سينماتك

 

ضوء...

 رعب صناعة السينما

عدنان مدانات

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

في أيامنا الحالية لم يعد تعبير “صناعة السينما” يمثل هدفاً مرعباً كما في السابق، وذلك لسببين رئيسيين اثنين، أولهما يتعلق بالتسهيلات الرقمية التي دخلت في صلب عملية إنتاج الأفلام والتي من نتائجها الإيجابية الاستغناء عن العديد من أنواع المواد والتجهيزات الهائلة المعقدة المرتبطة بعملية صناعة الأفلام، وثانيهما يتعلق بطبيعة الأفلام ذاتها من حيث وجود أعداد كبيرة من الأفلام السينمائية المصنوعة في بلدان لا توجد فيها “صناعة سينمائية” على الإطلاق، وهي أفلام قليلة الكلفة لكنها متميزة ومشوقة، ولا تحتاج، بالمقابل، إلى التقنيات المعقدة المرتبطة بوجود صناعة سينمائية غنية متطورة والتي تنتج الأفلام الجماهيرية الترفيهية الضخمة.

مع ذلك فإن المطالبات من قبل سينمائيي العالم النامي لحكوماتهم بدعم مشاريع إنتاج الأفلام المحلية الوطنية لا تلقى آذاناً صاغية وتظل ترتبط في أذهان قادة دول العالم الثالث بالرعب الذي كانت تثيره في نفوسهم المطالبات بإنشاء صناعة سينمائية محلية، هذا في حين انهم لا يدعمون أي إنتاج للثقافة مهما كان نوعه. في دول العالم النامي يلاحظ أن مجال الثقافة بعامة، والذي بات ملتحماً أشد الالتحام بالمجال السمعي البصري بتقنياته الرقمية، يبقى المجال الأكثر عرضة للتجاهل من قبل الحكومات، فلا تضع الثقافة ضمن أولوياتها التنموية ولا تعتمد في التعامل معها أية سياسة. تنطبق هذه الملاحظة خاصة على السينما، والتي تحتاج اكثر من غيرها إلى وجود سياسة خاصة بها تسمح لها بالعيش والوجود الفعال.

تعكس العلاقة السلبية مع السينما، من قبل معظم أنظمة الحكم في الدول النامية، مفارقة كبيرة ومزدوجة. فمن ناحية، فإن السينما بحد ذاتها هي تقنية سمعية بصرية وتجاهلها يعني تجاهل هذا المجال الذي بات يشكل جوهر عصرنا الحالي، وربما العصر القادم، الذي يطيب للبعض إطلاق صفة “عصر وسائل الاتصالات السمعية البصرية” عليه. ومن ناحية ثانية فإن السينما من أكثر مجالات الإنتاج الثقافي الفني تعددا في الإمكانات والوظائف: هي صناعة وفكر وفن ووسيلة ترفيه ووسيلة اتصال جماهيرية، وهي من خلال مجمل وظائفها توثق وتعبر عن الهوية الوطنية لأي مجتمع عصري.

في العالم العربي بخاصة، فإن السينما ورغم تجاهلها الواضح من قبل أنظمة الحكم في معظم الدول العربية (هناك استثناءات تشمل بعض الأقطار مثل المغرب وتونس وسوريا ومصر التي تولي يها السياسات الحكومية اهتماماً جزئياً بالسينما عبر مؤسسات وإدارات معنية بالسينما)، تفرض نفسها كظاهرة اجتماعية، أي وجودها، بطريقة أو بأخرى. بعض هذا الوجود أو الحضور الاجتماعي يتحقق، عبر استمرارية صلة السينما مع الناس من خلال صالات العرض السينمائية التجارية أو من خلال عروض الأفلام السينمائية بواسطة محطات التلفزيون أو مشاهدة أقراص ال “دي في دي”، أو من خلال الاهتمام الإعلامي بالسينما في الصحف والمجلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية. وهذا التحقق لا ينتج بسبب من وجود سياسات رسمية تتيح للسينما كظاهرة وكمجال من مجالات النشاط الاجتماعي الجماهيري الوجود والاستمرارية، بل ينتج عن جهود فردية لأشخاص أو هيئات مهتمة تحقق للسينما وجودها الاجتماعي حسب ما تسمح لها به الإمكانات والظروف العامة والخاصة.

تستدعي هذه الإشكاليات من حيث المبدأ، من اجل التخلص منها أو حلها، وجود سياسات خاصة بالسينما، تتبناها وترعاها أنظمة الحكم، تأخذ بعين الاعتبار تكامل النواحي والعناصر المختلفة في الظاهرة السينمائية ككل. ولكن هذه السياسات المتعلقة بالسينما وبفهمها والتعامل معها كنشاط أو كظاهرة اجتماعية ذات محتوى وأبعاد ثقافية فنية وفكرية إضافة إلى الأبعاد الاقتصادية، وكما هو معلوم، غير موجودة، حتى في تلك الأقطار التي تهتم بالسينما أو بالأحرى بالإنتاج السينمائي ولو جزئياً، ولا أحد من المسؤولين الرسميين يهتم بوجودها أو يشعر بالحاجة للاهتمام بها. الاهتمام الرسمي بالسينما يقصر التعامل معها على أنها أفلام تعرض على الجماهير وتتضمن في داخلها محتويات سلبية يتم التغلب عليها من خلال أنظمة ومؤسسات الرقابة. لكن السينما في الحقيقة هي عالم أوسع من مجرد أفلام تعرض: هي إعلام وفكر وفن وصناعة ووسيلة ترفيه جماهيرية لا يمكن تبرير تجاهلها إلا بالوعي الجاهل بها. والتعامل مع السينما كحاجة اجتماعية يحتاج إلى سياسة متكاملة تأخذ في الاعتبار جوانبها المختلفة في علاقاتها المتبادلة.

الخليج الإماراتية في 31 مارس 2007