الشخصية اليهودية فى السينما.. بين المواطنة والهوية الدينية سهام العقاد |
صفحات خاصة
|
كيف كانت صورة اليهودى فى السينما المصرية؟ وهل أثرت المتغيرات السياسية العالمية على الشخصية اليهودية فى الأعمال الإبداعية؟ وهل كانت الديانة اليهودية معزولة عن النسيج الاجتماعي.. أم أن الواقع المصرى كان يستوعب ويحتضن كل الديانات السماوية آنذاك؟ فى التحقيق التالى تكشف الأهالى من خلال كبار النقاد والسينمائيين عن الشخصية اليهودية ومدى تأثيرها فى السينما المصرية وكيف تحولت من عنصر فاعل وايجابى فى المجتمع إلى صورة مغايرة ومختلفة. الهوية الدينية الحقيقة الواضحة التى أكدها تاريخ السينما فى مصر أن اليهود قد أثروا المكتبة السينمائية بسلسلة من الأفلام التى تنبذ التمايز الديني. هكذا بدأ الناقد السينمائى كمال رمزى حديثه، ويقول: لقد كانت السينما المصرية تقدم شخصياتها على اعتبارهم مواطنين، فالمواطنة أهم كثيرا من الهوية الدينية. ولعل من أجمل الأفلام التى تحدثت عن الشخصية الدينية فيلم حسن ومرقص وكوهين، ونرى أن بديع خيرى ونجيب الريحانى برحابة أفقهما أدركا أن المصالح الاقتصادية توحد بين أصحاب الأديان المختلفة، وحين قدمت المسرحية قبل الفيلم ثار الحاخامات المصريون وأيضا بعض المشايخ والقساوسة لأن كلا منهم اعتبر أن هذا العمل الفنى الجميل يهاجم ديانته، وصمد بديع خيرى والريحانى أمام رياح الغضب وانتصرا للمستقبل وللشباب الذى مثل الأجيال الجديدة. باختصار لم تأخذ السينما المصرية موقفا ضد اليهود ولا ضد أى دين آخر. الوجه الآخر بعد عام 1948 وإعلان قيام دولة إسرائيل، يرصد كمال رمزى الوجه الآخر للشخصية الهيودية وتحولها من حالة التآخى والمودة إلى الشخصية العسكرية، كما فى أفلام نهر الحب والرصاصة لاتزال فى جيبى وغيرها من الأفلام التى تؤكد خروج الشخصية اليهودية من نسيج المجتمع المصري. طابع دعائي لكن الناقد السينمائى أحمد رأفت بهجت يرى فى كتابه اليهود والسينما فى مصر أن الشخصية اليهودية التى قدمت فى الثلاثينيات من القرن العشرين اتسمت بالإساءة إلى مصر، كما فى أفلام ليلى، قبلة الصحراء، وغادة الصحراء، وهى تصور العرب بالتخلف. وقبل عام1948 كانت معظم الأفلام تهدف إلى الترفيه ولجأ الأبطال اليهود لتغيير اسمائهم لتصبح أسماء مصرية محايدة فأصبحت راشيل إبراهام راقية إبراهيم، وتوجو مزراحى إلى أحمد المشرفى، وميشيل شلهوب إلى عمر الشريف. وظهرت الشخصية اليهودية فى السينمامع أفلام توجو مزراحى الكوميدية وقام ببطولتها الممثل اليهودى شالوم ولكنها فى معظمها أفلام ذات طابع دعائى وتوجهات سياسية. تركيبة المجتمع للمخرج السينمائى على بدرخان رأى يختلف مع الناقد أحمد رأفت بهجت، ويقول: كانت الشخصية اليهودية فى الأفلام القديمة أقرب إلى الواقع حيث كان اليهود جزءا أصيلا فى تركيبة المجتمع، وعبرت كثير من الأفلام عن حالة التعايش والتداخل مثل فيلم فاطمة وماريكا وراشيل إخراج حلمى رفلة، وكذلك عكس فيلم حسن ومرقص وكوهين ذوبان الدين اليهودى داخل نسيج المجتمع المصري. وأن المصريين يعيشون بعيدا عن النظرة الدينية.. وكانت الشخصية اليهودية تأتى أحيانا فى قالب كاريكاتوري. وفى بدايات السينما كان لليهود دور ايجابى وكان لهم ثقل كمنتجين وفنيين. لكن سرعان ما تغيرت الأحوال خاصة بعد عام1956،وخروج الأجانب من مصر. هنا فقط تغيرت صورة اليهودى فى السينما المصرية، وظهرت سلسلة من الأفلام حول الجاسوسية، ومنها إعدام ميت وبئر الخيانة ومهمة فى تلب أبيب وفتاة من إسرائيل، وكلها أفلام تعكس التحولات التى حدثت للشخصية اليهودية بعد الحروب والأطماع الصهيونية. الانسجام الديني كانوا أصدقاء وصاروا أعداء. هكذا تحدث المخرج السينمائى دكتور على الغزولي. ويضيف: لقدكان اليهود مواطنين مصريين، ولم تكن قضية الدين مطروحة اطلاقا على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا ما جعل الشعب المصرى بمختلف طوائفه نسيجا وطنيا واحدا، ومن هنا كان من المنطقى أن يلعب اليهود دورا فى السينما المصرية. وبرزت الشخصية اليهودية فى العديد من الأفلام المتميزة كما فى لعبة الست بطولة نجيب الريحانى ولعب سليمان نجيب دور الثرى اليهودى الطيب صاحب المحلات، وكذلك فيلم سلامة فى خير الذى تعرض للعلاقة بين الجيران المسيحيين واليهود بعيدا عن أية حساسيات. وبعد الحروب وخروج اليهود من النسيج الاجتماعى للأمة انعكس الصراع العربى الإسرائيلى على السينما، وظهرت سلسلة من الأفلام حول الجاسوسية. ومنها الصعود إلى الهاوية ومؤخرا فيلم عمارة يعقوبيان للفنان عادل إمام. التعايش بين الأديان يتفق الناقد السينمائى أحمد صالح مع المخرج على الغزولى ويقول: غالبا ما كانت تقدم الشخصية اليهودية فى قالب ساخر وكوميدى فى الوقت ذاته. وأبرز ما يميز تلك الحقبة هو التعايش الخلاق بين مختلف الأديان السماوية فى جميع المجالات، وكان اليهود جزءا أصيلا وفاعلا فى المجتمع. ولم تأخذ السينما موقفا ضدهم مثلما يحدث الآن، علما بأننا كمصريين وسينمائيين لسنا ضد اليهودية كدين بل ضد العنصرية، وبالتالى ضد إسرائيل لأنها دولة قائمة على العنصرية. التعايش التلقائى من ناحية أخرى ترى الناقدة السينمائية ماجدة موريس أن الشخصية اليهودية لم يكن لها وجود ملموس فى السينما المصرية، وأبرز ما ميزها أنها قدمت بشكل نمطى ذى ملامح كاريكاتورية تحديدا فيما يخص الخنافة. وتقول: أتصور أن فيلمى حسن ومرقص وكوهين وفاطمة وماريكا وراشيل يعدان من الأفلام الاستثنائية المقصود من خلالها تقديم دراما سينمائية عن التعايش المصرى التلقائى، خاصة أن مصر لم يكن فيها ذلك التعسف أو التعصب الطائفى القائم اليوم. الأهالي المصرية في 14 مارس 2007
تمهيدى اليهود فى السينما.. بين معارض ومؤيد سهام العقاد لاتزال قضية اليهود والسينما مثيرة للجدل النقدى والأكاديمي! هل كان تأثير اليهود فى السينما إيجابياً أم سلبياً؟ وكيف انقسمت الآراء بين معارض ومشكك؟ فى هذا التحقيق نستطلع آراء النقاد والأكاديميين والسينمائيين للوقوف على حدود التأثر والتأثير حتى لا نظلم تاريخنا السينمائى مرتين، مرة بالتجاهل وأخرى بالإنكار. اليهود والسينما فى كتاب اليهود والسينما فى مصر للناقد السينمائى أحمد رأفت بهجت أن اليهود لعبوا دوراً بارزاً فى الترويج للفكر الصهيوني، وأن الرأسمالية اليهودية اتجهت لامتلاك دور العرض السينمائى من أجل الربح وبسط أفكارهم الأيديولوجية، كما لعبوا دوراً واضحاً فى السيطرة على الاستديوهات. وأن السينما المصرية قد نشأت على أيدى مجموعة من اليهود أمثال توجو مزراحى وأفلامه ذات ميول سياسية وأهداف صهيونية. ويرى بهجت أن كل السلبيات التى حدثت فى السينما المصرية تعود لتوجهات توجو مزراحي. كما ذهب الناقد المصرى على شلش فى تصريحات له قال فيها إن مصر تحولت فى عام 1917 وحتى عام 1948 إلى مركز من أخطر مراكز الصهيونية إن لم يكن أخطرها بعد المركز الذى صنعته فى فلسطين. مدرسة سينمائية كثيرا مما يقال عن تلك الحقبة ليس دقيقاً هكذا تحدث المخرج السينمائى توفيق صالح ويرى أن التاريخ ليس أبيض أو أسود إنما هناك ألوان أخرى وتوجو مزراحى من أهم المخرجين الطليعيين فى الثلاثينيات والأربعينيات أيضا، وقد لعب دوراً بارزاً فى السينما المصرية وقدم سلسلة من أهم الأفلام المصرية كما أفاد الفنيين المصريين وأنشأ مدرسة سينمائية للتدريب والتعليم. ولا يعنى ذلك أن مراكز الصهيونية العالمية فى أمريكا قد سيطرت على صناعة السينما وخلقت موجة من السينما المروجة للأفكار الصهيونية. وجاءت القضية الفلسطينية لتكمل ملامح الصورة فاختلط الرأى السياسى بالتقييم الفنى مما أحدث ارتباكا وعدم دقة فى توصيف الأمور ورؤيتها. الواقع المصري لقد أنشأ اليهود صناعة السينما فى مصر وكان لهم تأثيرهم البالغ على مفردات الصناعة وتقنياتها وبلغوا مستوى رفيعا ورائداً فى الإخراج والتصوير هكذا تحدث الفنان كمال الشناوى إلا أنه يعترض على مضمون هذه الأفلام ويصفها بالتافهة التى لا تمت للدراما بصلة فكان هدفهم الأول هو الربح والسيطرة على الصناعة وكانت هناك نوعية من الأفلام تشتريها مدام بيسان وهى يهودية بأعلى الأسعار وكانت لا تحتوى إلا على الرقص والغناء وهى صورة كاذبة للواقع المصرى آنذاك فعلى الجانب الآخر كانت هناك أعمال درامية جيدة أيضاً. صناعة السينما وللناقد السينمائى رءوف توفيق رأى يعارض الفنان كمال الشناوى ويقول لقد كان لليهود دوراً إيجابياً فقد ساهموا مع المصريين فى بناء الخبرة الفنية ولم يكن هناك تلك العداوة القائمة الآن لذا أفادوا كثيرا فى صناعة السينما المصرية وتطورها سواء فى التصوير أو الإنتاج أو التوزيع والإخراج. كان اليهود فى السينما جنبا إلى جنب مع جماعات اليهود المصريين الفاعلين فى مجالات الاقتصاد والتجارة والبنوك والصناعة. لست مع الإدانة المطلقة فالأمر يحتاج إلى نظرة موضوعية متوازنة بعيداً عن الانحياز السياسى أو الديني. أهداف عنصرية ويؤيد رفيق الصبان كلام الناقد رءوف توفيق ويضيف: أن عام 56 كان فارقاً فى النظرة لليهود وتأثيرهم فقبلها لم يكن هناك شعور بالعداء بين اليهود وغيرهم، إلا أن السياسية أثرت على النظرة لهم ولدورهم وصور البعض كأنها مؤامرة لكن الحقيقة ليست كذلك فتوجو مزراحى فنان كبير ومؤثر ولم يقدم مضموناً اجتماعيا عنصرياً خلال أفلامه، وليس صحيحاً أنهم سيطروا على سوق التوزيع المصري، لقد كانوا شركاء فى الصناعة وليسوا محتكرين لها ولأدواتها ومؤسساتها. أبعاد عالمية أما الناقد السينمائى أحمد الحضرى فيرد الأمور إلى المؤامرة والخطة المسبقة فهم لم يسيطروا على صناعة السينما فى مصر وحسب ولكنهم سيطروا عليها فى كل أنحاء العالم تماما مثلما سيطروا على الاقتصاد والصناعة والإعلام والتجارة أنها خطة محكمة ذات أبعاد عالمية لترويج الفكر الصهيوني. تاريخ اليهود وأخيراً يرفض الناقد السينمائى محمود قاسم نظرية المؤامرة ويؤكد على الدور الإيجابى لليهود فى السينما فقبل الصهيونية كان اليهود عنصراً طبيعياً فى جسم المجتمع وكان المجتمع آنذاك يقدم فيلما لمخرج مسيحى وإنتاج يهودى وتأليف مسلم مثلما حدث فى فيلم رسالة إلى الله للمخرج كمال عطية والكاتب عبدالحميد جودة السحار وللمنتج اليهودى إبراهيم مراد بعد ذلك أصبحوا أعداء فتغيرت الصورة واختلط السياسى بالفنى وغابت النظرة الموضوعية. وبمنطق من يملك يحكم حكمت الصهيونية بأموالها صناعة السينما لتمجيد تاريخ اليهود وكشف مأساتهم لنيل التعاطف العالمى وهذا ما يحدث بالفعل. ويقول الناقد محمود قاسم إن مزارحى قدم قيماً اجتماعية من خلال أفلامه وأكد على معانى الصداقة والمحبة وغيرها من المضامين والقيم الإنسانية ولم يكن هناك تسييس للأفلام فى ذلك الوقت، ويرى أن ما يقدمه الآن الفنان محمد سعد من أفلام فهى خالية من أى مضامين أو قيم ويتقاضى 8 ملايين جنيه فمن هو صاحب التأثير السلبى فى صناعة السينما. الأهالي المصرية في 7 مارس 2007
|