فيلم «الثلاثة يشتغلونها» لياسمين عبدالعزيز الذى أنتجه المنتج محمد ياسين
كان واحداً من الأفلام التى أضيرت بسبب الخلاف بين كتلتى التوزيع السينمائى
(الاتحاد الثلاثى والشركة العربية)، فهو كمنتج من حقه أن يوزع فيلمه بين
دور عرض «الثلاثى» و«العربية» ليحقق أعلى إيرادات ممكنة، لكن الخلاف بينهما
حال دون ذلك، فقد رفضت «الثلاثى» أن توزع فيلم «الثلاثة يشتغلونها»، بعد أن
علمت أن الفيلم سيوزع بدور عرض «العربية»، الأمر الذى أصاب محمد ياسين
بإحباط.
يتحدث محمد ياسين عن تأثير الصراع بين «الثلاثى» و«العربية» على عمله كمنتج
وعلى السينما بشكل عام.
■ لماذا رفضت «الثلاثى» توزيع فيلم «الثلاثة
يشتغلونها»؟
- أولا أنا لست مع أو ضد «الثلاثى» أو «العربية»، أنا منتج مستقل، ويهمنى
أن أوزع فيلمى عندهما، لكن «الثلاثى» رفضت توزيع الفيلم بمجرد علمها أننى
سأوزعه فى دور عرض «العربية»، ولا أدرى لماذا اتخذت هذا القرار، والتفسير
الوحيد أنه نوع من العناد بين الكتلتين، ونحن كمنتجين ندفع الثمن.
■ لكن كلا الكتلتين لديها عدد كبير من دور العرض،
فما المشكلة بالنسبة لك؟
- المشكلة أن صناعة السينما تحتاج لمن ينهض بها ويشجعها، حتى يتوقف هذا
التراجع فى الكم والكيف الذى تشهده منذ سنوات، ولو افترضنا عدم وجود خلاف
بين «العربية» و«الثلاثى» كنت سوف أطبع ١٠٠ نسخة من فيلمى وأختار دور العرض
الجيدة لديهما، وبالتالى أحقق إيرادات أعلى، لكن فى ظل وجود خلاف بينهما
فلن أستطيع طباعة أكثر من ٦٠ نسخة فقط، وسأكون محكوماً بدور عرض محددة قد
لا يكون بعضها جيداً.
■ النجاح التجارى يرتبط بمستوى الفيلم نفسه بصرف
النظر عن دار العرض؟
- النجاح التجارى له عدة عوامل أهمها مستوى الفيلم نفسه لكن لا يمكن إغفال
باقى العوامل، وهناك دور عرض نسميها بلغة السوق (عليها القدم) أى دائما
يرتادها مشاهدو السينما، وبالتالى فهى مكسب لأى فيلم، بينما هناك على
النقيض دور عرض فى أماكن لا تشهد إقبالاً كبيراً، وبالتالى لا تحقق إيرادات
عالية، والتصالح بين «العربية» و«الثلاثى» سيجعل كل دور العرض متاحة أمامنا
كمنتجين وهذا أفضل لنا بلا شك .
■ كلامك معناه أن الخلاف بين «العربية» و«الثلاثى»
هو كل أزمات السينما فى مصر؟
- لا طبعا، لكنها أهم الأزمات، كما أنها يمكن حلها بالتفاوض مع كلا
الطرفين، وسيكون هذا فى صالحهما وصالح المنتجين وصالح السينما بشكل عام،
ولا شك أن هناك أزمات أخرى تشهدها السوق السينمائية، ومنها ارتفاع أجور
النجوم بشكل مبالغ فيه، ففى الخارج لا يمثل أجر النجم أكثر من ٢٠% من
ميزانية الفيلم، بينما يرفع بعض النجوم المصريين أجورهم بشكل مبالغ فيه.
■ «العربية» بادرت باتاحة كل دور العرض التى تملكها
لكل المنتجين، فهل ترى هذا حلاً للأزمة؟
- هذا حل من طرف واحد لأن «العربية» حين تفعل ذلك يجب أن تتعامل «الثلاثى»
بنفس المنطق، لكن «الثلاثى» لن توزع أفلام «العربية» فى دور عرضها نتيجة
الخلاف والعناد، رغم أنها بذلك تفقد فرص توزيع جيدة لأفلام نجوم شباك مثل
عادل إمام وتامر حسنى ومحمد هنيدى وياسمين عبدالعزيز وأحمد مكى، ولو فتحت «الثلاثى»
دور عرضها لتلك الأفلام ستكسب جيدا وستحصل على ٥٠% من الإيرادات بدور العرض
التى تمتلكها، لكن عنادها أفقدها هذه الفرصة .
■ ألا ترى أن مبادرة الصلح بين «الثلاثى»
و«العربية» تأخرت كثيراً؟
- هى تأخرت بالفعل، وهذا سبب من أسباب تراجع حجم الإنتاج السينمائى المصرى
العام الماضى، لأن المنتجين لم يحصّلوا إيرادات تشجعهم على الاستمرار، لكن
لنبدأ صفحة جديدة من أجل حماية مصالحنا وحماية الصناعة من الانهيار.
■ هل التصالح فيه حل لأزمات السينما؟
- لن يكون حلا لكل الأزمات، لكنه سيكون بادرة أمل، فهناك أزمات لن نستطيع
حلها مثل الأزمة الاقتصادية العالمية التى أثرت على مبيعاتنا فى الوطن
العربى وخفضتها بنسبة ٣٠%، وهناك أزمة أجور النجوم وهى خاضعة للعرض والطلب،
ولن يكون حلها متاحاً فى إيدينا، ولكن التصالح ممكنا وفى إيدينا وسيفيد كل
الأطراف، لذا نتمنى أن يحدث.
■ السوق بها كيانات أخرى يمكنك كمنتج التحالف معها،
فهل تفعل هذا؟
- حتى هذه الكيانات لديها حساباتها وتربيطاتها مع إحدى الكتلتين، فهناك
أصحاب دور عرض موالون لـ«الثلاثى» وهناك أصحاب دور عرض موالون لـ«العربية»،
ويعتبر جهاز السينما هو الجهة الوحيدة المحايدة، ربما لأنه كيان حكومى، لذا
يعرض أفلامهما.
المصري اليوم في
10/05/2010
فيلم « كافيه ريش».. تشاهد وكأنك
تشارك
كتب
ماهر حسن
فى فيلم «كافيه ريش»، ترى وتسمع نخبة من المفكرين والأدباء والفنانين
والمخرجين المصريين، فى فترة لا يستهان بها من تاريخ مصر تمتد من أواخر
القرن الثامن عشر وحتى بدايات القرن العشرين.
الفيلم وثائقى أنتجه المركز القومى للسينما، وسيناريو وإخراج جمال قاسم،
ومدته ساعة وربع الساعة، وموسيقاه التصويرية لتامر كروان، والتصوير لممدوح
قطب، والمونتاج لعادل منير، فيما جمع المادة التاريخية فتحى حافظ
وعبدالرحمن الحديدى ورانيا عبدالرحمن.
ورغم أن صوت الراوى، الذى لانراه فى الفيلم، يبدو البطل، فإن البطل الحقيقى
للفيلم هو الكاتب الراحل «إبراهيم منصور»، عمدة المقهى الذى أجرى الحوارات
القصيرة فى الفيلم، ومع كل حوار يتكشف جانب من الذكريات ذات الصلة بالمقهى
وبالتبعية بتاريخ مصر المعاصر.
يبدأ الفيلم بمجموعة من الصور التاريخية للقاهرة الخديوية مع صوت الراوى،
تدل على فترة نهوض حضارى فى مصر، منها صور للأوبرا الخديوية وجامعة الملك
فؤاد (القاهرة) وكوبرى قصر النيل، وميدان سليمان باشا (طلعت حرب) حينما كان
يتوسطه تمثال سليمان باشا الفرنساوى حيث يقع مقهى «كافيه ريش». ويظهر
«يونان لبيب رزق» مؤصلا لتاريخ المقاهى فى مصر منذ العصر العثمانى وفى عهد
الخديو إسماعيل.
بدأت شهرة «ريش» مع اندلاع ثورة ١٩١٩، وكان مسرحا للكثير من الوقائع، وكان
دوره أشمل وأكثر تنوعا، ويؤكد ذلك لقطات متتابعة عن صحافة تلك الفترة خاصة
الإعلانات الطريفة عن حفلات عبداللطيف البنا والآنسة أم كلثوم والعروض
المسرحية التى تقدمها روز اليوسف،
ثم نشعر بنبض الحياة اليومى مع ظهور عميد جرسونات ريش عم «فلفل» وهو يفتح
أبواب المقهى فى الصباح، وكأنه يفتح صندوق ذكريات يضم جزءا مهما من تاريخ
وطن، ثم نقرأ وثيقة تأسيس المقهى والخطاب الموجه من «ميشيل بوليتيس» عام
١٩١٢ إلى حكمدار القاهرة «هارفى باشا» للسماح له باستضافة فرق للموسيقى
الخفيفة، وقد رفض طلبه منعا لإزعاج الجيران.
فى إعلانات هذه الفترة نقرأ: «تياتر وكافيه ريش .. تطرب الجمهور يوم الخميس
٣١ مايو بلبلة مصر صاحبة الصوت الرخيم الآنسة أم كلثوم.. هلموا واحجزوا
محلاتكم من الآن كرسى خصوصى ١٥ (غرشا)»، و«يطرب الجمهور الشيخ أبوالعلا يوم
الجمعة .. وزكى أفندى مراد وعبد اللطيف البنا»، ثم نسمع صوت صالح عبدالحى
من مذياع خشبى قديم، ونشاهد صورا متتابعة لزعماء وقيادات الوفد.
كما نطالع فى الصحف والمجلات موضوع الساعة آنذاك، ومنها «الأهرام»
و«اللطائف المصورة» عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء القبطى يوسف وهبة باشا،
ونشاهد صورة له وأخرى للطالب القبطى عريان يوسف سعد الذى تطوع لاغتياله حتى
لايستثمر الاحتلال محاولة اغتياله على يد مسلم فيثير الفتنة بين صفوف الشعب
فى ثورة ١٩١٩.
ينتقل جمال قاسم لفصل معاصر من حياة المقهى الذى كان مسرحاً ساخناً للأحداث
وملتقى للمبدعين والمثقفين الفاعلين، ويتحدث إبراهيم منصور وداوود عبدالسيد
وجمال الغيطانى ورئيس جمعية المراسلين الأجانب فى مصر وسعد زغلول فؤاد
والمخرج كمال عطية وإدوار الخراط وسمير فريد ورضوان الكاشف، وكامل زهيرى
وعم «سفينة» طباخ المقهى ومحمد عودة وإبراهيم فتحى وعبلة الروينى وبهاء
طاهر وجميل عطية، ونسمع صوت أحمد فؤاد نجم فى «يعيش المثقف على مقهى ريش».
يؤخذ على هذا الفيلم الوثائقى الجامع، أنه يؤرخ لمولد المقهى متى أسس ومتى
شيدت البناية التى يقع أسفلها، وكيف آلت للورثة الحاليين ولماذا رفضوا كل
الإغراءات لبيعها، ولم يتحدث عن القبو الغنى بالحكايات الذى يقع أسفل
المقهى وكان شاهدا على وقائع وطنية بالغة الأهمية، لكن يحسب لجمال قاسم
توثيقه المهم للمقهى ليس كمقهى فحسب بل كمشترك عام فى سياق إبداعى وفكرى
وثقافى واجتماعى ووطنى عام فى مصر عبر قرن من الزمان.
المصري اليوم في
10/05/2010 |