برنامج تلفازي كوميدي يرفه عن الباكستانيين ويضحكهم، لتعزيز
شجاعتهم في مواجهة الاخبار المزعجة والمشاكل المتفاقمة.
لو قررت طالبان انتاج مسلسل تلفيزيوني،
كيف سيكون؟ سيكون من المستحيل مثلا فهم عناصر الحب كلها على ما يقول يونس
كاتب
السيناريو الباكستاني لأن النساء يضعن البرقع ولن يتمكن المشاهد من معرفة
بين أي
شخصيتين يحتدم الشجار مثلا.
ويعتبر بوت كذلك ان برنامج منوعات اسلامي فكرة غريبة ايضا بسبب نظرة عدم
الرضا
التي تلقى على الرقص والغناء.
وبوت، الذي يقف وراء البرنامج النقدي الساخر الأكثر شعبية في باكستان،
أعجبته
هذه الفكرة كثيرا ولم يستطع مقاومتها. من هنا أتت حلقة "قناة
ط" نسبة لطالبان التي
بثت في حزيران/يونيو وحققت نجاحا كبيرا.
ويتخلل بعض مشاهد هذه الحلقة ازيز رصاص من بندقيات كلاشنيكوف، فيما يعطي
ممثلون
يلقون نظرات حانقة ويعتمرون العمامات السوداء إرشادات منزلية
لصيانة الأسلحة.
وفي حديث يقول بوت من مكتبه في لاهور في شرق باكستان ان "الخوف والتوتر
يعمان
البلاد، والجميع يسمع الأخبار المزعجة، لكن بامكان الممثلين
تقديم الأخبار نفسها مع
نفحة أمل".
ويضيف بوت وهو محاط بأجهزة تلفزيون عدة تستعرض البرامج الإخبارية
الباكستانية
وقناة "كوميدي نتوورك" الاميركية "هذا البرنامج يرفه عن الناس
ويضحكهم، والضحك يعزز
شجاعتهم لمواجهة هذه المشاكل".
ويؤكد "علينا مواجهة الارهاب بالفكاهة".
وتحاول باكستان منذ سنتين ونصف السنة تقريبا احتواء موجة تمرد تقودها حركة
طالبان الإسلامية المعارضة لتحالف الحكومة مع الولايات المتحدة
في حربها على
التطرف. وفي هذا الإطار تنفذ طالبان سلسلة من الانفجارات المدمرة.
وطالبان باكستان تعتمد المبادئ نفسها التي تتبعها طالبان في أفغانستان
المجاورة،
وتحظر سماع الموسيقى والرقص ومشاهدة البرامج التلفزيونية
معتبرة انها مخالفة
للاسلام. وبالإضافة إلى ذلك، منعت طالبان إبان حكمها لأفغانستان مدة ست
سنوات
مشاركة المرأة في الحياة العامة.
وتصاعدت حدة الاعتداءات في باكستان هذا العام منذ شن الجيش عمليات عسكرية
كبيرة
على معاقل طالبان. وأدت هذه الاعتداءات الى مقتل أكثر من 530
شخصا في هجمات
انتحارية نفذت منذ مطلع تشرين الأول/اكتوبر.
ويعاني سكان جنوب غرب باكستان والمدن الكبرى الأخرى من الخوف والذعر والقلق
بسبب
التمرد والعنف، بحسب بوت الذي كان طبيبا نفسيا قبل أن يقرر
الانتقال إلى عالم
الفكاهة.
ويحتاج الباكستانيون إلى متنفس يخرجهم من دائرة المصاعب هذه التي يضاف
اليها
التضخم والفقر والبطالة والفضائح السياسية.
ويقول شهيد خان، صاحب احد المحال التجارية في شمال غرب العاصمة بيشاور حيث
سقط
270
شخصا في الاعتداءات منذ الاول من تشرين الاول/اكتوبر، ان "العقل
المشوش يبذل
جهدا للاستمتاع بمثل هذه العروض، مع أننا نحن الباكستانيين بحاجة للضحك
أكثر من
غيرنا".
الا ان صغير أحمد الموظف في احد المصارف لا يوافقه الرأي ويعتبر انه لا
يفكر
بهذه الأمور بل بأمور أخرى. واضاف "اسألوني عن الانفجارات
والعمليات الانتحارية
وامني المهدد. وحدهم النساء والأطفال لديهم الوقت للاستمتاع بهذه البرامج".
ويحاول فاسي زاكا على طريقته تبديد التوتر بالفكاهة. وزاكا منسق موسيقى
لديه
برنامج اذاعي يتلقى خلاله اتصالات الجمهور.
ويعالج برنامج زاكا على اذاعة "راديو وان" مواضيع مختلفة تراوح بين الزواج
المختلط والسياسة ومواضيع طريفة أخرى كسرعة الدببة الرمادية.
ويوضح "الفكرة التي يستند اليها البرنامج عشوائية تتضمن عناصر جدية غير
مخطط لها
ابدا تظهر حين يبدي احد المتصلين جهلا او تعصبا او حكما مسبقا".
ويعتبر زاكا ان "هذا البرنامج يؤثر في الناس أكثر من الخطب".
ويؤكد زاكا ايضا ان برنامجه "مضاد للكآبة" في الأوقات العصيبة.
ويقول "هذه هي الطريق الوحيدة إلى الحياة الطبيعية لاسيما حين يكون ما نراه
يوميا غير انساني... ولكن النقد الساخر يثقف المشاهدين بسلاسة
ويساعدهم على رؤية
الوضع الحقيقي لباكستان بطريقة مختلفة".
أما برنامج بوت الذي يحمل عنوانا معناه "جميعنا يحمل الأمل في داخله"
بالباكستانية فيستعرض شخصيات شبيهة جدا بالسياسيين كالرئيس وقائد الجيش
السابق
برويز مشرف والرئيس الاميركي باراك اوباما.
ويهدف برنامج بوت إلى إدخال البسمة الى قلوب الناس عن طريق التهكم وقد اثار
حفيظة مشرف الذي منع بث البرنامج مدة ثلاثة اشهر بعد اعلان حال
الطوارئ.
لم تهدد طالبان بعد القيمين على البرنامج الذي عرض للمرة الاولى على "جيو
تي في"
قبل سبع سنوات، علما ان قنوات اخرى تلقت تحذيرات من طالبان بسبب برامجها.
ويقول بوت بتهكم ايضا "اميركا مستاءة مني وطالبان مستاءة ايضا، الجميع
مستاء مني
لذا أنا سعيد".
ميدل إيست أنلاين في
29/12/2009 |