سينماتك

 

«الخطوات السعيدة» إخراج جورج ميلر...

أنشودة دفاع عن حقوق البطريق فأين حقوق الإنسان؟

فريال كامل

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

في زحمة الاهتمام بالأفلام الكبيرة التي فازت قبل فترة بجوائز الأوسكار الأساسية، لم ينتبه الجمهور العريض الى نبأ فوز «الخطوات السعيدة» للمخرج جورج ميلر بأوسكار أحسن فيلم رسوم متحركة. وهو النبأ الذي أرضى فناني الرسوم المتحركة وجماهير الأطفال التي تحتشد يومياً لمشاهدة الفيلم في دور العرض. ويبدو أن المنهج الجديد الذي انتهجه ميلر في تحقيق هذا الفيلم لفت الأنظار حقاً إذ جاء بعيداً من نهج الفنان الأشهر والت ديزني. وهو منهج ليس جديداً عليه، إذ سبق أن ساعده في الوصول الى الكثير من الجوائز العالمية حتى انه رُشح للأوسكار ذاته ثلاث مرات من قبل. بل حصد فيلمه «بايب» الذي كتبه وأخرجه وأنتجه جوائز أوسكار عدة.

عني ميلر في أفلامه بتصوير البيئات الطبيعية وطرح قضايا ذات أهمية واختيار شخصيات ذات طبيعة خاصة مثل «الخنزير المتكلم» و «البطريق الراقص».

ويحكي جورج ميلر انه ظل حاملاً فكرة الفيلم «الخطوات السعيدة» على مدى عشر سنوات، أي منذ شاهد فيلماً وثائقياً عن حياة طائر البطريق المثيرة، فأسره ذلك الطائر الأليف الذي يقيم بأعداد غفيرة على كعب العالم في القطب المتجمد الجنوبي. وقد دأب ميلر على كتابة قصص أفلامه بنفسه أو المشاركة في كتابتها، وهو يقول ان السبب هو أن القصة أهم عنصر في فيلم التحريك ولذا فهو دائم البحث عن القصة الجيدة والجديدة. حتى وجد ضالته في «الخطوات السعيدة».

ويعد اختيار ميلر لطائر البطريق الرصين الذي تخاصمه الرشاقة كبطل لفيلم تدور أحداثه في بيئة مكسوة بالجليد، أكبر تحد يواجهه فنان حين تنسحب الألوان البراقة لتسود الألوان الشاحبة بينما يرتدي البطريق بدلته الأنيقة من اللونين الأبيض والأسود على مدار العام.

مشاعر دافئة

تدور أحداث الفيلم في منطقة معزولة، شديدة البرودة، إلا أن المخرج أشاع الدفء في العلاقات بين أفراد الأسرة والمودة بين الأصدقاء. وتعد مشاهد حنو الأم «نورما» على صغيرها «ماما» من أرق المشاهد في الفيلم. يقول ميلر: «أشد ما جذبني الى شخصية الأم انها لم تر صغيرها معوقاً بل رأته رائعاً». أما المشاهد العاطفية بين الأم والأب فجاءت غاية في النبل. وتعد مشاهد اقتتال الأب مع طائر كاسر، من أقوى المشاهد وأكثرها تعبيراً حين يكاد الأب أن يفقد حياته من أجل سمكة يطعمها لأسرته، وهنا ما ان تقترب منه زوجته في لهفة حتى يكشف لها عن مفاجأة يخبئها بين أسنانه. يحدثنا ميلر، انه بحث طويلاً عن صوت الأم الحنون حتى وجده في مواطنته الأسترالية النشأة نيكول كيدمان، وبحث عن صوت هادئ عميق فوجده في هيوجاكمان.

وعالم البطريق، كما صوره ميلر، عالم رائع، الأسرة نواته ولكل فرد فيها دوره: الأب يحافظ على البيوض بين قدميه حتى تفقس، بينما تقوم الأم بصيد الأسماك ويلتحق الصغار بالمدرسة ليتدربوا على الغناء، فمن دون الغناء لا يستميل البطريق قلب حبيبته، ما يعني أن النوع يصبح مهدداً بالفناء.

تجاوز العجز

ولد البطريق الصغير في الفيلم عاجزاً عن الغناء غير أنه وهب القدرة على الرقص. وهو بفضل طريقته الاستثنائية في التعبير عن مشاعره، يفوز بقلب «غلوريا» صاحبة أعذب صوت «بريتاني ميرفي» في القرية.

يقول ميلر: لقد عنيت برسم شخصية البطريق الصغير وزودته بكل ما أحب أن تزرعه الأمهات في نفوس أطفالهن، أي الثقة بالنفس والشجاعة. وآية ذلك حين يقول ماميل في أحد المشاهد: «لديّ موهبة غير طبيعية بالنسبة إليك، ولكنها طبيعية بالنسبة إلي، وما عليك سوى أن تتقبلني لتتعايش معي».

ذات لحظة في الفيلم يتعرض البطريق الصغير لأزمة طاحنة تخلف جرحاً نفسياً واجتماعياً لديه، فيثير تعاطف جمهور الأطفال. وذلك حين يفشل في إحراز تقدم في المدرسة يشيع أمره بين الأهالي فتحاول أمه مواساته وشد أزره ويجتهد الأب في تدريبه من دون فائدة. وتتضاعف أزمة الصغير حين يأمر كبير البطارق بطرده من القرية، ليزول عنها النحس، إذ ارتبط ميلاده بظاهرة اختفاء الأسماك من البحر. ويتقبل الصغير قدره بشجاعة ويخوض مخاطر عدة ويقابل شخصيات مثيرة الى أن يكتشف سفينة الصيد العملاقة والرابضة على الشاطئ فيرشد طاقمها الى المكان الذي تقيم فيه عشيرته ويحتشد آلاف البطارق للترحيب بالقادمين بخطوات سعيدة، ويسري الدفء ويذوب الجليد، ويعود المرح ليقترن الحبيبان وتعود الأسماك الى البحر.

وظف الخرج تقنية الغرافيك الثلاثي الأبعاد في تصميم إبداعي تصحبه موسيقى رائعة تجسد الحدث وتثير الصورة خلال مشاهد مدهشة لحشود البطارق، إضافة الى مشاهد ثورة الطبيعة واجتياح العواصف وانهيار جبال الجليد ومولد الفجر في سماء ملبدة بالسحب.

«الخطوات السعيدة» فيلم يعرض قضية حقوق البطريق وغيره من الكائنات البحرية المعرضة للانقراض، وهو مصفّى من كل ما يقلق الأطفال أو يثير اضطراباتهم، خال من أي ملمح الى السوقية أو العنف. قدم فيه المخرج أنشودة حب لكائنات البطريق وفجر قضية حقوقهم، تاركاً إيانا في انتظار فيلم عن حقوق البشر.

الحياة اللندنية في 16 مارس 2007

 

ماهر كدو في فيلمه الروائي الطويل الثاني...

صعوبة التصوير في الحي الدمشقي

دمشق/ الحياة: في فيلمه الروائي الطويل الثاني «دمشق يا بسمة الحزن» المزمع تصويره مطلع نيسان (ابريل) المقبل، يذهب المخرج السينمائي السوري ماهر كدو في اتجاه مغاير تماماً لفيلمه الأول. هنا لن يكون لسينما المؤلف بمعناها السوري أي حضور، فالأدب بصيغته «المتقنة» هو الذي يفرض حضوره من رواية بالاسم نفسه للأديبة السورية إلفت الادلبي.

من المؤكد أن المخرج كدو الذي عاد الى العمل في سورية بعد غياب قرابة عقد، لن يقول لماذا كان توقف عن العمل السينمائي «طوعاً» بعد فيلمه «صهيل الجهات»، فالأسباب كانت مجهولة وستظل. لكنه أثناء ذلك أقدم في مغامرة غير محسوبة على إخراج مسلسل «الدرب الشائكة» للتلفزيون عن نص لهاني السعدي قبل أن يغادر إلى بلد عربي للعمل بعيداً من شجون السينما والتلفزيون، «لقد أحبطت تماماً بعد تصويري المسلسل المذكور».

ويعد ظهور كدو في المشهد السينمائي السوري بعد تجربة فيلم يتيم بمثابة إعادة اعتبار لمخرج أراد أن يقول الشيء الكثير، ولكن الوقت لم يسعفه آنذاك، «وربما أشياء أخرى»، إذ يبتسم المخرج كدو ويقول ذلك بلهجة أهل الدير المعروفة. على أن ظهور كدو متصدياً لإخراج فيلم مقتبس عن رواية (كتب السيناريو محمود عبدالواحد) يشير إلى أن هناك توجهاً جدياً في المؤسسة العامة للسينما في دمشق للاقتراب من عوالم الرواية السورية. ففي الأخبار أيضاً أن المؤسسة تنوي شراء، أو هي قد اشترت، حقوق رواية «الأيام المضيئة» للأديبة كوليت خوري. ومهما يكن، فإن كاميرا «دمشق يا بسمة الحزن» من المتوقع أن تدور مطلع نيسان المقبل كما أسلفنا، فيما يواصل ماهر كدو البحث عن طاقم ممثليه، وإن كان وقع اختياره على البعض منهم: صباح جزائري، عباس النوري، كندة حنا وميسون أبو أسعد.

يقول المخرج كدو الذي يقوم باستطلاع مواقع التصوير الأساسية بالقرب من مدينة حماة السورية إن قبوله إخراج هذه الرواية إلى الشاشة إنما يمثل تحدياً كبيراً له «صورة الحي الدمشقي قد استهلكت تماماً في الدراما التلفزيونية، والبحث عن صورة مغايرة له تظل هاجساً بالنسبة إلي».

وعلى أية حال، فإن محاكاة دمشق سينمائياً قد تجيء في وقت مناسب في شكل من الأشكال. فهي قد تسد العجز الثابت لجهة محاكاتها كما افترض من قبل، فباستثناء بعض الأفلام التي حملت اسمها أحياناً عرضاً، وأحياناً كواجهة لديكور مزيف، فإنها الآن تحظى باعتراف، وهي على أبواب تتويجها عاصمة للثقافة العربية مطلع العام المقبل. فالروائيون السوريون وإن لم يتوقفوا عن التطلع إليها، وكذا فعل التلفزيونيون وإن باتجاه مغاير، لكن سينما المؤلف بمعناها السوري قد انصرفت عنها إلا في بعض الملامسات البصرية، ذلك ان توجه هؤلاء المؤلفين إلى محاكاة الأماكن التي وفدوا منها جعلت منها مسرحاً لهذا النوع من العجز الذي اصطلح على تسميته في ما مضى بالثابت.

الحياة اللندنية في 16 مارس 2007