«سي آي أيه» صنعت من روبرت دي نيرو مخرجاً |
صفحات خاصة
|
هناك ممثلون يستطيعون التخصص في فروع أخرى للسينما، كالإخراج مثلا، من دون ان يشكل ‘’ماضيهم’’ عقبة امام تحولهم الى تخصص آخر، ولكن هناك آخرون لا يعترف بهم المشاهد إلا كممثلين، ليس لأنهم اشتهروا بالتمثيل لعدة سنوات فألصقت عليهم إشارة ‘’ممثل’’ فقط، بل لأن المشاهد لايزال يريد أن يراهم أمام الكاميرا، لا خلفها، حيث تبرز إبداعاتهم ومواهبهم. وروبرت دي نيرو واحد من هؤلاء. اهتم دي نيرو في تجربته الإخراجية الثانية، في ثلاثة عشر عاما ‘’كان فيلمه الأول ‘’إى برونكس تايل’’-حكاية من البرونكس، سنة ‘’1993 بتاريخ وكالة المخابرات الأمريكية، الـ ‘’سي آي أيه’’ بين عامي 1925 و.1961 عنوان الفيلم هو ‘’ذى غود شيبارد’’ أو ‘’الراعى الصالح’’ الذي خرج الى قاعات السينما في الشهر الماضي. يبرز الفيلم كيف تأسست البنية الأولى لـ ‘’سي آي إيه’’. فقد كانت نواتها نخبة أمريكيين أقسموا اليمين للدفاع عن ‘’أرض الله’’، ونُفخت في صدورهم وضمائرهم وطنية تتعدى حدود الولايات المتحدّة الأميركية. فلا يتوانون عن تدبير المقالب والمؤامرات في الحرب العالمية الثانية في أوروبا، ولا حدّ للانقلابات والصفقات التى ينفذونها في كل مكان في العالم وخاصة في الأعوام الأولى للحرب الباردة. كما يكشف الفيلم كيف تورطوا أيضا في كوبا، وفي الحادثة الشهيرة ‘’خليج الخنازير’’. أدى دور البطولة في الفيلم الممثل مات ديمون، وكان بارعا ومتميزا في شخصية إدوارد ويلسن، أحد عملاء جهاز التجسّس، الذي تدور حوله كل أحداث الفيلم. تتوازى خطوات ويلسن مع خطوات الوكالة، حيث يجسد العميل السري كل النواة المخابراتية بتعقيدها وانغمارها في عزلتها، كما ينغمر ويلسن في عزلته على الرغم من الشخصيات الكثيرة التي تحيط به. ويعطي ويلسون عمله أهمية بالغة، إيمانا منه بضرورة الحفاظ على ‘’القيم الأميركية’’، على حساب أي روح بشرية. تتجول كاميرا دي نيرو عبر التاريخ لنرى ويلسن منذ أن كان طالباً في جامعة ييل في عام ,1939 وكيف انضم إلى الجمعية السرية ‘’الجمجمة والعظام’’ التي كانت من مهماتها تكوين قادة مستقبليين لإدارة مؤسسات البلاد. ميزة ويلسن هى الكتمان والسرية، مما قاده إلى مركز قيادي في دائرة الخدمات الاستراتيجية OSS، في الحرب العالمية الثانية، وهى الأساس الذي يبنى عليه ‘’الوحش المخابراتي’’. وكالة المخابرات المركزية هذه، أولوية شخصية ويلسن. وهو يكرس كل وقته وحياته لها على رغم دناءة بعض الأفعال. وهذا التكريس المبالغ يفسَّر أيضا بعدم حبه لزوجته التى أغوته وأوقعت به لتحمل منه، فيُرغم على الزواج منها بالرغم من حبه لفتاة أخرى. فهو لا يريد أن يكون له ابن غير شرعي، وفي نفس الوقت يغتنم أول فرصة للابتعاد عن زوجته: ففي يوم زفافه منها بالذات يوافق على السفر إلى أوروبا. لذا، فإن إثمه مزدوج: عبوديته لوكالة المخابرات، وابتعاده عن نواته العائلية. وكما كُتب على إعلان الفيلم ‘’كل أسرارنا القذرة بدأت من هنا’’. اعتمد دي نيرو على نصّ إيريك روث، وهو كاتب سيناريو مميز، كتب ‘’فوريست غامب’’ و’’ميونيخ’’ و’’علي’’ ‘’عن الملاكم الشهير محمد علي’’.. كلها أفلام بقيت في البال. وأحسن إيريك حبكة القصة لسرد تاريخ الوكالة المخابراتية بصفة عامة، وذلك عبر شخصية ويلسون خاصة. إلا أن المخرج-الممثل دي نيرو لم يحسن التصرف في السيناريو. فالمشاهد وإن أدرك بلا شك عالم الأسرار والمكائد الذى تعيشه الوكالة وأفرادها، إلا أنه يضيع بين الكثير من الأحداث الصغيرة هنا وهناك. فالكاميرا وقفت على تفاصيل كان من الممكن أن يُستغنى عنها، حتى لا يصاب المشاهد بالملل خلال الفيلم. ولم يكن تسلسل المشاهد والأحداث بتلك الطريقة المشوقة التي تجعل المتفرج يندمج في القصة إلى آخرها. قضى دي نيرو الذي يبلغ من العمر اليوم الثالثة والستين، ثمانية أعوام في تحقيق هذا الفيلم، وأشرك فيه ممثلين متميّزين الى جانب مات دامون، مثل أنجيلينا جولي، وويليام هارت، وأليك بالدوين. وشارك هو نفسه كممثل، ولكن لمدة لا تزيد عن عشرة دقائق. غير ان كل هذه الوجوه المتألقة لم تُضف إلى الفيلم لمسته السحرية التي يستطيع إضفاءها مخرجون مثل سكورسيزى وكوبولا وسبيلبيرغ. فإن الاسم والصورة وحدهما لا يكفيان ليخلد أى فيلم كان في التاريخ والذاكرة. مشوار الأربعين عاماً ومشوار دي نيرو الفنى يفوق الأربعين سنة، فهو كان مولعا بالتمثيل منذ صغره. وينحدر دي نيرو من عائلة أرستقراطية إيطالية الأصل. كان والداه رسامين، مما سهل، ربما، دخوله في المجال الفني، فهما لم يعترضا أبدا طريق ابنهما في أن يصبح ممثلا. فدخل روبرت معهد الدراما منذ سن السادسة عشرة وبدأ كممثل مسرحي إلى أن لاحظه المخرج برايان دي بالما مانحا إياه ثلاثة أفلام بين سنوات 1966 و,1970 وهى ‘’غريتينغس’’ ‘’تحيات’’؛ ‘’ذي ويدينغ بارتي’’ ‘’عقد القران’’؛ و’’هاى مام’’ ‘’مرحبا أمي’’. ولكن شعبيته بدأت خاصة في سنة 1973 في فيلم ‘’بانغ ذي درام سلولي’’ ‘’اضرب الطبل ببطء’’، فقد أدى في هذا الفيلم دور لاعب بيس بول بشكل متميز حظي به على إعجاب الجمهور الأميركي. أما الجمهور العالمي فقد اعترف به في السنة الموالية، أي سنة ,1974 وذلك في فيلم ‘’ذي غود فاذر’’ للمخرج فرانسيس كوبولا. الوقت البحرينية في 7 أبريل 2007
واقع المرأة في السينما العربية كيف تعاملت السينما العربية مع المرأة.. وكيف قدمتها؟ السينما فن حقيقي ونمط تعبير يتجاوز المناظر الفنية الأخرى، وهي مرآة عاكسة للواقع وهذه الصفة تجعلها مختلفة عن سائر الفنون التقليدية بل انها تحتويها ولكونها تخاطب الواقع فإنها تعتمد على العنصر البشري الرجل والمرأة وبما أن موضوعنا عن المرأة في السينما العربية إذن لا بد من الإجابة على التساؤل الآتي: كيف تعاملت السينما العربية مع المرأة وكيف قدمتها؟ إن واقع الحال في مجتمعنا العربي يؤكد أن الرجل مازال يتصدر معظم المهمات الحساسة ان لم يكن جميعها، ولكن في الوقت نفسه بدأت المرأة تأخذ مواقع جديدة في العمل بل وتتنافس مع الرجل، ولذلك بدأت أدوارها في السينما تتغير تبعاً لتطور دورها في المجتمع. ومن خلال استعراض عام للأفلام العربية وتحديداً المصرية باعتبارها الأفضل والأكثر انتاجاً وتاريخا حيث بدأت منذ عام 1927 وحتى يومنا هذا يمكن الخروج بنتيجة محددة تقدم صورة واضحة للمرأة العربية كما قدمتها الشاشة المصرية، وتعكس هذه النتيجة حالتين رئيسيتن هما: الحالة الأولى أفلام تقدم المرأة كشخصية ثانوية مكملة لشخصية الرجل فهي الأم الحنون والأخت الودود والزوجة المطيعة والحبيبة المخلصة.. مهمتها الوقوف خلف الرجل وإبراز شخصيته لكي يظهر في الواجهة وفي موقع قيادة الأحداث أما هي فتبقى في الظل. أي انها شخصية تابعة احيانا وضعيفة وهامشية أحيانا أخرى، والأمثلة هنا كثيرة منذ نشأة السينما في مصر ولوقتنا هذا لكننا سنذكر عينة من مئات الأفلام، علماً بأن أول فيلم حمل اسم امرأة بعنوان ليلى الذي لعبت بطولته الفنانة الراحلة عزيزة أمير وفيلم زينب الذي شكل علامة مضيئة في تاريخ السينما المصرية للمخرج محمد كريم بالاضافــة الى أفـــلام مـثل: خدامتي، دنانير، ليلى بنت الفقراء، الزوجة الثانيـــة، الحــرام، الذي يعــد من الأفـــلام المتميــزة وهـــو من بطولــة سيـــدة الشاشـة العربيــة فاتــن حمامة وإخــراج هـنري بركــات. الحالة الثانية أفلام قدمت وما زالت نموذجاً مغايراً لصورة المرأة في الحالة الأولى، حيث ظهرت المرأة المتمردة، المتحررة، المتحديـة، تلك التي تضخم شخصيتها لتبدو وكأنها على استعداد للمواجهــة وتحدي القوانين والقيم الاجتماعية، فهي تعــاني من الضجـــر باستمــرار ولديها إحساس بأنها محاصرة بالتقاليد فتهجر البيت وتمارس حريتها الكاملة بشكل متطرف، وقد يكلفها ذلك كثيراً. والأمثلة هنا كثيرة من أبرزها أفلام: أريد حلاً، الراعي والنساء، امرأة آيلة للسقوط، استاكوزا، عفواً أيها القانون، وقد يكون هذا الفيلم نموذجاً جديراً بالاهتمام لأن مخرج الفيلم امرأة وهي ايناس الدغيدي ولأن هذه الشخصية تتمتع بجرأة خاصة في طرح قضايا المرأة، ان فيلم عفواً أيها القانون الذي يتلخص موضوعه بخروج الزوجة نجلاء فتحي من السجن الذي دخلته بسبب اطلاقها النار على زوجها الخائن محمود عبدالعزيز لتحاول ان تسترد حضانتها لطفلها، لكن المجتمع والقانون يقابلان حقها الطبيعي بالرفض، ليظل الطفل فريسة للجد عبدالقوي الذي لعب دوره الفنان الكبير الراحل فريد شوقي. في اشارة الى نوع من التشاؤم القائم حول استمرار قيم المجتمع الذكوري الظالمة، ففي هذا النوع من الأفلام تستنفد المرأة جميع الطرق المشروعة للتمرد على القيم الجائرة. وفي الحقيقة انها تهاجم الأعراض الظاهرة ولا تعالج المرض ذاته. إن مثل هذه الأفلام على اختلاف مستوياتها الفنية تمثل اتجاها متميزا في السينما المصرية، انها تتحدث عن الصورة الأخرى للمرأة، صورة فيها شيء من الواقعية ممزوجة بصرخات الاحتجاج، وصورة اخرى، تضخم شخصية المرأة وتمنحها صفات جديدة مثل تحديها لقوانين المجتمع وإحساسها المستمر بالضجر والتمتع بحريتها الكاملة. الوقت البحرينية في 7 أبريل 2007
|