لابد أن المشاهد المصري أدرك أنه قد فات أوان العز الكامل. وأن لكل
شيء حدوداً.. أقصد حقوقاً. وأن عصر المشاهدة المجانية قد انتهي. أو قرب علي
الانتهاء وبدأ العد التنازلي لتسعير ما نراه علي شاشاتنا المنزلية.. خاصة
بالنسبة للمواد ذات الطبيعة الرأسمالية. أي تلك التي تحقق أعلي نسب
المشاهدة. وبالتالي أعلي نسب تدفق الإعلانات. وأعلي نسب التضحيات من
المشاهدين لأجلها.. وللآن فإن هذه الأوصاف تنطبق فقط علي مباريات كرة القدم
في مصر والبلاد التي تمثل فيها هذه الرياضة نفس المكانة. وفي بلاد أخري
رياضات أخري أو أنواع أخري من الترفيه.
ولقد ظل التليفزيون المصري يقدم الكرة لجماهيره منذ بداية بثه ولمدة
نصف قرن ضمن برامجه الأساسية. لكن الزمن تغير بعد انطلاق منظومة الفضائيات
في التسعينيات من القرن الماضي. واكتشاف الاتحاد الدولي للكرة منجم الذهب
الكروي هذا. وعرضه بيع البطولات لمن يشتريها. حصرياً "سبق في ذلك العرض
الحصري للمسلسلات العربية بمراحل" رفضت مصر الشراء وقتها لأن المبلغ كان
كبيرا في ذلك الوقت علي تليفزيون قطاع عام فذهبت الصفقة إلي الشيخ صالح
كامل صاحب قنوات
ART وبدأ الرجل يتوسع بعدها حيث أتاح له احتكار بث بطولات الكرة قوة
متزايدة في مضمار جديد فتح هو المشاهدة المدفوعة الثمن لمن يريد.. ولأن
الأغلبية تريد والكثير منها لا يمتلك الثمن. فقد بدأ عصر الوصلات فوراً
ليلبي احتياجات المشاهدين ذوي الامكانيات المحدودة أو المعدومة. ليس في مصر
وحدها ولكن في بلاد عربية أخري في المشرق والمغرب. وان اشتكي الشيخ صالح
تحديداً من حرامية الدش في مصر ولبنان. برغم ما نشر عن ان المغاربة فاقوهم.
وبرغم تغيير كود الشفرة مرارا. وحملات أجهزة الأمن في مصر ضد سارقي البث.
إلا ان الوصلة قامت بما لم تقم به وزارة الإعلام في مصر من إرضاء جمهور
عريض يعتبر الكرة ومباريات فريقه القومي هي اهتمامه الأول.. وقد يسأل البعض
وهل وزارة الإعلام مسئولة عن هذا؟ والإجابة هي نعم فمادامت الوزارة تتحمل
المسئولية عن الإعلام المسموع والمرئي في مصر. ومادام التليفزيون العام
ملكاً للدولة المصرية تعين العاملين فيه وتضع خططه وميزانياته وفقاً
لقواعدها. ومادامت هذه الدولة لم تطالب المواطن بدفع أي ضريبة لهذه الخدمة
العامة- كما كان يقال عن التليفزيون في الماضي- ومادامت قد استطاعت توفير
المسلسلات حصرياً في رمضان الماضي للمشاهدين. فلماذا لم توفر المباريات في
"كأس أفريقيا" لنفس المشاهدين بغض النظر عن انتقال ملكية البث بالبيع لهذه
المباريات من حوزة الشيخ صالح و
ART
إلي حوزة شبكة الجزيرة الرياضية.
لقد تعامل الطرفان مع المشاهد المصري باعتباره ساكن عقار باعه صاحبه
إلي مالك جديد استولي علي شقته وطرده. ولهذا وجد مشتركو ال
ART المصريون أنفسهم في الهواء بلا حقوق. ورفع بعضهم قضايا ولجأ البعض
الآخر للشركة المصرية للخدمات الفضائية
C.N.E للبحث عن حل باسترداد ما دفعه. بينما البطولة شغالة. والدولة ممثلة
في وزارة الإعلام صامتة وكأن هذا يجري في كوكب ثان. وحين تفاوض التليفزيون
المصري مع المشتري الجديد للبث وجد المبلغ المطلوب دفعه مبالغاً فيه وهو 55
مليوناً- كما كتب- مقابل بث عشر مباريات بالقرعة وهو شيء مضحك بالفعل ان
يفرض المالك الجديد لعمارة البث "الجزيرة" علي أكبر جمهور لهذا البث
مباريات لا يريدها بينما تنهال الإعلانات عليه من أجل عيون هذا الجمهور
العريض من داخل مصر نفسها وإعلانات باللهجة المصرية ولأنها ليست فزورة. فقد
فهمها الجزيريون بسرعة. فللعرب في البطولة ثلاثة فرق هي مصر وتونس والجزائر
والإعلانات غالبيتها مصرية وبالتالي تصبح خسارة جمهور بهذا الحجم حماقة لا
تجوز علي الأذكياء. ولهذا بثت المباريات علي الجزيرة الرياضية الثانية
تقديرا لهذا ومعها الاستوديو التحليلي الظريف الذي يمتعنا بالتعامل مع
لهجات عربية مختلفة عن المصرية. وعن السعودية "في استوديو
ART" وليصبح الموقف الآن كالتالي في المباريات
التي تلعب فيها الفرق العربية فقد جاء الإخوان في الجزيرة بطاقم تحليل
جزائري وتونسي بحسبة حسبوها لكنها لم تكن كما ظنوا. فاللعب والفاعلية
والإثارة تأتي من الفريق المصري. والإعلانات تتحدث مصري والجمهور الأكبر
مصري. وحتي ولو لم ترغب الجزيرة.. فهي تتحدث مصري الآن.. لكن هذا شئ. وما
يجب ان يفعله التليفزيون المصري شيء آخر. فهناك أجندة للبطولات يعرفها
الجميع. وهناك ترتيبات يجب ان تتم قبل المواعيد. هناك أيضا هيبة تليفزيون
الدولة وقدرته علي الاستمرار من خلال وضعية محددة. فإما أنه مازال جهازاً
للخدمة العامة. أو أنه جهاز يتحول وفقاً للقواعد الاقتصادية المعلنة من
الدولة نفسها ولابد من تحديد طبيعته وقدرته حتي يعرف المشاهد بالتالي حدود
توقعاته منه وهذا ليس عيباً.. ولكن العيب ان يظل أمر بث المباريات موضع أخذ
ورد إلي آخر وقت. وأن يترك المشاهد بدون فهم. وفي النهاية يضطر لدفع
الاشترك. أو الذهاب للقهوة.. أو اللجوء لبائع الوصلة.. احترام حقوق المشاهد
ضرورة تبدأ من تليفزيون الدولة وكل أجهزتها وإلا فكيف نطالب الآخرين. خارج
حدودنا باحترام حقوقنا؟
كلمات
* سقط سهواً من مقال الأسبوع الماضي عن مسلسل "جنة ونار" اسم الممثلة
الشابة منة جلال فعذراً.
* أين شبكة القنوات المحلية في أزمة نجع حمادي. ولماذا لم تقم القناة
الثامنة بما يفترض أن تقوم به في هذا الوقت تحديدا وهو تقديم أوفي وأهم
تحقيق عن هذه الأحداث المحزنة التي أساءت إلي مصر كلها.. ما دور هذه
القنوات إذن حين لا تتحرك في ملعبها وقت اللزوم ويصبح جهدها هو الأساس
لتليفزيون الدولة؟
لقد ذهبت قنوات وبرامج عديدة من القاهرة إلي نجع حمادي في زيارات
سريعة محدودة الوقت والتأثير. وبرغم أهمية ما قدم إلا أنني افتقدت برنامجاً
أكثر شمولاً وجهداً وفهماً للبيئة وأسرارها.
magdamaurice1@yahoo.com
الجمهورية المصرية في
21/01/2010
ليل ونهار
غباوة آخر حاجة!!
بقلم: محمد صلاح الدين
* في فيلم "قاتل النينجا" للمخرج جيمس ماكيتوج كمية تقاتل وذبح وسلخ
بشعة ولا إبراهيم الأبيض.. لكن أكثر ما لفت نظري فيه هو الكلام عن المستكشف
الإسلامي "ابن بطوطة" الذي قال: إن عرفت معني حياة الرجل. تكون قد امتلكت
قلبه!.. هكذا ورد في الفيلم.. يبدو أن الغرب عاد مرة أخري لينهل من حكمة
الشرق.. بينما الشرق علي العكس غارق في تقليد الغرب!!
* متعاطو السياسة في العالم العربي وأصحاب الأقلام أو المدونات التي
تبحث عن ميدان رخو هشيم.. يئسوا بسرعة من التصدي لجرائم إسرائيل. وتفرغوا
للتهجم علي كنانة الله في أرضه.. بل والزج بأنوفهم في شئون الداخلية..
باعتبار أن الديمقراطية الامبريالية تتيح لك أن تشتم الآخرين وتنتقدهم..
بينما لا تعرفها علي أرضك ولا بين حكامك.. فعلا غباوة آخر حاجة.. خاصة
حينما تطول حكاما أصبحوا في ذمة الله.. ونسوا أن هؤلاء ما عملوا إلا لخدمة
أوطانهم وماتوا في سبيل ذلك.. العدو واحد. ولا يقبل القسمة علي اثنين أو
ثلاثة.. والتهجم علي مصر لن يحل قضية فلسطين.. حلها علي أرضها. أو بشحذ
الغرب لنصرتها.. وصدق حليم حين قال: "يا كلمتي لفي الدنيا طولها وعرضها..
وافتحي عيون البشر للي حصل علي أرضها"!!
* القدس ستنتهي في هذا العام الأغبر.. والضفة تتآكل يوميا.. ومش عارف
حماس قاعدة بتعمل ايه؟ لا هي بتقاوم.. ولا هي بتتفاوض!! أين حنان عشراوي
"المسيحية" وصائب عريقات "المسلم"؟ اللذان كانا يجوبان العالم شرقا وغربا
لفضح جرائم إسرائيل.. واستثمار اللغات التي يجيدانها في عرض القضية علي
الاعلام الغربي. حتي انهما كانا زبونين دائمين علي القنوات الأوروبية
والأمريكية.. كيف يجلس هذان السيدان وغيرهما في بيوتهم؟ ولا "الإعلام" راخر
رجس من عمل الشيطان!!
* إسرائيل فعلا دولة عنصرية ومتخلفة كمان.. بهدلت سفير تركيا لديها
علشان مسلسل.. شوفتوا الفن بيعمل ايه؟ مش تقولي "ولاد العم"!!
* بالمناسبة هي ما قدرتش تعمل كدة مع السفير المصري بعد عرض "حرب
الجواسيس". لأنه فعلا هناك فرق. حتي ولو كنا بنتبهدل بره وجوه.. إنما فيه
ندية وعين حمرا لا يقدر عليها سوي الكبار.. أما الصغار فيكتفون بالشتائم
لأنهم لا يستطيعون حلا ولا ربطا!!
* المعلم وصبيانه لو يعلمون ماذا يفعل الفوز بنا.. لصدوا عنا الألسنة
الرقطاء بالسيف والرمح لا بالأهداف فقط.. علشان كده نؤكد علي أهمية تفوق
المصري في العلم والفن والأدب والدين وكل شيء.. فلا كرامة لنا إلا بالمهارة
والشطارة.. احنا عايشين وسط فشلة وحجود وحقد أعمي لا مثيل له!!
* أخونا الدكتور مصطفي الفقي تسبب في زلة لسان بزيادة السلخ علينا علي
النت وهي مش ناقصة.. الخوف ليكون أستاذنا فاهم الديمقراطية بصورتها
الأمريكانية الفوضوية.. التي تهيج وتعمل شو من الرغاوي والثلوج الكريسماسية
علي حساب بلل الأرض واتساخها.. انت أعلم مني بأن الأوروبيين لا يرونها بهذا
الشكل.. لأن الأرض والعرض أهم من المكلمة!!
* الحمد لله أن ربنا ريح المصريين - ولو مؤقتا - من أزية تفريغ جيوبهم
لحساب الضرائب علي كل شكل ولون.. الحكومات تجيء لترفع كاهل الأعباء عن
المواطنين لا العكس.. بركاتك يا عدم الدستورية.. وربنا يخليكي لينا يا
غالية!!
* من يقرأ مذكرات مصطفي محمود في المصري اليوم يدرك فكر وجمال وسحر
الأبيض والأسود.. رغم أن حقيقة الحياة هي الألوان.. ولكن ألواننا الآن
باهتة وكالحة.. أو مزيفة وزاعقة.. أمريكاني علي صيني علي تايواني.. وأهو
كله زرع شيطاني!!
Salaheldin-g@hotmail.com
الجمهورية المصرية في
21/01/2010 |