حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2011

يحمل في «طالع الفضّة» رسالة التسامح

السبيعي يُخرج اليهودي من الصورة النمطية العربية

حسان الزين

تتميز الدراما التلفزيونيّة السوريّة، من بين مميّزاتها العديدة وفي مقدّمها الخصوبة والكثافة الإنتاجيّة وغزارة إنتاج الوجوه ومقاربتها واقعها الاجتماعي والإنساني، بقدرة ممثّليها على تقديم الشخصيّات التي يؤدّونها باحتراف وبراعة فنّية عاليين. فغالباً ما نجد الأعمال الدراميّة السوريّة ببطولات عدّة، حتّى إن ميّزت تلك الأعمال بين ممثّل وآخر، وأعطت هذا دوراً متقدّماً على ذاك وحاضراً أكثر في المشاهد محوريّاً في الأحداث.

الممثّلون كافّة يقدّمون أفضل ما لديهم، والكثيرون منهم يضيفون إلى الشخصيّات والأدوار ممّا لديهم من موهبة وخبرة. وبدورها، الدراما والأعمال تراهن على ذلك وتفسح لها المجال وتُعمل على هذه القاعدة. هكذا هي منذ (أوتيل) «صح النوم» وشخصيّاته المحفورة في الذاكرة التلفزيونيّة السوريّة والعربيّة عموماً، غوّار الطوشة (دريد لحّام) وحسني البورظان (نهاد قلعجي) وأبو صيّاح (رفيق السبيعي) والآخرون من رفاقهم.

خصوصية درامية

وتجدّد كذلك مع كل عمل، سواء أكان دراميّاً أم كوميدياً. وما علينا إلا مشاهدة الأعمال السوريّة اليوم لنلمس تلك الخصوصيّة الحيويّة. وأحد الأمثلة على ذلك مسلسل «الخربة» للمخرج الليث حجّو والمؤلّف ممدوح حمادة، الذي يقدّم فيه الممثّلون كافة، وفي مقدّمهم باسم ياخور وضحى الدبس ومحمد حداقي وأحمد الأحمد وأيمن رضا إضافة إلى دريد لحّام ورشيد عسّاف، شخصيّات مركّبة بجودة عالية مقرونة، بل مجبولة، بمواهب مختمرة وملكات تعبيرية تختزن تجربة لا تهمل التفاصيل البصرية والصوتيّة والإيمائيّة والأدائيّة بشكل عام.

أبرز الحاضرين في هذا الموسم هو الممثّل القدير المخضرم رفيق السبيعي الذي يؤدّي دور طوطح اليهودي في مسلسل «طالع الفضة». فهذا الممثّل يقدّم أروع الأدوار وأرقّها وأجملها. ومن دون نسيان دور المسلسل الذي ألّفه عبّاس النوري وعنود خالد في ذلك، فإنَّ السبيعي الذي يعمل بإدارة ابنه المخرج سيف الدين السبيعي يرفع الشخصيّة إلى مستوى عالٍ ويعطيه من قوّته التمثيليّة والمعنويّة الكثير الكثير. أولاً، هو يحرّر اليهودي من صورته التصنيفيّة القاسية في المخزون الشعبي العربي. لا يفعل ذلك من تلقاء نفسه، فالمسلسل يتناول علاقات مواطنين شاميّين من الديانات الثلاث، اليهوديّة والمسيحيّة والإسلاميّة، في أواخر أيّام الدولة العثمانيّة.

منظور إنساني

المسلسل لا يقارب تلك العلاقات أو يشبكها ويعقّد الأحداث في ما بينها، انطلاقاً من «شعارات» طائفيّة جاهزة، ولا يقدّم الشخصيّات بناء على تصنيفات دينيّة. بل هو يصنع شخصيّاته من منظور إنساني، ويرى إليها دراميّاً واجتماعيّاً لا سياسيّاً ولا عنصريّاً.

وفي هذه الفسحة يتحرّك السبيعي، أو بالأحرى هو يوسّع تلك الفسحة، فتغدو الشخصيّة معه إنساناً لا دوراً تمثيليّاً ولا عنواناً سياسيّاً مكبّلاً بالحكم المسبق في الذاكرة العربيّة، والإسلاميّة خصوصاً، تجاه اليهودي.

الأمر ليس سياسيّاً بقدر ما هو درامي ويحمل رسالة المسلسل، التي هي التسامح والدعوة إلى العلاقات الاجتماعيّة الإنسانيّة، بعيداً من التعصّب والتفسير المتطرّف للدين عموماً. فرجال الدين أيضاً، في المسلسل، بعيدون عن التعصّب والطائفيّة والتطرّف.

ذكي وخبير

عودة إلى طوطح، فهو في المسلسل ليس الخبيث، إنّما الذكي والخبير في شؤون الناس؛ وليس المنعزل في «غيتو» إنما هو اختار العمل (مصلّح أحذية) في الساحة عند مدخل المقهى المحوري في الحارة؛ وليس محب المال جشعاً وبخلاً إنّما هو الكادح الذي لا يسعى إلى شيء من خارج عمله البسيط؛ وهو ليس الجاسوس أو المرتبط بالخارج وبالمنظّمة الصهيونيّة إنما هو مرتبط بوطنه وأبنائه؛ وهو ليس الجاهل إنّما المثقف الذي يتقن لغات عدّة ومطّلع على الأديان كلها وابنه طبيب... وفوق هذا، هو مرح وحكيم لا يتردّد في السخرية والنطق بخلاصات فكريّة تفصح عن اختمار تجربة إنسانيّة باتت تعرف دوزنة العلاقات الإنسانيّة الاجتماعيّة، فلا تراه تدخّل أو أقحم نفسه في ما لا يخصّه ويعنيه، ولا تأخر عن واجب، ولا انساق إلى ما يصنّفه في خانة ابن طائفة أو ما يقيم فارقاً بينه وبين مواطنيه. ولا تخلو شخصيّته الحكيمة والساخرة، الراضية والنقديّة في آن، من التفلّت، فهو الذي يُعد النارجيلة نهار الجمعة ليدخّنها يوم السبت، يمتنع عن قصد الكنيس للصلاة ويفضّل الاختلاء مع عوده، ويسأل ما إذا كان تأليف كلمات أغنية وتلحينها يوم السبت عملاً وكفراً!

لا يتردّد طوطح، رفيق السبيعي، للحظة في إيقاع المشاهد العربي في حبّه بالرغم من إدراكه أنّه يؤدّي دور يهودي «محرّم» حبّه، أو هو في أفضل الأحوال خيانة.

لكنّه والمسلسل كما يقولان أن ليس كل المسلمين خيّرين يقولان أن ليس كل اليهود أشراراً، والأمر نفسه ينسحب على المسيحيين. وكما يخلص السبيعي للفن والتمثيل والواقعيّة والإنسانيّة يعمل المسلسل واجبه تجاه الدراما.

hzein@hotmail.com

القبس الكويتية في

15/08/2011

 

إعلان ثورة 25 يناير في مسلسل "المواطن إكس"!!

طارق الشناوي 

يبدأ المشاهدون شهر رمضان وأمامهم عشرات من المسلسلات والبرامج، يمضي الأسبوع الأول في حالة تشتت بسبب هذا الكمّ الذي ينهال عليهم من مختلف القنوات، بعد ذلك يحدث انتقاء، ومن يصمد فقط مع الجمهور هو العمل الفني القادر على تحقيق الجاذبية!!

بالتأكيد أن أسماء النجوم الأبطال تلعب أيضاً في البداية دور البطولة، ولكن لا يكفي أن يمتلك النجم الجاذبية ليواصل الجمهور المتابعة حتى نهاية رمضان بعد ذلك ننتظر جاذبية العمل الفني، ومسلسل "المواطن إكس" لا تستطيع أن تعثر بين أبطاله على سوبر ستار يتحمل المسئولية المباشرة أمام الجمهور، ولكنه مع تدفق الحلقات المفعمة بالأحداث الساخنة التي تعزف على وتر حساس لدى الناس لمحوا فيه شذرات غير مباشرة من الثورة المصرية، وكانت هذه إحدى أهم نقاط الجذب في "المواطن إكس" الذي أصبح بالتأكيد واحدا من أهم الأعمال الدرامية الرمضانية على الساحة العربية هذا العام؛ حيث تشع تفاصيله شبابية وطزاجة وحداثة.

المسلسل هو أحد التنويعات الدرامية للثورة برغم أنه قد تمت كتابة أغلب حلقاته قبل ثورة 25 يناير المصرية، إلا أنك من الممكن أن تلمح ببساطة هذا التوافق التاريخي بين مقتل "المواطن إكس" واغتيال "خالد سعيد" هذا الشاب هو مفجّر ثورة يناير في مصر مثلما نقول إن انتحار "بوعزيزي" في تونس هو مفجّر الثورة التونسية!!

صنّاع العمل الفني ينكرون هذا التوافق، إلا أن الكاتب الشاب "محمد ناير" في أول تجربة تليفزيونية له الذي وضع تفاصيلها قبل الثورة إلا أنه من خلال متابعة التفاصيل سوف نلحظ ببساطة أنه أضاف للمعالجة الكثير بعد الثورة، وربما تأتي تلك الإضافة أيضاً من حالة التلقي للجمهور الذي تغيرت ولا شك معايير وأساليب تلقيه الفني حيث سيعثر على التطابق في عدد من الأحداث والشخصيات.. سوف تجد شخصيات مثل المهندس "ممدوح حمزة" الذي لعب دوراً ملحوظاً قبل الثورة حاضرا،ً أيضاً الجو العام بكل أبعاده بشخوصه وأماكنه وأبعاده النفسية الذي يقدمه الكاتب الشاب تلمح فيه بجوار روح الثورة تبرق أيضاً ومضات الزمن.. لا شك أن الفيس بوك والتعامل عبر الإنترنت خلق بجواره لغة أخرى في التخاطب بالكلمة والنظرة والإشارة.. الكاتب مع المخرجين الثلاثة "محمد بكير" و"عثمان أبو لبن" و"سيف يوسف" قدموا نبضاً عصرياً في التعامل الفني مع النص الدرامى.. ويبقى أن اشتراك ثلاثة مخرجين في عمل فني واحد ظاهرة تستحق التأمل لأن المخرج يساوي وجهة نظر.. كيف استطاع الثلاثة أن يقدموا حالة فنية واحدة برغم أنهم يصورون المسلسل بثلاثة وحدات مختلفة لإنجاز العمل الذي لا يزال حتى كتابة هذه السطور يجري تصوير ما تبقى له من مشاهد على طريقة رغيف العيش من الفرن إلى الفم وهذا المسلسل من موقع التصوير إلى شاشات العرض!!

القالب الفني القائم على التشويق هو واحد من أكثر المعالجات الدرامية في العالم التي تلقى القبول لدى الجمهور لأن الناس تتابع مباشرة هذا الخيط التقليدي للإجابة عن السؤال الذي يكتنفه الغموض وهو "من القاتل؟" إلا أنه مع تواصل الأحداث تتسع الرؤية لتشمل كل ما يجري في الحياة في تلك المرحلة الزمنية التي كانت هي الدافع الحقيقي بزخمها الفكري والنفسي والاقتصادي للثورة.

في المسلسل يلعب "يوسف الشريف" دور "المواطن إكس" وكيل النيابة "إياد نصار" الذي يحاول أن يمسك خيوط التحقيق المتناثرة لاكتشاف الجاني، ومن خلال ذلك نتعرف على الشباب الذين تجمعهم علاقات متشابكة، ولا ننسَ أيضاً وكيل النيابة الذي يصبح جزءا من تلك الحالة، ويحرص السيناريو أن يقدم لنا أثناء استغراقه في التحقيق تفاصيل عن حياته والمرأة التي أحبها وتزوجها ثم رحلت مبكراً وتركت له طفلاً.

العودة للماضي عن طريق الفلاش باك هي من أكثر المعالجات التي تحتاج إلى حرفية عالية على مستوى الصياغة الدرامية وأيضاً زاوية الرؤية الإخراجية، خاصة وأنه كثيراً ما يقدم فلاش باك من داخل فلاش باك، ورغم ذلك تمكن فريق الإخراج من إيجاد حلول إخراجية لا تربك المتلقي في التعامل مع هذا القالب الفني!!

مجموعة الأبطال في المسلسل "أروى جودة"، "محمود عبد المغني"، "يوسف الشريف"، "عمرو يوسف"، "نبيل عيسى"، "شيرين عادل"، "دعاء طعيمة" يضبطون إيقاع الأداء على درجة واحدة من التلقائية والطبيعية، ومن المؤكد أن هناك جلسات عمل ممتدة جمعتهم والمخرجين الثلاثة حتى يتوافقوا جميعاً على مفتاح واحد للأداء!!

ويبقى أيضاً المخضرمون أمثال "سامح الصريطي"، "علي حسنين"، "فادية عبد الغني" استطاعوا أن يقدموا أيضاً أداءً شبابياً، وكأنهم قد اكتشفوا نفس الشفرة لمفتاح الأداء التلقائي!!

المسلسل يملك نبضاً إبداعياً عصريا في التقطيع الفني "الديكوباج" وحركة الممثلين.. غموض الجريمة لعب دوره في جذب الناس.. الثورة التي حركت الكثير من الأحداث والكثير أيضاً من المشاعر الكامنة داخل الجمهور أسفرت عن درجة من التلاقي بين الجمهور والشاشة، وهكذا كان الكل يبحث أيضاً عن المواطن إكس بداخله، إنه الجزء الكامن المسكوت عنه الذي ينتظر لحظة الانطلاق وحل الشفرة والتي تجسدت في ثورة "25 يناير"!!

الـ mbc.net في

15/08/2011

 

عن الدراما.. هل نريد أن نضحك فقط؟!

حليمة مظفر 

محاولة التعرف على الدراما وفهم وظيفتها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحاجة الإنسانية التي أدت إلى وجودها، وهذه الحاجة سبقتنا جذورها بأكثر من ثلاثة آلاف سنة، فالإنسان لا يخترع شيئا إلا وكان بحاجة له، وأهم وظيفة للدراما منذ القدم هي محاولة تفسير الظواهر الاجتماعية والطبيعية والغيبية التي يعجز الإنسان عن إيجاد تفسير لها فيحاول تمثيلها ليفهمها، ولهذا لا يغيب عنكم ارتباط الفلاسفة بالدراما على مختلف العصور واهتمامهم بدراستها، ابتداء من أرسطو وأفلاطون وهوراس وحتى فيكتور هيجو وهيجل وستانسلافكي وبرخت وغيرهم من الأدباء الفلاسفة، إذ لا تقل الدراما أهمية عن كل الاختراعات التي طرأت في حياتنا الإنسانية والفكرية، إلا أن فهم وظيفة الدراما ودواعي الحاجة لها وهي التي طرأت عليها تطورات مرحلية تاريخية بتطور الفلسفة وأفكارها؛ هذا الفهم لوظيفتها هو الذي ما يزال الكثيرون من منتجينا "التجار" وممثلينا "الهواة" قاصرين في فهمه، إنهم لا يعرفون عن الدراما سوى أنها مجال للضحك أو تسلية وقت الفراغ، والمؤسف جدا أن كثيرا ممن يعملون اليوم في الدراما المحلية وخاصة الكوميديا حتى الآن ما يزالون لا يلمسون من الدراما إلا قشرتها الخارجية، فسطحوها وسطحوا معها وعي المشاهد بدلا من تطويره والرقي به.

وبصدق يسألني عدد من الأصدقاء والزملاء: لماذا يا حليمة صمتك أمام الدراما الخليجية والسعودية التي تعرض لنا باسم الكوميديا في رمضان؟! أليس مجال تخصصك واهتمامك؟ ألم تدرسي مفهوم الدراما ونظرياتها؟! هل يرضيك ما يقدم؟

بصراحة هذا السؤال لا يقل إزعاجا لي عن إزعاج بعض المسلسلات الكوميدية للمشاهد! فأنا أصمت وأتوقف عن الكتابة أمام ما يشعرني أنه وصل إلى مستوى لا يستحق أن أهدر وقتي في الكتابة عنه، وبغض النظر عن مجال بحثي في النقد الدرامي إلا أن من أهم المشاكل التي تواجه الدراما السعودية اليوم أنه ما يزال لدينا فقر شديد في كتابة السيناريو الجيد، فالنص هو روح الدراما بل البطل الحقيقي لما سيشاهده الناس بعد ذلك، وكما يُقال من السهل جدا أن تُبكي الناس، ولكن الأصعب منه أن تُضحكهم، وما أراه أمامي اليوم أن عددا من الممثلين السعوديين تحولوا إلى متسولين في مسلسلات تستجدي ضحك الناس.

والمشكلة الحقيقية لا تكمن في فقر السيناريو فنيا، فالممثل الواعي والمتطور قادر على خلق نصه التمثيلي المتفوق، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم تطور أداء وثقافة كثير من الممثلين السعوديين بما يتناسب مع تطور المشاهدين السعوديين ووعيهم ومستوى ثقافتهم، بل وتغير المجتمع وتحولاته الفكرية، ألا ترى معظمهم لا يمثلون إلا شخصيات بعينها! ولو حاولوا تمثيل أخرى باتوا لا يبيعون إعلانا! إن معظم الممثلين لا يريدون أن يعترفوا أن المشاهد السعودي بات أكثر تطورا منهم وأكثر ثقافة وذكاء، ولهذا يتوقفون عن التطور! إنهم يتناسون أن المشاهد السعودي لم يعد ذلك الساذج الذي صنعه إعلام مغلق قبل 15 سنة، لم يعد يريد أن يضحك دون أن يفكر لماذا سيضحك! وهل يستحق الضحك فعلا! هذا هو الاختبار الصعب للممثلين السعوديين الحقيقيين، لا الذين ما زالوا لا يفهمون ماذا تعني وظيفة الدراما! وماذا يعني الفرق بين أن تكون ممثلا حقيقيا وبين أن تكون مهرجا!.

(*) نقلا عن صحيفة "الوطن" السعودية.

الـ mbc.net في

15/08/2011

 

من «كترمايا» إلى كفر الشيخ

حنان شومان 

منذ أقل من عام حدثت جريمة بشعة فى إحدى قرى لبنان، حيث استطاع أهالى البلدة أن يخطفوا شابّا مصريّا، متهمًا بجريمة قتل وأخرى أخلاقية، من يد الشرطة وينفذوا القانون بأيديهم، وتم تعليق جثة المتهم والتمثيل بها بعد محاكمة أهلية لم تترك للقانون الوضعى دورًا، وقررت أن تكون هى الحكم والجلاد. وقتها خرج كثير من الأقلام تندد بهذه الجريمة البشعة التى أظهرت لجمهور المتابعين وكأننا فى العصور الوسطى.

وعلى كثرة من كتبوا فى الأمر كنت أتعجب، لمَ لم يتوقف أحد عند فكرة راسخة فى عقول المصريين من أن المناهج سهلة فى لبنان كما يقال، وأن جريمة أخلاقية لا يمكن أن تدفع قرية بأكملها للثأر حتى لو كانت مقترنة بالقتل.

كان الاهتمام منصبّا على خلفيات وحكاية هذا الشاب فحسب، وتسابق الجميع فى الإجابة عن السؤال: كيف حدث ما حدث؟ ولم يحاول أحد الإجابة أو طرح سؤال: لماذا؟

وها نحن منذ أيام نجد أنفسنا أمام خبر عن منطقة مصرية تقرر أن تقوم بذات الجريمة، جريمة أن تكون الحكم والجلاد تجاه أحد المسجلين الخطرين فاجتمعوا عليه مع بلطجية زملاء له وأصدروا حكمًا بإعدامه والتمثيل بجثته، لأنه أرهقهم بجرائمه.

ونعود للقصة نفسها، فالكل تسابق على نشر الخبر وأن يجيب عن السؤال: كيف حدث ما حدث دون أن نفزع ونبحث عن إجابة السؤال: لماذا؟

ولا أظن أن مسألة اختفاء أو تقاعس الشرطة المصرية تكفى للإجابة، وإلا كنا بشرًا نبحث عن إجابات سهلة لأسئلة صعبة، لأن فى كترمايا فى لبنان تم ما تم والشاب فى يد الشرطة بالفعل.

أنا لا أجرؤ على أن أدعى أنى أملك الإجابة، لأنها تحتاج لو أردنا فعلاً معرفتها لدراسات وأساتذة فى علم الاجتماع والنفس والتاريخ وعلوم أخرى كثيرة، ولكنى أزعم أنى أحاول أن أعرف أو على الأقل أطرح تساؤلات لكى لا نجد أنفسنا بعد يوم أو أيام نعيش فى عالم يقرر فيه مجموعة جيران أن يتخلصوا من جارة لكاكة، أو شارع يتخلص من شاب يقف على الناصية يزعج بنات الحى، فالجريمة واحدة مهما اختلفت الأسباب، فالقتل قتل، وأخذ الحق باليد دون حكم محكمة عودة لشريعة قابيل وهابيل.

ومن بين الأسئلة هل قبضت الشرطة على الجناة؟ لماذا تسابقت وسائل الإعلام فى نقل الخبر والحديث عن الجانى دون أن تسأل الجناة وكأنها ترسخ بوعى أو دون وعى أن المجنى عليه أخذ جزاءه، ولا داعى لتجريس الجانى على عكس الجرائم الفردية؟ لماذا صارت حياتنا اليومية صورة متكررة من العنف المتبادل، ولم يعد يتوقف أحد ليقول كفى؟ فكم من المرات وجدت فى طريقك اثنين يتعاركان وأعطيتهما ظهرك وأكملت طريقك؟ هل نستطيع أن نقول إن عنف الشرطة فى كل العالم، وليس فى مصر فقط، هو التطور الطبيعى لنا كشعوب فى حياتهم اليومية، وأنه عنف متسق مع الوضع العام؟ هل بُطء إجراءات القانون الوضعى صارت دافعًا لاختصار البشر طلب العدل بأيديهم؟ ماذا ننتظر والسلاح فى مصر يباع على نواصى الشوارع؟

لا تتوقفوا عن طرح الأسئلة، وعلى أهل الإعلام أن يهتموا بهذا الأمر أكثر من أى أمر آخر، فلا مليونية ولا دستور ولا انتخابات ولا شىء يساوى قيمة الأمن، وحق أى إنسان فى محكمة وعدل وحكم كتاب، لا حكم يد أو أياد كثيرة قد تبدأ مظلومة ولكنها قد تتحول إلى ظالمة.

اليوم السابع المصرية في

15/08/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)