سينماتك

 

د. وليد سيف يكتب عن جوائزه ولجنة تحكيمه

مهرجان جمعية الفيلم إهدار لمفاهيم الثقافة السينمائية

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

>> لماذا الإصرار علي الالتزام بلائحة لا تتغير بينما دستور الدولة نفسه يتغير؟

>> كل أعضاء لجنة التحكيم بعيدون عن مجال العمل السينمائي منذ زمن.. مما يعني أنه ليس بينهم من هو علي دراية بظروف وواقع السينما الآن وإمكانياتها التقنية التي تتقدم بإضطراد

>> غاب عن تشكيل اللجنة وجود مدير تصوير ومهندس ديكور لذلك كان طبيعيا أن يحصل علي جائزة الديكور عادل المغربي عن فيلمه «دم الغزال» بينما كان يستحقها المتميز «فوزي العوادلي» عن فيلم «عمارة يعقوبيان»  

اعتدت منذ سنوات أن أكتب عن مهرجان جمعية الفيلم وأن أبدي إنتقاداتي لجوائزه وفعالياته حتي ولو كنت عضوا في مجلس إدارة الجمعية التي تقيمه أومسئولا في لجانه أوحتي مديرا له . ولكن الوضع يختلف هذا العام بعد أن استقلت من مجلس الإدارة في وقت حرج يسبق الإعداد للمهرجان بوقت قصير كما رفضت تولي أي مسئوليات فيه لانشغالي بإمور خاصة .. وبعد أن تخليت عن مسئولياتي في الجمعية التي تشكل جزءا أساسيا من كياني مازلت مصرا علي مواصلة الكتابة عنها وعن مهرجانها .فبعيدا عن أي انتقادات توجه حاليا للجمعيات السينمائية بوجه عام ولجمعية الفيلم خصوصا إلا أن الدور الكبير والتاريخ الطويل لهذه الجمعية في حركة الثقافة السينمائية في مصر يفرض علينا جميعا أن نتوجه لمسئوليها بآرائنا وانتقاداتنا التي نثق يقينا وعن تجربة بأنهم لن يعملوا بها ..لأن نفس المشكلات تتكرر في كل عام بعد أن يضاف لها المزيد مع إصرار غريب علي تكرار ما نعتبره أخطاء ..والحقيقة أن الفنان السينمائي الكبير محمود عبدالسميع رئيس الجمعية والمهرجان يواجه تيارا عاتيا من داخل المجلس من أجل تغيير لا أراه إلي الأفضل بقدر ما أراه معوقا حقيقيا لتقدم الجمعية ومواصلة رسالتها وتصحيح أوضاعها لتواصل دورها الريادي في إرساء المفاهيم التي تتعلق بالثقافة السينمائية .

وأول إهدار لمفاهيم الثقافة السينمائية في مهرجان جمعية الفيلم يتمثل في إصرار إدارة المهرجان علي الإلتزام باللائحة - التي لا تتغير مع إن دستور الدولة نفسه يتغير - وخاصة فيما يتعلق بعدد الأفلام المشاركة في المسابقة ليكون عددها علي الأقل سبعة علي الرغم من أن هذا القانون المقدس تم تجاوزه في دورات سابقة قديمة كان عدد الأفلام المصرية الجيدة الجديرة بالمشاركة والمنافسة علي جوائز الأفضل في مختلف الفروع لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحده ..في هذا العام شارك في المسابقة الرسمية ثمانية أفلام حيث تساوي الفيلمان السابع والثامن في عدد الأصوات بناء علي استفتاء الأعضاء والنقاد .. والأفلام الثمانية هي وفقا لترتيب الأصوات: دم الغزال. وملك وكتابة. وعمارة يعقوبيان. وأوقات فراغ. وواحد من الناس. وظاظا. وخيانة مشروعة. والرهينة.

وأنا أثق يقينا أن معظم السادة أعضاء اللجنة العليا للمهرجان لم يشاهدوا الأفلام الثلاثة الأخيرة وإلا لما وافقوا علي دخولها المهرجان مهما تعارض الأمر مع اللائحة ففيلم (ظاظا) عمل ليس له أي علاقة بالسينما أو بفن الفيلم من قريب أو من بعيد وهو مجرد محاولة لاستغلال أقصي حدود الهامش المتاح من الحرية لانتقاد صفة الرئيس وفيما عدا ذلك لا تسأل عن الدراما ولا رسم الشخصيات ولا حتي الكوميديا أما( خيانة مشروعة ) فهو فيلم حركة، ضعيف الصنعة تتخلله محاولات مفتعلة لإضفاء دلالات رمزية أو أبعاد سياسية علي اعتبار أن كل واقع فاسد أو قصة توريث هي عرض لما يحدث في مصر الآن ولكن حتي هذا الفرض لا يضفي قيمة علي الفيلم الذي تجنح أحداث قصته إلي التلفيق والمبالغة ..أما فيلم (الرهينة ) فهو عمل مزيف يفتقد للشكل والأسلوب الفني ويتخبط بين الأكشن والكوميديا فيفشل في الناحيتين وهو لا يعدو أن يكون شريطا معبأ بمطاردات بالسيارات وانفجارات تكشف عن محدودية وضآلة قدرات مخرجته التي تتصور أن مشاهد الإبهار بالصورة والحركة يمكنها أن تتستر علي ضعف السيناريو والرؤيا الفنية والدرامية والفكرية لصناعه . وكنت أتصور أن مهرجان جمعية الفيلم سيتجنب الخطأ الذي وقع فيه المهرجان الكاثوليكي باختيار ذات الفيلم علي الرغم من أن المعايير الأخلاقية تلعب دورا كبيرا في اختيارات الكاثوليكي ..وعلي هذا الأساس تأتي مشاركة هذه الأفلام الثلاثة في المسابقة الرسمية لمهرجان عريق مثل جمعية الفيلم كتدشين لها باعتبارها أفلاما جيدة وهي مسألة تتناقض تماما مع جمعية سينمائية المفترض أن دورها الأساسي هو نشر الثقافة السينمائية وتصحيح المفاهيم المغلوطة وتنمية وعي المشاهد للتمييز بين الجيد والرديء أو الفن واللافن كما علمنا أستاذنا الراحل د.رشاد رشدي .

رأس لجنة التحكيم المخرج الكبير توفيق صالح وضمت في عضويتها الأساتذة أحمد الحضري وأحمد صالح ودكتور حسن عطية وسيد سعيد وصفاء الليثي والدكتور صبحي شفيق ودكتور فاروق الرشيدي ومجدي كامل والموسيقار منير الوسيمي والمخرج هاني لاشين .وهي مجموعة مختارة بعناية من أفضل الفنانين والنقاد ومن أكثرهم حيادية ونزاهة وموضوعية ومعظمهم لديه خبرة كبيرة في عضوية لجان التحكيم ولكن يمكنك أيضا أن تلحظ بسهولة أن اللجنة يغلب علي قوامها بشكل واضح النقاد السينمائيين حتي ولو كان منهم من يمارس مهنا فنية بشكل احترافي إلا أنه في الغالب محسوب كناقد بالدرجة الأولي ومع تقديرنا لوجود مخرج كبير كتوفيق صالح كرئيس للجنة ومخرجين وفنانين متميزين كأعضاء بها إلا أن كلاً منهم بعيد عن مجال العمل السينمائي منذ زمن وهي مسألة تنطبق علي كل أعضاء اللجنة مما يعني أن لجنة التحكيم تناقش الأفلام وتقييمها وليس من بين أعضائها أحد علي دراية بظروفها وواقعها وإمكانياتها التقنية التي تتقدم بصورة مطردة .. هذا من الناحية العملية أما من الجانب التخصصي فإنه ولأول مرة منذ سنوات يغيب عن لجنة تحكيم مهرجان جمعية الفيلم مدير تصوير ومهندس ديكور سينمائي ..وهي مسألة تتنافي تماما مع حرص الجمعية علي منح جوائز في مختلف فروع العمل السينمائي وأعتقد أن كل من شارك كعضو في لجنة تحكيم مهرجان كهذا يعلم جيدا أهمية وجود فنان متخصص في كل فرع يساعد أعضاء اللجنة ويلفت أنظارهم إلي جوانب قد تكون خافية عليهم في مهارات وإمكانيات خاصة لفناني هذا الفرع .. ورغما عن هذه الملحوظات أرجو ألا تشكل انتقاداتي أي إساءة للسادة أعضاء اللجنة فهم جميعا يعلمون مدي تقديري لهم جميعا ولكن المسألة تتعلق بتشكيل اللجنة التي كان يجب أن تضم بالإضافة إلي هذه الأسماء الكبيرة وجوها شابة من المبدعين المتواجدين في الحقل الفني و المتخصصيون في فروع الفيلم السينمائي
أما الشيء الذي لا أجد له أي تفسير فهو إصرار لجنة المهرجان علي أن يوجد الناقد أحمد الحضري كعضو دائم في لجان التحكيم .ومع تقديرنا جميعا لدوره الكبير في الثقافة السينمائية وتأسيس جمعية الفيلم إلا أن وجوده الأبدي في لجنة تحكيم جمعية الفيلم هي مسألة تتجاوز حدود المنطق بل والخيال فمن المعتاد في عالمنا الثالث أن يتواجد معظم الحكام أو بعض الوزراء والمسئولين مدي الحياة مادام السادة الحكام في حالة رضا عنهم , ولكن أن يكون هناك عضو لجنة تحكيم مدي الحياة فهي مسألة تضع الحضري في موسوعة جينز بل وربما تعطي إبنه الحق في أن يرث مقعده في اللجنة بعد عمر طويل..

جائزة حميدة وصدمة عادل

علي أي حال توصلت اللجنة بحق إلي نتائج تعد هي الأفضل خلال الدورات الأخيرة السابقة ..وربما يعود الفضل في هذا إلي تميز فيلمي ( عمارة يعقوبيان ) و ( ملك وكتابة ) بصورة ملحوظة مما أدي إلي تسهيل مهمة اللجنة و اقتسامهما معظم الجوائز عن استحقاق وهو ما توقعه الناقد الكبير سمير فريد في مقال له بالمصري اليوم ..هذا إلي جانب فيلم ( دم الغزال ) الذي حصل علي جائزة أحسن تصويرلمحسن أحمد وجائزة أحسن ديكورلعادل المغربي التي لا أدري كيف انتزعها من فوزي العوامري المتميز جدا في (عمارة يعقوبيان) عن نفس الفرع بشكل لافت للنظر .علي أي حال حصل يعقوبيان علي جائزة لجنة التحكيم وأحسن ماكياج لشريف هلال و ملابس لناهد نصر الله وأحسن دور ثاني نساء للعائدة بقوة حضور طاغية إسعاد يونس , وكذلك أحسن دور ثاني رجال والتي أعتقد أن خالد الصاوي انتزعها من النجم الصاعد محمد شومان عن أدائه الرائع لدور ضابط الشرطة في (واحد من الناس ) والذي كان يستحق تنويها خاصا عن أدائه الفذ لهذا الدور .ولا أعتقد أن شومان سيخسر كثيرا بعدم حصوله علي الجائزه أو شهادة تقدير فهو يواصل طريقه بثبات ولكن الخاسر هي جمعية الفيلم التي فقد مهرجانها قدرته علي اكتشاف نجوم المستقبل بعد أن كان رائدا في هذا المجال . حصل ( ملك وكتابة ) علي أحسن فيلم وأحسن صوت لأحمد جابر وأفيش لدينا فاروق وسيناريو لأحمد ناصر وسامي حسام وأحسن ممثله دور أول لهند صبري التي كانت في منافسة مع نفسها حيث كادت تنحصرالمنافسة بين دوريها في فيلمي (ملك وكتابة) و(يعقوبيان)، كما حصل محمود حميدة علي جائزة ممثل الدور الأول في صدمة غير متوقعة لعادل إمام الذي قدم أفضل أدوارعمره في (يعقوبيان) ..حصل فيلم (أوقات فراغ) علي شهادة تقدير لمنتجه وتشجيع لمؤلفيه وإن كنت أري أنهما كانا يستحقان جائزة العمل الأول في السيناريو أو جائزة مصطفي عبد الوهاب للسيناريو الاجتماعي فهو فيلم يقدم صورة صادقة وواقعية جدا لمجتمع شباب اليوم ولكن أعضاء اللجنة معذورون فهم في حاجة دائمة إلي تعريف وتذكير بلائحة المهرجان وما تتضمنه من جوائز .

بنجاح هذه الدورة من عمر المهرجان - رغما عن أي تحفظات - تتجاوز جمعية الفيلم أزمتها المزعومة والمفتعلة من قلة من بين أعضائها وتواصل مسيرتها وبإصرار علي عدم الاهتمام بانتقاداتي وملحوظاتي السنوية - وربما يكون هذا هو سر نجاحها - ولكني لن آمل تكرارها مع كل التقدير لأعضائها ومجلسها ومهرجانها ..

جريدة القاهرة في 3 أبريل 2007