سرّ قالته فاتن حمامة في نهاية الحوار معها!
بقلم: محمد بديع سربيه
تنشر «الموعد» في «شارع النجوم» مجموعة من المقالات التي كتبها رئيس تحرير
«الموعد» الراحل محمد بديع سربيه، وهي لا تتبع التسلسل الزمني، بل تتنوع
مواضيعها ومضمونها مع تنوّع النجوم الذين رووا ذكرياتهم وتحدثوا ومشوا في
«شارع النجوم»
* * *
كتب الراحل محمد بديع سربيه عام
1986:
قبل أن ألتقي سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في قاعة الفنون التشكيلية
بمجمع الفنون بالزمالك، وفي المعرض الذي قدّم فيه الفنان عبد العزيز صعب
التمثال الذي صنعه لها، قبل هذا اللقاء كنت قد جمعت من الصحف والمجلات
العربية عموماً ما يقارب الثلاثين خبراً عن قصص سينمائية اختارتها فاتن
حمامة
وبدأت تستعد لتمثيلها، أو أفلام بدأت بتصويرها فعلاً، بل إن بعض الأخبار
تنسب اليها شخصياً قولها أو الإعلان عنها!
ولأن القاعدة التي يسير عليها جهاز التحرير في «الموعد» هي أن لا ينشر أي
خبر عن أي نجمة أو نجم، وبالذات عن فاتن حمامة، إلا بعد التأكد من صحته،
فإن صفحات المجلة تظل أحياناً عدة شهور خالية من ذكر سيدة الشاشة العربية،
لأنه لا أخبار فنية عندها، ولأن أخبارها الشخصية تكاد أن تكون روتينية،
وبالرغم من لهفة ألوف القراء في كل مكان من الوطن العربي لقراءة أي شيء عن
فاتن حمامة، فإن «الموعد» تؤثر أن تكون صادقة، على أن ترضي لهفة القراء
بأخبار غير صحيحة عن سيدة الشاشة العربية، أو بنشر أخبار تؤكد بأنها موجودة
في بيتها، وأنها، أكلت، وشربت، ونامت، وتكلمت في التليفون!
ولقد وضعت أمام فاتن حمامة وكل منا يمضي في ارتشاف ما بقي من شاي في
فنجانه، مجموعة من الأخبار والموضوعات الصحفية التي نشرت في الأشهر الثلاثة
الأخيرة عن أعمال سينمائية بدأت أو على وشك أن تبدأ بها، وقلت لها:
•
أود الآن أن «أغربل» هذه الأخبار، وأنتقي منها ما قد تقولين إنه صحيح..
فضحكت وقالت:
-
وبدون أن أعرف أي خبر منها أقول لك إنها غير صحيحة..
وسألتها بدهشة:
•
ولا خبر؟
أجابت وهي باسمة الوجه:
-
ولا خبر، والسبب بسيط وهو أنه ليس عندي الآن أي عمل سينمائي جاهز للتنفيذ،
وأيضاً فإنني لم أستقر بعد على رأي بالنسبة للقصص المقترح عليّ أن أمثّلها
في السينما، وما دام ليس عندي عمل ما فمعنى هذا أن أي خبر ينشر عن أعمال
فنية لي هو غير صحيح!.
وهنا قلت لها:
•
يخيّل إليّ أن بعض الزملاء الصحفيين يدركون لهفة الجمهور لقراءة أي شيء عن
فاتن حمامة فيؤثرون ملء الصفحات بأخبار عنها ولو غير صحيحة، على أن يُغيّب
إسمها من صحفهم أو مجلاتهم!
فاتسعت ابتسامتها أكثر وقالت:
-
ليس هذا فقط، بل إنه يحدث في أحيان كثيرة أن ينسب اليّ كلام لم أقله أبداً،
بل إنني قرأت عدة مرات تفاصيل مقابلات صحفية مزعومة جرت معي وأنا، كما
تعرف، قليلة الكلام، ولا أجري أحاديث صحفية إلا فيما ندر!.
وأسألها:
•
لو أذعت مرة تكذيباً عن أحاديث نسبت اليك، فلربما يتوقف سيل فبركة الأخبار
والأحاديث التي تنسب اليك!
فقالت:
-
يعني، أنا أكتفي بمطالعة ما يكتب ولا أكذبه، لأنني لا أجد فيه ما يسيء اليّ..
وهنا حان وقت الجد.. وسألت فاتن حمامة:
•
هل أستطيع أن أحصل منك الآن على أخبارك الفنية.. الصحيحة!.
فأجابت:
-
أيوه، والخبر الأول هو أنني في العام الماضي، انصرفت الى إعداد سبع سهرات
تلفزيونية، أي روايات مدة كل منها ما يقارب الساعتين، وكنت أعقد الإجتماعات
المستمرة مع كاتب كل رواية، ولكنني في النهاية وجدت أن الجهد الذي سوف
يأخذه تحضير كل سهرة يوازي حجم الجهد الذي يتطلبه فيلم سينمائي، ومن هنا
فقد ألغيت المشروع، وأعدت الى شركة الإنتاج العربية التي كانت تموّل إنتاج
هذه السهرات مبلغ العربون الذي كنت قد أخذته منها..
وسألتها:
•
ولم يعد عندك أي عمل تلفزيوني؟
أجابت:
- أنا
أحاول الآن أن أعد روايتين للتلفزيون تختلف كل منها عن الثانية فكرة
وموضوعاً، ولكنني لا أضمن أن أصل بها الى التنفيذ!.
سألتها:
•
ليه؟
أجابت:
-
لأن ما أفعله الآن هو التحضير المبدئي لهاتين الروايتين، ولكن المشروع
السينمائي والتلفزيوني عموماً لا يعتبر مشروعاً إلا إذا كان هناك سيناريو
جاهز له، وليس مجرد فكرة قصة تملأ ثلاث ورقات!.
وأسأل سيدة الشاشة العربية:
•
هذا عن التلفزيون، ولكن أليس في الأفق الآن أية مشاريع سينمائية، أي أفلام
تمثلين أدوار البطولة فيها!.
وتجيب:
-
حتى الآن لا جديد، وليس من قصة جاهزة لدي، ومؤخراً وعدتني السيدة سكينة
فؤاد، مؤلفة قصة «ليلة القبض على فاطمة» بأن تكتب لي قصة جديدة، وهي لم
تنته بعد من كتابتها، وطبعاً لا أستطيع أن أطلب اليها الإسراع في إنهائها،
لأن الكتابة في النهاية تعتمد على الإحساس، وليس عملاً يدوياً!.
قلت:
•
ولكن جمهور السينما العربية يلح في رؤية أفلام جديدة لك، لأن هذه الأفلام
هي التي تصحح المسار السينمائي، ولا سيما عندما تنحدر الأفلام الى السطحية
والإبتذال!.
وتجيب سيدة الشاشة:
-
يعني، أنا أرى الآن أن المعادلة الاقتصادية في الإنتاج السينمائي باتت
صعبة، فإن الفيلم الجيد والرفيع المستوى لم تعد تكاليفه تقل عن الأربعمائة
ألف جنيه، فمن أين يغطى هذا المبلغ، وسوق الفيلم المصري محدود الإيرادات!!
إن العملية أصبحت تحتاج الآن الى منتج قادر مادياً، وقادر أيضاً على
المغامرة!.
قلت لها:
•
إذن.. حالياً لا جديد سينمائياً عندك؟
أجابت وهي تحسم الأمر:
-
لأ.. ما فيش!.
وهكذا، فإن ما قالته فاتن حمامة ينفي جميع الأخبار التي تناقلتها الصحف
العربية عن أفلام قريبة سوف تمثلها سيدة الشاشة ولم تكن «الموعد» من بين
هذه الصحف لأنها تفضّل أن تستقي الأخبار التي تنشرها من رأس النبع مباشرة،
أي من فاتن حمامة شخصياً التي اعتادت ألا تكذّب الأخبار غير الصحيحة التي
تنشر عنها، ولكنها في الوقت نفسه لا تكتم أخبارها الصحيحة عن «الموعد»!.
ولكن الحديث ما زال مستمراً..
وأسأل فاتن حمامة:
•
هل كان فيلم «ليلة القبض على فاطمة» من إنتاجك؟
وأجابت:
-
اشتركت في إنتاجه أنا ومخرجه هنري بركات، ولكن، ولو أن أي فيلم أمثله لا
يكون من إنتاجي مادياً، فإنني أتولى رعاية إنتاجه من الناحية الفنية!
قلت:
•
ألا تتوقعين مسبقاً إذا ما كان الفيلم الذي تنتجينه مادياً وفنياً سوف يحقق
إيرادات مادية جيدة أم لا..
وأجابت، وهي تنزل فنجان الشاي عن شفتيها:
-
عندما أعمل في أي فيلم، سواء أكان من إنتاجي أم من إنتاج سواي فإن ما يهمني
أولاً هو النجاح الفني، وليس الربح المادي، لأنني لو كنت أريد كسب الفلوس
لافتتحت أي دكان وكسبت منه، وإن كنت متأكدة من أنني سأجعله دكاناً جميلاً،
لأن طبيعتي تجعلني أحرص على أن يكون كل شيء أصنعه جيداً وكاملاً، وحتى في
حياتي الخاصة، إذا كان عندي ضيوف، وكان الأكل على المائدة نص نص، فإني أكون
في غاية التوتر..
وما دامت قد ذكرت حياتها الخاصة، فإنني أسألها:
•
في بيتك هل تعيشين كفنانة؟ يعني، هل إن الفن هو ما يشغلك طوال يومك..
فابتسمت وقالت:
-
لا، أنا الآن أعيش حياة زوجية عادية ومستقرة..
سألتها:
•
وما الذي يشغلك طوال يومك؟
أجابت:
-
ما يشغل أي زوجة، في الصباح أهتم بما يحتاج اليه البيت، ثم أذهب الى النادي
حيث ألعب «البولينغ» أو أمارس الرياضة مع صديقاتي، ومثل ما هو الحال في كل
البيوت المصرية نتأخر - أنا وزوجي - في تناول الغداء الى الساعة الثالثة
أو الرابعة..
قلت:
•
والليل.. ماذا عنه في حياتك؟
وتجيب:
-
ثلاثة أيام من أيام الأسبوع نتناول العشاء مع أصدقاء، سواء في البيت أم
خارجه، والأيام الباقية تكون سهراتنا عادية جداً، ونسلي أنفسنا بمشاهدة
الأفلام على الفيديو!.
قلت:
•
وهل تشاهدين أفلاماً كثيرة؟
وترد:
-
أنا لا أشاهد سوى الأفلام الجيدة، أما الفيلم الذي أكتشف أنه رديء، فأنا
أوقف عرضه بعد عشر دقائق من بدايته، ويكون الأفضل عندي بعد ذلك أن أقرأ
كتاباً يفيدني ويسعدني..
سألت فاتن حمامة:
•
وهل ما زلت تقضين إجازاتك في أوروبا، وتمتد الى شهر وشهرين؟
فابتسمت وقالت:
-
لقد أصبحت الآن صيادة سمك ماهرة، مشاركة لزوجي الدكتور محمد عبد الوهاب
الذي معروف عنه أنه صياد ممتاز، وبحكم هوايتنا المشتركة، أو التي أصبحت
مشتركة، فإننا نقضي معاً أغلب إجازاتنا في الهواء الطلق، وعلى شاطئ البحر،
وأحب كثيراً أن أصطاد السمك في البحر الأحمر، أما أوروبا فلا أسافر اليها
إلا في السنة مرة، وعندما أريد رؤية إبني طارق!.
قلت:
•
على ذكر طارق، هل صحيح أنه طلق زوجته؟
أجابت:
-
أيوه، وعنده الآن ولده عمر الذي أكمل عامه الثاني، ولم أره إلا عندما كان
ما زال بعد في الشهر السابع من عمره، وأنا الآن سأغتنم أي فرصة للذهاب الى
كندا لرؤية إبني وحفيدي..
... (البقية على صفحات مجلة "الموعد" النسخة الورقية) |