فلسطين حرة, شعار رفعه الاجداد وتوارثته الاجيال كل سعى لتطبيقه
وتحقيقه على طريقته الخاصة وعلى جميع الاصعدة وقد لعب الفن دوره في قضية
الصراع العربي الصهيوني متمثلا في القضية الفلسطينية غير ان مختلف اشكال
الفنون سلكت الدرب نفسه في التعاطي مع هذه الاشكالية وذلك من خلال التباري
مع الفضائيات الاخبارية في ابراز الفارق العسكري لصالح الصهاينة وما يترتب
عليه من قتل وتدمير وطمس للهوية الفلسطينية, وقلما يتعاطى المهتمون بالشأن
الفني ولاسيما الفن السابع مع القضية من منظور انساني بعيدا عن صخب آلة
الحرب الصهيونية , فيلم (تذكرة إلى القدس) للمخرج رشيد مشهراوي الذي عرض
مساء الخميس ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي السادس عشر تعاطي مع هذا
الجانب, شاركنا مخرجه حلمه الفلسطيني باسترجاع القدس, وجبة انسانية دسمة
غنية بالتفاصيل مغلفة برؤية عنوانها الثقافة.(تذكرة إلى القدس) للمخرج رشيد
مشهراوي ومن تمثيل غسان عباس وعرين عماري انتاج عام 2002 وهو ثالث الأفلام
الفلسطينية المشاركة في مهرجان كان السينمائي, ويأتي عرضه برعاية من قبل
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالتعاون مع نادي الكويت للسينما
حيث حاضر مديره الزميل عماد النويري حول القدس في السينما عقب عرض الفيلم
مستعرضا أهم الاعمال التي تعرضت للقدس.لن نتعرض للفيلم من الجانب التقني
والفني لاسيما وان به ثغرات عدة ولكن خروجه من رحم القضية الفلسطينية
يجعلنا نتعاطى معه من منظور آخر وهو الفكر المطروح فنجد ان المخرج مشهراوي
قدم لنا حلمه باستعادة القدس ومن ثم فلسطين عنوان الثقافة وابتعد عن الصخب
السياسي والصراع العسكري وعرض حلا ثقافيا من خلال عارض افلام سينمائي يدعى
جابر, حلمه ان يعرض افلامه في القدس يسيطر هذا الحلم عليه فيجعل منه هدفاً
ويكرس كل جهوده من اجل تحقيقه غير آبه بالحصار ولا الجدران, يصدم بواقع
الاستيطان الصهيوني ولكنه يحقق حلمه فيعطيني المخرج بنهاية الفيلم املاً في
غد مشرق.لجأ المخرج إلى الرمزية فكان جابر الذي يسعى لعرض الفيلم يحمل حلم
تحرير القدس لاسيما فلسطين بينما ام ابراهيم المرأة العجوز التي استولى
الصهاينة على منزلها والقوا بها وابنتها في غرفة ضيقة اسفل المنزل مثلت
رمزا لفلسطين التي تعاني الحصار بينما كاميرا السينما القديمة لم يقصد
المخرج انها متهالكة إنما رمز بها للثقافة والحضارة العربية الاصيلة,
وتابعنا ان المخرج الذي عرض افلامه طوال مدة الفيلم على الاطفال في إشارة
إلى انهم المستقبل وجدناه نجح بمساندة المعلمة ابنة (ام ابراهيم) في عرض
افلامه في حوش منزلها رغما عن الصهاينة وفتحوا الابواب للاطفال والشباب
والاسر, في تلميح ذكي إلى ان اطفال اليوم إذا ترعرعوا على الثقافة فسيصبحون
شباب الغد القادرين على تحقيق الحلم.وبالطبع كان الجانب الآخر للمجتمع
الفلسطيني بتفاصيله الدقيقة الغائبة عن الكثيرين حاضرا فتطرق المخرج الذي
صال وجال في شوارع مخيم كندا مسلطا الضوء على بعض المشكلات الناتجة عن
الاحتلال الصهيوني مثل البطالة, الفقر, البنية التحتية المتهالكة للعديد من
الابنية التعليمية وبالطبع الاستيطان الاسرائيلي في القدس ومنها عرج المخرج
إلى التفاصيل الحياتية لاسرة جبر وعلاقته بزوجته ولحظات السعادة والفرح
واليأس والامل التي يمرون بها, وعلى الرغم من افتقار الفيلم للمؤثرات
الصوتية غير ان المخرج اعتمد بشكل كبير على صوت الاذان او القرآن الكريم
كخلفية عندما يتحاور ابطال العمل وهو من الموروث الثقافي الاسلامي.من جهة
اخرى كانت القدس محورا رئيسا في الندوة التي اعقبت العرض وادارها الدكتور
اسامة ابو طالب وحاضر خلالها مدير نادي الكويت للسينما عماد النويري ركز
خلالها المحاضر على اهم الاعمال التي تعرضت للقدس على مدار تاريخ السينما
الفلسطينية والعربية, واستهل النويري حديثه فقال" ان المداخل إلى موضوع
القدس في السينما العربية كثيرة ومتنوعة ليس فقط بسبب اكبر عمليات تشويه
وتزوير وتحريف وتلفيق تمت على مدى عقود لهذه الصورة ولكن لاننا نتعامل مع
عاصمة عمرها خمسة الاف عام كانت وستبقى ارض الانبياء والمقدسات والاديان
واذا كان لكل وطن عاصمة , فإن القدس هي عاصمة لكل الاوطان.واضاف النويري"
يذكر ان اول فيلم سينمائي انتج في فلسطين عام 1935 عن زيارة الملك عبد
العزيز ال سعود للقدس من إخراج ابراهيم حسن سرحان, بعدها قدم ابراهيم حسن
فيلم (رحلات تحققت) عن الحرم القدسي, ويعتبر فيلم (القدس ) الذي حققه
الفنان التشكيلي فلادمير تماري عام 1968 اول محاولة سينمائية تواكب ولادة
زمن سينما الثورة الفلسطينية.وقال مدير نادي الكويت للسينما " لم تأخذ
القدس مكانتها في السينما الفلسطينية إلا عندما بدأت السينما الفلسطينية
الجديدة تقدم افلامها بمعزل عن سينما الثورة الفلسطينية فكانت التجربة
مميزة بفيلم (الذاكرة الخصبة) الذي حققه المخرج ميشيل خليفي عام 1980 والذي
تم تصويره كاملا في الاراضي الفلسطينية المحتلة خصوصا في مدن الناصرة ورام
الله والقدس.ولفت النويري إلى ان فيلم (القدس تحت الحصار) للمخرج جورج
خليفي عام 1990 صورة عن واقع مدينة القدس المهددة بالمستوطنات الصهيونية
ومحاولات المستوطنين احتلال بيوت الفلسطينيين في البلدة القديمة, كما يصور
فيلم (بيان من مآذن القدس) للمخرج جمال ياسين عام 1993 الاعتداءت الوحشية
على المتعبدين في رحاب الاقصى, شهادات بصرية إلى درجة الوثيقة, واستعرض
النويري اهم الافلام التي قدمت على مدار سنوات وتأثيرها في الصراع
الفلسطيني الصهيوني, كما تطرق لبعض الافلام الروائية العربية التي تعرضت
للقضية ومنها (الناصر صلاح الدين) ليوسف شاهين, (الطريق إلى القدس) للمخرج
عبد الوهاب الهندي.واختتم النويري قائلا: ان الافلام العربية التي صورت
القدس كانت ومازالت تمثل ضرورة في المواجهة الحضارية في مستواها الثقافي
وفي الدفاع عن المخزون الثقافي والذاكرة المستهدفة بالتدمير والتشويه.
السياسة الكويتية في
16/01/2010 |