كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

القدس في السينما العالمية

( 3 )

 بقلم: عبدالستار ناجي

النهار الكويتية

في رمضان.. سير وحلقات في الصحافة اليومية الكويتية

   
 

فيلم «القدس»..

الرعب يكمن تحت المدينة المقدسة

 
 
 
 
 
 
 
 

الفيلم رعب إسرائيلي لكنه يعرض حضوراً صريحاً لزهرة المدائن

فيلم «القدس» الرعب يكمن تحت المدينة المقدسة!

عبدالستار ناجي

من الافلام التى ذهبت الى مدينة القدس وطافت في ارجائها وشوارعها وازقتها وحواريها يأتى فيلم الرعب القدس وهو مكتوب باللغة الانكليزية Jeruzalem. 

ونلاحظ هنا ان حرف الزد قد جاء ليذهب بالمعنى الى دلالات اضافية تشير الى عوالم الرعب ولربما الزومبي. مع انتشار موجه تلك الاعمال السينمائية

تعاون في اخراج الفيلم الاخوين باز وهما -دورون باز- وياف باز- وقد عرفا بتقديم افلام الرعب مثل افلام -غوليم- و-بلان اي- و-فوبوديلا- وغيرها من الاعمال السينمائية التى عرفت بسينما الرعب الاسرائيلية

تبدأ حكاية الفيلم مع الصديقين سارة دانييل جادلين وراشيل يائيل جروباس المحبة للمرح. والذين يسافرون الى تل ابيب لقضاء عطلة الصيف. سارة مازالت حزينة على وفاة شقيقها الاكبر. ولهذا تبدو اسرتها قلقة عليها خلال هذة الرحلة الى تل ابيب

على متن الطائرة المتجهة الى تل ابيب تقابل المرأتان الشاب الوسيم كيفين يون توماركين عالم الاثار الذى اقنعهما بالتخلي عن خططهما والتواصل معه الى القدس. ويبدو ان هذه الفكرة لم تكن جيدة لانها فتحت امامهما ابوابا مشرعة على المفاجآت المقرونة بالرعب والاثارة

هناك يتعرفون على صديق كيفين وهو شاب عربي اسمه -عمر- وهو شخص ودود يقومان بالسكن في منزل اسرته المهجور. حيث تتكشف لهم الكثير من الحكايات خصوصا وهن يقمن بالتجوال في المدينة المقدسة مدينة الاديان السماوية

رغم اننا امام فيلم اسرائيلي محلي بحت الا ان حضور مدينة القدس يظل طاغيا عبر تلك الرحلة التى تأخذنا الى احياء المدينة القديمة. ولكن الفتيات تسقط عليهن اللعنة المقدسة حيث يواجهن عدداً من الشخصيات التى تخرج من السراديب لتشير الى ازمنة ساحقة عاشتها هذه المدينة المقدسة

ورغم كمية الملاحظات على الفيلم في استخدامه لنجوم اسرائيليين مع لهجة اميركية ممسوخة لا تحمل اى دلالات سوى محاولة عرض الفيلم في الاسواق الاميركية ضمن اطار موجة افلام الرعب التى تجتاح العالم بين الحين والاخر ومحاولة الزج باسم مدينة القدس في لعبة تجارية سينمائية

ويبدو ان الميزانية الضيقة للفيلم جعلت فريقه يلجأ الى لعبة الكاميرا المحولة وايضا تلك المغامرات في التجوال في مدينة القدس بجميع قطاعاتها الشرقية او الغربية

في الفيلم الكثير من المصادفات اعتبارا من الرحلة ثم اللقاء في الطائرة مع كيفين الذى يدلهم هو الاخر على صديقه العربي -عمر- ثم السكن في المنزل الذى يمتلكه عمر وهكذا تمضي المصادفات الواحدة تقود الى الاخر في متاهات من المصادفات

حتى اختيار يوم التكفير -يوم الغفران جاء من اجل تطوير المصادفات حيث يجد المجموعة انفسهم في يوم الغفران حيث يمنع التجوال وهو اقدس يوم في السنة اليهودية. وخلال ذلك اليوم يتم اغلاق المتاجر ويتوقف البث الاذاعي والتلفزيوني وغيره من الحكايات التى تبرر ما هو قادم من احداث لتبرير لعبة الرعب التي تذهب اليها شخصيات الفيلم المحورية التى تجد نفسها في احد السراديب امام مخلوقات نادرة لا نعرف هويتها وشخوصها.. سوى انها جزء من اللعنة المقدسة.

في ذلك اليوم المخصص حصريا للصلاة والصيام لن يقوم اى يهودي متدين بالخروج من منزله او اجراء لقاءات تلفزيونية. في ذلك اليوم قام فريق الفيلم بتصوير النسبة الاكبر من احداث الفيلم على انهم يصورون فيلما وثائقيا تم تحويله لاحقا الى فيلم رعب على الطريقة الاسرائيلية

الخمسون دقيقة الاولى من الفيلم لا تقود الى شيء سوى حكاية الفتاتين القادمتين من اميركا لقضاء اجازة ومجموعة المصادفات من اللقاء بكيفين ثم عمر والاقامة في منزلة ولاحقا الاضطرار لعدم الخروج في يوم الغفران وما اعقب ذلك من احداث بعدها نجد انفسنا في دوامة من الاحداث هى بين الرعب والتوثيق للمدينة المقدسة بجميع شخوصها وازقتها.. 

بل ان المصدافة تأخذ الفيلم وشخوصه عبر النص الركيك الذى كتبه الاخوان باز الى ان معادلة الاديان الثلاثة التى تحكم مدينة القدس تجعلهم يذهبون الى العوالم السرية او الخفية عبر فرضيات غير منطقية عن وجود شخوص من ارث الاديان بالذات المسيحية مغضوب عليهم يحاولون الخروج من تلك الانفاق والدهاليز التى يجد عناصر الفيلم انفسهم يذهبون اليها من اجل تجاوز منع التجوال في يوم الغفران

كل الزوايا التى تم الاشتغال عليها للتعامل مع موضوع الاديان المقدسة الثلاثة ترتكز على مدينة القدس سواء الاماكن اليهودية او المسيحية او المسلمة منها

جميع نجوم الفيلم من الممثلين الاسرائيليين حتى شخصية عمر جسدها الممثل الاسرائيلي -توم جراستياني- وهناك الممثل ذو الاصول العربية فارس حنانية

ادار التصوير روتيم يارون معتمدا على الكاميرا المحولة والمتحركة وهو جانب يكشف لنا ظروف انتاج هذا الفيلم ضمن ظروف انتاجية ضيقة

رغم ان شخصيات الفيلم آمنوا جميعًا بآلهة مختلفة واديان سماوية مختلفة، لكنهم في تلك الليلة كانوا جميعًا يتعاملون مع نفس الشيطان.. استطاع ان يأسرهم ويسلبهم عقولهم ويأخذهم الى متاهات بعيدة تحول تلك الليلة الي جحيم مظلم

ضمن الوثائق التى ذهب اليها ثنائي الفيلم على صعيد الكتابة والاخراج حكاية جرت احداثها في عام 1972. وهو ما اشار اليه صناع الفيلم في حوار معهما لصحيفة هوليوود ريبورتر الاميركية. ففي عام 1972، تم استدعاء كاهنين لتسجيل حدث في القدس. لقد تم الكشف عن دعوة الكهنة اليهود والمسلمين والمسيحيين إلى القيام بطرد الأرواح الشريرة على امرأة توفيت قبل ثلاثة أيام. يدعي ابنها أنها كانت هادئة في البداية عندما عادت من القبر إلى منزله، لكنها أصبحت عنيفة في وقت لاحق، ما أدى إلى إصابة زوجها. بعد محاولات فاشلة لعلاجها، يقرر الكهنة أنه ليس لديهم خيار سوى قتل المرأة. في محاولة أخيرة، تصرخ المرأة وهي تنتشر في الأجنحة الجلدية، قبل أن يقتلها كاهن مع عرين. يذكر الراوي أن الأحداث الغريبة لعام 1972 كانت الدليل الأول على بوابة إلى الجحيم في القدس.

تلك الحكاية رغم غرابتها وغموضها شكلت احدى محاور هذا الفيلم. ولكن ما يعنينا هو تجليات حضور مدينة القدس في هذا الفيلم فنحن امام حضور يمضي طيلة احداث الفيلم. بل ان الفيلم لا يشوه الاخر ولا يتطاول على الاديان والشخوص المسلمة منها او اليهودية او حتى المسيحية، بل اننا طيلة احدث الفيلم نشاهد الشخصية المحورية وهى ترتدي الكوفية العربية الفلسطينية

ونخلص.
رغم اننا امام فيلم رعب اسرائيلي الا اننا امام حضور صريح لمدينة القدس بكل معطياتها كحاضنة للاديان ومركز لتلك الاديان السماوية الثلاثة الاسلام والمسيحية واليهودية.

 

النهار الكويتية في

09.05.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004