سينماتك

 

منحت جائزتها لفيلم «أوقات فراغ»

هل قررت جمعية النقاد التخلي عن مبادئها ومسايرة التيار السينمائي السائد؟

محمود مسعود

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

>> كان مجرد اختيار فيلم لجائزة النقاد يعني أنه سيصبح من كلاسيكيات السينما المصرية فهل تغيرت معايير الاختيار هذه المرة

>> في عام 2004 قررت حجب الجائزة لعدم وجود فيلم يليق بها ورأت أن الضجة الإعلامية والجماهيرية لفيلم «سهر الليالي» لا تعني ارتفاع مستواه، فماذا حدث مع «أوقات فراغ»؟  

هي رؤية أو قاعدة تنظيرية يعي ابعادها العاملون بالحقل السينمائي علي جميع مستويات عناصره خاصة النقاد.

ومنادة هذه الرؤية تؤكد أن أهمية المهرجانات السينمائية ترجع إلي مستوي الأفلام التي يمنحها المهرجان جوائزه فمقياس الأفلام التي تحصد هذه الجوائز يكتب المهرجان أهميته.

والمهرجانات العالمية ذات الثقل التاريخي والفني تلعب دور الكاشف الذي يلقي بضوئه علي الأفلام ثلاثية البعد وتشير إليها للنقاد لكي تكون موضع أبحاثهم ودراساتهم التي تدفع بهذه الأفلام إلي قائمة كلاسيكيات السينما في العالم.

وإذا كان البعض يتصور ان تشجيع المواهب الشابة واكتشافها أحد الأدوار التي تقوم بها المهرجانات فهذه نظرة قاصرة لا تطبق إلا علي المهرجانات التي يقيمها الهواة أو التجمعات الشبابية من أصحاب التيارات والتوجهات ذات الطابع التجريب.

فالأفلام التي تصل إلي المهرجانات العالمية هي من صناعة المحترفين الذين يقدمون أعمالا تعكس أبعادها علي صياغة الواقع الموضوعي بعيدا عن فكرة التجارب والتجريب والاكتشافات والتشجيع فتلك الأمور لها مجالات ومهرجانات.. أخري !!

جمعية النقاد

ولا شك أن جمعية نقاد السينما المصريين وهي من أعرق الجمعيات السينمائية المصرية وهي الجمعية الوحيدة في مصر التي تتمتع بالصفة الدولية حيث إنها تمثل الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية «الفيبريس» وهي الصفة التي اكتسبتها الجمعية بعد العديد من حلقات النضال التي قام بها رواد النقد السينمائي في مصر.

ومن هنا اكتسبت الجمعية مصداقيتها الموضوعية طوال تاريخها الذي بدأ عام 1972 وتوالي علي رئاستها كبار النقاد والذين كانت أبحاثهم ودراساتهم تمثل الحماية للفيلم المصري والتواصل والاستمرار للسينما المصرية.

وحققت الجمعية بإمكاناتها الفكرية تلك ذلك التواجد الفاعل في الحياة السينمائية والذي حرص السينمائيون الجادون علي التعامل معه والحرص علي خلق تلك العلاقة التي يتبادل خلالها احترام الآراء وتقدير سيمات الخلاف إيمانا من ثوابت منطلقات الجمعية بأن الخلاف في وجهات النظر هو في حد ذاته رؤية إبداعية يجب ان توضع في إطار التنمية الفكرية خاصة وأن السينما فن قادر علي استيعاب رويء وإبداع الجماعة.

جوائز

والجمعية تمنح جائزتها السنوية ذات الصبغة الدولية لأحسن فيلم عربي وأحسن فيلم أجنبي عرضا خلال العام المنصرم وتطبق خلال هذا الاستفتاء العلني الذي يشارك فيه كل أعضاء الجمعية العمومية لوائح المنظمة الدولية، بالإضافة إلي اللوائح التنظيمية التي تقرها وزارة التضامن الاجتماعي باعتبارها أول جمعية مصرية مدنية.

وكانت المفاجأة التي أثارت الكثير من الجدل وحملت العديد من علامات الدهشة والتعجب خاصة بين النقاد والمهتمين بصناعة السينما الجادة. حيث حملت المفاجأة نتيجة الاستفتاء الذي أجري بين أعضاء الجمعية في دورة انعقاد الجمعية العمومية العادية لمنح جائزتها السنوية للفيلم العربي حيث ذهبت الجائزة إلي فيلم «أوقات فراغ» والمفاجأة لم تكن في اختيار هذا الفيلم في حد ذاته فهو علي أية حال يحمل وجهة نظر فرضتها طبيعة الفن السينمائي وهي قابلة للنقاش والخلاف حولها.

لكن الأمر الذي كان أكثر دهشة وإثارة لكثير من علامات الاستفهام والتعجب اإذاء قدرة المدي الذي حققته الحملة الدعائية التي صاحبت عرض الفيلم والتي حملت صراحة الصورة مباشرة دعوة لتشجيع المواهب «الفذة» من الشباب الذين حملوا علي كاهلهم تقديم هذا الفيلم كما حرصت الحملة علي الإشادة بموقف المنتج الجريء المغامر الذي حمل علي عاتقه تقديم هذه المواهب. وهذه الحملة بكل أبعادها حق مشروع لصناع الفيلم وهي في الأصل كانت موجهة إلي دافعي ثمن تذكرة الدخول لدار العرض وهي الإمكانية المتاحة للجماهير لوسيلة تشجيع.. غير أن المفاجأة حملت إلي أي مدي استطاعت هذه الحملة الدعائية أن تتجاوز كل الخطوط التي كانت محددة لها والتي كان نطاقها لا يتجاوز الجماهير خاصة من الشباب الذين يجسد الفيلم سلوكهم ونشاطهم اليومي ويعمل علي تبريرها، بالإضافة إلي أنهم بالفعل القوة الشرائية القادرة.. تجاوز تأثير الحملة ذلك النطاق وامتد تأثيره علي البعض من المتخصصين، الأمر الذي نتج عنه هذه المفاجأة الصدمة والتي حملت فوز «أوقات فراغ» هذا الفيلم المتواضع علي جميع مستويات عناصره بجائزة النقااااااااد ؟؟؟!! الأمر الذي اختلطت فيه الأمور وتشابكت خلاله المعاني والأهداف.

جائزة النقاد ليس من وظيفتها أو من شأنها تشجيع المواهب أو اكتشافها.. كما أن الفيلم بمواهبه الشابة ليس في حاجة إلي هذه الجائزة خاصة وأنها لن تعود عليه بالنفع المادي في ظل نجاح باهر للحملة الدعائية التي صاحبت عرضه والتي بالفعل أتت أوكلها جيدا.. والأهم أنه ليس علي المستوي الذي نستطيع أن نضع جائزة النقاد علي صدر صانعيه ولايستأهل فنيا أو موضوعيا قدر هذه الجائزة.

ديمقراطية القرار

نحن لا نشكك في الطريقة التي حصل بها الفيلم علي الجائزة ولكننا نقف مشدوهين أمام تلك النتيجة والتي وإن عكست دلالة ما. فإنما تعكس بعدا لم نتعوده من قبل من جمعية النقاد وهي التي عرف عنها واشتهرت به التأني في اتخاذ القرار والقدرة علي اختيار الأفلام التي تمنحها جوائزها من تلك النوعية التي يسطرها تاريخ السينما المصرية علي أنها أهم كلاسيكياته. وكذلك عرف عن الجمعية قدرتها علي مواجهة الحملات الدعائية التي تصاحب الأفلام لكي تبقي رؤيتها ذات بعد موضوعي خالص.

ونحن نشير إلي الموقف الذي اتخذته عام 2004 عندما حجبت جائزتها لعدم وجود الفيلم اللائق بها وكان هناك فيلم تصاحبه ضجة إعلامية ضخمة ونجاح جماهيري عريض وهو فيلم «سهر الليالي» غير أن النقاد رآوا أن هذه الضجة لا مبرر لها وأنها لا تخص مستوي الفيلم سينمائيا.. وتم حجب الجائزة.. وهذا موقف.. يحقق مدي موضوعية القرار الذي تتخذه ويحدد أيضا موقفها من الحملات الدعائية وعدم تأثرها بتلك الحملات.

أما ما حدث مع «أوقات فراغ» فهو منهاج جديد لم نتعوده من قبل. وإن كان يعكس عدة دلالات.

هل يعني مسايرة واقع تيار السينما السائدة أم أنه يعكس حالة التردي الغارقة فيها السينما المصرية الآن؟؟ في ظل النوعية السائدة سواء تلك التي تحققها السينما الهزلية.. أو تلك الموجة الرخيصة انتاجيا وفنيا والتي يطلق عليها بالسينما الشبابية!!

أوقات فراغ

ونحن لسنا في صدد تناول نقدي لهذا الفيلم لكي نتبين أبعاد المفاجأة الصدمة ولكن الضرورة تفرض علينا الاشارة إلي الخطوط العريضة والتي تمس مساً مباشرا موضوعية الفيلم سينمائيا ثم نتعرض لفلسفة انتاجه تلك التي أعلنها صانعوه عندما تناولوا أبعاد هذه الفلسفة في ندوة جمعية الفيلم عندما عرض الفيلم ضمن فاعليات مهرجان الجمعية السنوي.

بداية: الفيلم نسخة مشوشة ومشوهة لفيلم.. «احنا التلامذة» الذي أخرجه عاطف سالم في آواخر الخمسينيات «يناير 1959» فالقضية المطروحة في الفيلمين تتشابه لدرجة التطابق. وكأن الزمن قد توقف عند ومع تلامذة الخمسينيات. والواقع الاجتماعي بكل عناصر تركيبته لم يطرأ عليه أي جديد.. الجديد في مظاهر الحياة العصرية الشبابية حيث تلك السيارات الفارهة.. والتي يشكلونها علي هيئة الدبابات.. «رغم أن اغلبهم يتهرب من الخدمة العسكرية..» والجديد أيضا من أنواع المخدرات التي يتناولها شباب الألفية الثالثة.. أما الفارق في.. «الحدوتة».. فتلامذة الخمسينيات كان مصيرهم السجن أما شباب الألفية الثالثة فكان مصيرهم التكريم. والتعاطف خاصة عندما فقدوا في موقف ميلودرامي زاعق رخيص يشحذ بقدر هائل من «البرودة» وجدان المتلق بموت احدهم..

«وسوف يتعرض صانع الفيلم في ندوتهم المشار إليها أسباب هذا التكريم..

تلك هي الرؤية العامة التي تكون الهيكل الدرامي ولأبعاد الفيلم.. هيكل عار خال تماما من كل عناصر الحياة ومحاولة كسوته أو تغطيته جاءت باهتة ساذجة.. بدائية المظهر والجوهر والفهم السطحي لمفهوم الدراما وليس لعلم الدراما. فالقياس علي مستوي العلم.. يصبح «جريمة» في حق الدراما وعلومها. حيث تفتقد المعالجة جميع العناصر التي يمكن أن تحقق شكلا موضوعيا ذات لمحة درامية.!!

130 دقيقة استنفذها المخرج بكل وسائل التكرار الممل لمشهد واحد ووحيد حيث يكرر سلوكيات مجموعة من الشباب في الشارع في المنزل في النادي. وحتي في الغرز شريحة صغيرة من قماش «لأستيك» أجهدت حقيقة المخرج في مطها إلي أقصي حد ممكن جسد خلالها كل صور المساويء السلوكية للشباب والتي حققها الفيلم وكأنها «النموذج» الذي يجب أن يحتذي!!

هذا هو الفيلم الحائز علي جائزة النقاد

فلسفة صناع الفيلم

وفي إطار المفاجآت التي تصاحب عرض هذا الفيلم كانت المفاجأة الاخيرة والتي حملها صناع الفيلم المنتج حسين القلا ومخرج الفيلم محمد مصطفي!!

فقد صرح الاثنان معا ببعض التصريحات التي ارتكزت عليها فلسفة صناعة الفيلم سواء علي مستوي الفكرة أو علي المستوي الانتاجي أو التعامل معه إخراجيا.

في البداية صرح حسين القلا منتج الفيلم.. «نصا» أنا في الحقيقة لم اتعامل مع هؤلاء الشباب علي أنهم شباب منحرف. هما بيعملوا إيه يعني؟؟ مخدرات النهارده البانجو بقي شيء عادي جدا ممكن تلاقيه في أي حتة وفي أي مكان وفيه ناس بتزرعه في قصاري علي سور البلكونات..!! البيره عملوها كانزي. شبه الكوكا كولا.. علشان نشربها في أي وقت وفي أي مكان المسألة ما بقاش فيها حرج وبالتالي مثل هذه السلوكيات بقت عادية.

يبقي فين الانحراف..!!؟؟

وكان من الطبيعي أن يواصل محمد مصطفي مخرج الفيلم.. ما قاله المنتج علي اعتبار أنه الوحيد الذي «كشط» من جانبه السمة كلمة «مساعد» والتي استمرت معه طوال مشواره السينمائي المديد..!!

ومن منطلق ما طرحه القلا يستطرد محمد مصطفي بقوله «نصا».

السلوكيات ده ماعدش اقدر اقول عليها أو عنها أنها انحراف. لأن ده هو فكر الشباب السائد ولما تكون الفكرة والسلوك علي مستوي هذا الجمع مايبقاش انحراف.

التعليق أي تعليق قد يصبح قاصرا في مواجهة هذا التطرف الفكري لكننا نضع الصورة واضحة «فيلما وفلسفة» أمام كل من يهمه أمر هذا البلد ويحمل همومه.

جريدة القاهرة في 3 أبريل 2007