شعار الموقع (Our Logo)

 

 

أثبتت المخرجة الفلسطينية مي مصري حضورها السينمائي بإنجازها بضعة أفلام أظهرت فيها الواقع المرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، كذلك تمكنت هي وزملاؤها المخرجون الفلسطينيون من عرض إنتاجاتهم السينمائية في أمريكا واليابان وفي بعض البلدان الأوروبية، ومعها كان هذا الحوار: 

·         كمخرجين فلسطينيين، ما أبرز العقبات التي تواجهونها؟

- هناك العديد من العقبات الناجمة عن الاحتلال “الاسرائيلي” وسياسة القمع والحصار والتهجير التي تشمل الشعب الفلسطيني، كما نعاني مصاعب الإنتاج والتوزيع التي يعانيها سائر السينمائيين العرب، الذين يعملون في مجال السينما الجادة، والملتزمة بقضايا الإنسان العربي.

وما يعرقل عملنا في ظل الاحتلال “الاسرائيلي” هو الحظر اليومي المتصاعد، في الحقيقة أصبح السينمائي، وكل من يحمل آلة تصوير، هدفا لجنود الاحتلال، وقد استشهد عدد من السينمائيين، وأصيب نحو 70 صحافيا وسينمائيا، منذ بدء انتفاضة الاقصى الى الآن. معظم زملائي من السينمائيين والمصورين تعرضوا للضرب او الاعتقال على ايدي جنود الاحتلال، وقد تعرضنا لمثل هذه الوحشية اثناء تصوير اكثر من فيلم ابتداء من حصار بيروت سنة ،1982 مرورا بالانتفاضة الاولى سنة ،1989 وصولاً الى انتفاضة الاقصى، حين اصبت بإطلاق النار المتعمد من قبل “اسرائيلي” لمجرد حملي كاميرا التصوير، كذلك نعاني كسينمائيين في الخارج، من صعوبة الوصول الى فلسطين، ومن ضغط أجهزة الرقابة العربية  التي لا تشجع طرح المواضيع المعالجة للمشكلات السياسية والاقتصادية المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية.

أما كسينمائيين في الداخل، فنعاني الحصار “الاسرائيلي” الذي يعوق تنقلنا بين المناطق الفلسطينية ولا نستطيع السفر الى الخارج، بالاضافة الى سلسلة سياسات تعسفية كالقرار بإلغاء جميع البطاقات الصحية الفلسطينية من قبل الاحتلال، نعيش ايضا حالة من الضغط النفسي، جراء حالة عدم الاستقرار، والقلق الدائم من الملاحقة او مصادرة افلامنا في اية لحظة، وقد عشت هذه التجربة اثناء تصوير “اطفال جبل النار”، خلال الانتفاضة الاولى في مدينة نابلس المحتلة، وقد تم تصوير جزء كبير من الفيلم على نحو سري خلال منع التجول، وتهريب المادة المصورة الى خارج المدينة المحاصرة، أما بالنسبة لظروف التصوير - وكانت صعبة جدا- فقد كنت أحب المشاهد والملاحظات بلغة الشيفرة، وبقيت أنا والفريق بحالة تأهب دائم، كما واجهنا الملاحقة والطرد من المدينة مرارا، ودفعتنا هذه الصعوبات الى ابتكار العديد من الوسائل الإبداعية والبديلة، للتمكن من الاستمرار و”التحايل” على الظروف الصعبة، كذلك أعطتني دفعاً كبيراً على الصعيد الشخصي، والتعلق أكثر بالمدينة والناس والاستعانة بالمرح والتحدي والمواجهة فضلاً عن المصاعب التي تعرقل توزيع أفلامنا في الخارج فهي كثيرة، وعلينا ان نعتمد على النوعية العالية لعملنا، وعلى مبادراتنا الذاتية وروح المثابرة والعمل الدؤوب، لكي ننجح باختراق الحصار المفروض على الموضوع الفلسطيني والعربي عموماً.

·         وما مدى تورطك في الموضوع الذي تنوين نقله الى الشاشة؟

- ليس باستطاعتي ان أنجز فيلماً، ان لم أكن مقتنعة بالموضوع فأنا انطلق من القناعة الذاتية، واعتمد على معايشة الواقع من الداخل، للوصول الى رؤية انسانية اعمق، أبني علاقة حميمة ووثيقة جدا مع شخصيات أفلامي، اعتماداً على الثقة المتبادلة التي تؤدي الى كسر الحواجز، وتجاوز هاجس الكاميرا، وهذا في رأيي، اساس التعبير العفوي والصادق والصريح في كثير من الاحيان، اعيش مع شخصيات الفيلم، وأتعرف الى بيئتهم، فأستوحي اسلوب الفيلم من تفاصيل حياتهم وكلامهم، هذه “الكتابة السينمائية” المستمدة من تناقضات الواقع وسحر المكان وطبقات التعبير الانساني، ضرورية في صوغ الاسلوب والشكل الفني الذي سيأخذه الفيلم، أعتبر ان العلاقات التي أبنيها والتجارب التي أعيشها، أبعد من مجرد أفلام سينمائية، لتطول تجارب حياتية وإنسانية كبرى. أؤمن بالتورط الشخصي بالموضوع، شرط ألا أفقد نظرتي النقدية للواقع، هذه المعايشة والمعرفة الدقيقة للموضوع اساس للتفتيش عن لغة سينمائية خاصة، مبنية على الإبداع واختبار الذات، والغوص في اعماق التجربة الإنسانية.

·         ما علاقتك بمسألة الموضوعية، وهل تعتبرين ان ما تعرضه السينما الفلسطينية من واقع هو الأقرب الى الحقيقة الفلسطينية؟

- لا وجود للموضوعية المطلقة في اي عمل سينمائي او فني، السينما تعبر عن وجهة نظر او موقف، ولكل مخرج اسلوبه الخاص في العمل، لكنه لا بد ان يكون صادقاً مع نفسه ومع الموضوع الذي يعالجه، تعاني الكثير من “أفلام القضية” من المباشرة او الخطابية، او الاستهلاكية التجارية، لكنْ هناك بالمقابل عدد متزايد من الأفلام التي تعالج مشكلات الإنسان الفلسطيني، من زوايا وأبعاد اكثر شمولية وإنسانية من المستوى السياسي المباشر، ولا أعتبر ان الموضوعية هي المطلوب منا، لأن السينمائي لا يمكن ان ينتقل او يسجل الواقع على نحو آلي، بل يقدم فهمه الخاص لواقع ما، من خلال خلفيته الثقافية وعينه السينمائية والزاوية التي يختارها وكيفية ادارته للمشاهد.

·         في رأيك، كيف يتم التواصل مع الغرب، وما الشروط لفرض نفسك على الرأي العام؟

- التواصل مع الغرب يتطلب مجموعة من العوامل، بدءا بضرورة توفر المستوى الفني السينمائي العالي، مرورا بالرؤية الإخراجية المميزة، وصولاً الى العمل الدؤوب والاتصالات الكافية، لإيصال العمل السينمائي الى مؤسسات الإعلام الغربي. لقد عانى السينمائي الفلسطيني طويلا من مصادرة “صورته” و”صوته” في الإعلام الغربي، وليس من السهل كسر الحصار المفروض على الفيلم العربي والفلسطيني، وقد توصلنا عبر تجربتنا منذ اوائل الثمانينات، الى اختراق جزئي لبعض مؤسسات الإعلام الغربي، ونجحنا ببث أحد أفلامنا على نحو 90 محطة تلفزيونية في العالم، بالإضافة الى الأفلام الاخرى التي أنجزناها، وعرضت على عدد لا بأس به من محطات التلفزة الغربية، كذلك وزعت على عدد كبير من المؤسسات التربوية والأكاديمية في الغرب، أما فيلمي “أحلام المنفى”، فقد عرض حتى الآن على 20 محطة تلفزيونية في الولايات المتحدة واليابان، وعلى بعض المحطات الأوروبية والعربية، وقد كانت ردود الفعل إيجابية، اذ وصلني سيل كبير من الرسائل الإلكترونية من عدد كبير من المشاهدين في العالم، هناك اهتمام غربي متزايد حاليا بالصراع العربي “الاسرائيلي” والقضية الفلسطينية خصوصا، وبإمكاننا ان نستفيد من هذا الاهتمام بإنتاج اعمال نوعية، والعمل على إدخالها من النافذة الإعلامية الصغيرة - المتاحة حاليا، للوصول الى التأثير في الوجدان العالمي الانساني.

·         هل تؤمنين بالسينما وسيلة للتغيير؟

- السينما أقوى وسائل التعبير الفنية في تأثيرها في الإنسان، ومخاطبة وجدانه وعقله، السينما سلاح، من حيث فعاليتها في إقناع المشاهد، وتحريك مشاعره، وتكوين وعيه، ودفعه الى الفعل، لكن هذا السلاح ذو حدين، اذ ان الإعلام الصهيوني يهيمن على الصناعة السينمائية، وقد استغل السينما طويلا لتشويه صورة الفلسطيني ولتزوير تاريخه، لذلك علينا اعتبار السينما سلاحا لمواجهة الكذب والتزوير والبدء بأخذ زمام الأمور بأيدينا، لتشكيل صورنا وتاريخنا بأنفسنا، والتحدي الذي أمامنا، كسينمائيين فلسطينيين وعرب، هو أن نعمل على ابتكار لغة سينمائية مبدعة ومتجددة، وبمستوى زخم وعدالة قضيتنا الفلسطينية.

الخليج الإماراتية في  22 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

عرضت "أحلام المنفى" في أمريكا وأوربا واليابان

مي المصري

السينما سلاح ذو حدين

هوفيك حبشيان