سينماتك

 

«فتيات الأحلام» وقصة الصراع بين الموهبة والسوق

الوسط - نبيل عبدالكريم

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

«فتيات الأحلام» أعاد من جديد التذكير بتلك الموجة من أفلام المسرح الغنائي التي أطلت علينا من الستينات إلى التسعينات. فالشريط السينمائي هو أشبه بمسرح منقول إلى الشاشة. وهذا النوع من الفن له انصاره ونقاده لأنه يشكل تحدياً للمنتجين والمخرجين خوفاً من الفشل.

«فتيات الأحلام» نجح في مضمار الجمع بين المسرح والصورة والغناء لذلك رشحه النقاد للفوز على ثمانية اوسكارات.

وفي حال نال هذا الكم من الجوائز يكون الفيلم دخل التاريخ لكونه بات على مصاف تلك الأشرطة المشابهة التي اصبحت كلاسيكية مثل «سيدتي الجميلة» و«صدى الموسيقى» و«شيكاغو».

«فتيات الأحلام» أقرب إلى «شيكاغو» من جهة التركيب. فهو مسرحية غنائية تتحدث عن فرقة من البنات دخلت عالم الشهرة بعد صراع عنيف مع شركة الإنتاج. يبدأ الفيلم الغنائي من قصة فتيات يحاولن العمل في هذا الحقل. المنتج اراد استغلالهن. فالاصوات جميلة وهو بحاجة إليها في المواقع الخلفية.

المنتج يريد الربح ومسايرة السوق. والجمهور مأخوذ باصوات معينة ومشهورة لذلك استخدم تلك الفتيات للمساعدة ولعب دور ثانوي.

الحوار غنائي وفي الآن يقدم رواية درامية عن تلك الفتاة التي تملك الصوت الجميل والقوي ولكنها قصيرة وسمينة ولاتتمتع بذاك الشكل الفاتن الذي يجذب الجمهور ويغريه.

هذه الفتاة التي تملك الموهبة وليس الجمال تتمتع بشخصية قوية وتثق بنفسها وبقوة صوتها لذلك طمحت أن تلعب الدور الأول الذي يناسبها. شقيق الفتاة صاحب موهبة أيضاً فهو شاعر ويكتب قصائد الفرقة ويلحنها وحاول مراراً أن يساعد شقيقته ولكنه كان يصطدم دائماً بالمنتج (صاحب شركة التسويق).

بسبب هذا الاشكال تتطور العلاقة نحو السلبية ثم الانقطاع. فالمنتج أخذ يبحث عن فتاة بديلة جميلة وجذابة لتقديمها إلى الجمهور حتى لو كان صوتها أقل قوة.

واكتشفت الفتاة الطموحة الخدعة وحاولت أن تدافع عن حقوقها وحقها بأن تكون في موقع الصدارة.

ولأن المنتج كان يفكر بالجمهور والسوق والربح اتبع أسلوب الاقصاء والتهميش فاضطرت الفتاة أن تدافع عن كرامتها وقررت مغادرة الفرقة الثلاثية بحثاً عن مكان آخر.

رحلت صاحبة الصوت القوي واستمر شقيقها يعمل مع الفرقة ويتعاون مع صاحب شركة الإنتاج. وصعدت الفرقة عالم الشهرة وتحولت إلى أسطورة في الغناء وأخذت أرباح الشركة تزداد وتتكدس الأموال فيما الفتاة انعزلت وحيدة مع أهلها تحاول كسب لقمة العيش من وراء عمل جزئي في الحانات.

تعاقبت الأيام وبلغ الفراق مدة 9 سنوات. الفتاة انعزلت وحيدة متمسكة بكرامتها وحقوقها. الشقيق الموهوب استمر يعمل مع الفرقة. الفرقة اشتهرت وبرز وجه تلك الفتاة الجميلة التي اخذت تتلقى العروض للتمثيل. صاحب شركة الإنتاج أهمل صاحبة الصوت الجميل وصادق صاحبة الوجه الجميل وازدادت ثروته وطمعه إلى درجة أخذ يقفل أبواب شركات الإنتاج السينمائية بوجه زوجته.

في النهاية يعود الميزان للعدالة. فالزوجة الجميلة تختلف مع «زوجها» المستبد الذي يريد الاحتكار ويمنع على الآخر حق التنافس أو البحث عن مجال يناسب طموحه. ويقع الخلاف بين «الزوجة» الجميلة وصاحب شركة الإنتاج لأنه اعترض طريقها ومنعها من الانتقال إلى عالم السينما. وهكذا تقرر الفتاة صاحبة الوجه الجميل فضح المنتج وكشف حقيقة تآمره على صاحبة الصوت الجميل. وتبدأ عملية البحث عنها من خلال شقيقها الذي اختلف مع المنتج وعاد إلى شقيقته يعرض عليها العمل كمغنية منفردة أو لاعبة في صدارة الفرقة. وتنتهي الحكاية بهزيمة المنتج وانتصار الفن.

فالفن هو الأعلى والأجمل والأقوى. بينما الشكل لايكفي للنجاح والفوز.

قصة الفيلم عادية وليست جديدة. فهي تتحدث عن عالم الفن في الخمسينات والستينات وصولاً إلى السبعينات وتلك المعاناة التي كان أصحاب البشرة السمراء يعانون منها بسبب لونها.

ففي تلك الفترة كان رواد الحانات والمسارح الغنائية من «البيض» ومعظم الزبائن كانوا يفضلون أن تكون الفرق الموسيقية من جنسهم، وكانوا لايتقبلون بسهولة وجود ملونين في صدارة الفرقة أو في مقدمة المسرح. لذلك لجأ المنتجون إلى الحيل حين كانوا يستغلون أصوات الملونين من دون اظهارهم في المشهد المباشر.

هذا الجانب العنصري أعطى ذريعة لإصحاب شركات الإنتاج للتهرب من المسئولية وتبرير سلوكهم المحكوم بالجشع بغض النظر عن الابعاد الإنسانية وظلم أصحاب المواهب كما حصل مع فرقة «فتيات الأحلام».

نهاية الفيلم سعيدة لأنها حاولت تغطية ذاك الظلم الذي لحق بتلك الفتاة الطموحة وصاحبة الموهبة والصوت الجميل. ففي اللقطات الأخيرة تصعد الفرقة إلى المسرح وتغني وتطلب من تلك الفتاة التي انعزلت 9 سنوات بالإنضمام إليها والغناء في المقدمة والصدارة. وتنتهي المشاهد الآخيرة على مصالحة متأخرة ولكنها حصلت لان المجتمع تغير ومذاق الجمهور اختلف ورواد الحانات والمسارح اصبحوا يتقبلون حضور أو مشاركة الملونين في الغناء.

الوسط البحرينية في 1 مارس 2007