شعار الموقع (Our Logo)

 

 

في هذه الحلقة من تاريخ السينما العالمية للمؤلف ديفيد روبنسون نتواصل مع هيمنة شركات الانتاج على الفن السينمائي ولكن هذه المرة في بريطانيا ومسئولية بالكون عن الصناعة السينمائية كونه واحداً من العاملين في استوديوهات بريتش انترناشونال، يقول روبنسون على لسان بالكون بصدد المقارنة بينه وبين كوردا: «كان لديه كثير من الصفات التي افتقر اليها، اغتنم العديد من الفرص بينما أنا شديد الحذر، وكان يتمتع، على ما أظن، بموهبة مالية بالغة الحساسية، ما لم تكن استثنائية، بينما أميل انا الى الصرامة التقليدية في الامور المالية.

وكان عالميا في نظرته على حين كنت انا متأثراً بنشأتي المحلية كان يتحدث ويفكر بأربع اوخمس لغات. كان اجمالا شخصية اكثر ثراء مني بكثير».

والحق ان هذه الانجليزية الشديدة في ذوق بالكون هي ما برهنت على قوته الكبرى في اكثر مراحل حياته العملية اهمية، مرحلة ما بعد الحرب مباشرة، كما كتب بالكون ايضا مقرا بمسئوليته عن خطأ كبير في التقدير فيما يخص صناعة السينما البريطانية في الثلاثينيات:

اقر انني خلال الثلاثينيات قد ساندت السياسة الخاطئة الرامية لاستيراد نجوم من هوليوود لجعل انتاجنا اقدر على البيع في الاميركتين.

ومع هذا فكثير جدا في افضل ما انتجته الاستوديوهات البريطانية في فترة الثلاثينيات كان من انتاج بالكون بوصفه رئيسا للانتاج بجومون بريتش وجينزبورو من 1930 حتى 1936 حيث انتقل لفترة قصيرة وغير سعيدة الى ا م جي ام التي كانت تسعى وقتها للانتاج ببريطانيا، ومن بين الافلام التي كان بالكون مسئولا عن تقديمها كان «رجل اران» 1934 هو الاكثر جرأة بالتأكيد.

قصيدة اثنولوجية جميلة عن الصراع من اجل الحياة على جزيرة صخرية قاحلة امام ساحل جالواي في ايرلندا، اخراج روبرت فلاهرتي وفي مجال مختلف تماما، استطاع بالكون ان يطور المواهب الكوميدية والمسيقية المحلية من امثال جان منبرت سيسي كومبيدج، توم وير، جيمس ماثيوز، وكوميديان الشمال جورج فورمباي.

ومن منظور استرجاعي بعد مرور الزمن سيظهر ان هذا التقليد البريطاني الشعبي بالاساس في سينما الثلاثينيات، والذي ازدراه النقاد وقتها، كان بشكل عام اقدر على البقاء من الاعمال الاكثر احتراما والتي تتعمد ان تكون فنية، ففي وقت متأخر كثيرا عن هوليوود «التي كانت قد طورت العديد من الكوميديانات البريطانيين امثال شابلن وستان لوريل» .

وبعد فشلها في خلق تراث من الكوميديا الصامتة، اعتمدت السينما البريطانية على تراثها الغني من اساليب قاعات الموسيقى، في الوقت الذي كان فيه هذا التراث آيلا للانقراض في المسارح، وهكذا قامت فرقة سوقية عنيفة شديدة الصخب باسم «الشلة الطائشة» ببطولة سلسلة بالغة النجاح من الافلام الصغيرة الميزانية، كما كان لجراسي فيلدز وجورج فورمباي بتجسيدهما لعمال لانكشاير جاذبية ملحوظة، في سينما لم تكن من قبل تلتفت كثيرا للثقافات الاقليمية .

وكان من بين كوميديانات قاعات الموسيقى الاخرين الذين استقدموا للسينما انذاك بعض ممن قد اهملوا ظلما مثل سيدني هاوارد، تومي تريندر ، ارثر اسكي فورمان ايفانز، وكان اكثر اولئك اصالة وبقاء ويل هاي، الذي ارتبط دائما بتمثيل شخصيات أصحاب السلطة ـ نظار المدارس والمحطات ورجال الشرطة ورؤساء السجون ـ واضفى عليهم مسحة من سوء السمعة والفساد، وارثر لو كان الذي جسد شخصية الام ريلاي العجوز، وهي شخصية غسالة ايرلندية مشاكسة وسوقية.

وفكاهية وحمقاء وشديدة الصدق في الوقت نفسه، وقد ظهرت في عدد لا يحصى من الافلام صغيرة الميزانية التي كانت توزع في المقام الاول بدور العرض في المناطق العمالية الفقيرة التي قدمت ربع قرن من ذلك الوقت جمهور مرتادي قاعات الموسيقى.

            ومن غير الممكن تجاهل الحرفية العالمية لمخرجي هذه الفترة من امثال فيكتور سافيل، هربرت ويلكوكس الذي تخصص في الافلام التاريخية الجميلة، بطولة زوجته انا نيجل، جورج بيرسون، تيم ويلان، وكذلك المواهب الخاصة لمخرجي الكوميديا امثال والترفورد ومارسيل فارينل.

كما لا يمكن اغفال الاشارة الى ظهور مخرجين جدد مثل كارول ريد «عطلة المصرف 1938» مايكل باول «حافة العالم 1938» ممن سيصبحون اسماء كبيرة في السينما خلال العقد التالي، وقد ظل هيتشكوك واسكويت هما ابرز مخرجي تلك الفترة بعيدا عن اعماله الجانبية، المتراوحة وغير المستقرة.

المأخوذة عن اعمال ادبية «لعبة الاحتيال 1931» والسيرة الموسيقية الغربية «فالس من فيينا» 1933، والحاكية الاشبه بالقصص العاطفية في المجلات النسائية «ريتشارد سترانج 1932» واخر افلامه قبل رحيله الى أميركا «فان جامايكا 1939 المعد بطريقة ميلودرامية عن عمل لدافن دي مورييه كرس هيتشكوك نفسه لسلسلة من افلام تصاعدت فيهما بوضوح مهارته مخرجا ولمسته الفنية الخاصة.

حيث مازج بين موهبتة الفريدة في القص المثير المشوق وقدرته الذاتية المتميزة على ملاحظة الشخصية وموهبته في اكتشاف الغريب والشرير في اكثر الاماكن والشخصيات والموضوعات عادية.

وقد تم انتاج فيلميه «جريمة قتل 1930 ورقم سبعة عشر 1932» باستديوهات بريتيش انترناشيونال في اليستري، غير ان افضل افلام السلسلة انتج لحساب بالكون في جومون بريتيش وجينزبورو «الرجل الذي عرف اكثر ما يجب 1934، والدرجات التسع وثلاثون 1935، «العميل السري 1936» تخريب 1936، صغيرة وبريئة 1937، وافضلها «السيدة تختفي» 1938.

جريدة البيان في  31 يناير 2004

كتبوا في السينما

 

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

تاريخ السينما العالمية:

مايكل بايكون ودوره في إنتاج الفيلم البريطاني