بعد ستة حلقات - او سبعة - من مسلسل لعبة الفيديو
الأشهر في العالم تقريباً؛ "غازية القبر
Tomb Raider"،
فان البطلة لارا كروفت او المكافئ الأنثوي لإنديانا جونز، بالكاد تنجو من
موت محقق في مغامراتها الأخيرة … لكن احتمال موتها يبدو مزدوجاً، إذ تواجه
خطر موت آخر … (جماهيري)، بعد التكرار والرتابة التي تسود في الحلقات
المستمرة من الألعاب، وعلى مختلف المنصات الإلكترونية
(Platforms).
لكن من يُنقذ (لارا كروفت) من كل هذه المخاطر، وعلى الأخص التجاهل والنسيان
شبه الحتمي؟ … هوليوود بالطبع؛ واعني استوديوهاتها بإمكاناتها المالية
والتقنية والفنية الكبيرة، التي تعمل على حَلْبْ واستنزاف المُنتج الناجح
(تجارياً) الى الحد الاقصى، تعويضاً عن النقص في الإبداع والخيال والخوف من
المغامرة. ان ما تحتاجه الشخصية الافتراضية (لارا كروفت) هو عملية شد وجه
(face
lift)
او لنقل عملية شد للصورة الإعلامية، بواسطة أفلام ذات ميزانيات ضخمة
وحملات دعائية عريضة، تتجاوز بكل المقاييس مع ما حصل في السابق مع العاب
فيديو مثل (الاخوة ماريو) و(القتال المميت) و( حرب الشوارع ) وغيرها، التي
تحولت الى أفلام ركيكة، ضعيفة المستوى، لا تليق بالشاشة العريضة.
ان الشركة المنتجة
(Paramount)
لم تترك شيئاً للصدف، إذ تعاقدت مع مخرج أفلام الحركة المشهور (سيمون ويست)،
مخرج افلام مثل
(Con Air)
و (ابنة الجنرال). وفي الإنتاج هناك (لويد ليفن)، منتج أفلام مثل
(Boogie Nights)،
كما ان التصوير جرى في استوديوهات
(Pinewood)
في لندن، أحد اكبر الاستوديوهات في اوربا، وبطاقم عمل ومساعدين ذوي خبرة
عالية في أفلام الحركة مثل أفلام جيمس بوند والمومياء وغيرها. اما المشاهد
الخارجية فقد تم تصويرها في كمبوديا وأيسلندا بالإضافة الى بريطانيا، كما
ان الديكورات ومواقع التصوير هي الأفخم والأغلى … وبالطبع هناك النجمة
الشابة الحائزة على الأوسكار؛ (أنجلينا جولي) لتجسد الشخصية الإلكترونية (لارا
كروفت) وتكسبها مظهراً إنسانياً (سينمائياً على الأقل). ولكن هل تكفي كل
هذه الأشياء التي ذكرناها سابقاً؟ إذ بدون قصة (مقنعة)، تتهاوى أفلام من
هذا النوع بسهولة. يقول المخرج (ويست): "لقد كان النص الأولي من النوع
المتوقع جداً". لذا أجرى المخرج مزيداً من الأبحاث والدراسات لتتركز القصة
حول حدث كوني مهم هو "وقوع مجموعة الكواكب السيارة على خط واحد، وهو حدث
نادر باعتباره العنصر الرئيس في الحبكة. وكل من يعرف (لارا كروفت) يدرك
أهمية مصر (بآثارها الفرعونية الغزيرة) في لعبة (غازية القبر) بحلقاتها
المختلفة، وهذا بالضبط ما يبتعد عنه المخرج الى مواقع اخرى غير متوقعة مثل
كمبوديا وأيسلندا، خصوصاً ان الثيمة المصرية قد استهلكت في العديد من أفلام
الحركة مثل المومياء – بحلقاته المتعددة.
لاحقاً، أضاف المخرج الى القصة عنصراً عاطفياً خاصاً
– إذ إن الثيمة الرئيسة في القصة تتلخص ببحث (لارا) عن شئ ما، لكن هذا
الشيء له دلالات وأصداء عاطفية؛ إذ يتعلق بوالدها الذي تركها او تخلى عنها
عندما كانت طفلة صغيرة. ولزيادة الوقع العاطفي، فإن دور الأب في الفلم،
لعبه والد (انجلينا جولي) الحقيقي؛ النجم (جون فويت). وهذا العنصر العاطفي
(أب – ابن او ابنة) يذكرنا بأخر أفلام المستكشف انديانا جونز؛ (الحملة
الأخيرة) حيث لعب النجم (شون كونري) دور الأب.
واخيراً، والاهم ايضاً، ان النجمة (انجلينا جولي)
تنغمس كلياً في الدور الى الحد الذي يجعل المخرج يقول: "ان انجلينا جولي هي
لارا كروفت"، "وهي تتصرف مثل لارا كروفت بالضبط في كل المواقف". وبالنسبة
للمنتج – والشركة المنتجة كذلك – فانه من الضروري صنع فلم كبير بمعنى
الكلمة، لتبرير وجود نجمة من عيار انجلينا جولي. وقد دخلت (انجلينا) منذ
اختيارها للدور برنامجاً تدريبياً لمدة ثلاثة اشهر او اكثر تحت إدارة مخرج
الوحدة الثانية (المخاطر
stunts)
سيمون كرين، لتكون مهيأة تماماً لأداء الحركات الصعبة (المميزة) لشخصية (لارا
كروفت). وكما شاهدنا في فيلم
(X-Men)
المبني على القصص المصورة، وبتأثير من فلم (ماتريكس) أيضا، فأن الملابس
(الملونة) المميزة للارا كروفت، تختفي لصالح ملابس تغلب عليها الالوان
السوداء والرمادية. ولذلك سبب آخر أيضا، إذ كما يقول مصمم الأزياء الحائز
على الأوسكار (لندي هيمنغ): "ان (انجلينا) لا تحس بالراحة في الملابس
الملونة، لذا كان الميل واضحاً الى الألوان السوداء والرمادية، والتي – في
نفس الوقت – تعطي للفلم مظهراً عصرياً ذي مزاج خاص …". لكن المخرج والمصمم
أيضا، لا يفوتهما ان يطمئنا الجمهور عموماً وعشاق (لارا كروفت) خصوصاً؛ الى
ان ملابس البطلة ستكون كاشفة جداً (او لاصقة جداً بالأحرى). كما تستعرض
البطلة مفاتنها في العديد من المشاهد، حيث لن يتجاوز مجموع ملابسها …
بيجامة خفيفة أحيانا او منشفة حمام في احيان اخرى. وجميع ملابس ومعدات
البطلة من الأسلحة والحقائب والملحقات مصممة بحيث تتفق مع ذوق (انجلينا)،
وفي نفس الوقت لتعطي الصورة الظلية المضبوطة
Silhouette
المميزة لـ (لارا كروفت)، بصدرها الكبير وظفيرتها الطويلة والمسدسين حول
خصرها النحيل، إضافة الى حقيبة الظهر التي تحوي باقي معداتها.
وفي النهاية يتساءل عشاق العاب الفيديو في كل أنحاء
العالم، هل هذه الأفلام أمينة في اقتباسها لأجواء وروحية اللعبة؟ ام انها
ستأخذ ببطلتهم الى أبعاد جديدة او باتجاهات أخرى؟ … لا ندري، لكننا مقتنعون
تماماً، ان (انجلينا جولي) ستترك بصماتها بقوة على (لارا كروفت) من الآن
فصاعداً … لأنها هي لارا كروفت!