سينماتك

 

محطة مصر: لن تجد المحطة ولن تجد مصر..

لكن سترى غسيل سمعة السادة الأثرياء!

سعيد شعيب

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

فى المشهد الذى كان فيه كريم عبد العزيز يودع أسرة منة شلبي، يتجلى بوضوح معظم العيوب الدرامية لفيلم محطة مصر.. فالمفترض كما أراد مؤلفه بلال فضل أن يمثل نقلة درامية مهمة، أو تتويجا وذروة لما سبقه، تمهيداً لما يليه، ومن هنا لابد أن يكون وداعاً مؤثراً، ولكنه جاء على العكس مفتعلاً ومن الصعب تصديقه، فعلى امتداد الفيلم لم يكن كريم إضافة حقيقية لهذه الأسرة، بل على العكس كان بشكل أو آخر إساءة لهم.. فلماذا يودعون هذا الشاب الفقير الذى حاول أن يخطف بنت الأثرياء بكل هذه المشاعر الفياضة؟!

فكيف يقول له مثلاً الأب لطفى لبيب إحنا بنحبك وهو الذى أفسد له جولاته الانتخابية، وهو الذى دمر له علاقاته -كما قال- بكبرى عائلات القرية.. وكاد يقتله عندما أعطى له حبة فياجرا؟!

وعلى هذه الوتيرة مشى الفيلم بفوضى درامية لا يحكمها نسق فيه قدر معقول من التماسك.. فاسم الفيلم لا علاقة له بمضمونه على الإطلاق، ولكنه مجرد مكان كان يمكن استبداله بآخر دون أن تتأثر الدراما، ثم إنه لم يظهر إلا فى المشاهد الأولى للفيلم.

ناهيك عن عدم منطقية باقى الأحداث، منها أن تأخذ فتاة من أسرة ثرية شاباً فقيراً فى يدها وتدخل به على أهلها لتقول لهم إنه زوجها، ولا يفكرون حتى فى أن يروا وثيقة الزواج، ودون أن يقرر الأب الثائر كما قدمه السيناريست إلقاءه فى الشارع، أو يستخدم نفوذه وسطوته لكى يجعله يهجر ابنته أو غيرها من الحلول التى من التوقع أن يلجأ لها. وبالمثل تغير موقف الجدة إنعام سالوسة منه لمجرد أنه قال لها إنها لابد أن تهتم بنفسها، دون أن ينعكس ذلك فى مواقف درامية.. أما الأغرب فهو موقف الأم التى لم تقاوم حتى فكرة أن تتزوج ابنتها بهذه الطريقة.

باختصار لم يكن هناك سياق درامى ولكنها مجموعة من المواقف التى كان معظمها مفتعلا، أى أنها أقرب إلى الاسكتشات ليظهر فيها كريم عبد العزيز بخفة ظله لا أكثر ولا أقل.. من أجل هذا تتم الإطاحة بكل شيء.. بما فيها القضايا المهمة، ومنها على سبيل المثال إثارة الفلاحين لكى يأخذوا حقوقهم من صاحب الأرض لطفى لبيب، فقد كان الهدف هو طرح موقف ساخر لا أكثر ولا أقل دون أن يكون له أى امتداد فى الدراما. وحتى المشهد الأخير الذى حضر فيه الفلاحون الفقراء، فقد كان هدفه توصيل رسالة ساذجة، وهى أن هؤلاء البسطاء هم الذين وقفوا بجوار الباشا رغم كل ما يفعله فيهم.

الأغرب من كل ذلك- ليس فى هذا الفيلم وحده، ولكن فى كثير من أفلام السنوات الأخيرة- حل مشاكل البطل عن طريق أحد الأثرياء.. ففى هذا الموسم مثلاً تجد ذلك أيضاً فى فيلم مطب صناعي وستجده فى كثير من أفلام هنيدى مثل بليه ودماغه العالية وغيرها وغيرها.

وبالطبع ليس هناك مانع من ظهور الأغنياء.. ولكن المشكلة هى أنك تشعر وكأنه غسيل سمعة لهم.. فبعد أن هاجمتهم السينما عمّال على بطال فى الثمانينيات على سبيل المثال، أصبحوا موجودين على الشاشة باعتبارهم ملائكة طوال الوقت. والأخطر أنهم أصبحوا هم الحل لمشاكل البطل الفقير.. الذى دائما ما تقع الفتاة الثرية جداً والجميلة جداً فى غرامه بلا مبرر منطقى.

والمفترض أن وجود أى شخصية، فقيرة أو غنية، لابد أن يكون فى سياق درامى مقنع.. ثم لابد من الابتعاد عن الصورة النمطية الساذجة التى تفترض مثلاً أن الجدعنة والرجولة تقتصر فقط على الفقراء والمهمشين، أو أن الأغنياء أشرار طوال الوقت أو ملائكة طوال الوقت. فالإصرار على هذه الصورة النمطية هو الذى يفسد الدراما ويجعلها مستنسخات باهتة لا تأثير لها.. والأهم أنها تزيف الواقع وتظهره على غير حقيقته.

نعود للفيلم.. فلا أعرف ماذا حدث لهذا الفريق المؤلف بلال والبطل كريم والمخرج أحمد نادر جلال فقد كان آخر فيلمين لهم جيدين، أولهما أبو علي والأخير كان واحد من الناس، قد يكون هناك تحفظ أو آخر، ولكنك فى النهاية تختلف مع فيلم بذل فيه صُنّاعه الموهوبون جهداً بارزاً.. والمفترض أن هذا الفريق يتقدم للأمام.. ولكن ما حدث هو العكس، وهو أمر غير مفهوم، ليس فقط فيما يخص بلال وكريم وأحمد، ولكن هذا أيضاً ما حدث مع المخرجة ساندرا والفنان أحمد عز، فقد قدما فيلما جيداً هو ملاكى إسكندرية ولكن فى هذا الموسم قدما الرهينة وهو عمل متواضع جداً.

فما الذى يحدث للناس؟!

هل يحبون التقدم للخلف؟!

ربما.

الحياة اللندنية في 18 فبراير 2007