عضويته فى الحزب الوطنى لم تؤثر يوما فى اختياره لأعماله، إذ يرى أنه لا
علاقة بين الفن والسياسة، وإن كان واجبا على الفنان أن يكون له دور فى
قضايا وطنه، فإن الدور يجب أن يكون حقيقيا، وليس مجرد شعارات.
الفنان حسين فهمى اختار بإرادته أن يبتعد عن السينما والمسرح لأنهما دخلا
فى نفق مظلم حسب وصفه، وأن يتفرغ للدراما، التى أصبحت ملاذا لكل نجوم
السينما. حسين يطرح رؤيته لكل ما يحدث حوله فى حواره التالى:
■ من هو «بابا نور» الذى تجسد شخصيته فى المسلسل؟
- «بابا نور» إنسان رومانسى ثورى، وعادة الرومانسيون يكونون ثوريين، وعاش
حياته يبحث عن تغيير المواطن المصرى، لذلك أسس حزبا وسماه «الشارع المصرى»،
كل هدفه أن يساعد المصريين على تغيير أوضاعهم، ويرأس الحزب مناضل قديم،
وبموته كان من المفترض أن يرأس بابا نور الحزب لأنه نائب رئيس الحزب،
لكن الاختيار يتجاوزه فيصاب بصدمة ويشعر بأن الناس لا تهتم بتاريخه ونضاله
ويقرر النزول إليهم فى الشارع، وعندما تعايش معهم عرف مطالبهم واحتياجاتهم
واكتشف أن الجلوس فى الغرف المغلقة والتحدث عن مطالب المواطن المصرى من خلف
الأبواب المغلقة كلها نظريات وهمية وأن الحقيقة ليست هكذا.
■ إذن، ما المبرر الدرامى لهواية «بابا نور» فى
العزف على الطبلة؟
- لأنه عاش حياته متفرغا للحزب وعندما نزل إلى الشارع وانسلخ عن الحزب وجد
بعض الشخصيات تهوى «الدق» على الطبلة، ووجد نفسه يتعلمها دون أن يدرى،
واكتشف أن هذا جزء من حياة المواطن المصرى.
■ لكن البعض قد يراها إهانة لرجال السياسة؟
- رجل السياسة فى الأساس إنسان ويهوى ما يهواه، وكلينتون كان يلعب
«ساكسفون» ولا يوجد أى مشكلة فى ذلك، وأجسد شخصية رجل سياسى متحضر فى ٢٠١٠.
■ مساعدة وزارة الداخلية لأسرة مسلسل «بابا نور»
يعنى أن المسلسل سيحسن من صورة رجل الشرطة؟
- ليس للشرطة يد فى سيناريو العمل ولا نجامل الشرطة فى شىء، فقد طلبنا بعض
المساعدات ووفرت لنا كل ما نحتاجه، ولم تتدخل فى شىء، ومسألة صورة رجل
الأمن فى الأعمال الفنية كنت واحدا من المهتمين بتحسينها منذ سنوات طويلة،
لأن الصورة أهينت بشكل كبير، وإذا كانت هناك تجاوزات من بعض الأشخاص فليس
من المنطقى سحبها على الشرطة كلها، لأن كثيراً من الضباط يبذلون جهدا فى
الحفاظ على أمن البلد واستقراره، ويجب على الداخلية أن تساعد الأعمال
الفنية فى تغيير الصورة، فعندما تشاهد رجل الشرطة فى أمريكا تجده فى أحسن
شكل ومظهر، وهذا لا يمنع وجود تجاوزات لبعضهم.
■ وهل التقصير تتحمله وزارة الداخلية وحدها؟
- هناك تقصير من جميع الأجهزة المعنية من وزارات الداخلية والثقافة
والإعلام والسياحة مما تسبب فى هروب المنتج الأجنبى، وهناك مليارات
الدولارات تذهب من مصر بسبب التعنت فى القرارات، فلدينا البنية التحتية من
مطارات ومناطق طبيعية للتصوير الأجنبى فى مصر، لكن للأسف هناك قرارات
تعسفية تحكم هذه الأمور.
■ لماذا لا يشارك الفنان المصرى فى الحياة السياسية
بشكل واقعى ويكتفى بما يقدمه من أعمال؟
- لا يوجد أشخاص تحترم آراء المثقفين، وبالتالى الرأى يقابل بالعنف إذا لم
يتفق مع السياسة العامة، وهناك كثيرون دخلوا المعتقلات بسبب التعبيرعن
آرائهم، والفنان يبتعد لأننا لسنا فى دولة متقدمة، وإذا قلت رأياً ممكن
يقابل بالرفض من مجموعة تبدأ فى محاربتك بسبب هذا الرأى، وسبق أن عبرت عن
رأيى فى مجموعة أشياء ولم يحترم هذا الرأى، واتهمت بالكفر من بعض الأشخاص،
رغم أنى لم أتحدث فى الدين بل تحدثت عن التكنولوجيا.
■ لذلك لا نرى فنانين فى البرلمان؟
- الفنان الحقيقى لا يحلم بهذه المناصب، لأنه لا يملك وقتا لها، فقد كان
جدى الأكبر رئيس مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية فى وقت كانت الناس
فيه محترمة وأغلبهم بهوات، أما الآن فالوضع مختلف لأننا نرى تحت قبة
البرلمان «ناس همج بتضرب بعضها بالجزم»، ونوابا ترفع عنهم الحصانة لأن
بينهم من سرق ومن نصب ومن نهب، وللأسف الشديد هناك كثيرون أساءوا لسمعة
مجلس الشعب، فهل تريدون الفنان مثل هؤلاء؟
■ ألا ترى فى كلامك تعارضا مع عضويتك فى الحزب
الوطنى؟
- لست مجرد عضو فى الحزب، بل من مؤسسى الحزب الوطنى، وكنت ضمن اللجنة
التنفيذية العليا للحزب باختيار الرئيس الراحل أنور السادات لكن نشاطى
متوقف.
■ لماذا؟
- لأنى لا أستسيغ ما حدث باندماج الحزب القديم مع الجديد، فالحزب الوطنى
عندما أسسه الرئيس السادات كان حزب النخبة، وكنت متفائلا جدا به، وبعدها
تزعم أعضاء الحزب القدامى مظاهرة طالبوا فيها بضم الحزبين الجديد والقديم،
وتزعمت المظاهرة وقتها السيدة فايدة كامل وقالت له إننا نريد أن نكون تحت
عباءتك،
وبالفعل انضموا إلينا، وفى إحدى الجلسات كانت هناك مطالبات بأن تكون
الصحافة سلطة رابعة، فاندفع أحد الأعضاء القدامى رافضا وقال: مش ناقص غير
أصحاب «الهشك بشك» يكونوا هما كمان أعضاء وسلطة، فطلبت الكلمة ورددت
الإهانة وانسحبت بعدها إلى الآن.
■ هل أنت راض عن أداء الحزب الوطنى حاليا؟
- إلى درجة ما، لأن المشاكل كثيرة وهناك مجهود كبير يبذله أعضاء الحزب بنية
خالصة فى العمل، ويجب أن يأخذ الحزب فرصته، والنقطة الرئيسية هنا هى: أين
الأحزاب الأخرى، وأين تعمل، وأين برامجها؟، يجب أن يشعر رجل الشارع بوجود
الأحزاب، والناس تتحدث عن سيطرة الحزب الوطنى فأين الأحزاب الأخرى لتسيطر؟
■ من الممكن أن يكون العيب فى الحزب الوطنى الذى لا
يسمح للأحزاب الأخرى بممارسة نشاطها؟
- وهل هو سبب ضعفها أم هى التى أضعفت أنفسها؟ الصراعات الموجودة داخل
الأحزاب هى السبب الحقيقى فى عرقلة مسيرتها وليس الحزب الوطنى، حتى الشباب
بعيد عن هذه الأحزاب لأن فكرها بعيد عن فكر الشباب، وأتذكر أن أيمن نور فى
بداية ظهوره كشاب جمع الشباب حوله، وأن عمرو خالد فى بداية ظهوره جمع أيضا
الشباب حوله، لكن رؤساء بقية الأحزاب ليسوا شبابا ولا يدركون كيف يفكر
الشباب ولا بماذا يحلم، ووجود هؤلاء على رأس الأحزاب يدفع الشباب إلى رفض
الانضمام إليها.
■ بما أنك عضو فى الحزب الوطنى، هل ستختار جمال
مبارك رئيسا إذا رشحه الحزب، أم ستنضم إلى تيار البرادعى الداعى للتغيير؟
- سوف أختار صاحب البرنامج الانتخابى الذى يفيد المصريين، فنحن لا نختار
بطل فيلم، وقبل أن أفكر فى البرادعى كمثال سأسأل: ما البرنامج الذى يقدمه
حتى أنجذب إليه، وحتى الآن نحن نتحدث عن أشخاص وليس برامج، البرادعى كشخص
رجل متميز جدا، لكن المهم فى الترشيح للرئاسة أن يكون برنامجه الانتخابى
على نفس قدر تميزه الشخصى، وإذا قدم برنامجا متميزا سوف يكسب، لأن هذا ما
يحدث فى العالم كله.
■ هل ترى أننا نتمتع بالديمقراطية التى تسمح بأن
صاحب البرنامج الانتخابى القوى ينجح فى الانتخابات؟
- نعم، ومتأكد أن من يحمل بطاقة انتخابية لديه وعى بالانتخاب الصحيح، وهذا
هو الوضع الأمثل، وهذا لا يتعارض مع وجود رشاوى فى الانتخابات، لأن المرشح
إذا قدم برنامجا انتخابيا قويا سيسعى وراءه الناس، والأسماء لا تقتصر على
البرادعى فحسب، بل تم طرح أسماء مثل عمرو موسى ومنصور حسن، وكلاهما يصلح
للرئاسة ونعرفهما، لكن أين برامجهما الانتخابية؟
■ هل ترى أن مصير البرادعى سيختلف عن مصير أيمن
نور؟
- البرادعى لم يعلن ترشيحه رسميا حتى الآن، وأعتقد أنه لن يعلنها، وما حدث
مجرد حركة أو طوبة فى مياه راكدة، وهذا جميل لكن هل سوف يحدث شىء؟
■ البعض يوغل فى نظرية المؤامرة ويدعى أن الحزب
الوطنى يستخدم البرادعى للتأكيد على الديمقراطية؟
- مش كل حاجة تحصل يرموها على الحزب، وإذا صح ما يقال فهذا يعنى أن الناس
بلهاء وتستاهل ما يحدث لها، وبصراحة رجال الحزب الوطنى يعملون بجدية وجمال
مبارك يذهب لكل القرى والنجوع ويتحرك جيدا لمعرفة مشاكل الناس.
■ هل تعتقد أن ائتلاف الأحزاب المعارضة سيضيف إلى
الحياة السياسية فى مصر؟
- الائتلاف طول عمره موجود بين الأحزاب لكن غير معلن، وإذا حدث تآلف قوى
بين عدد من الأحزاب ممكن يؤثر على الحزب الوطنى ويمثل جبهة قوية لا يستهان
بها زى الإخوان اللى بيتعاملوا مع الناس أكتر من أى حزب آخر.
■ وما موقفك من الإخوان المسلمين؟
- لست ضدهم لكن هم ضد الفن والفنانين ويعتبرون الفن حراما، لذلك لا يمكن أن
أؤيدهم، كما أنهم ضد المرأة وأنا كفنان منفتح على العالم ولا يمكن أن أنغلق
مع فكرهم.
■ هل للفنان المصرى أو العربى دور فى دعم القضايا
القومية والعربية؟
- نحن كفنانين نفكر بمنطق مختلف، وهو أننا لن نفعل أى شىء إلا عندما نشعر
بأنه سوف يأتى بثمار، فلا يمكن أن أشارك فى مظاهرة، ومن هو الشخص الذى أرغب
أن صوتى يصل له، إذا كان مجلس الأمن لا يقدم ولا يفعل شيئا، وهل الدول
العربية سوف تحارب إسرائيل، لا يوجد حرب هل أنزل وأحرق علم إسرائيل فى
الشارع، وإيه يعنى، وعندما تطاولت الدنمارك بصور مسيئة للرسول الكل قاطع
المنتجات الدنماركية، الموقف أتى بثماره، وكان هناك رد فعل تأثرت به
الدنمارك.
■ لماذا لم تعد مهتما بالسينما والمسرح؟
- اكتفيت بهذا القدر فى السينما وكذلك المسرح وأتفرغ للدراما لأنها تعطينى
فرصة أكبر فى الاختيار، وكل نجوم السينما الآن دخلوا الدراما لأن السينما
دخلت نفقا مظلما.
المصري اليوم في
10/05/2010 |