صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 

ملفات

 

صفحات

<<

03

02

01

>>

سابق

 

حوارات عن النقد السينمائي (2)

الناقدة، والباحثة السينمائية المصرية د.أمل الجمل (1):

المهرجانات لم تعد تهتم بالثقافة السينمائية المتمثلة في إصدار الكتب

حاورها: صلاح سرميني

 

 
   

 

   

كاتبة، وناقدة سينمائية (مُستقلة)، عملت مساعد مخرج في أعمالٍ درامية، وإعداد برامج تلفزيونية، سينمائية، ومسرحية تسجيلية، وشاركت في عضوية لجان تحكيم مهرجاناتٍ عديدة : "جمعية نقاد السينما بمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام القصيرة، والتسجيلية 2008، الفيبريسي بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2010، مهرجان السينما في ميسينا بجنوب إيطاليا 2011، مهرجان مالمو للسينما العربية 2012، مهرجان الجزيرة الدولي للسينما التسجيلية 2013.

في عام 1996 حصلت على بكالوريوس إعلام، قسم إذاعة، وتلفزيون من جامعة القاهرة، وفي عام 2004 حازت على دبلوم النقد الفني من المعهد العالي للنقد الفني، وفي عام 2007 أنهت رسالة الماجستير، وبعدها دكتوراة الفلسفة في النقد السينمائي عن اللغة السينمائية في الأدب، دراسة مقارنة بين "أندريه تاركوفسكي"، و"شريف حتاتة".

صدر لها مجموعة من الكتب: بعيون امرأة 2007، السينما العربية المُشتركة، فيلموجرافيا 2008، الإنتاج المشترك في السينما المصرية 2009، يوسف شاهين، وتجربة الإنتاج المشترك2011، وهناك كتابان تحت الطبع: سيرة حياة نوال السعداوي، وشريف حتاتة، والتحنيط، والفراعنة.  

كتبت سيناريوهات أفلام وثائقية، وسهراتٍ تلفزيونية، وسيناريو، وحوار فيلم "الشبكة" عن رواية بذات الاسم للروائي "د. شريف حتاتة".

     

·     د. أمل الجمل، هل تفضلي أن نقول الكاتبة، الناقدة، أم الباحثة السينمائية؟

 

ـ دخلتُ باب النقد عن طريق الصدفة، أو الغواية، كان حلمي في الأساس كتابة سيناريو الفيلم الروائي، وأثناء دراستي لكيفية كتابة السيناريو أغوتني بعض الروايات والأفلام للكتابة عنها، في البداية لم أشعر بتناقض، وجدت أن ذلك يخدم حلمي، ويُدعمه، لكن، بعد فترة اكتشفتُ أنني أبتعد عن هدفي الأساسي، فكنت بين الحين، والآخر أسعى جاهدةً لقتل الناقدة بداخلي، كنت لفتراتٍ طويلة أتعمّد، وأصرّ على عدم الكتابة النقدية مهما أغوتني الأفلام، نجحتُ في ذلك لفترةٍ، لكني لم أصمد، وعدتُ مرةً أخرى، خصوصاً بعد أن تعثرت مشاريعي في كتابة سيناريو الروائي الطويل. 

أما بخصوص سؤالكَ، لا يفرق معي أن تقول الكاتبة، الناقدة، أو الباحثة السينمائية، المهمّ أن أكون سعيدةً بالعمل الذي أنُجزه، مع ذلكَ، أعترف، أنني حتى فترة قريبة، كنتُ مصابة بخيبة أملٍ كبيرة، وكدتُ أكفر بمهنة الناقدة، لكن، بين الحين والآخر، عندما أسمع كلمة تشجيع من شخص محترم أثقّ في رأيه، أو حينما أعرف عن طريق الصدفة أن أحدهم يذكر إسمي بتقدير، أو يرشحني لعملٍ ما دون أن يكون بيني وبينه سابق معرفة سوى أنه قرأ لي، وقتها أشعر بأنّ ما قمت به لم يذهب هباءً، وأنفض عني رداء اليأس.

 

·     في العادة، يعمد بعض نقاد السينما العرب إلى إجراء حواراتٍ مع ممثلين، ومخرجين، ...ولكن، لم نتعوّد بأن يتحاور ناقدان (وهنا امرأةٌ، ورجل)،.. رُبما هناك نوعٌ من التعالي بين النقاد؟

 

 

 

هاشم النحاس

 

ـ لا أتفقُ معكَ، هناك محاوراتٌ تمّت بين النقاد، رُبما لم تُنشر بكثافةٍ، أو لمّ يتمّ التركيز عليها لسببٍ أو لآخر، في العام الماضي أجريتُ حواراً مطوّلاً مع الناقدة المسرحية، والأدبية د. نهاد صليحة، وهو بشهادة الكثيرين حوارٌ فريدٌ من نوعه، ومنذ عدة سنواتٍ أجريتُ حواراً تلفزيونياً مطوّلاً، وشيقاً مع الناقد السينمائي اللبناني "إبراهيم العريس"، وكنت أنوي إكماله في مناسباتٍ أخرى، ونشره في كتاب، لكن الظروف لم تسمح باللقاء لإكمال الحوار، ومنذ ثلاثة أعوام تقريباً، بدأت حواراً مع الناقد السينمائي المصري "هاشم النحاس"، وكنت سعيدة بالتجربة، لأني كنت أعيد اكتشاف شخصيته الإنسانية، والظروف القاسية التي مرّ بها، وصنعته كفنان مبدع أخرج العديد من الأعمال التسجيلية الرائعة، إلى جانب كونه ناقد يتمتع بذائقةٍ فنية، وحساسيةٍ خاصة،.. أيضاً من الشخصيات التي تُغريني بإجراء حوار معها "صفاء الليثي"، لأنها شخصية مثقفة فيها كثير من المرح، والتلقائية، والطفولة المُحببة إليَّ، كما أنّ أسلوبها النقديّ يروق لي. 

أما بخصوص كون المُحاور رجل، والمُتحاور معها امرأة، فأيضاً لا أرى فيه مشكلة، بالعكس، فقد يُوسّع هذا من مجال الرؤية، ويُكسب النقاش ثراءً، وتنوّعاً، ورُبما تكاملاً.

على صعيدٍ آخر، لم أفهم لماذا تفترض أن يتعالى أحدنا على الآخر؟ مبدئياً، أنا لا أتعالى على أحد، لكني قليلة الكلام، لا أجيد الثرثرة، ولا أحب المُبالغة، رُبما يفسّر البعض هذا بالتعالي، لكني أميل إلى الصمت، والتأمل طويلاً، وأحياناً يستولي عليّ الإحساس بأنه لا فائدة من الحكي، أو الكلام، ففي بعض المرات أشعر بأن الكلام مبتذل، ولا قيمة له أمام ما يعتمل في أعماقي، فأركن إلى الصمت، وهو أمرٌ أبعد ما يكون عن التعالي، أنا كما يقول "صلاح جاهين":

شابٌ، لكن عمري ألف عام/ وحيدٌ، لكن بين ضلوعي زحام/ خايف، ولكن خوفي مني أنا/أخرس، ولكن قلبي مليان كلام.

 

·     حسناً،...أين درستِ النقد السينمائي، أو على الأقلّ، كيف تعلمتيه ؟

 

 

 

نور الشريف

 

ـ أول مكان درستُ فيه النقد السينمائي هو (أكاديمية  نور الشريف)، كنت أجريتُ معه عدة حواراتٍ ضمن برامج تليفزيونية عن أعماله، ومنها فيلميّ "ناجي العلي"، و"العاشقان"، ولأني كنت أعتقد أنه يُدرك أنني معدة برامج مجتهدة، ومثابرة جداً، ولأني أعرف أنه كان، ولايزال يدعم الشباب، لذا عندما قررتُ ذات يوم تحقيق حلمي في كتابة السيناريو، اتصلتُ به، وطلبت اللقاء معه، وسألته عن الطريق الصحيح لتحقيق ما أصبو إليه، فرشح لي كتباً لقراءتها، وأفلاماً لمُشاهدتها، وصرت أشاهد أربعة أفلام يومياً في دور العرض السينمائي على مدار فترة طويلة، كنت أدخل جميع الحفلات، وقتها لم أكن أمتلك جهاز تلفاز، لأني كنت أقيم بسكن للمُغتربات، فقررت شراء جهازيّ فيديو، وتلفاز، وبدأت أستأجر عشراتٍ من شرائط أفلام الفيديو لأشاهد الأفلام القديمة، وعندما بدأ أبي الروحي –  كما يروق لي أن أناديه - برنامجه  المتميز "مع نور الشريف" على "قناة دريم " عملت معه، وكان هذا بمثابة درس غالي، لأني، من خلاله، درستُ بشكلٍ عملي أبجديات قراءة الفيلم، وتحليل الشخصيات. كنت أتأمله وهو يقرأ الفيلم، ويشير إلى نقاط الضعف، ومكامن القوة بلغة السينما، ومفرداتها. كانت تجربة ثرية، وخصبة في حياتي، وأنا أدين له بالفضل في ذلك، وكتابي "القتلة بين هيمنجواي، وتاركوفسكي" في حقيقة الأمر هو نتيجة تأثري المباشر بـ"نور الشريف"، لأني رأيته، وهو يرسم كادرات الأفلام في دأبٍ، وإصرارٍ، وإخلاص، ويُحلل ميزانسين العمل، وكلّ تفصيلة فنية بداخله في علاقتها بالكل، كما أنه أعطاني سيناريوات أفلام، ومسلسلاتٍ لقراءتها، وكنا نتناقش في بنائها الفني، كما أنني استعرت منه رواياتٍ عديدة أضافت إليّ الكثير، خصوصاً أنني أثناء قراءتها كنت أتأمل ملاحظاته في الهوامش حول الميزانسين، والإضاءة، والديكور، والإكسسوار، والمؤثرات الصوتية، والموسيقى، وبناء الشخصية، والحبكة، ولغة الحوار، إضافة إلى أنني كتبت له سيناريو فيلم روائي طويل بعنوان "الشبكة" عن رواية بنفس الاسم للروائي "شريف حتاتة"، وأثناء ذلك عقدنا العديد من جلسات العمل، والنقاش، وحصل السيناريو على جائزة من مسابقة "عبد الحي أديب" بمهرجان الإسكندرية عام 2009، ....بصدقٍ شديد، أنا ممتنة للفنان "نور الشريف"، لأنه دعمني، وشجعني، وأرشدني إلى طريق الصواب في حياتي المهنية، وأثناء عملي معه التحقت بالمعهد العالي للنقد الفني للحصول على الدبلوم، ثم حصلت على الماجستير، والدكتوراة.

 

·     هل تعتقدي بأنّ النقد السينمائي مهنة، وهل يمكن أن تنقرض يوماً؟

 

ـ يمكن أن يراه البعض مهنة، ويراه آخر "مهنة مَنْ لا مهنة له"، وقد يقول ثالثٌ أنّ لكلّ إنسانٍ مهنة أساسية إلى جانب مهنة النقد، لكن، عموماً، لا أعتقد أنها ستنقرض، طالما هناك أشخاص يبحثون عن التميّز، والاختلاف، هي مهنة تحتاج إلى جهدٍ، وصبرٍ، ودأبٍ شديد، والعائد منها ضعيف، وأحياناً غير مجزي، وفي كثير من الأحيان قد لا توفر حياة كريمة للمرء، مع ذلك، من يحبها، سيواصل الطريق مهما كانت الصعاب، والعقبات.

 

·     هناك الكثير من العرب الحاصلين على درجاتٍ علمية عُليا، ماذا قدموا للثقافة السينمائية العربية، حيث اكتفى الكثير منهم بالتدريس في المعاهد، والجامعات.

 

ـ يمكننا أن نعكس السؤال: ولماذا اتجه هؤلاء إلى التدريس بالمعاهد، والجامعات؟ رُبما لأنه يُشبع ميولهم أكثر، ويحقق لهم ما فشل مجال البحوث السينمائية في تحقيقه، وأظنكَ تعلم أنّ الباحث في مجال السينما لو ألف كتاباً قد لا يجد ناشراً يتحمس لنشره، لأن الثقافة السينمائية غير مربحة، حتى المهرجانات السينمائية التي تصرف ببذخ على مراسم الاحتفال، والسجادة الحمراء، واستضافة النجوم مدفوعي الأجر الباهظ، إلى جانب استضافة مئات الصحفيين، ...هذه المهرجانات لم تعد تهتمّ بالثقافة السينمائية المُتمثلة في إصدار الكتب، حتى إذا وجد الباحث داراً للنشر بعضها لن يدفع، والبعض الآخر سيدفع مبلغاً لا يُشبع، ولا يُسمن من جوع.

كانت أفضل الأماكن للنشر موجودة في سوريا حيث "المؤسسة العامة للسينما" التي انتهى أمرها الآن، وفي مصر "الهيئة العامة للكتاب"، و"هيئة قصور الثقافة"، لكن المردود المادي قليل، وهناك تكالبٌ عليهما، وعلى المؤلف أن ينتظر طويلاً، وأنا بدوري أسأل: لماذا لا تتبنى مؤسسة عربية ما، أو إدارة مهرجان سينمائيّ ما تمويل الدراسات، والبحوث الخاصة بالسينما، والثقافة السينمائية، وتنفق عليها مثلما تدعم مشاريع أفلام السينما البديلة، او السينما المستقلة؟ إن دعم الكتابة هو دعمّ للثقافة السينمائية.

   

·     هل تفكري بإخراج الأفلام، وهل تعتقدي أنه بالإمكان الجمع بين النقد، والإخراج؟

 

 

   
فرانسوا تروفو يسري نصر الله
 

ـ هاجسي الأول كتابة السيناريو الروائي، والوثائقي، فأنا ممسوسة بهما، وأجد فيهما متعة لم أشعر بها في أيّ عملٍ آخر،.. بين الحين والحين قد أفكر في إخراج فكرة وثائقية تستحوذ عليّ، أما الإخراج الروائي فهو خارج دائرة أحلامي، ولا يستهويني إطلاقاً، أما بخصوص الجمع بين النقد، والإخراج، فلا أرى مشكلة في ذلك، هناك أدباء جمعوا بين النقد، وكتابة الرواية على الأقلّ لفترةٍ مثل الروائي اللبناني "ربيع جابر" الذي يُبهرني أسلوبه في الكتابة النقدية، والسرد، حتى أني أستطيع تمييز أسلوبه دون أن أقرأ اسمه، وفي مجال السينما هناك "فرانسوا تروفو" جمع بين كتابة النقد، وممارسة الإخراج، أما بالنسبة لي، فأعتقد أنه إذا بدأت في تحقيق حلمي الأساسي في كتابة السيناريو، فلن أجد الوقت لمواصلة الكتابة النقدية، وإن حدث فسيكون من الصعب عليَّ الكتابة عن أفلام أصدقائي، أو زملائي حتى لا يُساء تفسير كتاباتي، ولأن كتابتي، وشهادتي ستكون مجروحة.

 

·     بعيداً عن تجربة مخرجي الموجة الفرنسية الجديدة الذين تحوّل البعض منهم من نقاد إلى مخرجين، وبعيداً عن تجربة بعض النقاد المصريين الذين تحولوا من النقد إلى الإخراج (يسري نصر الله نموذجاً)، أجد بأنّ الجمع بين النقد، والإخراج يؤدي إلى إشكالية، خاصةً إذا كانت أفلام الناقد متواضعة.

 

ـ ولماذا نصادر على التجربة قبل أن تبدأ؟ وكيف لكَ أن تعرف النتيجة مقدماً دون اختبار؟ أترك للناس فرصة أن تجرب، وأن تختبر أحلامها ثم تقرر في أيّ طريق ترغب أن تواصل المسير.

 

·     هي ليست تجربة يقدم عليها ناقدٌ ما، إنها تخطيط، واختيار، في الماضي، أنجز بعض النقاد، والمُنظرين العرب أفلاماً طموحة جداً، وتوقفوا (سامي السلاموني، د. مدكور ثابت، د. يوسف فرنسيس، د. صبحي شفيق،....)، أو متواضعة جداً (وهنا لن أذكر أسماء)، الذين أكملوا مسيرتهم الإخراجية من ترك النقد السينمائي (اللبناني محمد سويد، الجزائري سعيد ولد خليفة،...).

 

ـ لن أصادر على المستقبل بحكم الماضي، رأييّ أن كل إنسان حرّ في اختياراته، على كل إنسان أن يفعل ما يريده حتى لو خطأ، حتى لو مستواه ضعيف لأنه من حقه أن يجرب، ويختبر طموحه، وموهبته.

 

      

·     أجد تبسيطاً في العلاقة بين الناقد السينمائي العربي، والسينما، وحتى قصوراً في دوره، على سبيل المثال، لا أجد ناقداً عربياً متخصصاً في نوع سينمائيٍّ معين، وحتى ألاحظ تعالياً يصل إلى حدّ احتقار بعض الأنواع، والسينمات، مثل : الأفلام الجماهيرية، أفلام الرعب، أفلام الويسترن، السينمات الهندية، السينما التجريبية...

 

 

 
حدث ذات مرة في الغرب
 

ـ رغم مشروعية السؤال الطموح جداً، لكنني أشعر أحياناً أنك تكتب أسئلتكَ من برجٍ عاجيّ، ..هذا الناقد الذي تريد له أن يتخصص في تلك الأنواع، من أين ينفق، ويعيش؟ من سيتولى تمويل هذا المشروع الهائل؟ إذا كانت مهنة النقد أصلاً مردودها المادي ضعيف، كما أن الصفحات المتخصصة في السينما بالمجلات، والصحف تكاد تكون عملة نادرة،.. أضف إلى ذلك، الناقد الحقيقي لابد وأن يشاهد الفيلم مرتين، وثلاثة، وأحياناً أربعة ليتأمل العمل، ويكتب دراسة منهجية جديرة بالقراءة، وأنا أسألك مَنْ مِن النقاد لديه الاستعداد لأن يفعل ذلك، وهو لا يضمن أن أحداً سيُمول له مشروعه، وإن فعل ذلك رضوخاً للطموح الشديد كما فعلتُ أنا - مثلاً - في كتابي "أفلام الإنتاج المشترك"، فهل يضمن المرء جهة نشر تقدر هذا الجهد، وتدفع مقابلاً مجزياً ؟

 

·     ما هو تقييمكِ للمهرجانات السينمائية العربية، الخليجية تحديداً كونها الأحدث تاريخاً، وهي انعقدت في بلدانٍ صغيرة لا تتوفر على صناعة سينمائية، أو حتى تجربة طويلة في الإنتاج السينمائي.

 

ـ بصراحةٍ شديدة، كان من أهمّها مهرجان دبي السينمائي، يتبعه بعدة خطواتٍ مهرجان الخليج، لأنهما عملا على تطوير، ودعم الثقافة السينمائية من خلال توفير منصة، ونافذة مهمة لعرض الأفلام في حضور جمهور. وأخصّ بالذكر "دبي"، وقدرته على جذب جمهور بكثافة، وإقامة نقاشاتٍ حول الأعمال، إضافة إلى أنشطته المختلفة حول كافة أمور صناعة الفيلم السينمائي، بدءاً من الفكرة، والسيناريو، وصولاً إلى سبل عرضه، وكذلك نجاحه في دعم عدد مهم من أفلام السينما البديلة، والمستقلة إنتاجياً، إلى جانب قدرته، ودوره البارز في التسويق لهذه الأعمال، وعرضها دولياً، والحرص على مشاركتها في المهرجانات السينمائية البارزة، ..هذا الدور المهمّ انفرد به مهرجان دبي السينمائي.

 

·     كنتِ ضيفةٌ دائمة على المهرجانات الخليجية، ماهي نظرتكِ النقدية عن الأفلام؟

 

 

 

 

ـ منذ بدأتُ حضور مهرجان الخليج السينمائي في 2011، ثم مهرجان دبي السينمائي الدولي، كنتُ حريصة على مشاهدة الأفلام الخليجية، ومنذ فترة أعمل على كتابٍ عن السينما الوثائقية، يتضمن فصلاً كاملاً عن السينما الخليجية، لكن انشغالي في إنجاز بعض البحوث التي طُلبت مني، وتجربتي في التدريس أخرّت انتهائي منه، ...بشكلٍ عام، لاتزال السينما الخليجية فناً وليداً بحاجةٍ شديدة إلى الرعاية، والاهتمام، والدعم المادي، والفني، ولايزال ينقصها الكثير من اكتساب الخبرات، مع ذلك، يحاول الشباب بجهودٍ فردية، وذاتية تقديم صورة عن مجتمعهم – وإن شابتها أحياناً الظلال، والاستعارات، والأصوات العالية، والاهتمام بالشكل، والأسلوب على حساب المضمون – وهم ينجحون أحياناً بصورةٍ لافتة، أو يغرقون في التبسيط، والركاكة في أحيانٍ أخرى، بعض الأعمال ضعيف المستوى، أو متوسط القيمة الفنية، لكن على صعيدٍ آخر، هناك مخرجون، ومخرجات يكشفون عن موهبة سينمائية واعدة – إن أصروا على تطوير أدواتهم، واكتساب مزيد من الخبرات - وأذكر منهم : نجوم الغانم، محمد راشد بوعلي، عمار الكهوجي، حسين الرفاعي، هيفاء المنصور، نواف الجناحي. 

  

·     المهرجانات السينمائية في كلّ أنحاء العالم تمنح جوائز لأفلامٍ من كلّ الأنواع، وتكرّم ممثلين، ومخرجين،.. ما المانع بأن يُخصص مهرجان ما جائزةً سنوية لناقدٍ عربي..

 

ـ أتمنى طبعاً وجود مثل هذه الجائزة، وأقترح أن توجد جائزتين، الأولى لأحد النقاد من جيلٍ له تاريخ ساهم في إرساء قواعد النقد السينمائي، وله إسهاماتٍ واضحة في مجال الثقافة السينمائية، وجائزة ثانية للنقاد من الأجيال الحديثة لدعمهم، وتشجعهم، وتحفيزهم على الصمود، أما الاختيار الآن فصعب، ولن يكون موضوعي، لأنه سيتطلب مني مراجعة دقيقة لإسهامات كل فردٍ حتى أكون منصفة.

 

·     سوف ألتف على السؤال، وأفترض بأنكِ في لجنة تحكيم، ويتوّجب منح الجائزةَ لناقدٍ سينمائيّ عربيّ، من هو، وماهي مبرراتك ؟ِ.

 

 

   
إبراهيم العريس صفاء الليثي
 

ــ هناك "إبراهيم العريس" بثقافته الغزيرة، والمُتنوّعة، ولأنه قدم الكثير للثقافة السينمائية، تحليله السوسيولوجي للأفلام يُضيء جوانب مهمة من العمل،... هناك أيضاً المصرية "صفاء الليثي"، هي ناقدة سينمائية مهمة، خصوصاً أنها قادمة من عالم السينما، لأنها في الأساس مونتيرة، لذلك عندما تنتقد عملاً سينمائياً، أو تقوم بتحليل أسلوبه الفني، فإنها تفعل ذلك غالباً بلغة السينما، كما أن ثقافتها المتعددة، وعلى الأخصّ الأدبية، تمنحها ميزةً إضافيةً في تحليل مضمون العمل،.. يعجبني أيضاً أسلوب "هوفيك حبشيان" بثقافته السينمائية الثرية، واهتمامه بالتعبير عن سينمائية العمل أكثر من حكايته، كذلك "نديم جرجورة"، فإلى جانب جمله القصيرة جداً المُميزة، والتي من الصعب محاكاتها، هناك أيضاً ثقافته المتنوعة، ورؤيته الإنسانية الواسعة، والعميقة التي تجعلني أقدّرها حتى لو اختلفتُ معه أحياناً، كما تُعجبني كتابات: مبارك حسني، محمد رضا، أمير العمري، عدنان مدانات، بشار إبراهيم، مجدي الطيب، مصطفى المسناوي، محمد موسى،... فأنا حريصةٌ على متابعتهم.

سينماتك في ـ  24 يونيو 2019

* نُشر في صحيفة القدس العربي، بتاريخ 22 نوفمبر 2013

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004