الفيلم اعتمد على الدراما الموسيقية كاطار تدور من خلاله الأحداث
هبة عبد المجيد |
صفحات خاصة
|
ليست مشكلة فيلم "مفيش غير كده" ـ الذى تعود من خلاله الفنانة نبيلة عبيد للسينما بعد غياب سنوات "اضطراريا" ـ الوحيدة أنه اختار الدراما الموسيقية كاطار تدور من خلاله الأحداث، بوصفه لونا فنيا غير مألوف جماهيريا، أو أن رؤيته السينمائية كانت فقيرة وهو ما يتعارض مع تلك النوعية من الدراما، والتى تعتمد على الابهار فى كافة عناصره مما يساعد على نجاحه، أو أن من تصدى من نجوم الفيلم فى تقديم تلك الاستعراضات والأغنيات لم يكونوا مؤهلين لتقديمها بالصورة التى تساعد على نجاحها، بدءا من نجمة الفيلم نبيلة عبيد وانتهاء بالصاعدة أروى مرورا بخالد أبو النجا والذى اجتهد مع الجميع وفقا للمتاح أى فى حدود ما لديهم من امكانيات. مشكلة الفيلم الأساسية أنه بلا رؤية واضحة ومحددة، تأرجح مخرجه بين الدراما الموسيقية فى جزء وبين الميلودراما السوداء فى جزء آخر، مما جعل رؤيته تتخبط ولا تصل بالتجربة لبر الأمان، ربما لكونه لا يمتلك خبرة فى تقديم مثل هذه التجارب الفنية اسوة بالتجارب العالمية وأبرزها "مولان روج" رائعة نيكول كيدمان والتى مازالت تعيش فى ذاكرة الجماهير، يضاف لذلك أن كاتبة السيناريو عزة شلبى "صاحبة فيلم أسرار البنات" ومعها الشاعرة كوثر مصطفى صاحبة الفكرة لا يمتلكان خبرة فى صياغة مثل هذه التجارب رغم تميز كوثر كمؤلفة للعديد من الأغنيات، فليس كل من يكتب الأغنيات يمكنه صياغة سيناريو يندرج تحت الدراما الغنائية حيث الأغنيات والاستعراضات جزء لا يتجزأ من الأحداث. ويستعرض الفيلم حياة ناهد "نبيلة عبيد" وأسرتها التى غاب عنها عائلها بعد ارتباطه بأخرى، اللهم الا للربط بين غياب الأب وغياب القيم والأمان ليس المادى فقط ولكن المعنوى أيضا والذى يحتاجه الأبناء فى تلك المرحلة الحرجة من أعمارهم، مما يضطر الأم للبحث عن وسائل متعددة للابحار بسفينة الحياة الى بر الأمان، لهذا تستبدل عملها فى "اعادة صياغة الملابس القديمة وبيعها على أنها مستوردة" والذى تمارسه مع جارتها وصديقتها شوشو أو الفنانة سوسن بدر، بعمل آخر أكثر ربحا يعتمد بالأساس على مؤهلات ابنتها الأنثوية ومن ثم تقبل نصيحة صديقتها بتقديم ابنتها لعالم الموديلز فى الفيديو كليب، وبالفعل تنجح الفتاة فى تحقيق النجاح، مما يشجع المنتج و مخرج الكليبات الذى لعب دوره خالد أبو النجا لاستثمارها بتصعيدها الى مرتبة المطربات المنتميات الى العري، أولئك اللاتى اختصرن المساحة التى تغطى أجسادهن ليستكملن بها ما انتقص من مواهبهن. وبالفعل تتحول الابنة ـ التى لعبت دورها الوجه الجديد أروى ـ بين عشية وضحاها الى واحدة من أشهر النجمات، ومع النجاح تنتقل العائلة الى مستوى اجتماعى أفضل، غير أن النجاح السهل والمعتمد على الابتذال أشبه بالريح العاصفة التى تأخذ فى طريقها كل غال وثمين، فالمخرج يواصل استثماره واستغلاله للفتاة وهو ما تتصدى له الأم وتثور من أجل الحفاظ على ابنتها، غير أن الريح لا تتوقف فى تدميرها عند هذا الحد، فالنجاح الرخيص يدمر باقى أفراد الأسرة، فالأخت "رولا محمود" تغير من نجاح شقيقتها وتقرر استكمال المسيرة مهما كان الثمن، ربما بدافع الغيرة من جانب وربما للانتقام من أمها "نبيلة عبيد" والتى تعتقد بأنها لا تحبها مقارنة بشقيقتها "أروى"، يساعدها فى ذلك شقيقها "أحمد عزمي" الباحث عن فرصة لممارسة سلطة الأب الغائب، الا أنه وعلى طريقة الأفلام المصرية دائما ما يفيق الجميع فى اللحظات الأخيرة لتستعيد الأسرة ترابطها من جديد وتبدأ فى تصحيح مسارها.. الفيلم حاول تسليط الضوء على عملية صناعة النجوم وكواليس تلك الصناعة، حيث لا مكان للمواهب الفنية الحقيقية، فقط المواهب الجسدية هى صاحبة القول الفصل فى هذه العملية، مما يلقى بأصابع الاتهام على المجتمع والذى تغيب فيه كل المؤسسات المسؤولة عن العملية الفنية ورقابتها للحد من انتشار هذا التيار من الفن الاباحى والذى لا يصح ادراجه تحت مسمى الفن.. لم تكن نبيلة عبيد موفقة فى تلك التجربة رغم غيابها سنوات عن السينما، فهى لم تبذل جهدا يجعلها أكثر تجاوبا مع الدراما الموسيقية، وربما تصورت أن اجادتها للرقص الشرقى والذى قدمته فى أفلام سابقة يمنحها فرصة التألق فى هذا الدور، باختصار أدارت الفكرة بعقلية النجمة صاحبة الأمجاد القديمة والتى يكفى اسمها على "الأفيش" لضمان النجاح. فيما نجح خالد أبو النجا فى التعامل بوعى وببساطة مع دور المخرج الانتهازى الذى يسعى لاستثمار فريسته، كاشفا عن جانب آخر من موهبته التى مازالت تحمل الكثير، وهو ما نجحت فيه الى حد بعيد "الوجه الجديد" أروى فى دور فتاة الاستعراض وكذلك رولا محمود واحمد عزمى بأداء يعى تفاصيل الشخصية وينجح فى ترجمتها بشكل جيد. العرب أنلاين في 12 أبريل 2007
|