مُرَكَّب كلمة "غزة- ستروف" مستوحى من كلمة
بالفرنسية هي "كتاستروف" ومعناها الكارثة. وهذا الشبه اللغوي بين الكلمتين
جاء للإشارة إلى أن "الحرب على غزة" بين ديسمبر 2008 ويناير 2009 تشبه في
نتائجها وآثارها صور كارثة إنسانية.
"غزة- ستروف" هو عنوان فيلم وثائقي فرنسي شارك في
مهرجان دبي السينمائي 2010 ضمن مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقية. كان
الهدف من إنجاز الفيلم، كما جاء على لسان صاحبيه سمير عبد الله وخير الدين
مبروك هو تصوير الواقع الكارثي الذي خلفته الحرب على غزة والظروف
اللاإنسانية التي بات يعيشها الفلسطينيون ومحاولة عرضها للجمهور الغربي من
أجل كسر التعتيم الإعلامي حول هذه القضية. وقد تم تصوير الفيلم يوما أو
يومين بعد إعلان الهدنة في غزة، ولو أنه اعتمد في طياته على بعض مشاهد
الحرب.
ويتميز هذا الفيلم الذي نال اهتمام جمهور كبير في
الغرب وخاصة على الشبكة بعناصر فنية وجمالية إلى جانب أهميته الإعلامية.
أولى هذه العناصر هو سبقه إلى تغطية – وخاصة-
توثيق آثار عدوان غزة.
ونظرا لكون الفيلم أنتج ليس لمخاطبة الفلسطينيين
أو العرب وإنما الجمهور الغربي، ولأن صاحبيه هما من العرب الذين يعيشون في
أوروبا، فقد تماهى الفيلم مع العقل والوجدان الأوروبيين.
في هذا الإطار تم طرح قضية الشعب الفلسطيني
والعدوان على غزة في إطار قضية الحقوق وذلك لقدرتها على تحريك وجدان
الجمهور الأوروبي وتوليد السؤال لديه. لذا كانت تساؤلات الفيلم حول حق
الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفي أن تكون له دولته المستقلة وحق
فلسطينيي غزة في حماية دولية وأن ينعموا بحياة كريمة وبالحق في الأكل
والشرب والسكن والصحة وأن تكون لهم وسائلهم الترفيهية، الخ.
وفي إطار تطويع الأشياء لتوجههما الفكري والسياسي
قام المخرجان باستنطاق الواقع بالاعتماد على ما يمكن أن نطلق عليه تسمية
"الديسبوزيتيف" والذي تمثل في أفراد ينتمون إلى المركز الفلسطيني لحقوق
الإنسان يتميزون بوعي كبير بالواقع ومصداقية اجتماعية لدى كل الأطراف
الداخليين والخارجيين، كما أكد حضور هؤلاء الحقوقيين على البعد الحقوقي
والخلفية الحقوقية للفيلم. ونتج عن هذا الاختيار – سينمائيا- مشاهد دردشات
فلسطينية حميمة منعت من إظهار الفلسطينيين مثل أفراد منهكين وضعافا. من جهة
أخرى ساعدت تلك الجلسات الجماعية والعائلية على إعطاء حيوية لمشاهد الفيلم
وترسيخها في الأذهان.
ومن بين مشاهد الفيلم التي لا يمكن نسيانها مشهد
تلك المرأة العجوز التي هدم بيتها وقد كانت فقدت زوجها في عدوان إسرائيلي
سابق وهي تجمع بنفسها لبنات ذلك البيت المهدم والمبعثر ولا ترى أي إمكانية
لإعادة بنائه. نذكر أيضا مشهد أولئك الرجال الذين كانوا يعيدون بناء بيتهم
باللبنات دون الإسمنت المفقود من السوق. نستحضر كذلك مشهد تلك الحُجْرَة
المثقوبة الجدران والنائم فيها ذاك الرضيع والتي يأوي إليها في اليل عشرات
الأفراد رغم حلول فصل الشتاء، لازلنا نرى جلسة ذاك الفلاح المجد والفصيح
والحافظ للشعر وقد استضاف الفريق العامل في الفيلم وقدم إليه في جلسة ليلية
عائلية الفراولة الغزاوية الحمراء. ونتذكر أيضا مشهد ذاك الحمار المصاب في
رجله وهو يتعثر لا يقدر على المشي وصاحبه الطفل يستهزؤ به ويحثه على السعي.
كما عشنا أجواء ذلك السوق الذي يصرخ أحد باعته مروجا "برفانا" قادما من دبي
ويبيع ملابس داخلية نسائية، وقد علق أحد أصدقائنا الحقوقيين الفلسطينيين
قائلا: في هذا السوق نجد كل شيء... وكل ما فيه يأتينا عبر الأنفاق...
لازلنا نذكر أيضا تلك السهرة مع أولئك الشبان الفلسطينيين على ضوء الشموع
وغياب الضوء الكهربائي الذي كان يذهب ويجيء وكيف تحدثوا عن سرقة الحروب
الإسرائيلية منهم أملهم في الحياة، أحدهم قال أن شبان غزة هم الشبان
الوحيدون في العالم الذين يتمنون الموت، ذلك أنهم حرموا من الحياة منذ
ولادتهم.
إن هذا التأكيد من الفيلم على الدردشات والمشاهد -
قبل التصريحات- وما تعطيه من صور حية عن حقيقة الحياة في غزة جعلها تترسخ
أكثر في الذاكرة وأعطى الفيلم أهم عناصره الجمالية وقيمته التوثيقية.
ربما علينا أيضا أن نتوقف قليلا عند الأسلوب الذي
أدار به المخرجان الحوار. فاختيارهما للمحاورين من أصدقائنا في المركز
الفلسطيني لحقوق الإنسان ودون كثير توجيه جعل هؤلاء يتصرفون بشكل تلقائي.
فرأيناهم يتحدثون إلى الناس بأساليب كثيرة غلب على بعضها أسلوب السخرية
والفكاهة، فرأينا الناس وهم يعبرون عن آلامهم ومآسيهم يعتمدون النكتة
والمواقف الضاحكة، وذلك كما في مشهد ذاك الصبي الذي كان يسخر من جحشه الذي
أصابته قذيفة إسرائيلية في رجله الخلفية وهو لا يقدر على المشي، كان الصبي
يحثه على السعي صارخا فيه بأسلوب فكاهي: إمشي يا حمار... يا حمار إمشي...
بينما الحمار يقوم ويسقط. كما رأينا في مشهد آخر - تم فيه تصوير جلسة ليلية
رجالية حضرها أصحابنا الفلسطينيون وتصدرها شيخ كبير- غلبة النكتة وأسلوب
السخرية من الواقع الفلسطيني الحزين والضحك عليه ملئ الأفواه.
في مشاهد أخرى كان الجو حزينا وكان الهدف اقتطاف
تشكيات الناس وتعبيرهم عن آلامهم ومعاناتهم وعن الجرائم التي عاشوها أثناء
العدوان. وهنا التقينا بمن فقد الأب أو الأم أو الأبناء أو الزوج أو الزوجة
كما التقينا في لقطة سينمائية مأثرة بعائلة عشرية وقد ابيد جميع أفرادها
ولم تبقى إلا صورهم المعلقة.
من جهة ثانية كانت هناك رغبة في الفيلم – أملاها
بعده التوثيقي- للإلتقاء والتحاور مع كل الفئات المهنية أو العمرية أو
العلمية،الخ من الشعب الفلسطيني وذلك في كل مناطق غزة التي كنا نتابعها من
خلال التنقل في السيارة وعلى خارطة كتبت عليها أسماء بلداتها المختلفة. وقد
التقينا أثناء ذلك بالفلاحين وتعرفنا على أحوال من خرب العدوان الإسرائيلي
محاصيلهم وأفسد أراضيهم واقتلع أشجارهم وقتل أبقارهم ونعاجهم. والتقينا
كذلك ببعض العمال الذين دمر مشغلهم وفقدوا أعمالهم وموارد رزقهم.
هذا التنويع في المستجوبين أراد تنبيهنا إلى حجم
المعانات وشمولها لكل الفلسطينيين في غزة.
من جهة أخرى كان لهذا التنويع مبرراته الفنية
والجمالية أيضا، فقد أعطى تغيير الأماكن والأشخاص والبورتريهات من خلال
التنقل بين وجوه الصغار والكبار والنساء والرجال والضاحكين والباكين
والصارخين والهامسين، حيوية وتنوعا في صور الفيلم.
هناك مسألة أخرى أثارها الفيلم وتتعلق بقضية
الحقوق التي أشرنا إليها بداية المقال وهي هنا مرتبطة بحقوق الحيوان، فقد
توقف الفيلم عند كثير من صور الحيوانات ضحايا عدوان غزة، رأينا ما يعرج
منها ولا يستطيع المشي بسبب قذيفة إسرائيلية ورأينا الآحاد منها ميتة على
الأرض ورأينا ما ربما أصيب "نفسيا" مثل ذلك الحمار الماكث في مربضه لازال
الخوف يسكنه لا يقدر على الخروج. أما الطيور فقد اختفت من سماء غزة بعد أن
سيطرت عليها القذائف الإسرائيلية وقنابل النابالم لأيام متواصلة.
هنا لا ينسى الفيلم أن يشير إلى قضية البيئة أيضا
ودور هذه الأسلحة في تلويثها، والبيئة كقيمة هي معطى مهم جدا لدى الرأي
العام الغربي ويمكنها أن تحرك أسئلته.
هناك مسألة أحب التأكيد عليها وهي أن نجاح فيلم
سمير عبد الله وخير الدين مبروك في تصوير عمق الكارثة (الكتاستروف =
غزة-ستروف) ليس سببه الحوار والاعترافات وإدلاء ضحايا العدوان بشهاداتهم
وحسب، بل كان للصورة دور مهم في نجاح الفيلم والتعبير عن واقع سكان غزة،
والصورة لا نقصد بها هنا مجرد صور آثار الدمار كالبيوت المحطمة والدماء
التي لازالت معلقة على أبوابها وجدرانها وأرضياتها، وإنما نقصد بها صور
وجوه المستجوبين من الصغار والكبار، تلك الوجوه التي كانت تبدو شاحبة وذات
نظرات استوطن فيها الرعب المدمر. وقد رأينا هذه النظرات وذاك الشحوب، على
سبيل المثال، في وجه تلك الطفلة التي كانت تبحث تحت أنقاذ بيتهم عن لعبتها،
ربما تكون عملية البحث في الأنقاض عن لعبة مردومة مجرد سيناريو خيالي
ابتدعه المخرجان ليحركا به الصورة وبالتالي مشاعر وأسئلة الجمهور الغربي
الذي لا يستطيع أطفاله أن يعيشوا بدون لُعبهم التي يحتضنونها حين يناموا،
ومع ذلك يبقى أن تلك النظرة المرعوبة والوجه الشاحب لتلك الفتاة البريئة لا
يمكن أن يكذبا علينا.
هذا الشعور بصدق التعابير على الوجوه أحسسناه أيضا
في مشهد ذلك الشاب الفلسطيني الذي تحدث عن حق الشبان الفلسطينيين في الحياة
والترفيه وفي أن يذهبوا إلى السينما والملاهي، حيث لاحظنا مدى انقباض وجهه
واهتزاز نظراته التي لا تستقر على شيء بسبب الرعب الساكن في النفس جراء
العدوان الإسرائيلي.
هنا نشير إلى نقطة أخرى مهمة اشتغل عليها الفيلم
ووفق فيها كثيرا وهي مسألة تفريغ الصورة المستهلكة للعربي والفلسطيني في
الإعلام الغربي من مضمونها، فذلك الشاب الفلسطيني حين تحدث عن أحلامه أمام
كاميرا خير الدين مبروك وسمير عبد الله بدى لنا غير ملفوف في أغلفة
أيديولوجية أو دينية تبعده عن الجمهور الغربي، وهو جمهور رباه إعلامه على
رفض مثل تلك الأغلفة والصور.
من لطائف الفيلم أنه نقل لنا صور الفلسطينيين التي
لا تدخل في الحقيقة ضمن تلك الصور المستهلكة. فرأينا وجه الشعب الفلسطيني
متمثلا في وجوه الشباب والشيوخ والعجائز والأطفال ضحايا العدوان. وهي صور
لا تجعلهم يتماهوا مع تلك الصورة المستهلكة التشويهية لصورة الرجل الملتحي
الذي يحمل بندقية ويتهدد بالإنتقام وتفجير نفسه أو صورة السيدة المنقبة
التي تحمل طفلها في يدها ويتبعها خمسة أطفال آخرون، الخ. من جهة أخرى عمل
المخرجان على إفراغ حتى هذه الصور المصطنعة من مضمونها التشويهي والدعائي
حيث رأينا في الفيلم رجلا يحمل نفس ملامح وهيئة وحتى طريقة حديث الصورة
النموذجية للرجل "الفلسطيني الإسلامي الشرير" في الإعلام الغربي، لقد بدا
ذلك الرجل ذو شخصية متزنة وهو مثقف يحفظ الشعر وربما يقوله وهو إلى جانب
ذلك رجل كادح يعمل فلاحا وهو متشبث بأرضه حد الجنون لأنها أرضه وأرض أجداده
ولأنها حلوة الماء وكريمة تنب الفراولا الحمراء الحلوة، وهو قبل هذا وبعده
إنسان "معتدل" رافض للحرب و"الإرهاب" حيث تساءل في إحدى أحاديثه متعجبا:
ماذا يريد هؤلاء الإسرائيليون؟! الإجرام والقتل والدمار؟! نقول لهم أنهم
مهما عملوا فينا لن نتخلى عن أرضنا... أما إذا كانوا يريدون العيش والحياة
فالأرض تتسع للجميع...
إنها دعوة صادقة من فلسطيني ملتح - وربما متعاطف
مع حماس- للعيش المشترك، وهي رسالة موجهة بالأساس إلى الجمهور الغربي.
هناك صورة أخرى اختار مخرجا الفيلم تمريرها وهي
ربما تبدو في الوهلة الأولى غير منسجمة مع غائية الفيلم، الصورة التي
نقصدها هي تلك التي ظهر فيها ذاك الشاب الفلسطيني حاملا في يده حزمة من
الرصاص، لقد رأينا كيف أن امرأة أشارت إليه أن يبتعد من أمام الكاميرا
فابتعد. هذه الصورة لم يقم المخرجان بحذفها رغم أنها قابلة لإثارة الكثيرين
في الغرب ممن يا لا العجب يحاولون دائما إختلاق الأعذار لجرائم الجيش
الإسرائيلي ويستبكون الناس على جنود هذا الجيش حين يقتَلون على يد
المقاومين أو يخطَفون، إن تمرير مثل هذه الصورة في الفيلم أملته واقعية
صوره في وصف أجواء ما بعد الحرب في غزة وهي ربما تهدف أيضا إلى المقارنة
بين السلاح المتطور جدا ومن بينها الأسلحة المحرمة دوليا التي استعملها
الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة والأدوات القتالية التقليدية والبسيطة
التي استعملتها المقاومة والتي تمثلت أساسا في الرصاص ولم تتجاوز في أقصى
حدودها قذائف الآر-بي-جي التي رأيناها في مشهد آخر من الفيلم معلقة على
جدران إحدى البيوت الفلسطينية التي تحصن فيها بعض الجنود الإسرائيليون وهي
لم تنفجر حتى.
يهمني في آخر المقال أن أتوقف قليلا عند عنصر فني
أثر كثيرا في تحديد ملامح وشخصية الفيلم وهو النسق أو الإيقاع، لقد حاول
الفيلم من خلال إيقاعه الهادئ ومشاهده الطويلة نسبيا والمأثثة بحوارات
وحكايا متصلة وسير شخوص تعلقنا بهم، دعانا الفيلم من خلال هذا إلى التأمل
في الواقع المرير الذي عاشه ويعيشه الفلسطينيون في غزة ما بعد الحرب، وذلك
بعيدا عن الإثارات التي تستنفر العواطف دون العقل والمنطق. إلا أن هذا
الإيقاع بدا لنا أحيانا بطيئا أكثر من اللزوم بحيث بدا الواقع الذي يصوره
الفيلم شبيها بواقع الفلسطينيين بشكل عام، وربما نسينا ونحن نشاهد الفيلم
كونه تأريخ لتلك الحرب الخاطفة ولكن المدمرة جدا التي أرَّخَت لإحدى أكبر
الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وربما لهذا السبب سعى مخرجا الفيلم
إلى تذكيرنا بين الفينة والأخرى بارتباط ما نشاهده بحقيقة "الحرب على غزة"
أو "عملية الرصاص المصبوب" كما يسميها الإسرائيليون من خلال استعراض بعض
الصور العنيفة والقصيرة من الحرب نفسها.
ومن أجل الربط بين هاتين النوعيتين من اللقطات -
لقطات خاطفة وسريعة ودموية وأخرى بطيئة مطولة وحميمية - وجدا المخرجان
نفسيهما في حاجة إلى العمل على الموسيقى وقد أمنت موسيقى بختياري عباس ذلك،
كما كان لعمل كاهنة عطية في المونتاج دور مهم في تأمين ذلك أيضا.
إن الفيلم "غزة-ستروف" الذي عرض في العديد من
المهرجانات السينمائية الدولية والذي وصل في سنة 2010 إلى مهرجان دبي
السينمائي الدولي، نجح فعلا في حملته الإعلامية وساهم في كسر التعتيم
الإعلامي حول ما جرى ويجري في غزة. كما وفق الفيلم إلى دفع الكثير من شعوب
العالم للتحرك ضد الحصار المضروب عليها، وقد أخبرنا المخرجان أن عرض الفيلم
في مهرجان سينمائي دولي في المكسيك كان وراء تحسيس الناس هناك بقضية غزة
وتنظيمهم وإخراجهم قافلة إنسانية مكسيكية لإغاثة ودعم سكان غزة.
بعد هذا التأثير الإعلامي والتوعوي الواسع للفيلم
فضلا عن القيمة التوثيقية الثابتة له نستذكر أن هذا الفيلم إنما بدأ فكرة
في قلوب صاحبيه دفعتهما إلى ركوب المخاطر وعبور حدود غزة ما بعد الحرب
ويوما فقط بعد إعلان الهدنة، وقد تسللا مستخفين وراء هوية وفد طبي من
الخارجية الفرنسية، لقد كان حافزهما في ذلك إصرارهما وإيمانهما بعدالة قضية
الشعب الفلسطيني التي باتت – بفضل أعمال مثل فيلميهما- قضية تؤمن بها أغلب
شعوب العالم.
*ناقد سينمائي مقيم في أبوظبي
سينماتك في 07
يناير 2011
|