كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

القدس في السينما العالمية

( 14 )

 بقلم: عبدالستار ناجي

النهار الكويتية

في رمضان.. سير وحلقات في الصحافة اليومية الكويتية

   
 

فيلم «الحرب العالمية زد»..

عرب القدس يهددون العالم!

 
 
 
 
 
 
 
 

قراءة سينمائية تمزج السياسة والدين بالمغامرات

«الحرب العالمية زد» .. عرب القدس يهددون العالم!

عبدالستار ناجي

يأخذنا فيلم الحرب العالمية زد الى زاوية تنظر الى القدس من منظور مختلف شكلا ومضمونا يحمل الكثير من العداء الصريح والواضح . حيث يمثل فيلم الحرب العالمية زد واحدا من أبرز الاعمال السينمائية، التي تمثل بوز المدفع في الدس ضد العرب والمسلمين، بل انه يصف العرب والمسلمين بـ الزمبي الذين يهددون البشرية بالدمار والموت. ويحدد الفيلم العرب المقيمين في مدينة القدس عبر مشهديات تظل القدس حاضرة من خلالها كرمز للتهديد والمطالبة بابادته تلك المخلوقات الميتة والمميتة في الحين ذاته. ونحن نأسف لاستخدام مثل هذه المفردات ولكنه واقع التجربة السينمائية التي تذهب الى استحضار القدس في واحد من اهم النتاجات السينمائية ولكن بمنظور مشبع بالدس والتشويه. ومن خلال هذه السلسلة السينمائية نستدعي جملة النتاجات السينمائية التى تتناول حضور مدينة القدس سواء بشكل صريح مباشر او عبر الدلالات والاشارات . وهنا نحن أمام حضور يأخذ مساحة زمنية شاسعة من عمر الفيلم .

تذهب الحكاية المحورية التي يطرحها الفيلم، الى حكاية موظف الأمم المتحدة السابق جيري لين براد بيت الذي يجوب العالم في مواجهة أخطار مجاميع الزومبي التي راحت تجتاح العالم كزرع الدمار لإبادة البشرية.

رحلة تقوده للبحث عن ذلك المرض الذي يجتاح العالم والقادم من الزمبي، وتوصلة الرحلة الى اسرائيل، وهنا كل الدس.. بل اننا نعتقد بان الفيلم بكامله صنع من اجل تلك المشهديات التي تبرر وجود جدار الفصل العنصري، الذي رفعته اسرائيل، والذي يدعي الفيلم بانه لعزل الزمبي وحصارهم، والزمبي هنا من العرب والمسلمين.

فيلم يمزج المغامرة، بكثير من الدس، ضمن مواصفات فيلم هوليوودي رفيع المستوى، وقد تعاون في كتابة سيناريو الفيلم كل من ماثيو ميشيل كارنهان ودرو جودارد ودايمون لاندليف وجي. ميشيل ستدارسكي، والعمل مقتبس من عمل درامي بنفس الاسم من تأليف ماكس بروكس، ومن بين تلك الاسماء مجموعة من الاسماء اليهودية بالذات مآس بروركسل وهل نجمل النجم الاميركي بيل بروكس وهذا الاخير معروف بيهوديته وعنصريته.

الفيلم صورت مشاهده الخارجية في مالطا، على انها في دولة اسرائيل، حيث تم الاستعانة باكبر عدد من نجوم السينما الاسرائيلية، ومن بينهم عساف حاييم بن شيمون ويانيف رولا وشاؤول ازير وغيرهم من الاسماء.

وفي محطة اسرائيل، نحن امام حكاية حيث محاولة دولة اسرائيل بمواجهة الزومبي، ولكن ما لا يمكن تقبله هو تلك التبريرات التعسفية، والمقولات المزيفة، وتشويه الآخر. وتحويل سكان المدينة المقدسة الى موتى الزمبي الذين يهددون امن العالم ويلتهمون كل شيء حي

حيث يتم تصوير الجيش الاسرائيلي ووكالات الامن كحراس على القدس، ولهذا تم بناء جدار الفصل العنصري من أجل الحفاظ على الكسالى كما يدعي الفيلم مقفل عليهم وراء ذلك الجدار. كما يطرح فيلم الحرب العالمية زد على اعتبار الجدار اداة ايجابية وضرورية لخلاص البشرية، من شرور الزمبي خلف الجدار وهم العرب والمسلمين الذين تحولوا الى زومبي، كما يصف الفيلم وفي أكثر من مشهد الجنود الاسرائيليين على انهم الأبطال والحماة، والعمل على تضليل المشاهدين وتشويه الواقع وتزييفه، علما بأن جميع تلك المشاهد، تم انجازها في دولة مالطا في البحر الأبيض المتوسط، حيث تم بناء ديكورات مشابهة للمدينة المقدسة وايضا للجدار.

وسيظل هذا الفيلم بأسلوبه وشكله الهوليوودي التقليدي واحدا من اكثر الافلام، التي تحمل الدس ضد العرب ووالتشويه ضد المسلمين وتبرير الكثير من الممارسات التي تقوم بها دولة اسرائيل، بالذات، فيما يخص الجدار الذي يراه الفيلم كمخلص ومنتقد لحماية البشرية من أخطار العرب الزمبي.

ولعل المشاهد الاولى التي تبدأ معها رحلة محقق الأمم المتحدة السابق جيري لين برادبيت الى كوريا الجنوبية اولا، تجعلنا نقتنع بجدية البحث، حتى تصل الى القدس لتبدأ عملية الدس الصريح والتي تبلغ ذروتها حينما يتم التعاون وهنا يتم يستعين جيري بوكالة الموساد الاسرائيلية عبر الضابط يورغن وميربنورن، لتبدأ سلسلة من الاكاذيب المقرونة بالمغامرات على طريقة افلام هوليوود التي تحبس الانفاس، ودائما المهتم الرئيس، والخطر الاكبر.. وهم الزومبي، وهم في القدس العرب والمسلمين الذين تم عزلهم بواسطة الجدار، الذي يأتي بطلب من خبراء اسرائيليين كما يقول الفيلم لحمايتهم وحماية البشرية الحقيقية الا ان هجوم العرب الزمبي يتزايد.. لتبدأ الحرب الطاحنة.

وتمضي أحداث الفيلم، لتركز تلك الصورة السلبية عن العرب والمسلمين، حينما يقدم لنا ميزانيته تجاوزت 125 مليون دولار وعرض للأسبوعين الأول والثاني في 6 صالات في أميركا الشمالية الولايات المتحدة وكندا، دفعة واحدة، ولاحقا في 100 حول العالم، فأي صورة وأي ردة فعل يمكن ان تحدث عند المشاهد العادي، وهو يشاهد الزمبي العرب وهم يهاجمون العالم، ويشكلون الخطر الداهم على البشرية.

فيلم شديد الخطورة، يذهب بنا الى المغامرة، والى الدهشة، ليمرر الكثير من القضايا التي يريدها والتي تخدم أهدافا محورية واستراتيجية لدولة اسرائيل، وفي مقدمتها، تقديم صورة العرب والمسلمين بشكل مشوه، وايضا تبرر الجدار وغيره من القضايا بالذات، حينما يصف الفيلم بأن من هم خلف الجدار وهم العرب والمسلمون هم الزمبي الأخطر على البشرية.

لقد جاء إقحام اسرائيل في الفيلم، اصلا، بشكل فج، ودون اضافة الى الفعل الدرامي، وهذا ما يؤكد النوايا وراء هكذا نوعية من الأعمال السينمائية التي تأتي لخدمة غايات وأهداف سياسية صريحة.

الفيلم يظهر اسرائيل على انها الدولة الوحيدة في العالم، التي تنبهت الى خطر ذلك الفيروس الذي اجتاح العالم، واستفادت من جدارها العازل لإنقاذ شعبها المختار. والدس الأكبر حينما تأتي المقولات التي سبقت قرارات الرئيس الأميركي ترامب بأن القدس عاصمة دولة اسرائيل وهى تبذل المستحيل من أجل تنظيف وحماية تلك المدينة من خطر تلك الشخصيات الكسولة والمريضة.

وفي الفيلم كمية من الحكايات، التي تمجد بدولة اسرائيل، من بينها الحكاية التي تشير الى إنسانية دولة اسرائيل، التي وضعت بوابات صغيرة في الجدار لاستقبال الناس الذين لم يتعرضوا للفيروس والموجودين في الخارج، وذلك دون أن تكترث بانتماءاتهم الدينية أو الفكرية، لأن الاهم كما يقول الفيلم الدعائي هو إنقاذ البشرية بأي طريقة.

ولكن الفيلم يظل يصر على أن من هم في الجانب الآخر هم الزمبي وهم العرب والمسلمون الذين يشكلون الخطر الصريح والواضح ضد البشرية والعالم.

فيلم متقن الصنعة، ولكن يدس السم وسط تلك الاحترافية العالية، التي قد تمر على الكثيرين، كما مرت على جميع دول العالم.. حيث عرض الفيلم حتى في الأسواق العربية، وراح الجميع يصفق لانتصار يرسخ صورة العربي والمسلم.. على انه زمبي العصر الجديد. فيلم يدعو لطرح الكثير من الأسئلة.. ولعل أولها.. ماذا فعلنا نحن لمواجهة هكذا شرور، واحقاد، وعمل إعلامي منظم لتشويهنا.. وتدمير صورتنا.

فيلم يذهب الى مدينة القدس ليقول الكثير عنها ولكن بالصورة التى يريدها من وراء صناعة هكذا نوعية من الأعمال السينمائية المشبعة بالدس والكذب والتزييف .

 

النهار الكويتية في

30.05.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004