سينماتك

 

في «كيلو تمر من أجل الجنازة»...

المكان حافلة ضخمة والركاب أشباح

فجر يعقوب

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

«كيلو تمر من أجل الجنازة»، هذا ما يطلبه في بداية الفيلم متعهد دفن الموتى أوروغ، الرجل النكد، وصاحب الفلسفة الخاصة في تحضير الموتى ودفنهم، على أنه لا يكتفي بذلك، بل هو يجرب حلاوة الصوت الشجي في الغناء، وهو يقود سيارته المميزة بين القرى الجبلية البعيدة.

هكذا، يشتغل المخرج الايراني سامان سالور على موضوع فيلمه الروائي الطويل «كيلو تمر من أجل الجنازة» الذي توج أخيراً بذهبية مهرجان نانت للقارات الثلاث، وما المكان الذي اختاره سالور لتدور فيه أحداث فيلمه إلا إشارة بأن القصة بأكملها إنما تدور في مكان ناء ومعزول، ولا يتردد عليه بين الفينة والأخرى سوى أوروغ نفسه وهو يتنقل بين القرى، وساعي بريد محتال، وبالطبع هناك مالك محطة وقود اسمه صادري، وعامل لديه.

تبدو المحطة وكأنها قد اخترعت خصيصاً لهذا المكان الذي يشبه حافلة ضخمة معطلة وقد اصطفت حواليها مجموعة كبيرة من الدواليب السود. فيما يبدو أن الحافلة الصغيرة التي اختارها صادري لسكناه، وكأنها نموذج مصغر عن حافلة الزمن نفسها(...)، فالمكان جعل من قاطنيه مجرد «أشباح» آدميين في خلوة مع أنفسهم، ينحنون عبر دقائق الفيلم على ضمائرهم الميتة للتدقيق بها، ولا سيما ساعي البريد الذي لا هم له سوى نقل الرسائل الغرامية المكتوبة بخط يد العامل في المحطة من أجل إرسالها إلى معلمه صادري وايهامه بأنها تجيء من إمرأة عاشقة له مقابل مبلغ من المال يدفعه صادري له بكل رحابة صدر.

يد نسائية

تتعقد القصة مع دخول صادري في سيارة متوقفة في الثلج، إذ نشاهد وجود يد نسائية إلى جانبه وهو في موضع السائق من دون أن نرى وجه صاحبته. ويقوم صادري بمناجاتها وبثها أشواقه المحزونة المتراكمة في صدره، ثم يأخذ قلادة معلقة في رقبتها كتذكار منها. وكل هذا من دون أن نرى الوجه، لأننا سرعان ما سنكتشف في زياراته الأخرى لها بأن المرأة مجرد جثة هامدة لمصورة فوتوغرافية ميتة، ربما تجمدت، بعد أن ذهب «مرافقها» الذي يفترض وجوده في موقع السائق الغامض، ليبحث عن نجدة ما، وسط هذه المنطقة الثلجية القفراء.

ويزيد الأمور تعقيداً من حول هؤلاء «الأشباح»، اقدام العامل في المحطة على سرقة التذكار من صادري ليرسله مع ساعي البرد الى فتاته، فيستغله هذا الأخير في التودد إليها ليقترن بها ويقدم لها التذكار كهدية.

يكتشف صادري إن خط العامل لديه يشبه الخط الذي كتبت به الرسائل الغرامية الوهمية، فينهال عليه بالضرب، ثم يكتشف اختفاء التذكار، فيجن جنونه، ويحاول أن يحافظ على جثة المصورة الفوتوغرافية ما أمكنه ذلك، ويطلب إلى سائق كاسحة الثلوج بأن يجمع له أكبر قدر ممكن من «الذهب الأبيض البارد» من أجل أن ينقلها لاحقاً ويغطي بها سيارة الميتة. ثم يدخل في حوار فلسفي يبدو للوهلة الأولى أنه لا نهاية له مع متعهد دفن الموتى أوروغ حول من تتحلل جثته أولاً، المرأة أم الرجل؟ يبدو الأمر بالنسبة لأوروغ المجرب سيان، فالجثة بعرفه جثة، ولكن الخطيئة الكبرى تكمن في الاحتفاظ بجثة ميت، لأن الروح لا تهدأ إلا بدفنها.

ويستسلم صادري بعد ممانعة طويلة، فالشمس بدأت تسطع، وبدأت الثلوج بالذوبان، وما عليه في هذه الحالة إلا أن يسلم جثة المصورة إلى المتعهد من أجل دفنها.

«كيلو تمر من أجل الجنازة»، فيلم تمتزج فيه غرابة القصة مع توازنات التكوينات المحكمة للمكان، والتي أراد لها المخرج سالـور أن تـكون بالأسـود والأبـيض ليراعي من خلال التباينات القوية «حرمة» الثلج، حافظ الأسرار، في فيلم أراد أن يقص حكايته علينا باتقان شديد. فـفـي البـاص القـديم الذي يستخدمه صادري مسكناً له لا توجد عجلات، وهو يضع على سقفه هوائياً من أجل متابعة أخبار الطقس ليطمئن على «مصير» المتوفاة، بعد أن آل إلى فجيعة كان سببها الثلج نفسه الذي سيكون سبباً إضافياً في حمايتها من التحلل.

وهنا سنجد كل تلك الإطارات السوداء المرصوصة بطريقة تنخلق منها أشكال حية دائرية لتسهم في تطوير فكرة المكان نفسه وكأنه يتحول إلى حافلة ضخمة، والمحطة هي خزان الوقود فيها، لتبتلع كل من يستقلها، وتهضمه ليتحول تدريجاً إلى «شبح» آدمي ملعون تتناوشه القصة من دون التوصل إلى أي مخرج فيها، حتى عندما تنتهي بعودة التذكار المسروق إلى العامل السارق بعد أن يجدّ في أثر ساعي البريد الذي ينفي أمامه وجود حبيبة له من الأساس... ويرجع صادري إلى ثلج العام الجديد وفي رأسه فكرة عن وجود حبيبة أخرى وتذكار آخر..!!

الحياة اللندنية في 9 فبراير 2007

 

«دليل المخرجين السينمائيين المغاربة»...

من يصنع السينما الجديدة اليوم؟ 

صدر للناقد والباحث السينمائي المغربي خالد الخضري كتاب «دليل المخرجين السينمائيين المغاربة» وهذه ثالث طبعة يصدرها المؤلف للكتاب: الأولى باللغة العربية سنة 1996 والثانية باللغة الفرنسية سنة 2000، ثم الحالية باللغة الفرنسية ايضاً والتي تم تنقيحها وتحيينها حيث شملت جرداً شاملاً ووافياً لسائر المخرجين السينمائيين المغاربة الذين وشموا الحقل السينمائي المغربي منذ اواسط القرن الماضي حتى العام 2005 من القرن الحالي، مشفعاً بصورهم، مصادر تكوينهم شواهدهم، فيلموغرافياتهم بشتى أنواعها: الافلام القصيرة والطويلة، والوثائقية والروائية وعلى سائر المقاسات 16/35 ملم وفيديو... والجوائز التي حصلوا عليها في مختلف التظاهرات والمهرجانات السينمائية الوطنية والدولية. فعناوين الاتصال بهم البريدية والالكترونية مرفقة بأرقام الهاتف بنوعيه والفاكس... إضافة الى ما قد يمارسه او مارسه هؤلاء المخرجون من أنشطة فنية وثقافية اخرى كالمسرح او التشكيل او الموسيقى وغير ذلك...

ومن اهم مستجدات هذه الطبعة، شمولها على فيلغرافيا السينما المغربية من حيث الافلام الروائية الطويلة التي انجزت منذ 1958 الى نهاية 2005 مشفعة بصور ملصقاتها او من بعض لقطاتها بالأبيض والاسود كما بالألوان... وبهذه تغدو الطبعة الجديدة من «دليل المخرجين السينمائيين المغاربة» اضافة كمية ونوعية في الخزانة السينمائية المغربية الحديثة.

وكتب المخرج سعد الشرايبي في تقديمه لهذا الكتاب:

«لا يعد كتاب خالد الخضري مجدياً فقط بل هو ضروري ولا محيد عنه، فطبعته الاولى أنارت الكثيرين منا من خلال بسطها لمونوغرافيات المخرجين المغاربة والتعريف بمسارهم السينمائي وتفصيل المعلومات الشخصية الخاصة بهم... هي معلومات تبدو بسيطة في ظاهر الأمر وسهلة، لكن ما أشق الحصول عليها في بلدنا حيث يطغى الشفوي على المكتوب بشكل كبير، وقد ساهمت الترجمة العربية للطبعة الاولى في إشعاع الكتاب ووسعت من دائرة استعماله. تأتي الطبعة الحالية «لدليل المخرجين السينمائيين المغاربة» مع اسماء المخرجين الحديثي الظهور والأفلام الجديدة في لحظة تغيير مهمة تشهدها السينما المغربية، سواء على المستوى الكمي مما حتم على المؤلف ان يبدل جهداً كبيراً من أجل الحصول على المعلومات وجمع المعطيات، او على المستوى النوعي نظراً للتنوع والدينامية التي تعرفها سينمانا منذ سنوات».

اما الكاتب والناقد المغربي مبارك حسني فقد كتب في مقدمته: «يعد خالد الخضري من نقاد السينما الذين لا تفتر لهم همة في ما يتعلق بمراودة حقل السينما المغربية في العمق كما في العرض. فهو يعرفها حق المعرفة ودائم السعي وراء التفاصيل التي يمكنها ان تهم القارئ والمهتم على حد سواء، وذلك بعشق واهتمام سينفيلي خالص منذ نهاية السبعينات الى الآن مما يدل على المعرفة المتراكمة التي استطاع الحصول عليها، الشيء الذي يجعل من كتابه هذا عملاً متكامل المعلومات كما يضمن نجاحه. فهو كتاب جامعة ومفصل حول السينما المغربية ولا يمكن القيام به من دون دعم من مؤسسة ما».

الحياة اللندنية في 9 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك