل ألا يكون بالفيلم تسجيل واحد صوت وصورة لتحية في حين نشاهد لها لقطات
نادرة
وهي في مهرجان الشباب في بوخارست في الخمسينيات وتسجيلاً نادراً للراحلة
بديعة
مصابني وهي تتحدث عن تحية كاريوكا في التليفزيون اللبناني؟! كل هذه
المشكلات
الواضحة جعلتنا أمام مشروع لدخول عالم تحية كاريوكا دون أن ندخل هذا العالم
بالفعل
رغم كل هذا الحشد المعلوماتي والبصري أصبحنا - كما قلت - أمام خطوط في
اسكتش بينما
تظل الصورة مستترة ومحجوبة وتحتاج إلي منجم لكي يكتشفها يبدأ الفيلم بلوحة
تتحدث
فيها المخرجة عن اكتشافها لـ«تحية» أثناء طفولة نبيهة لطفي في صيدا في
منتصف
الأربعينيات من خلال فيلم نادوجا بعدها نشاهد لقطات رديئة من الفيلم تجعلك
تكره
السينما والرقص ثم يتوالي حشد الشهود في لقطات سريعة وكلمات أسرع ثم ينتقل
السرد
إلي الحكاية من الألف إلي الياء علي طريقة برنامج شموع يظهر عدة أشخاص يكتب
علي
صورهم أنهم أقارب تحية يتحدثون عن حبها وهي طفلة للرقص وعن أخيها الذي حلق
شعرها
وضربها وقيدها في السرير ونسمع صوت تحية دون صورتها وهي تتحدث عن ابن أخيها
الذي فك
قيدها وأعطاها قرشين هربت بهما إلي القاهرة ويواصل الصوت «؟!» الحديث عن
رحلتها إلي
الإسكندرية حيث عملت لدي سعاد محاسن صاحبة إحدي فرق الرقص ثم قامت سعاد بحل
الفرقة
وأعطت راقصاتها إلي بديعة مصابني التي سرعان ما نراها تتحدث عن تحية التي
زارتها مع
سامية جمال عندما افتتحت بديعة مطعمها في شتورا وفجأة نقفز إلي عملها في
السينما
ونسمع معلومة أظن أنها غير صحيحة هي أن مكتشفها ولي الدين سامح في حين قرأت
في أكثر
من كتاب أن مكتشفها توجو مزراحي ما علينا، تتدافع الأفلام ومشاهدها بجودة
صورة
مأساوية حقا ويتوالي ظهور الشهود وكل واحد يقول ما تيسر من معلومات لا نعرف
مدي
صحتها وانطباعات عابرة لا تختلف عن انطباعات أي شخص لم يعرف كاريوكا وعلي
ما أتذكر
قال شاهين عدة كلمات عن جسد تحية الذي يشبه الشعر ثم اختفي تماما وتحدث كل
من صلاح
عيسي والروائي شريف حتاتة والممثلة المخضرمة هدي زكي ود.رفعت السعيد عن
القبض علي
تحية عام 1954 بسبب ارتباطها بالضابط الشيوعي «مصطفي كمال صدقي» زوجها في
تلك
الفترة.. وتحدث «لويس جريس» و«عبدالنور خليل» عن تفصيلات متباعدة تتعلق
بحياتها،
وقال المخرج «محمد عبدالعزيز» كلاما عن كونها أفضل ممثلة ترقص وليس أفضل
راقصة
تمثل، أي أنه يراها كممثلة قبل أن تكون راقصة، وهو رأي كان يتطلب المراجعة
والحوار
واستطلاع آراء أخري، وتحدث الفنان «عادل السيوي» عن البورتريهات التي رسمها
لوجهها
الضحوك البعيد تماما عن الإغواء علي حد تعبيره، وسمعت الراحل الكبير «محمود
أمين
العالم» وهو يصف طريقتها في الرقص في حين أخذ «وليد عوني» يتحدث عن حركة
جسدها
ويديها مدعوما بلقطات متباينة الجودة من أفلامها، وتوالت مانشيتات الصحف
والمجلات
التي تسجل زيجاتها الثلاث عشرة دون أن يخطر مرة للمخرجة أن تسأل عن تفسير
هذه
الحياة الاجتماعية غير المستقرة مكتفية برأي أحد الشهود بأن «تحية» كانت
سيدة
ملتزمة اللي تحبه تتجوزه علي طول! في الجزء الأخير نجد فيلما قصيرا آخر هو
الأفضل
علي الإطلاق عن أيام «تحية» الأخيرة، وكان قد سبقه فيلم قصير عن إضرابها عن
الطعام
واعتصامها أيام أزمة القانون 103، وهو الموقف الذي سجله «يوسف شاهين» في
فيلمه «إسكندرية..
كمان وكمان»، وفي هذا الجزء يتحدث مجدي أحمد علي وعلي بدرخان الذي أخذ
يحكي تفصيليا عن مرافقة «تحية» لسفينة كان يفترض أن تذهب عام 1988 من قبرص
إلي حيفا
للتضامن مع الفلسطينيين بعد انتفاضة الحجارة.. وربما كان أكثر المناطق
تأثيرا ما
روته ابنة أختها «رجاء الجداوي» عن ترك «تحية» لمنزلها بعد خلافها مع آخر
أزواجها «فايز
حلاوة» ثم اضطرارها للإقامة في حجرة صغيرة بمنافعها، وقبولها - بعد مقاومة -
الإقامة في شقة أهدتها لها سيدة كويتية من معجباتها، وكان العرض عن طريق
السيدة «فاتن
حمامة» وفي تلك الأيام الأخيرة أيضًا نسمع صوت «نادية لطفي» وهي تتحدث عن «تحية»،
ونري استقبالها أثناء مشاركتها في أحد الانتخابات النقابية، وطبعا نري
مشاهد من جنازتها والصلاة عليها، وفي اللقطة الأخيرة نقرأ اقتباسًا للناقد
اللبناني «إبراهيم
العريس» يقول فيه إنه منذ وفاة «تحية» بدأ زمن يمتلئ بعشرات الأسئلة، وهي
عبارة لم أفهمها علي الإطلاق لأن زمن «تحية» كان أيضًا صاخبًا ومليئًا
بتساؤلات لا
إجابة لها.. وأحسب أن الفيلم هو الذي لم يجب علي أي سؤال لأنه أخذ الشخصية
من السطح
ومن زاوية «أين ترعرعت سيدتي؟!».
فيلم «كاريوكا» التسجيلي ضرب فرشاة في
لوحة لم تُرسم أصلا عن واحدة من أهم نجمات حياتنا الفنية إنها
النجمة التي أعجب بها
«د.جلال أمين» والراحل إدوارد سعيد، ولعلهما كانا أكثر عمقا في
تحليل ظاهرة
«كاريوكا» من فيلم يجعلك تكره المواد الأرشيفية المصورة..
ويجعلك تندهش من أن هذه
المعلومات المكدسة لم تفلح في رسم لوحة
واضحة للراقصة الشهيرة!
روز اليوسف اليومية في
04/07/2010
"ابن حي مينتينج" بدأ عرضه بدور العرض
أوباما في إندونيسيا بـ"طاقية" إسلامية ويؤدي الصلاة بفيلم
جديد
الفيلم يحفز مواطني إندونيسيا على تحقيق أحلامهم
دبي –
mbc.net
استغلت إندونيسيا حلول الإجازة الصيفية بالمدارس والجامعات، لإتاحة
الفرصة أمام أكبر عدد من مواطنيها لمشاهدة فيلم (أوباما ابن مينتينج)، وذلك
من أجل تحفيزهم لتحقيق أحلامهم.
ويروي الفيلم قصة الأعوام التي قضاها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في
حي مينتينج بالعاصمة جاكرتا، مع والدته الأمريكية وزوجها الإندونيسي.
ويظهر أوباما في الفيلم -المعروض بإندونيسيا- وهو يأكل الدجاج لا
الهمبرجر، ويتحرك وسط أصدقاء وجيران يلبسون أزياء غير مألوفة، ومنها
"الطاقية" الإسلامية، كما يؤدي الصلاة الإسلامية.
وذكر تقرير -تضمنته نشرة التاسعة مساء الأحد الـ4 يوليو/تموز الحالي،
على قناة
MBC1- أن صالات السينما في إندونيسيا، بدأت في
عرض الفيلم الذي أخرجه دايمان ديماترا، ويروي قصة حياة أوباما، عندما كان
تلميذا في إحدى مدارس حيّ مينتنج، بالعاصمة جاكارتا بين العامين 1967
و1971، بشكل روائي يمزج الحقيقة بالخيال، بما يتيح للأطفال استيعابه، ومن
ثم الإفادة منه.
وتتناول أحداث الفيلم كيف اكتشف الطفل أوباما الآتي من هاواي، حي
مينتينج في وسط جاكرتا؛ حيث أقامت والدته بعد زواجها مجدداً من إندونيسي
بين عامي 1967 و1971.
ويظهر أوباما خلال أحداث الفيلم، وهو يتعارك مع أطفال آخرين، استغربوا
شعره الأشعث، وأنفه الضخم.
وقال مخرج العمل عن ذلك -خلال التقرير-: "عندما وصل، رفضه الأولاد
الآخرون؛ لأنه لم يكن مثلهم، لكنه واجههم؛ لأنهم كانوا يهزؤون به. لقد كسب
رهانه، وتم قبوله".
وأضاف ديماترا -لوكالة فرانس برس للأنباء- أن الفيلم يظهر أوباما بشكل
قد يراه الأمريكيون غريبا، وقال: "سيرى مشاهدو الفيلم الغربيون أوباما يأكل
الدجاج لا الهمبرجر، ويتحرك وسط أصدقاء وجيران يلبسون أزياء غير مألوفة،
ومنها «الطاقية» الإسلامية".
وقد جرى حذف مشهد يؤدي فيه أوباما الطفل الصلاة الإسلامية، لاعتباره
مشهدا ذا مضمون سياسي، كما قال ديمترا، الذي أوضح الوضع قائلا: "كان أوباما
في ذلك المشهد يقلد أطفالا يؤدون الصلاة، ولم نرد أن ينزع المشهد من سياقه،
ويحظى بتفسير سياسي".
ويقول ديماترا: إن مشاهد الفيلم، تتضمن 60 في المئة من الواقع، و40 في
المئة من الخيال.
ويؤدي الأمريكي حسن فاروق علي دور أوباما الطفل، وهو من عائلة أمريكية
إندونيسية مختلطة، ولا تجارب سابقة له في التمثيل، وقد انتقل للعيش في
إندونيسيا من الولايات المتحدة عندما كان طفلا صغيرا، ويتحدث الإنجليزية
والإندونيسية، وهو بذلك يتحلى ببعض الصفات المشتركة مع أوباما طفلا.
وقال ديماترا إنه لا يريد أن يكون طابع الفيلم سياسيا، بل يرغب في أن
يسلط الضوء على التعددية الثقافية في إندونيسيا.
وحسب التقرير الذي بثتهMBC1
تم تصوير الفيلم في غضون أسابيع قليلة بميزانية قدرها مليون دولار فقط،
وكان يفترض أن يعرض في الأساس خلال زيارة أوباما إلى إندونيسيا في منتصف
يونيو/حزيران الماضي، إلا أن الزيارة أرجئت إلى موعد لاحق.
ويأمل منتجو الفيلم في أن يجري عرضه في أماكن أخرى من العالم في شهر
سبتمبر/أيلول القادم.
ويُذكر أن باراك أوباما من مواليد الـ4 من أغسطس 1961، وهو الرئيس
الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، منذ الـ20 من يناير/كانون
الثاني 2009، وهو أول رئيس من أصول إفريقية يصل البيت الأبيض، حيث حقق
انتصاراً ساحقاً على خصمه جون ماكين، بفوزه في بعض معاقل الجمهوريين، مثل
أوهايو وفيرجينيا، إذ حصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2009، نظير مجهوده في
تقوية الدبلوماسية الدولية، والتعاون بين الشعوب، وذلك قبل إكماله سنة في
السلطة.
الـ
mbc.net في
04/07/2010 |