شعار الموقع (Our Logo)

 

 

قدم المخرج الفلسطيني هاني ابو اسعد المقيم في هولندا افلاماً تسجيلية عدة وفيلماً روائياً طويلاً هي "القدس, يوم آخر" الذي عرض في مهرجان "كان" قبل الأخير, وأول افلامه عام 1994 كان روائياً قصيراً بعنوان "بيت من ورق" وهو يحلل بذكاء تفتت البنية الاجتماعية والنفسية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال في ظل غياب الوعي الصائب لدى قياداته. وفي فيلمه "تحت المجهر" التسجيلي القصير, يختار هاني ابو اسعد موضوعاً يبتعد عن المباشرة والشعارات والصراخ وطريقة الاحتجاج الزاعق, لكي يرصد بدقة ووعي ملامح الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال, فأتى الفيلم على هيئة شهادات تتقصى مواقف ثلاثة اجيال متتالية من الفلسطينيين الذين يعيشون الآن في وطنهم كمواطنين اسرائيليين ويعانون التمييز العنصري وإشكالية الهوية.

وفي فيمله "الناصرة 2000" التسجيلي الطويل (52 دقيقة) يعود هاني ابو اسعد الفلسطيني المقيم في هولندا الى مدينة الناصرة ليقدم فيلماً عنها, هو قصة حب من المخرج تجاه مدينته بأماكنها وأهلها قبل ان تكون تاريخاً او إحصاء للأمكنة والناس.

منذ البداية كتب على "تيترات" الفيلم "قصة" ليؤكد تداخل التسجيلي بالروائي او انبثاق القص الروائي من التسجيلي. 

ليس خطابياً

صحيح ان الفيلم يتعرض للوضع الفلسطيني, لكنه ليس خطابياً ولا هو مرثاة لحال او قصيدة وطنية, انه دراما تسجيلية لمدينة الناصرة, واقع المدينة وواقع الظروف التي تمر بها المدينة, وواقع البشر وتحولاتهم. لقد حاول دمج مستويات عدة من التصوير والمونتاج "شهادات الناس والوثائق السينمائية", والإفادة من هذه المستويات قدر الإمكان.

مع حكاية المدينة هناك قصة محورية لعاملي محطة محروقات تتقاطع فيها قصتهم مع شهادات عدة, منها شهادات لعائلة المخرج وأسئلة الغربة والعودة لدى ثلاثة اجيال, وشهادة للطبيب الأقدم في المدينة, وشهادة لمؤرخ في الناصرة, وشهادة موسيقية لعازف العود الذي تتقاطع انغامه مع فضاء المدينة وسمائها, ومونتاج متواز لأحداث شهدتها الناصرة عام 2000, اهمها زيارة البابا وخيبة الأمل منها مع قيود جيش الاحتلال على السكان, وإطلالة على الواقع المسيحي والإسلامي في الناصرة.

"الناصرة 2000" هو فيلم عن مدينة, وعن الغربة والقهر والألم في زمن الاحتلال, عن المواجهة بين الإرادات الإنسانية على ارضية واقع مشترك, عن واقع مقهور حيث الوجع الفلسطيني تحت سماء معزولة عن عدالتها.

فيلمه الروائي الطويل "القدس, يوم آخر" او "عرس رنا" في عنوان آخر يتناول وضع فتاة اسمها رنا تعيش في القدس وتريد الزواج من الشاب الذي تحبه (مخرج مسرحي), وحتى تفعل ذلك عليها ان تبحث عنه وتأتي به الى والدها قبل الساعة الرابعة بعد ظهر ذلك النهار, إنه الوقت الذي حدده والدها لها صبيحة ذلك اليوم, حيث سيتوجه بعدها الى القاهرة في رحلة عمل قد تطول, وهو كان اعطاها قائمة: اختاري منها ما تريدين, لكنها تنظر الى اللائحة ولا تريد منها شيئاً. 

تسلل الضحك

الضحك يتسلل الى الفيلم على رغم جدية طرحه, يعكس ثقة المخرج في ان المعاناة المفروضة على الشعب الفلسطيني لن تفقد الإنسان هناك رجاحة تفكيره وإقباله على الحياة وتحديه لوضع فتاة تبحث عن مستقبلها ومحاولة صنع مصيرها في زمن يحاول فيه الآخرون القبض على هذا المصير ونسجه على المنوال الذي يريدونه.

العائق الأساسي الذي تواجهه هذه الفتاة هو تلك الحواجز الممتدة على مداخل مدينة القدس, رنا كونها من المدينة عليها ان تجلب عريسها من رام الله, وتعود به من هناك الى بيتها, اكثر من حاجز, اكثر من سياج يريد منعها من تحقيق ما ترغب به.

من مشاهد داخلية محكمة ادارها بانضباط وعكس فيها ثقافته الفنية بحدود ما اتيح له, الى مشاهد خارجية يتركها هاني ابو اسعد تحت تأثير الظرف الذي يحكمها, في وسط المشاهد الخارجية يأتي المخرج بمفارقة يصور فيها انعكاس الواقع المعاش في ذات بطلته.

بعد ذلك يعود هاني ابو اسعد الى الفيلم الوثائقي بإخراجه فيلم "فورد ترانزيت" عام 2003.

جريدة الحياة في  23 يناير 2004

كتبوا في السينما

 

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

سينمائي فلسطيني

يبحث عن لغة خاصة للتعبير

محمد عبيدو