كلينت ايستوود فنان هوليوودي من الزمن الجميل، يطل علينا كل فترة بفيلم
ليذكرنا بمعان وقيم نبيلة كادت تتلاشى في خضم الصراع المجنون من أجل
الماديات، ويعد بحق واحداً من آخر جيل العمالقة الذين صنعوا تاريخ السينما
في العالم وأكدوا مجدها.
احتفل منذ أسابيع قليلة بعيد ميلاده الثمانين الذي صاحب استمرار إبداعه
الفني من خلال إخراجه عملا جديدا حمل عنوان »الآخرة ـ
Hereafter«
كتب له السيناريو والحوار بيتر مورجان، وتدور أحداثه في إطار من الإثارة
والتشويق عن ثلاثة رجال (أميركي ارستقراطي، وصحافي فرنسي.وطالب مدرسي
انجليزي) يواجهون الموت بطرق مختلفة، ويقوم ببطولته مات ديمون الذي عمل معه
سابقا في فيلم »إنفكتوس«، ومن المقرر عرض هذا الفيلم في أكتوبر
المقبل.استطاع كلينت ايستوود طوال رحلته السينمائية أن ينجح في اكتساب لقب
الفنان الشامل بمعناه الحقيقي بعد أن جمع في حياته الفنية بين عمله كممثل
ومخرج ومنتج ومؤلف، ليصبح من أكثر نجوم السينما الأميركية موهبة وشعبية
وإبداعا وحصدا للجوائز.حيث اقتنص جائزة الأوسكار أربع مرات إلى جانب حصوله
على 109 جوائز أخرى، إضافة إلى 71 ترشيحا لجوائز مختلفة، حتى أطلق عليه لقب
»صائد الجوائز«، ويكفي أن قائمة أهم مئة فيلم في تاريخ السينما تتضمن عملا
له وهو »لن أتسامح«.
وما يميز ايستوود عن غيره من مخرجي جيله انه استطاع الحفاظ على الشعبية
والجماهيرية الطاغية المعروفة عنه منذ السنوات الأولى لنجوميته وحتى وقتنا
هذا من دون أن يتأثر بظهور مخرجين أصغر منه من بعده.
وتعتبر قصة حياة كلينت ايستوود خير دليل على انه ليس إنسانا عاديا دخل عالم
السينما بطريقة تقليدية، حيث بدأ حياته المهنية كمدرب للسباحة ومنقذ على
حمامات السباحة، تاركا دراسته للموسيقى والاقتصاد لينتقل بعدها إلى لوس
انجليس في الخامسة والعشرين من عمره.
وهناك كان يعمل صباحا كمشرف على إحدى البنايات السكنية في (بفرلي هيلز)
بينما يعمل في الليل عاملا في محطة وقود، وفي بعض الأحيان كان يضطر للعمل
في مواقع بناء حمامات السباحة لتوفير نفقات الحياة اليومية.
وفي منتصف الخمسينات، وتحديدا عام 1954، بدأ حبه للسينما ورغبته في اختراق
أبواب هوليوود يظهر تدريجيا، فخضع لعدد من اختبارات الأداء الأولية، ولكنه
فشل فيها جميعا، وكانت معظم الانتقادات تتركز علي طريقة إلقائه؛ حيث تم
انتقاده بسبب صوته الخافت، وكذلك رأى البعض أن أداءه التمثيلي بارد وغير
مرن.
وفي عام 1959 نجح في الحصول على دور بمسلسل تلفزيوني واستمر يشارك به مدة
ستة أعوام رغم أن العمل به كان شديد الإرهاق، حيث كان التصوير يستغرق 12
ساعة يوميا لمدة ستة أيام في الأسبوع.
عام 1963 عرض عليه المشاركة في مسلسل اسباني الإنتاج للمخرج المغمور وقتها
سيرجيو ليون، وقد رفض ذلك الدور قبله عدد من الأسماء الكبيرة التي رشحت له
بسبب انخفاض الأجر المدفوع، وكان من بين تلك الأسماء ريتشارد هاريسون وهنري
فوندا، ورغم أن المخرج لم يكن مقتنعا بإمكانات كلينت التمثيلية إلا انه
اضطر لمنحه الدور لعدم موافقة الآخرين عليه.
ومن خلال ذلك العمل نجح ايستوود في نقل نفسه من مرحلة الممثل المغمور الذي
لا يظهر باسم معين في الأعمال المشارك بها إلى نجم واعد في سينما الغرب
الأميركي، وخاصة بعد تقديمه لفيلم »الشرير والقبيح« عام 1966.
ليتربع بعد ذلك على عرش مشاهير الكاوبوي أو أفلام رعاة البقر في هوليوود من
دون منازع ويصبح رمزا لأفلام الغرب الأميركي التي دفعت به نحو النجومية في
منتصف الستينات من القرن الماضي.
بعدها يتجه لتجسيد شخصية الشرطي الصارم الخشن الطباع والحاد الذكاء ليصبح
من اقوى النجوم الذين نجحوا في تقديم تلك الشخصية في تاريخ السينما، ويعد
فيلم »تأثير مفاجئ« من أشهر أفلامه التي ظهر فيها كشرطي محنك.
ويعتبر فيلمه »فتاة المليون دولار« من اقوى أفلام ايستوود التي نجح في
تحقيق نجاح نقدي وجماهيري خارق، فلم تتجاوز ميزانية إنتاج ذلك الفيلم 30
مليون دولار، وتم تصويره في شهر وبضعة أيام ليحتل بعد عرضه قمة الإيرادات
سواء داخل أميركا أو خارجها، حيث تم عرضه لمدة ستة أشهر ونصف الشهر جنى
خلالها إيرادات وصلت إلى 217 مليون دولار.
ولم يقتصر نجاحه على الإيرادات فحسب، ولكنه نجح في اقتناص سبعة ترشيحات في
سباق الأوسكار عام 2004، حصل منها على أربع جوائز، من بينها أفضل فيلم
وأفضل مخرج وأفضل ممثلة كما حاز علي جائزة الغولدن غلوب لأفضل إخراج، ليحصل
ايستوود بعدها على لقب صانع التحف السينمائية.
وخلال متابعة رحلة ايستوود الفنية يمكن ملاحظة انه قدم أحسن أفلامه مع
تقدمه في العمر مثل »فتاة المليون دولار« و»غران تورينو«، يضاف إلى ذلك أنه
منذ عام 1971 ظل يجرب ويقدم أفلاما عالية الجودة مثل »عصفور« و»صياد ابيض«
و»قلب اسود«.
وأفلاما سيئة وكوميدية مثل »برونكو بيلي« و»كاوبوي الفضاء«، وأفلاما عاطفية
مثل »رجل الحانة« و»استبدال« للنجمة أنجلينا جولي و»إنفيكتوس« عن حياة
نيلسون مانديلا، وملاحم مثل »رايات أجدادنا«، كما اخذ نصوصا وعمل أفلاما
جميلة مثل »النهر الغامض«، واخذ نصوصا سيئة وصنع أفلاما عظيمة مثل »جسور
مقاطعة ماديسون«.
وتبدو حياة ايستوود في الإخراج سريعة، وأحيانا بطيئة، وكأنه افرغ ما في
جعبته، فأفلامه »منتصف الليل في الحديقة« و»الطيب والشرير« و»جرائم حقيقية«
و»عمل الدم« جاء الواحد منها بعد الآخر، ثم جاءت فترة راحة طويلة، وظهرت
بعدها أفلام أخرى مثل »النهر الغامض« و»بنت المليون دولار«.
وفي قراءة الأفلام السيئة التي عملها ايستوود تظل قليلة، سواء أخرجها أو
مثل فيها، واهم ميزة في أفلامه هي تجنبها العمق الفلسفي وموضوعاتها التي
تدور حول أبطال صغار يواجهون العالم.
وعلى الرغم من محافظته فقد قدم داخل أعماله وجهتي النظر اليسارية
واليمينية، مركزا موضوعات أفلامه حول انه لا يمكن الوثوق بالحكومة، وأن
الشرطة فاسدة وقاسية، كما عارض الحرب الكورية وفيتنام وحرب العراق ،ورفض
استخدام أميركا لقوتها كي تكون شرطي العالم.
وعلى الرغم من عضويته في الحزب الجمهوري في الخمسينات حيث سجل فيه لكي يصوت
لإيزنهاور إلا انه دعم اليمين واليسار وانتقد ريغان، ويصف نفسه بأنه مؤيد
للحرية ويعارض تدخل الدولة ويؤيد حماية القطاع الخاص، ويقدم صورة عن أميركا
في أفلامه للعالم يتقبلها الأميركيون أنفسهم.
وفي النهاية يظل ايستوود شخصية نادرة محافظة يعمل بصمت وينتج، فهو في
النهاية كما يحب الكثيرون وصفه »ذخر للبلاد« وموهبة تعمل بجد لم تفقد الهمة
والنشاط، حتى إنه يقال (قد يغفر الأميركيون لك إلحادك وشيوعيتك، لكنهم لا
يتسامحون مع كرهك لكلينت إيستوود).
سيرة
ولد كلينت ايستوود في 31 مايو 1930 في سان فرنسيسكو كاليفورنيا لأب كان
يعمل في صناعة الصلب وعامل مهاجر وأم كانت تعمل في مصنع، وتعود عائلته إلى
أصول ايرلندية واسكتلندية وهولندية وانجليزية، نشأ في ظل عائلة بروتستانتية
من الطبقة المتوسطة.
وتميزت حياة عائلته بالترحال الدائم بسبب ظروف عمل والده، واستقرت بعد ذلك
في بيدمونت ـ كاليفورنيا حيث درس في مدرستها الثانوية، وبعدها انتقل
للمدرسة الفنية الثانوية في أوكلاند حيث شجعه أستاذ مادة الدراما للمشاركة
في مسرحية ولكنه لم يعبر عن اهتمام وفضل العمل في عدد من الوظائف لكسب
المال، له خمس أولاد من سبع زيجات سابقة.
البيان الإماراتية في
30/06/2010
وحيد حامد يخوض حربًا حول الدولة الدينية
القاهرة ـ دار الإعلام العربية
قلَّما يكون كاتب الدراما مثقفًا وصاحبَ موقفٍ من قضايا مجتمعه، وقليلون من
كاتبي السيناريو من يستطيعون أن يثيروا جدلا حول أفلامهم أو مسلسلاتهم،
ومهما كان الاختلاف مع الكاتب والسيناريست وحيد حامد، فلا شك أن الشَّهادة
في حقه لا تحتاج إلى اختلاف؛ لأن أعماله التي كانت وما زالت علامات
سينمائية مصرية بارزة تدل على قيمته الكبيرة..
فهو كما يقولون ممن يحبون دخول المعارك الإيجابية التي يحارب فيها بالرأي
والفن، عارضًا وجهة نظره ككاتب ومثقف؛ لذا يدخل في حزام الصراع مع جماعة
الإخوان وفكرها بكتابته مسلسل «الجماعة»، مُعلنًا أن سبب خلافه الطويل مع
الإخوان موقفه من مبدأ «الدولة الدينية» الذي تتبناه الجماعة..«الحواس
الخمس» التقى الكاتب وحيد حامد في حوار مشتعل وقضايا شائكة.يبدأ وحيد حامد
كلامه بقوله: ليس لدي دائمًا ما أكتبه، فأنا أعيش في حالة استرخاء كتابي
وهدنة مؤقتة وواجبة، وأعتقد أن حالة الجمود هذه مهمة لأي كاتب لكي يجدد
طاقاته إلى أن تزوره فكرة إبداعية تلح عليه في الظهور.و فكرة مسلسل
«الجماعة» بدأت بداية عادية جدًا في العام 2006 أثناء قيام طلبة من جامعة
الأزهر ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين بعمل ما يُسمى ب«العرض العسكري»
داخل أسوار الجامعة، ما أثار ردود فعل غاضبة لدى أطياف سياسية عديدة، وقتها
فكرت مثل أي مصري، وبدأت أجمع معلومات أكثر عن الإخوان، فبعد أن وصلت إلى
هذا العمر وجدت نفسي لا أعلم الكثير عنهم، فأنا أعرف أن هناك جماعة تُدعى
«الإخوان المسلمون».
ولكن ما هي؟ وما ماهيتها؟، فبحثت كثيرًا لأعرف عن الجماعة وأعرف الأجيال
المقبلة ما للجماعة وما عليها، فبدأت في عمل المسلسل لعرضه على الجمهور،
واستمرت كتابته أكثر من 3 أعوام، وبالتأكيد هذا أمر مستهلك لقوة أي كاتب،
لكن ما يحزنني أن البعض رأى أن المسلسل مكتوب في الوقت الحالي من أجل تشويه
صورة الإخوان وقت انتخابات مجلسي الشورى والشعب والرئاسة، وأدهش من هذا
الظن السيئ الذي يحكم تفكيرنا؟
وأريد أن أعلن أن تاريخ المسلسل مقرر له رمضان المقبل منذ فترة، وأن زعم
الإخوان المسلمين بأن المسلسل يهدف إلى تشويه صورة الإخوان باطل وليس هذا
ما أقصده في العمل إطلاقًا، فأنا لست في عداء مع أحد، بل أنا في عداء مع كل
ما يعكر صفو المجتمع المصري، ويتسبب في إيذاء المصريين في بلادهم، وبالتالي
فأنا أختلف مع الحزب الوطني الحاكم في كثير من الأمور.
وأعتبره مُقصّرًا في مكافحة الفساد، وإيجاد حلول للشعب المصري، كما أنني
مختلف مع أحزاب أخرى لا تقوم بدورها، ومختلف بالطبع مع الإخوان في الفكر
وليس لي عداوة شخصية معهم، فنحن في خلاف فكري، وأظن هذا مشروعًا، فالجماعة
في حالة خلاف دائمة مع الحزب الوطني والأحزاب الأخرى.
فلماذا يكرهون أن أختلف معهم، إنهم يريدون دولة دينية في مصر أو مرجعية
دينية للحكم، وأنا أريد دولة مدنية للحفاظ على أمن هذا المجتمع الذي يعيش
في سلام منذ مئات الأعوام، وأتناول هذا الموضوع بحيادية، وسأترك الجمهور
يستقبل المسلسل ويحكم عليه دون تدخل مني.
ويضيف حامد حين كتبت مسلسل «العائلة» لم أتعرض للإخوان بل تعرضت للإرهاب
الديني الذي مارسته جماعات مختلفة كالجهاد، وفكرة الشكل العام للممثلين من
جلباب أبيض وذقن طويلة اختفى، فالإخوان اليوم بلا لحية، ويلبسون أفخم
الثياب، أما عن الخلط بين الجماعات الإسلامية والإخوان، فهذه مشكلة
المتلقي، فأنا لست مع أحد ضد أحد، وكل ما يهمني المواطن المصري، فقلمي ليس
تابعًا لأي جهة، فلست عميلاً مثل آخرين يعيشون على أرض مصر ويقبضون من
الخارج.
كما ان الإخوان لم يتبنوا قضية جوهرية للجماهير، وليس لهم أثر فعال في رفع
ظلم مثلاً أو نشر تطور، فكل ما قاموا به أسئلة واستجوابات من أجل كلام فارغ
وقضايا فارغة واستجواب من أجل برنامج تليفزيوني أو مطربة، إنهم يتميزون
بالأصوات العالية دون تأثير، لكن أعتقد أن حركة تدعي الإصلاح يجب أن تقوم
بما هو أهم من ذلك.
وحول اختيار الفنان إياد نصار للقيام بدور حسن البنّا يقول حامد:تم اختيار
إياد نصّار؛ لأنه ممثل موهوب ومثقف، والمثقف هذه أهم شيء، فالممثل ليس
ببغاء يردّد ما يُقال دون وعي بطبيعة الشخصية، وأعتقد أن إياد نصار سيكون
مفاجأة للجميع في مسلسل الجماعة.
وعن المعلومات التي استند عليها في كتابته يوضح بقوله : بالطبع ليست مصادر
شخصية، فالزعماء والقادة والمفكرون والشخصيات العامة ليسو ملكًا للورثة،
لكنهم ملك لشعوبهم، سواء فعلوا خيرًا أو شرًا، فالإرث الشخصي ممتلكات
وأموال وليس شخصية وتاريخًا، وقد استعنت بمراجع لا حصر لها وأبحاث قام بها
أساتذة متخصصون، لكني أركز على اختلاف الإخوان أنفسهم في الكتابة عن
أنفسهم.
فهناك وقائع عدة رويت بأكثر من رواية، كما أنني لم أحصل على وثائق وأبحاث
من خصوم الإخوان، بل اعتمدت على كتابات الإخوان؛ لأن شهادة خصوم الإخوان
مجروحة، وما ذكره الإخوان عن أنفسهم فيه الكفاية، وبذلك لا ألغي عقل
المشاهد أو أوجهه، فالدين الإسلامي نزل تحت شعار «لا إكراه في الدين»..
وأنا لا أريد أن أجبر أحدًا على موقف من خلال دراما أقدمها، فقد توخيت
الحذر وحاولت أن أكون محايدًا بقدر المستطاع، لكني لا أنكر أنني أخوض حربًا
درامية مع فكرة الدولة الدينية التي يتبناها الإخوان.
ونفى تهمة الإلحاد عنه بقوله : لقد نشأت في مجتمع سوي لم تلوثه الأفكار
المتطرفة ولا الأفكار الإلحادية، ولكن كان مجتمعًا تحكمه وسطية الإسلام
ورؤية حضارية، كما أنني تلقيت دروسًا من خلال القراءة لكبار الكتاب أمثال
توفيق الحكيم، طه حسين، العقاد، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وليس لدي أفكار
إلحادية وأرفض اتهامي بهذه التهم وأؤكد على أن الدين قابل للنقاش في كل
عصر، فهو مادة حية وصالحة لكل زمان.
وعن قضايا الأقباط في مصر وكيف السبيل إلى حلها يقول : مع احترامي الكامل
للكنيسة واحترامي البالغ للقضاء، إلا أنني أرى أن يبتعد القضاء عن التعرّض
للقضايا الدينية؛ لأن ذلك أمر خطير على الوحدة الوطنية في مصر، فتدخل
القضاء في الدين الإسلامي أو المسيحي تهديد خطير لمصر وأمنها، وأخيرًا
تابعنا الحكم الصادر من القضاء المصري بشأن الزواج الثاني للأقباط وأعتقد
أن الأمر لن يقف عند هذا الحد ما لم يتدخل الرئيس في الأمر.
كما أنني ألفت النظر إلى من ينادون بطلب «كوتة» أو نسبة ثابتة للأقباط في
مجلس الشعب المصري، وأرى أن هذا الأمر مُهين للأقباط، فالأفضل والمنطقي أن
يخوضوا الانتخابات بشكل نزيه وحر، فلا فرق بينهم وبين أي مواطن مصري في أي
شيء.
ويصف حامد أداء المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في مصر بقوله:أراها أعظم
ديكور ديمقراطي في مصر، فكل أحزاب المعارضة «تخبّط» في الحكومة بشكل
الأدوار المكتوبة مسبقًا والمتفق عليها، فلدينا في مصر 24 حزبًا لا أتذكر
منهم سوى الوفد والتجمع والناصري والأحرار.
ولا أعلم الباقي حتى ولو بالاسم، وقد فرحت بانتخابات حزب الوفد الأخيرة،
فقد كانت مثالا للديمقراطية الحقيقية، فهو حزب عريق وله جذور، وللعلم أنا
غير متحزب، أي أنني لا أنتمي إلى أي حزب.
ونفى ان يكون قد كتب عملا بشكل مفصل لعادل إمام، ويوضح قائلا: فكل الأفلام
التي كتبتها ومثَّلها عادل إمام عرضتها عليه وقد قبلها، لكنها غير مكتوبة
له من الأصل ولا لأحد بعينه، ولو أصبح لديَّ نص يصلح لعادل سأذهب وأعرضه
عليه.
وحول علاقته بأسامة انور عكاشة يقول :انه من جيلي، وقد كان وجود هذا الرجل
دافعًا للدراما التليفزيونية، فقد جعل الكلمة شرفًا وعِرضًا، ولم يتاجر
بقضايا هذا الوطن، ونحن حين نودع أسامة فنحن نودع قيمة ثقافية كبرى، لكن
هذه هي الحياة، ولا بد أن نقبلها بحلوها ومرّها، وعزاؤنا الوحيد أن هناك من
تعلموا من أسامة أنور عكاشة معنى أن تكون مسؤولا عما تكتب.
البيان الإماراتية في
30/06/2010
بعد 60 عاماً من الرحيل
أحمد شاكر يعيد «مصطفى مشرَّفة» إلى محبيه
القاهرة ـ دار الإعلام العربية
لم يكن في مسلسل «أسمهان» إلا مُحضِّرًا لروح شقيقها الراحل فريد الأطرش،
ونجح في تحضيرها بشكل لافت للنظر ساعده على ذلك التقارب الكبير بين ملامحه
وملامح فريد، لكنه قرّر الخروج من أضواء ونجاح الدور إلى آفاق أرحب،
متمردًا على التصاقه بشخصية واحدة، وقد تلقَّى بحذر شديد ترشيح المخرجة
إنعام محمد علي له ليجسّد دور البطولة في مسلسل «رجل من هذا الزمان» الذي
يحكي سيرة العالم المصري الراحل د. علي مصطفى مشرَّفة.
إنه الفنان أحمد شاكر عبد اللطيف، الذي يرتدي عباءة جديدة عليه هي عباءة
العلماء، فأعلن احتشاده لشخصية مشرَّفة من خلال التركيز على جمع كل
المعلومات الممكنة حول شخصية العالم المجهولة للكثيرين، الأمر الذي دعاه
إلى الانكفاء المتواصل على الكتب ومراسلة كثير من الجهات التي عمل فيها
الراحل لالتقاط أي تفصيلة مهما كانت صغيرة حول حياته وأعماله، وفي الوقت
نفسه يستعد للمشاركة في فيلم كوميدي اجتماعي يقوم فيه بدور البطولة لأول
مرة.لم يخشَ الفنان أحمد شاكر، بعد رصيد جيد من أعمال السيرة التليفزيونية،
أن يقال عنه إنه ممثل السير الذاتية فقط، بل أكد أنه لا يوافق على أي عمل
إلا إذا كان مقتنعًا به؛ لذا فإنه يقبل تجسيد أدوار في مسلسلات السير؛
لأنها أدوار صعبة وتحتاج إلى ممثل من فصيلة خاصة، وألمح شاكر إلى شخصية
الدكتور مشرَّفة، وصعوبتها التي تتمثل في ندرة المعلومات المتوفرة عنها.
وأكد أننا فقط نعرف أنه عالم شهير في مجال أبحاث الرياضيات والذرة
والفلسفة، لكن كثيرًا من حياته العلمية والخاصة دخل في علم الغيب، ونحن
نحاول أن نتوصل إلى أي مصدر سواء من أسرته أو من جهات عمل بها داخل أو خارج
مصر لنخرج العمل أشبه بالتام.وأشار إلى أنه ينكب منذ فترة على مذاكرة الكتب
المرتبطة بالعلوم التي تخصَّص فيها مشرَّفة.. موضحًا أن المسلسل يركّز على
الدور العلمي والإنجازات بعيدًا عن التفاصيل الشخصية حتى تلك المتعلقة
بقضية موته التي شغلت الناس كثيرًا، خاصة أنه مات في عمر مبكر، لكن شاكر
عاد وأكد أن غياب المعلومات جعلنا نركّز على طرح الموضوع بشكل آخر.خاصة أن
علوم الذرة بعد الحرب العالمية الثانية تطورت بشكل كبير، وهي قضية مهمة في
عصرنا الحالي؛ لذا لم يكن اختيار الدكتور مشرفة عبثيًا في هذا التوقيت الذي
تُثار فيه أقاويل عن قوى نووية وحروب علمية نحن أبعد ما نكون عن امتلاك
أسلحتها، وهذا ما نهتم به أكثر من أسباب موته التي لن تفيد الأجيال الحالية
في شيء.
وقد أشاد شاكر بالكتابة المتميزة للسيناريست محمد السيد عيد؛ حيث يقدم أول
دراما علمية عربية على الإطلاق من خلال «رجل من هذا الزمان».. مشيرًا إلى
أن كاتب المسلسل فضل أن يتناول حياة مشرَّفة منذ حصوله على الدكتوراه وحتى
وفاته.
وهذه الفترة تمثل 30 عامًا تفتحت فيها عبقرية الرجل، وأدى دورًا علميًا على
المستويين المحلي والعالمي، ولمن لا يعرف، يقول شاكر: «إن أينشتاين، صاحب
النظرية النسبية الشهير، وصف مشرَّفة بأنه واحد من أعظم علماء الفيزياء».
وأضاف أنه اقترب من التخصّص في الأدوار التاريخية، ويشعر بسعادة حين يتصدى
لأي شخصية من الماضي؛ لأن مثل هذه الشخصيات تتطلب - حسب قوله - أمانة علمية
وفنية من الممثل، بالإضافة إلى مسؤولية كبيرة أمام الأجيال عن طرح الشخصيات
بحيادية، فالجمهور العربي حاليًا متعطش للتعرّف إلى رموزه من خلال الفن.
الأمر الذي يحوّل الدراما إلى سلاح مدمر في يد من يجهل ما سيترتب على عمله
من أفكار.. وأوضح أن أسرة مسلسل «رجل من هذا الزمان» لا تمدح مشرَّفة بقدر
ما تستثمر قيمته كوسيلة لطرح قضايا كبرى مثل الاهتمام بالعلم والعلماء.
وكان السؤال الذي راود كثيرين متعلقًا بأجره بعد وصوله إلى مرتبة النجوم،
فعلَّق قائلا: ليس هدفي جمع الأموال من الفن، لكن بالتأكيد أفكر في أن
يُقدر دوري بالشكل اللائق، وأيضًا بما يتناسب مع نجاحاتي السابقة، فلا يمكن
أن أتعامل بمثاليات بعيدًا عن أرض الواقع، فالأجر أحد المعايير المهمة في
تقييم أي فنان، لكنه بالنسبة لي آخر بند في الكلام حول العمل، وفي الغالب
لا أختلف مع الجهات الإنتاجية حول أجري.
وألمح شاكر إلى المسؤولية الكبيرة التي تُلقى على عاتق بطل العمل، الذي لا
يسلم من سكين النقد إذا لم يحملها جيدًا؛ لذا فإن البطولة - حسب رأيه -
عبءٌ ثقيل، وبقدر ما تُقدَّر ماديًا فهي ظالمة للفنان، يضيف شاكر: إننا
كعاملين في مجال التمثيل لا نمتلك إلا الامتثال لما يُوجه لنا من نقد،
فنستمع إلى المدح ونعتبره شهادة نجاح نحتاج إلى تجديدها كل فترة، ونتحمل
أيضًا رصد سلبياتنا حتى لو بشكل قاسٍ؛ لكي نتعلم من أخطائنا ونراجع أنفسنا.
وصرّح شاكر بأن كل من يقول إنه لا يلتفت إلى النقد مخطئ في حق نفسه وفنه،
مُحمّلا نفسه مسؤولية الاستماع إلى كل من له رأي في العمل حتى لو كان
ناقدًا غير متخصص.
وحول ما إذا كانت أعمال السير التليفزيونية ستحتكره وتبعده بشكل إجباري عن
السينما التي طالما حلم بها، أكد شاكر أن أهم نجوم السينما في عصرنا خرجوا
من رحم التليفزيون، كما أن الشاشة الصغيرة صارت لها جماهيرية أكبر من
السينما بعد عصر الفضائيات؛ لذا فإن معايير النجومية اختلفت في هذا الزمن،
غير أنه عاد وأشار إلى أنه يفضّل السير بخطى السلحفاة الهادئة، فهو لا
يتعجل أدوار البطولة سواء في السينما أو التليفزيون؛ لأن النجاح لا يأتي
بسرعة.
وبسؤاله عن أسباب ابتعاده عن مشروعات سينمائية أو مسرحية، رد قائلاً: لست
بعيدًا عن المسرح؛ حيث قدمت أول عمل مسرحي قبل 13 عامًا، وهو مسرحية
«الجنزير» للكاتب محمد سلماوي، وإخراج جلال الشرقاوي، وحصلت على جائزة
عنها.
وشاركت في البطولة مع الفنانين عبدالمنعم مدبولي وماجدة الخطيب ووائل نور،
ولكن للأسف أشعر أن المسرح يعاني من مشكلة عدم وجود نصوص جيدة، كما يعاني
أزمات إنتاجية كثيرة، أما السينما فأنا أستعد بمفاجأة كبرى؛ حيث أشارك في
كتابة فيلم كوميدي اجتماعي هذه الأيام مع السيناريست هاني أبوالنجا، سأكون
به بطلا سينمائيا لأول مرة.
واتفق شاكر مع الآراء التي تؤكد أن السينما المصرية تعيش أزمة متعددة
الجوانب.. مشيرًا إلى حالة التدهور الأخلاقي للسينما، بعد أن كانت ملاذًا
للأسر كبوابة ترفيهية وتثقيفية، إلا أنه أعلن أسفه من الألفاظ المبتذلة غير
اللائقة التي انتقلت إلى شاشة السينما على يد السينمائيين الجدد الذين
يعتقدون أن هذا هو التجديد وهذه هي الواقعية.
ودعا المنتجين المصريين إلى أن يراعوا فيما يقدمونه للأجيال السلوكيات
المهذبة، وهذا في رأيه لا يمنع تقديم قضية رأي عام، لكن المهم اختيار
الوسيلة الفنية التي تحقق ذلك، أما أفلام بلا موضوع أو هدف فهي أشبه
بالهواء الفاسد الذي نستنشقه رغمًا عنا لكي يؤذينا.
البيان الإماراتية في
30/06/2010 |