كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

شويكار.. نجمة الكوميديا الجميلة

( 8 )

بقلم: أحمد الجمّال

الجريدة الكويتية

في رمضان.. سير وحلقات في الصحافة اليومية الكويتية

   
 

«عادل إمام يتذكر موقف "الليدي" مع "الأستاذ دسوقي"»

 
 
 
 
 
 
 
 

شويكار... نجمة الكوميديا الجميلة (8- 15)

عادل إمام يتذكَّر موقف «الليدي» مع «الأستاذ دسوقي»

أحمد الجمَّال

أسدلت «مراتي تقريباً» الستار على مسيرة شويكار في المسرح، وانتهت «بروفة» الاعتزال بعد تألقها في مسرحية «سيدتي الجميلة». في الحلقة السابقة، شاركت النجمة آخر مرة مع فؤاد المهندس في فيلم «مجرم إلا ربع» ومسلسل «أحلام العنكبوت»، وقدمت أفضل أدوارها السينمائية في «أمريكا شيكا بيكا» و{كشف المستور»، واعترفت بندمها على الظهور في أعمال فنية دون المستوى، وتحول مسارها إلى الدراما التلفزيونية، وطاردتها إشاعة الإفلاس عندما عرضت بعض مقتنياتها في المزاد... في السطور التالية نستعرض محطات ومواقف أخرى من حياتها.

رغم انفصال شويكار عن فؤاد المهندس عام 1983، فإن قصة الحب التي بدأت عام 1963 لم تنته، واستقرت في الأذهان تلك الزيجة المثالية التي دامت قرابة 20 عاماً، وتناثرت الحكايات حول علاقتهما في البيت وكواليس المسرح والسينما. وبعد الانفصال، ظلّت «سيدتي الجميلة» تسأل عن شريك نجاحها الفني، خصوصاً بعد معاناته مع المرض في أيامه الأخيرة، وتحرص على زيارته في مناسبات متفرقة، وخلالها يلتم شمل الأسرة، بحضور ابنتها منة الله، وولديه محمد وأحمد والأحفاد.

وحفل ألبوم الذكريات بصور شويكار مع المهندس وأولادهما، ودائماً كان الحنين إلى الدفء الأسري، يراودها في ذروة تألقها الفني، وانشغالها اليومي بالعمل في السينما والمسرح، ويتخللها أسعد الأوقات التي تمضيها في البيت، أو تصطحب الأبناء إلى نزهة في أيام العطل، وأحياناً كانت تلوم نفسها على احترافها الفن، وتتمنى لو كانت ربة منزل وزوجة بلا عمل، لتكرس حياتها لزوجها وأسرتها فحسب.

وفي مداخلة تلفزيونية، تذكرت منة الله موقفاً طريفاً، عندما كانت طفلة ونشأت مع محمد وأحمد كأشقاء، وذات مرة اصطحبتهم معها والدتها شويكار ووالدها الروحي فؤاد المهندس، إلى حيث كانا يعرضان إحدى المسرحيات في عاصمة عربية، وهناك طلب صحافي إجراء مقابلة خاصة مع منة الله، وبادر بسؤالها: هل الفنانة شويكار تعاملكِ جيداً؟ فاندهشت وأجابت: «نعم»، وأدركت أن الصحافي يظنها ابنة فؤاد المهندس، وأن شويكار زوجة أبيها!

الاهتمام والرعاية

وتتابعت أصداء الذكريات، حول هذا الرباط القوي الذي جمع منة الله بالفنان فؤاد المهندس، وكيف عوضها عن فقد والدها، ولم تشعر يوماً بأنه زوج أمها، فهو أغدق عليها بالحنان الزائد، وحرص على أن تجيد اللغة العربية الفصحى، وبالمثل احتضنت شويكار ولديه محمد وأحمد، ومنحتهما الاهتمام والرعاية طوال فترة زواجها بالمهندس، وما زالت أواصر المحبة تجمع بينهم.

عائلة الفن

بعد آخر لقاء بين شويكار والمهندس في مسرحية «مراتي تقريباً» عام 1990، تضاءلت فرصة عودتهما إلى المسرح، وعلقت النجمة هند رستم على هذا الأمر بقولها: «فقد المسرح ثلث قوته في غياب شويكار والمهندس»، واستشعر هذا الفقد نجم الكوميديا عبدالمنعم مدبولي (الضلع الثالث في مثلث النجاح والتألق على خشبة المسرح الكوميدي) وصاحب الفضل في منحها دور البطولة إلى جانب المهندس في «أنا وهو وهي» وتحويل مسارها الفني إلى التألق في المسرح الكوميدي.

وشارك مدبولي مع شويكار والمهندس في بطولة ثلاث مسرحيات «السكرتير الفني» و{الوصية» و{حالة حب»، وأخرج أول مسرحياتها «أنا وهو وهي»، وخلال التمرينات كانت تصغي باهتمام إلى نصائحه، وتعلمت منه فن «التنغيم الصوتي» في أداء أدوارها، والتدرج الانفعالي في تقمص الشخصية، وتناغم الأداء الحركي مع الموقف الدرامي.

وفي لقاء تلفزيوني تذكر النجم عادل إمام بدايته في «أنا وهو وهي» 1963 ودور الأستاذ دسوقي سكرتير المحامي، وكيف استطاع أن ينتزع ضحكات الجمهور إلى جانب فؤاد المهندس، وكيف دعمته شويكار في أولى تجاربه الاحترافية، وقال إنها ممثلة عظيمة وإنسانة رائعة. وتجدد لقاؤهما في مسرحية «حالة حب»، وفي السينما «إجازة بالعافية» 1966 للمخرج نجدي حافظ، و{الراجل ده حيجنني» 1967 إخراج عيسى كرامة و{شباب يرقص فوق النار» 1978 للمخرج يحيى العلمي.

في غمار هذه التجربة الفريدة، أدركت شويكار أنها ليست الوحيدة التي اعتزلت المسرح، فقد طاول الأمر نفسه زملاءها الذين ارتبطوا بالفرقة منذ عام 1963، ومن بينهم نظيم شعراوي ومحمد يوسف وحسن مصطفى وسلامة إلياس وغيرهم، كذلك تراجعت أعمال المؤلفين بهجت قمر وسمير خفاجي، وتفرق شمل هذه الأسرة الفنية، التي أثرت المسرح الكوميدي بعشرات الأعمال المتميزة، وتحوَّل بعضها إلى أيقونات إبداعية، وبلغت ذروة التألق في «إنها حقاً عائلة محترمة».

اعتبر النقاد أن شويكار ولدت نجمة في المسرح، وكان بإمكانها الاستمرار في الوقوف على خشبته، مثل سائر النجمات حول العالم. لكن مع انتشار الإنترنت والقنوات الفضائية في بداية التسعينيات، تعثر الإنتاج المسرحي والسينما، وانجرف الفنانون إلى تيار الدراما التلفزيونية، وغابت أفلام كبار المخرجين مثل محمد خان وخيري بشارة ونادر جلال وسمير العصفوري. وبمرور الوقت تراجعت أعمال كبار المسرحيين، كسمير العصفوري وجلال الشرقاوي، وتوقف مسرح محمد صبحي، وابتعد النجم عادل إمام بعد مسرحيته «الزعيم»، وتراجع مسرح كل من سمير غانم ومحمد نجم وسيد زيان، وهذا الأمر ترك فراغاً هائلاً في الساحة الفنية.

أبواب القلب

لم تجد شويكار الشخص المناسب الذي ترتبط به، واعتبرت أن فؤاد المهندس حبها الأول والأخير، فأغلقت أبواب قلبها على أجمل ذكريات عمرها، ورفضت عروض الزواج من كثيرين، سواء من الوسط الفني أو خارجه، ومن بينهم الكاتب المسرحي بهجت قمر الذي كتب لها خصيصاً «حواء الساعة 12» و{سيدتي الجميلة»، ووجدت «الليدي» أن ثمة صعوبة بالغة في الارتباط بشخص آخر، فقد تزوجت مرتين، وفي المرة الأولى صارت أرملة دون العشرين من عمرها، وتكاثرت عليها الهموم، ولم يخفف عنها سوى ابنتها منة الله، وخاضت التجربة الثانية مع المهندس، وصار زوجها وحبيبها وأستاذها في الفن والحياة.

ورغم انفصال شويكار عن المهندس، فإن الأخير ظل يحمل مشاعر الحب والتقدير لشريكة مشواره الفني، وكان يتحدث عنها باعتزاز، ويقول إنها فنانة من طراز خاص، ونسخة متفردة غير قابلة للتكرار، ويردد دائماً أنها الحب الأول والأخير في حياته، ولكن كل شيء «قسمة ونصيب»، وأنه لم يكن مقدراً لتلك العلاقة أن تمتد أكثر من ذلك. ومثلما كان ارتباطهما شديد الرومانسية، افترق الحبيبان في هدوء، ولم يفصحا عن أسبابه، وكأن بينهما ميثاقاً للتعامل الراقي، حتى في أصعب لحظة تمر بأي زوجين، الذهاب إلى المأذون للمرة الأخيرة.

أرشيف الإذاعة

تجاوز رصيد شويكار الفني 60 فيلماً و14 مسرحية و20 مسلسلاً إذاعياً و10 مسلسلات تلفزيونية، واعتاد الجمهور خلال شهر رمضان على حضورها في الدراما الإذاعية لسنوات طويلة، وتباعد اللقاء منذ نحو 20 عاماً، إذ اختفت النجمة الجميلة من كواليس مبنى ماسبيرو، وظل الحنين يراودها للوقوف إزاء الميكروفون، وبحثت عن النص المناسب، ولكنها لم تعثر عليه، فألقت بالكرة في ملعب القيمين على الإذاعة، وتجاهلهم كبار النجوم.

وما زال أرشيف شويكار في الإذاعة، يُجدِّد حضوره على خريطة السهرات الدرامية، واستعادة روائع الأعمال الدرامية، ومن بينها «شنبو في المصيدة» و{العتبة جزاز» و{انت اللي قتلت بابايا». ورغم انتقاد البعض هذه الأعمال، فإن النجمة الجميلة سجلت اعتزازها بما قدمته خلال هذه الفترة، مؤكدة أن إضحاك الجمهور ليس سهلاً، وسيظل جوهر الكوميديا في كل عصر، وهذا الأمر لا يتعلق بالفن فحسب، بل في حياة البشر، وحاجتهم الدائمة إلى التخفيف من همومهم بالضحك.

رفضت شويكار المفهوم الخاطئ للكوميديا، واعتبارها فناً رخيصاً، وأن الأعمال الجيدة تقتصر على التراجيديا، وأوضحت أن ذلك تسبب في ظلم كبير لكتاب ومخرجين كبار مثل المخرج فطين عبدالوهاب مكتشف موهبتها الكوميدية في السينما، فهذا المبدع لم يُكرَّم، فقط لتصنيفه كمخرج كوميدي، رغم نجاح أعماله جماهيرياً، ومن بينها «أرض النفاق» الذي قامت شويكار ببطولته مع فؤاد المهندس وسميحة وأيوب، و{مراتي مدير عام» بطولة شادية وصلاح ذو الفقار.

الأدوار الفارقة

طوت شويكار صفحة المسرح، واتجهت بقوة إلى السينما حيث قدمت كثيراً من الأدوار الفارقة، وتعاونت مع كبار المخرجين كصلاح أبوسيف وهنري بركات ويوسف شاهين وكمال الشيخ وفطين عبدالوهاب وحسام الدين مصطفى، ومن الأجيال اللاحقة علي بدرخان وسمير سيف وعاطف الطيب، وغلب على شخصياتها في أعمالها الأخيرة الطابع التراجيدي، لا سيما بعد انفصالها الفني عن فؤاد المهندس.

ومنذ بداية التسعينيات تراجع ظهورها السينمائي، ورفضت سيناريوهات كثيرة دون المستوى، وظلت تبحث عن النص الجيد، فشاركت عام 1993 في بطولة فيلم «أمريكا شيكا بيكا» الذي شكل إضافة حقيقية لها في ذروة نضجها الفني.

وفي ذلك الوقت، انضمت شويكار إلى فريق مسلسل «الفراشات تحترق» تأليف أبوالعلا السلاموني الذي يحكي قصة حياة الفنانة كاميليا ونهايتها المأساوية في حادث طائرة عام 1951. ولكنها انسحبت بعد خمسة أيام من التصوير، وأرجعت تعثر المسلسل إلى أسباب إنتاجية، وعدم تقاضي أجرها. كذلك رفضت المشاركة مع فريق آخر، وبدوره اعتذر المخرج علي بدرخان عن العمل، وحل مكانه المخرج عاطف البكري، وتوالت الأزمات على هذا المشروع الدرامي.

نزهة مع قرد في حديقة الحيوان!

تعلمت شويكار حب الحيوانات من فؤاد المهندس، حتى أن مجلة «الكواكب» (واحدة من أعرق المجلات الفنية في مصر) نشرت لهما صورة على غلافها وهما يتنزهان داخل حديقة حيوانات الجيزة» بصحبة قرد! وفي حوار صحافي أجري معها قبل سنوات، قالت شويكار: «كان فؤاد يحب الحيوانات جداً، ويعشق الحيوانات المفترسة، وقال لي إن أول ثلاث سنوات له في الجامعة أمضاها داخل حديقة الحيوانات، وأثناء زواجنا سافرت معه إلى كثير من دول أفريقيا من أجل زيارة الحيوانات».

شويكار تنافس عبدالحليم حافظ

بعد نجاح المسلسل الإذاعي «أشجع رجل في العالم» 1968، من بطولة شويكار وأمين الهنيدي، ظهرت في العام نفسه النسخة السينمائية للمخرج حسن الصيفي وقدمت شويكار خلالها بعض الأغاني الاستعراضية، من بينها «حضرة الأستاذ ضربني» على لحن «كامل الأوصاف» للعندليب عبدالحليم حافظ، وتقول كلماتها: «حضرة الأستاذ ضربني، قال عشان بيغششوني، آه يا رجلي آه يا عيني، ليه ضربني ليه، شد ودني ليه، آه يا عيني».

واعتادت شويكار الغناء في كثير من أعمالها الكوميدية، وصنعت مع فؤاد المهندس «دويتو» غنائياً ذا طابع فكاهي، وبدأت من خلال مسرحية «أنا وهو وسموه» عندما وافق الموسيقار محمد عبدالوهاب على وضع الموسيقى والألحان لهذا العمل. ولم تكن المغامرة الأولى لموسيقار الأجيال مع الاسكتشات ذات الطابع الكوميدي، وسبقها في فيلم «عنبر» 1948 بطولة أنور وجدي وإخراجه، ولحن عبدالوهاب اسكتش «اللي يقدر على قلبي» للمطربة ليلى مراد ونجوم الكوميديا في ذلك الوقت إسماعيل ياسين ومحمود شكوكو وعزيز عثمان وإلياس مؤدب.

وفي أثناء تمرينات «أنا وهو وسموه» اختبر عبدالوهاب أداء شويكار والمهندس، واقتنع بموهبتهما الغنائية، وثمة فيديو نادر لجلسة جمعت بينهم، وهو يدندن على العود كلمات الشاعر حسين السيد «تعرف جدي السابع سنقر»، وشارك في الجلسة الموسيقار علي إسماعيل الذي وزّع الألحان. وأظهر اللقاء خفة ظل الموسيقار في شرح التدرج الانفعالي للحن، وتجاوب شويكار في الأداء، وتصفيق فؤاد المهندس.

لم يكرِّر عبدالوهاب التلحين لشويكار، بينما لحن للمهندس أغنية «أنا واد خطير» كلمات حسين السيد في فيلم «جناب السفير»، الذي قام ببطولته كل من سعاد حسني ورشدي أباظة، وأنتجته شركة «صوت الفن»، بينما قدمت شويكار كثيراً من الأغاني في «شنبو في المصيدة» و{العتبة جزاز» و{أخطر رجل في العالم» وغيرها.

وتعد أغنية «الصيام مش كده» آخر لقاء غنائي بين شويكار والمهندس، كتبها الشاعر حسين السيد ولحنها الموسيقار حلمي بكر، واستعاد مؤلفها أصداء نجاح أغنية «الراجل ده حيجنني» للشحرورة صباح والمهندس، والتي لحّنها الموسيقار محمد الموجي في الستينيات، وحققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً.

وتشابهت الأغنيتان في تقديم صورة غنائية ساخرة عن العادات السيئة في شهر رمضان، والمشاجرات اليومية بين الزوجين على الطعام، ودخلت شويكار في منافسة مع الشحرورة إزاء المهندس، وظن البعض أن «الصيام مش كده» لن تحقق نجاحاً مماثلاً لأغنية «الراجل ده حيجنني، ولكن «الليدي» خالفت التوقعات وأثبتت أنها تملك حضورها كمغنية.

·     لغز انسحاب «الليدي» من مسلسل «الفراشات تحترق»

·     هند رستم تعبر عن حزنها بعد اختفاء زميلتها من المسرح

·     «منة الله» تواجه أغرب سؤال عن علاقتها بزوجة المهندس!

 

الجريدة الكويتية في

14.05.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004