"نتحمل
مسؤولية حمايتهم" هو الشعار الذي تردده "جماعة السينمائيين بفرنسا
للدفاع عن المهاجرين" وتضم هذه الجماعة حاليا أزيد من 350 سينمائي (منتجون
ومخرجون
وممثلون وممثلات وتقنيون ...). العدد في ارتفاع مستمر وسيمتد إلى باقي
الأقطار
الأوروبية خاصة بلجيكا وإسبانيا وإيطاليا واليونان حيث يتم
الآن ترويج عريضة لتصبح
أوروبية وليس فرنسية فقط.
كل الأسماء المنتمية ل"الجماعة" لها وزنها السينمائي
والفني في عوالم فنون السينما نذكر من بينهم، على سبيل المثال
لا الحصر، المخرج
غوستا غافراس وزوجته ميشيل والمنتج والمخرج جان جاك بنيس والمخرجين طوني
غاليف
وكلود ميلير وبيرتران تافيرنيي وإيريك زونكا والمخرجة المارتينيكية أوزهان
بلاسي
والمخرجة البلجيكية شانطال أكرمان والمخرج الهايتي راوول بيك
والممثلات إيزابيل
أدجاني وجوزيان بلاسكو وجولييت بينوش وماري فرانس بيزيي وبيل أوجيي وكارول
بوكي
وكاتبة السيناريو والممثلة والمخرجة أنييس جاوي والمخرجة المشهورة بأفلامها
الوثائقية الملتزمة من أصل مغربي سيمون بيطون. ولن ننسى المخرج
جاك أوديار صاحب
فيلم "نبي" الذي حصل على 9 جوائز سيزار للسينما الفرنسية في الحفل الذي
أُقيم ليلة
السبت 27 فبراير والذي استغل المناسبة حين صعد المنصة لتسلم جائزة سيزار
أفضل مخرج
ليُعلن جماهيريا على الهواء تضامنه مع المهاجرين باعتباره عضوا
في "جماعة
السينمائيين بفرنسا للدفاع عن المهاجرين".
كما نجد بين الموقعين أسماء بعض
السينمائيين العرب المقيمين بفرنسا كالممثلة هُيام عباس والمخرجين مرزاق
علواش
ورشيد بوشارب ومحمد صالح هارون وعبد اللطيف كشيش وهاني سرور ويامنة بنغيغي
ونادية
الفاني وخالد غُربال وكريم دريدي، كما نجد الكاتب والمخرج
الأفغاني عتيق رحيمي
وآخرين... اعتمدت اللائحة على الحروف الأبجدية اللاتينية في ترتيب الأسماء
وليس على
النجومية أو من هو أكثر نضالية.
وقد عرضت هذه "الجماعة" السينمائية المناضلة
مساء يوم الإثنين 22 فبراير 2010 في السادسة مساء بالخزانة
السينمائية الفرنسية في
أول عرض خاص بالصحافة آخر فيلم أنتجته حول العمال المهاجرين بفرنسا كبداية
لحملة
جماهيرية حيث سيتم عرضه في 500 قاعة سينمائية على التراب الفرنسي ابتداء من
فاتح
مارس 2010 وهو اليوم الذي يصادف بقرار من جمعيات مدنية حقوقية
أن يكون "يوما بدون
مهاجر" تحت عنوان "24 ساعة بدوننا". وسيستمر عرضه طيلة هذه الشهور وبموازاة
مع
الانتخابات الجهوية التي ستعرفها فرنسا قريبا.
• "نشتغل
هنا! نعيش هنا! سنبقى
هنا!"
تبنى الفيلم الجديد ل"جماعة السينمائيين بفرنسا للدفاع عن المهاجرين" شعار
العمال المهاجرين في وضعية غير قانونية الذي يرددونه حاليا في الإضرابات
والوقفات
الاحتجاجية والتجمعات المختلفة لإسماع صوتهم وهو "نشتغل هنا!
نعيش هنا ! سنبقى هنا
! "
كعنوان لفيلمهم لكونه يلخص القرار الذي اتخذه العمال أنفسهم.
فيلم قصير لا
تتجاوز مدته 3 دقائق و38 ثانية يرصد بالصورة والصوت معاناة فئات من العمال
في وضع
ملتبس بين "الإقامة" و"المشروعية" تحت وطأة الاستغلال في بلد
يقول بالديمقراطية
والحقوق والعدالة والمساواة.
3
دقائق و38 ثانية كانت كافية لتُكسر الصمت الذي
يعرفه إضراب 600 عامل نشيط منذ 18 أكتوبر 2009 (دام إلى الآن أكثر من 4
شهور) حيث
لا تتحدث عنه الصحافة بكل تنوعاتها ولا يذكرهم السياسيون في خطبهم
وتصريحاتهم
الإعلامية. فمن بين العمال المضربين من يعيش بفرنسا ويعمل بها
منذ مطلع الألفية
الجديدة دون أن يُحسم وضعه القانوني إذ هو دائما يعيش خوف طرده ولا يتمتع
بالحياة
مادام دائما مختبئا كما صرح بذلك عددا منهم ضمنهم النساء.
وقد اعتبرت "جماعة
السينمائيين بفرنسا للدفاع عن المهاجرين" في بيان نشروه ووزعوه يوم العرض
الأول
للفيلم، في الأسبوع الماضي، بأن "قضية العمال بدون أوراق الإقامة الرسمية
لا تهم
المعنيين وحدهم أو السينمائيين فقط بل أيضا المجتمع بكل قواه
الديمقراطية الحية
والفاعلة" وهو ما أكد عليه المخرج جاك أوديار أمام المجتمع السينمائي يوم
السبت في
كلمته عند تسلمه جائزة سيزار.
• فيلم
بجرينك مختلف
اعتمدت "الجماعة" في فيلمها الجديد، السالف الذكر أعلاه، على نفس التقنيات
التي
انطلقت بها في الأفلام السابقة إذ سنت "عُرفا جماعيا" يُخفي كل العناصر
والملامح
التي قد تحيلنا إلى أسماء سينمائيين محددين في الإنجاز بحيث يقوم من هم في
مهمة
التصوير بإخفاء وجوههم ليس خوفا من المتابعة البوليسية أو
الباطرونا وإنما حتى يبقى
الفيلم يحمل هوية جماعية ولا تُروج أسماءهم على أنهم المخرجين الأكثر
إلتزاما. حتى
أصواتهم حين يسائلون العمال لا نسمعها في الفيلم لتُتوج هذه الروح الجماعية
في
الفعل السينمائي بالاقتصار في جنريك البداية للفيلم بذكر إسم
"الجماعة" كجهة مُنتجة
ثم عنوان الفيلم لندخل مباشرة في حيثياته حيث "سلطة الصورة" لشخصيات الفيلم
خاصة
إذا علمنا أن "عُرف الجماعة" رسم الخطوط العامة للإنتاج والتصوير والإضاءة
والمونطاج وتُلزم الجميع حتى لا تظهر "ملامح" المنتج أو المخرج
أو من أشرف على
تركيبه للاكتفاء في نهاية الفيلم بوضع جنريك استثنائي يتجلى في لوحة تجمع
أسماء "الجماعة"
حسب الترتيب الأبجدي اللاتيني.
لا يترك لك الفيلم مجالا واسعا لتخيُل
من أنجزه ومن كان وراءه من الأسماء المنتمية ل"الجماعة" والموقعة على
"البيان
الجماعي" بل يجعلك تلغي الذات الفردية لصالح العام وأن "الجماعة" يجمعها هم
إنساني
وسياسي ونضالي وديمقراطي. وبالتالي تركز على ما يُعرض عليك في الشاشة وما
يحمله
إليك الناس البسطاء عن همومهم.
• الفيلم
البيان
رغم الطابع الاحتجاجي للفيلم الوثائقي القصير "نشتغل هنا ! نعيش هنا !
سنبقى
هنا! " إلا أنه لا ينبغي مشاهدته على أنه مجرد بيان سياسي أو
نقابي مصور بل اعتمد
أصحابه إخراجه كوثيقة سينمائية ترتكز على العناصر الفنية التي تتطلبها
طبيعة هذه
الأفلام بالاعتماد على اللقطات الكبيرة لوجوه العمال سواء في صمتهم
بتقاسيمهم
المعبرة عن مقاومة الوضع المزري، أو الغاضبة في السر لنقل إليك
في صورة مكبرة لما
هو مخفي من الرسميين، ونفس الصورة التي تأخذ حيز الشاشة كلها حين تعبر
بالكلام عما
تعيشه من تناقضات بين القانون الرسمي العلني والقانون الخفي المُتداول
بمعرفة
المسؤولين.
كما يعتمد الفيلم أيضا على اللقطات المتوسطة حيث تجمع نفرا من العمال
المضربين المحتجين حول زميلهم الذي يعرض البيانات المفصلة
لأوراق الأداء التي تبين
اقتطاعات الضرائب والضمان الاجتماعي والصحة والبطالة وغيرها من الواجبات
المالية
التي يؤدونها دون أن يستفيدوا منها إطلاقا أو بإمكانية الاستفادة منها
مستقبلا في
ظل وضعهم الحالي الذي هو وضع غير قانوني في نظر السلطات.
ولكونهم، في نظر القانون
الرسمي، إقامتهم غير شرعية. إنها مفارقة عجيبة أن تقتطع من راتب بسيط أصلا
لا يتعدى 1200
أورو لعامل يشتغل في السر جميع الواجبات كأي عامل عادي وهو غير متساو معه
في
الحقوق، لا يتمتع بأيام العطل ولا بحق المرض حتى وإلا تعرض
للطرد كما جاء على لسان
جلهم.
عمال من إفريقيا وآسيا وحتى من أوروبا الشرقية، نشاهدهم أحيانا في واجهة
اللقطة بينما خلفيتها تبرز لنا الأماكن التي اشتغلوا فيها
كالبرلمان الفرنسي (نعم
اشتغل بعضهم في البرلمان الفرنسي كمنظف أوبستاني أو.. أو.. بدون حقوق
وبوضعية غير
قانونية من خلال مؤسسات وسيطة للتوظيف)، ويعرضون علينا أيضا في الفيلم
العمارات
الشاهقة التي شيدوها بسواعدهم والأبراج الضخمة فضلا عن المراكز
التجارية التي
يخافون ولوجها خوفا من اعتقالهم بينما هم من رفع أسوارها غلى السماء وغيرها
من
الأمكنة التي أشاروا إليها العمال بتهمة الاستغلال وصورهم الفيلم معتصمين
أمامها.
وكما سبق القول أعلاه، لا يتضمن الفيلم أسئلة موجهة أو قراءة تعليق ما
لشرح لنا حيثيات الحدث أو غيرهما من المداخلات لبسط وضعية
هؤلاء بل هو فيلم للعمال
"غير الشرعيين" المضربين وبالتالي الكلمة لهم فقط بدون استثناء ليدلوا
بمعاناتهم
والتعريف بمطالبهم. وحين يتحدث أحدهم فهو بنظر مباشرة في الكاميرا بما تعني
في لغة
السينما الحديث للجمهور (المشاهد/المستمع) مباشرة وله يوجه كلامه ونداءه
وكأنه لا
يوجد بينهما حاجز وكأن الكاميرا غير موجودة أصلا .
لم تستسهل إذن "جماعة
السينمائيين بفرنسا للدفاع عن المهاجرين" عملها أو تتعامل معه كفيلم
للدعاية
والإشهار وأنه مجرد فيلم قصير لا يستحق الاجتهاد الفني بقدر ما كان بالنسبة
لها
إنتاج سينمائي فني ببعد نضالي لذلك كانت النتيجة صادقة في
مصداقية "الجماعة".\
• "أتركوهم
يكبرون هنا !"
ليس الفيلم الوثائقي القصير "نشتغل هنا ! نعيش هنا ! سنبقى هنا !" هو
الفيلم
الوحيد الذي أنجزته "جماعة السينمائيين بفرنسا للدفاع عن المهاجرين" وإنما
تشمل
فيلموغرافيتها أفلاما وثائقية أخرى في نفس الاتجاه وبنفس النفس والرؤية
السينمائية
والسياسية. نسوق بهذه المناسبة الفيلم الوثائقي الذي كان له
بدوره مكانته في خلخلة
المسكوت عنه في السياسية الرسمية لفرنسا، فيلم "أتركوهم يكبرون هنا" (تم
إنجازه سنة 2007)
الذي تناولت فيه "الجماعة" واقع ومشاكل أطفال المهاجرين بدون أوراق الإقامة.
فيلم قوي بكل المقاييس لأن الكلمة كانت
للأطفال فتحدثوا ببراءة مباشرة وواضحة عن
خوفهم وأفلحوا في نقل ما أحسوا به من معاناة ذويهم وأنهم هم
أيضا مهددين بالطرد رغم
أن بعضهم وُلدوا بفرنسا ويحصلون على نتائج جيدة في مدارسهم، إلى آخره...
فيلم
آخر أنتجته "الجماعة" سنة 1997 بعنوان "نحن بدون أوراق الإقامة بفرنسا"
الذي يتساءل
عن الفرق الموجود بين العمال المهاجرين الذين لهم بطاقة الإقامة ومن ليست
في حوزتهم
رغم أنهم يشتغلون في جميع المرافق وربما تجمعهم بعضها معا. يتجلى الفرق
بكون العامل
بدون بطاقة الإقامة هو عامل بدون حقوق إطلاقا ولا يتمتع بأية حماية إذ أنه
بالإمكان
طرده في أي وقت ترغب السلطات ذلك ضمن حملة ما. وهو ما يفرض
عليهم الخضوع المطلق
للاستغلال في انتظار تطبيع وجودهم القانوني الذي قد يستغرق سنوات طويلة.
• فاتح
مارس 2010: يوم بدون
مهاجر
ستبدأ العروض الرسمية لفيلم "نشتغل هنا ! نعيش هنا ! سنبقى هنا !" كما
أشرنا إلى
ذلك في بداية النص ابتداء من اليوم فاتح مارس 2010 في أكثر من 500 قاعة
سينمائية
وفي بعض المؤسسات التربوية والجماهيرية المنتمية لبعض الهيئات الحقوقية
والنقابية
والسياسية اليسارية فضلا عن المهتمة بحقوق المهاجرين. وبذلك يدعم الفيلم
الحملة
التي تقودها الهيئات المذكورة بعنوان "يوم بدون مهاجر" حيث
شعارها يرفعه المهاجرون
ب"24 ساعة بدوننا".
تقرر في هذا اليوم أن يخوض المهاجرون مقاطعة - وليس إضرابا-
مرافق الحياة العامة ذات بعد اقتصادي كعدم الركوب في وسائل النقل العمومية
أو
الذهاب إلى المراكز التجارية "سوبيرمارشي" وإلى المطاعم والمقاهي والسينما
ووقف
التعامل مع الأبناك طيلة اليوم وجميع المرافق الأخرى الاقتصادية. كما يمكن
للمهاجرين الذين يشتغلون لحسابهم الخاص كالذين يملكون محلات
للبيع والخدمات أن
يغلقونها ويضعون على أبوابها الملصقات التي تعلن الحملة ""24 ساعة
بدوننا".
وطالب البلاغ بعدم الذهاب إلى العمل بالالتجاء إلى العطل بما فيها
العطل المرضية وإذا اقتضى الحال بإجبارية الحضور فينبغي حينها
حمل شارة صفراء تعلن
الاحتجاج.
يريد المهاجرون التأكيد بهذه الحملة على مكانتهم الاقتصادية في
الإنتاج والترويج الاقتصادي من جهة ومن جهة أخرى أنهم يقومون
بالأعمال الأساسية في
مختلف المهن.
الجزيرة الوثائقية في
03/03/2010 |