شعار الموقع (Our Logo)

 

 

على رغم ما تعانيه السينما العربية من تغييب واضح لقضايا الأطفال والشباب على شاشاتها, هناك مهرجانان دوليان يقامان على أراض عربية يحمل عنوانهما توجهاً واضحاً الى هذا النوع من السينما. الأول هو مهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال ويقام في شهر آذار (مارس) من كل عام. أما الآخر فهو مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب ويقام كل عامين, وقد انقضت دورته السادسة بمشاركة 44 دولة و200 فيلم عرضت في 8 قاعات في مدينـة سوسـة والجوار.

ما زال مهرجان سوسة الطموح يسعى جاداً للفت الأنظار إلى هذه السينما الغائبة. ويحاول من خلال مسابقاته الرسمية الأربع (أفلام قصيرة للأطفال - أفلام طويلة للأطفال - أفلام قصيرة للشباب - أفلام طويلة للشباب) أن يختار الأفلام التي تعبر عن الأفكار والصور الموجهة لهذه الشريحة العمرية, ولكن بعضها جاء عنهم وليس إليهم, وهو فارق مهم يجب التوقف عنده بخاصة ونحن بصدد مهرجان يشارك فيه عدد كبير جداً من الشباب والصغار يصل إلى 300 شاب من 10 بلدان عربية وأوروبية ينخرطون في ورشه التقنية المتعددة في مجالات الصورة والصوت والتحريك. بينما يقضون أوقاتهم الصباحية في فضاء الورش, ينضمون وقت الظهيرة الى جمهور القاعات من ضيوف المهرجان ومتابعيه من تونس وخارجها. 

لجنة العجائز

انعكس هذا الفارق الصغير المهم أيضاً على اختيار لجنة التحكيم التي تجاوزت أعمار أصحابها الخمسين بسنوات على رغم أهميتهم التي لا يمكن إنكارها في ميدان السينما, لكن إذا جنبنا معيار السن سنجد أيضاً أن ليس لديهم إسهامات واضحة في ميدان سينما الطفولة والشباب.

تكونت اللجنة من المخرج السوري محمد ملص والمؤلفة وكاتبة السيناريو التونسية كاهنة عطية والمخرج الفينزويلي لويس أرماندو روش والسينمائي الغيني شيخ ديكوريه ومدير التصوير اليوناني ستافروس شسابيس. ولعل ما صرح به ملص لنشرة المهرجان يضع في يدنا أهمية وجود الشباب في لجان تحكيم هذا النوع من المهرجانات "على رغم معرفتي بالمهرجانات فقد وجدت في هذا المهرجان الذي أشارك فيه للمرة الأولى خصوصية يجب الدفاع عنها لأن الأطفال والشباب هم الجمهور الحقيقي. ما أجمل أن تذهب في الصباح وتدخل قاعة فيها ناشط يتحدث مع الأطفال والشباب قبل العرض وبعده, هذه التظاهرة تدعو الى التفاؤل, وعليه أقترح أن تكون لجنة التحكيم مكونة من أطفال وشبان وفق اعتبارات السن بدل عجائز مثلي". 

أفلام وجوائز

من الأفلام التي عرضت في إطار المهرجان الفيلم الفرنسي "تريبلات دوبال فيل" سيناريو وإخراج سلفيان شومي وهو فيلم طويل للرسوم المتحركة تدور أحداثه من خلال شخصية (شامبيون) الذي يحلم بأن يصبح بطل فرنسا للدراجات ولكن يتم اختطافه من جانب عصابة تسعى لاستغلاله, وتنجح جدته في تخليصه من براثنها لتنتصر قوى الخير على الشر.

استطاع شومي أن ينقل فحوى أفكاره السياسية والإنسانية ببساطة عبر الرسوم الكلاسيكية التي امتزجت بتقنيات الرسوم الحديثة صانعاً فيلماً رقيقاً يبقى في الأذهان. وقد حصل الفيلم على تنويه خاص من لجنة التحكيم في مسابقة الأفلام الطويلة للشباب. أما الفيلم التركي القصير "كورو" الفائز بجائزة الأفلام القصيرة للشباب للمخرجة جولدم دورماز فتدور أحداثه في سجن خيالي معتمداً على لغة حوارية غير مفهومة هي خليط من لغات عدة. كما يظهر في الفيلم ممثلون من جنسيات متعددة... وكأن القهر والسجن له لغة واحدة عالمية. يتعامل الفيلم مع وجوه السجناء ووجوه الزائرين بمنطق غياب التمييز, بينما تسرّب إحدى السجينات طفلتها التي جاءت في زيارتها للقاء زميلاتها السجينات في مشهد احتفالي, بينما تتطلع الطفلة وكذلك عدسة الكاميرا إلى الأفق الرحب متسللة بين قضبان شباك السجن. التعبير المكثف في "كورو" وبراعة استخدام (اللقطة الكبيرة) من أهم الدعائم التي اعتمدت عليها جولدم لصوغ هذا الفيلم. 

اعتراض على النقلة

أما الفيلم المصري "سهر الليالي" لهاني خليفة الذي حاز جائزة الجمهور فقد شهدت ندوته التي أدارها الأسعد الجاموسي (بمشاركة ثلاثة من أبطال الفيلم: شريف منير, علا غانم, وخالد أبو النجا) نقاشاً حاراً بينهم وبين الحضور الذي اعترض بعضه على اعتبار الفيلم نقلة في تاريخ السينما المصرية واصفاً إياه بالسينما التجارية ولا يقارن بعلامات مثل "المومياء" و"الأرض" (...), بينما اعترض بعض الشبان على المشاهد الحسية ووصفوها بالمجانية ما حدا بممثلي الفيلم توضيح أهمية هذه اللقطات لأن الفيلم يتناول العلاقات الزوجية التي لا يصلح الحوار لإبرازها من دون الصورة. 

وداعاً إبراهيم باباي

شهد افتتاح المهرجان تكريم سينمائيين تونسيين عدة وهم المؤلفة كاهنة عطية التي درست السينما في باريس ثم قامت بمونتاج عدد من الأفلام التونسية المهمة منها "صفائح من ذهب" و"يا سلطان المدينة" وكذلك مونتاج عدد كبير من الأفلام في دول عدة منها المغرب, السنغال, الجزائر, فلسطين وفرنسا. كما كرّم اسم الراحلة مريم وزان المسؤولة السابقة في المهرجان. وكذلك المخرج التونسي الراحل إبراهيم باباي الذي رحل قبل بداية المهرجان بأسابيع قليلة, وعلى رغم أنه قدم خلال رحلته أربعة أفلام طويلة فقط وهي "وغداً" 1970, "انتصار شعب" وثائقي طويل 1975, "ليلة السنوات العشر" 1990, "الأوديسة" 2003. إلا أن أفلامه اعتبرها النقادُ والسينمائيون التونسيون بمثابة علامات في تاريخ السينما التونسية, ما جعل من تكريمه قبل مرور أقل من شهر على وفاته لمسةً مؤثرة ودليلاً واضحاً على تواصل الأجيال والاعتراف بفضل رواد السينما الكبار. 

التواصل: الطريق إلى الآخر

إذا كان رئيس المهرجان نجيب عياد أكد في كلمته الافتتاحية أهمية التواصل بين الشباب المشاركين في المهرجان عبر الورش, وإعلاء قيمة التسامح في مواجهة العالم الذي ينزع إلى العنف والتطرف فقد أسفرت فعلاً أيام المهرجان السبعة عن تواصل حقيقي وتكوين صور عن مجتمعات مغايرة من خلال اللقاءات بين شباب البلدان المختلفة. ليس فقط نقاشات في السينما, ولكن في أساليب الحياة واللغات والتعليم وشتى المواضيع.

تبلورت صور التعاون أيضاً من خلال عرض نماذج من إنتاج الورش في الحفل الختامي, بل وشاركت مجموعة من الموسيقيين من بلجيكا وفرنسا مع أقرانهم التونسيين بقيادة ربيع الزموري في عزف الموسيقى المصاحبة لفيلم الختام "آخر اعتـراف" لطارق الشرطاني. ربما يكون المهرجان حقق جزءاً كبيراً من أهدافه عند هذا الحد. ولكن مواصلة الطريق للطموح الأكبر تنطوي على بلورة شعاره عبر اختيارات الأفلام, والاهتمام بقاعات العرض وتجاوز النواقص في النواحي التنظيمية حتى يصبح مهرجان سوسة وبحق هو قبلة الشغوفين بسينما الطفولة والشباب من كل صوب.

جريدة الحياة في  23 يناير 2004

كتبوا في السينما

 

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

أفلام عنهم وإليهم..

دعوة إلى النواصل في عالم عنيف

سوسة (تونس) أحمد رشوان

جوائز مهرجان سوسة الدولي

انتهت الدورة السادسة لمهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة و الشباب والتي أقيمت في الفترة من 24 – 30 ديسمبر بمشاركة 44 دولة و 200 فيلم بين 4 مسابقات رسمية وبانوراما وتكريمات. وقد فاز الفيلم المصري (سهر الليالي) للمخرج هاني خليفة بجائزة الجمهور والتي تسلمها ثلاثة من فناني الفيلم وهم شريف منير، خالد أبو النجا، وعلا غانم. أما الجوائز الرسمية فقد أسندتها لجنة التحكيم المكونة من المخرج السوري محمد ملص، والمولفة وكاتبة السيناريو التونسية كاهنة عطية، المخرج الفينزويلي لويس أرماندو روش، والسينمائي الغيني شيخ ديكوريه، ومدير التصوير اليوناني ستافروس شسابيس.

وتم توزيع الجوائز على مسابقات المهرجان الرسمية الأربعة كالتالي:

جائز الحضرموت الذهبي لفيلم (بيزار دي تودو) للمخرج ولتر توريني من الأوراجوي في مسابقة الأفلام القصيرة للأطفال. وفي مسابقة الأفلام القصيرة للشباب فاز بالجائزة الفيلم التركي (كورو) للمخرجة جولدام دورماز. وفي مسابقة الأفلام الطويلة للأطفال فاز بالجائزة الفيلم التشادي (أبونا) لمحمد صالح هارون. أما مسابقة الأفلام الطويلة للشباب فقد فاز بالجائزة الفيلم الفينزويلي (بيت يطل على البحر) للمخرج ألبرتو أرفلو.

 

 

 

 

 

 

 

لقطة من أجواء المهرجان