سينماتك

 

يوم الميلاد قلق وراء نبوءة السلام

الوسط - علي الجلاوي

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

نبوءة تقض مضجع الملوك، ولمدة خمسة وثلاثين عاماً هيرودس يحكم اليهود باسم قيصر أغسطس، لكن كلام المنجمين والحكماء ضل يلاحق الملك، الذي كان يعتقد أن المسيح المنتظر رجل يافع سيدعي أنه يسوع، وسيعلن ثورته على إمبراطوريته القائمة على الضرائب، فيلم صنع الكثير من الجدل ورائه، يتحدث عن مولد المسيح، أفتتح أول عروضه في الفاتيكان، ويعد بذلك أول فيلم يفتتح في الفاتيكان، غير أن مجموعات مسيحية كثيرة شككت في صحة القصة، معتبرة أن ما دار في الفيلم تحوير لقصة المسيح، وأن بطلة الفيلم، التي قامت بدور السيدة العذراء، وهي كيشا كاسل هيوز البالغة من العمر ستة عشر عاماً لم تكن مؤهلة للعب دور القديسة مريم.

والكثير من الذين أشاروا إلى عدم أهلية هيوز للعب دورة السيدة العذراء، يرجعون سبب ذلك إلى كونها ستضع مولودها وهي في سن السادسة عشر من صديقها البالغ تسعة عشر عاماً خارج دائرة الزوجية، ما أثار ذلك حفيظة شريحة كبيرة من المسيحيين، حتى وصل الجدل إلى داخل الفاتيكان، إلا أن أحد أعضاء البابوية رد على ذلك بقوله: يجب على الممثلة أن تتقن دورها في الفيلم، ولا يطلب منها أن تكون قديسة، يبدو أن لفيلم ميل غبسون له وقع على مجريات الفيلم، فقد صورت أجزاء من الفيلم في إيطاليا، وهي الدولة التي صور فيها غبسون فيلمه الشهير «آلام المسيح»، وأخذ السمات الفيلم نفسها، سواء من حيث اللباس أو الإخراج.

يبدأ الفيلم من يوم قيام جنود هيرودس بقتل أطفال بيت لحم، بعد زيارة مجوس نجران له، وإخبارهم إياه بنبوءة مولد المسيح، مخلص الفقراء والملوك، ثم يرجع الفيلم سنتين للوراء، إلى مدينة الناصرة، إذ تقوم مريم بمساعدة أبيها وأمها، واللعب مع الأطفال في الحقل، ليقع النجار «القديس يوسف» في حبها، فيطلب الزواج منها، وقد قدم خدمة لها بشرائه بغل أبيها الذي صادره «العشارون»، وهم الذين يبعثهم الملك لأخذ الضرائب من الفقراء، بعد ذلك يتم تزويجها على طريقة الزواج اليهودية القديمة، إذ يكونا زوجين على أن تحتفظ بعذريتها لسنة كاملة، وتقيم في بيت والدها، في هذه الأثناء ينزل الوحي على مريم ببشارة الحمل وهي جالسة تستريح بالقرب من الحقل، ويخبرها بأن مولودها سيحقق البشارة كلها.

ويتابع الفيلم مجريات القصة الإنجيلية، فتذهب لتقيم عند خالتها «إليصابات»، التي بدورها تكتشف الأمر الإلهي الذي حل في السيدة العذراء، وتكون هي أيضاً قد حبلت من زكريا على كبر سنها، فتضع مولودها الذي أطلقت عليه اسم يحيى، الذي سيدافع عن ابنها ويشد من عضده إذا كبر، اللقطة المميزة والإنسانية التي تناولها المخرج في هذه الفصول، هي طلب مريم العذراء من إليصابات بوضع يدها على بطنها لتحسس حركة الطفل، فتطلب إليصابات من مريم فعل الشيء نفسه، لأن ابنها الآخر يتحرك.

بالنسبة إلى الملابس لا يخرج المخرج عن المعتاد في تقديم أزياء هذه الفترة التاريخية، وهي أزياء الثياب المغربية القديمة، مع شيء من اللباس العربي، أما بالنسبة للبيوت فضلت وفية للصفة التاريخية، وهي الحجرية من دون أبواب، غير أن المخرج ابتعد عن إبراز النقاط الساخنة من الأذى الذي لحق بالسيدة العذراء جرّاء حملها، واكتفى بإظهار صورة المجتمع المحافظ الذي يبتعد عن أصحاب الرذيلة.

وعلقت أطراف في الفاتيكان على الفيلم أنه مخرج بطريقة جيدة، غير أن الفيلم لم يقدم جديداً على مستوى القصة والسيناريو، فقد تم اقتباس الكثير من المعجم الإنجيلي، والقصة لم تخرج كثيرا عن القصة التاريخية لمولد المسيح في الإنجيل، ويعد هذا الفيلم موسمي، لأيام أعياد رأس السنة، وهو لم يخرج عن اللغة التبشيرية، كما حدث في الفيلم الذي قدمه ميل غبسون، وسيقوم الفريق القائم على الفيلم بتقديم أرباح الفيلم لبناء مدرسة بالقرب من الناصرة.

الفيلم بصورة عامة جيد، تمتع بزوايا تصويرية متقنة، إلا أنه أخفق في تصوير المشاهد الخاصة بالمعجز، فتصويره للنور الذي يأتي من السماء إلى الأرض، ويهبط على السيدة العذراء وابنها، كان يتناسب مع الأفلام الكارتونية، وهو ما لم يتناسب مع قوة السرد القصصي في النص، ولا تقنية التصوير العالية، يبقى الفيلم خطوة جيدة في تجسيد الحوادث التاريخية، ويمكن للمشاهد أن يحظى بمتعة مشاهدته، ورسم صورة تقريبية للنص الإنجيلي الذي يتناول قصة السيدة العذراء ويوم ميلاد المسيح.

الفيلم بصورة عامة تمكن من تحقيق شروط نجاحه إذا صح التعبير، لكنه أخفق كعادة أكثر الأفلام التي تتناول المقدس، إذ يتم التعامل مع الشخصية التي تدور حولها هالة القداسة بكثير من النظافة المفتعلة، إذ يمكنك رأيت الأسنان الناصعة البياض، والأيدي التي لا تنتمي لعصر يستوجب العمل اليدوي، والأعمال الشاقة المضنية، غير ذلك هيئة بشرة الممثلين تبدو منتمية إلى شرائح متنعمة، ومفعمة بالحيوية، وهي تصدم بذلك مع الظروف المحيطة بعصر القصة، خصوصا في مناخ مشمس، غير أن تناسق لون البشرة ظل محافظاً على صبغته الأصلية، من دون أن يتأثر بالمناخ من حوله، وهذا الأمر ينسحب على كثير من الأفلام، سواء الإنجيلية أو حتى الإسلامية، التي تظهر الشخص المقدس في أبها صورة، وأجمل ملامح وجه، من دون أن تحمل هذه الأجساد آثارا وأختاما من الطبيعة.

ما يقدح في هذه الأفلام أنها أفلام تبشيرية أو تبليغية، وبذلك هي أفلام نصوصية، بمعنى تكون مخلصة للنص التاريخي «المقدس»، أكثر من إخلاصها للخيار الإبداعي، الذي قد يكسر المقدس في تعامله، وبذلك أيضا فهي لا تقدم مشروعاً أو فيلماً تجاوزا، سواء في السرد الحكائي أو حتى على مستوى الإخراج، فالتراكم الكمي لهذه الأفلام التي تتناول الحدث نفسه، جعل من خيار الإبداع والابتكار خياراً صعب المنال، ومن جانب آخر يجعل الحدث مستهلكاً، فيبهت عند المتلقي، بحيث يفقد جاذبيته كفيلم مختلف ومتجاوز.

الوسط البحرينية في 1 مارس 2007

 

البحريني الأخير

علي الجلاوي 

شاب بلباس عربي يترصد متجراً في مدينة الذهب بالمنامة، ينتظر في الناصية على الطريق، والظلام ساتر له، العاملون في المتجر المقابل يغلقون المتجر، ويرحلون إلى بيوتهم آمنين، يقترب من قفل المتجر، يحاول فتحه، لكن سيارة أمن تمر من جنبه فتفزعه، ويتراجع عن فكرة السطو على المتجر.

يبدو ظاهراً عليه الارتباك، وتصرفاته تحيل إلى نقص كبير في خبرة السرقة، والوضع المربك الذي يمر به، بين الصراع الداخلي بشأن السرقة، والخوف من وقوعه في يد الشرطة، يجعل من هذه الشخصية على رغم نيتها المبيتة في السرقة، شخصية يمكن التعاطف معها، يقف على ناصية الطريق، فيوقف سائق أجرة آسيوي سيارته أمامه، فيسأله إن كان يود الركوب، يلتقط صاحبنا التماع الساعة الذهبية في يد السائق، فيركب وهو يشعرك برغبته في سرقتها، يدور حوار مع سائق الأجرة عن قيمة الساعة، والتي يصر فيها السائق على حصوله الساعة في «اليانصيب»، وهي إشارة إلى الحظ الذي يلاحق الأجانب، في حين يخطئ كثيراً هذا الحظ طريقه للبحريني.

في غمرة الحوار يسأل السائق الشاب عن المنطقة التي يريد، وهل هو من «الرفاع»، ليقول الشاب بكل بساطة هل تعتقد أني من «الشيوخ»، لا تغرك هذه الثياب، أنا من منطقة «الدراز»، وفي إشارة إلى تعاطف السائق الآسيوي يظهر له جواز سفر بحرينياً، على أساس أنه بحريني كذلك، في لحظة من الصراع، يوقف البحريني السيارة بسحب فرامل اليد، ويرفع في وجه السائق سكين، مطالباً إياه بفسخ ساعته، وإعطائه المبلغ الذي يخبئه، ليترك الشاب البحريني، سيارة الأجرة تحت استغاثة وخوف السائق، الذي ضل ينادي «سارق... سارق».

وهو يجر خطاه هارباً، تصل إليه نعوت سائق الأجرة، ترجع الصورة على السائق، ليظهر الشاب مرة ثانية، ولكن هذه المرة أمام نافذة سائق الأجرة، يلقي عليه ساعته وأمواله المسروقة، وهو يطرح تساؤله لسائق الأجرة، «أنا سارق، أنا سارق»، هنا ينتزع النص القراءة الداخلية له، فموقف الشاب الرافض حاملا لصفة سارق، في حين يشير المشهد إلى أن الغريب الذي دخل بلاده يتنعم بخيرات هذه البلاد، وابنها يصبح متطفل وسارق لهذا الغريب.

يقوم النص على تهكمية عالية، ويتناول قضية اجتماعية سياسية، تحتمل الكثير من التأويل، إلا أن عنوان الفيلم القصير يترك مساحة من الفهم، هذا الفهم الذي تعمد أن يلصقه «الأخير» بعد البحريني، وكأنه يعيش أزمة الهنود الحمر، وبفصول الرواية نفسها عن تحولهم إلى غرباء في أراضيهم، تميز الفيلم ببساطة لغته، وسلاسة حوادثه الداخلية، إلا أنه تميز بزوايا رائعة للمشاهد، كان فيها المصور جزءاً من النص غير المكتوب، حتى إن نهاية الفيلم، التي تنتمي إلى النهايات المفتوحة، أعطت الفيلم سمة خاصة، تشعرك بأن الاستمرار للحدث مازال قائماً، ولكن الحياة تمضي، وحركة الناس في الشارع مازالت هي، في حين يغيب الشاب وراء منفاه الجديد، الذي قد يكون «وطناً».

الوسط البحرينية في 1 مارس 2007