سينماتك

 

الدراما التعليمية في الإذاعة.. تجربة وآفاق

نزيه أبو نضال*

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

لآلاف السنين ظلت العائلة تمثل العامل الحاسم في تشكيل وعي الأفراد والجماعات وقناعاتهم وخياراتهم، وبالتالي سلوكياتهم العملية، بعد ذلك شاركت المدرسة في القيام بهذا الدور وكذلك الأصدقاء والمحيط الاجتماعي.. في زمننا الراهن تدخلت الثقافة العامة ووسائل الإعلام المختلفة: صحف، مجلات، كتب، مسرح، راديو، سينما، تلفزيون، لتلعب أدواراً تكاد تكون حاسمة في تشكيل وعي الناس وممارساتهم، ومن هنا بات من الضروري الدخول على هذه الوسائل الإعلامية، وخصوصا الإذاعة والتلفزيون، وبالتحديد لاستخدام الدراما ذات التأثير الكبير كي يتم نقل الرسائل المراد إيصالها إلى الجمهور المستهدف، ولكن لا بد من التنويه بأن من الضروري أن تتكامل كل عناصر الاتصال التربوي والتعليمي والثقافي في إطار استراتيجية عامة تتوزع فيها الأدوار من البيت والمدرسة ووسائل الاتصال. فلا تغني وسيلة عن أخرى.

مفهوم الاتصال

الاتصال عملية يقوم بها مرسل لإيصال رسالة معينة إلى مستلم. وتتنوع الرسائل من حيث المضمون والشكل فقد تكون مثلاً علمية او عقائدية او إرشادية أو ترفيهية كما إنها تقدم بقوالب مختلفة منها الشفهي أو المكتوب أو المصور أو الممثل الخ... كذلك فإن المستلم قد يكون فردا أو مجموعة وقد يكون الاتصال مباشرا ووجاهيا من شخص إلى شخص أو قد يكون غير مباشر وجماعي وإعلامي: مسرحي، إذاعي، تلفزيوني، سينمائي.. الخ.. وما يهمنا هنا هو الاتصال الإذاعي. ولكن قبل الحديث عن الوسيلة لنتحدث عن الهدف من الاتصال:

أهداف الاتصال

أن الهدف النهائي لأي رسالة هو تعديل سلوك المستلم فرداً كان أو جمهوراً بما يتناسب مع مضمون الرسالة ويتم ذلك من خلال تحقيق سلسلة من الأهداف الثانوية التمهيدية التي تنتهي إلى الهدف النهائي أو الرئيسي.

تخاطب الأهداف الأولى للاتصال شكل الرسالة والقالب الموضوعة به ثم تنتقل إلى جوهر الموضوع ومضمونه، وهذا يجعل هذه الأهداف تتصف بالتتابع، أي إن الارتقاء إلى أي هدف منها يتطلب تحقيق جميع الأهداف التي تسبقه، فمثلاً لا يستطيع الجمهور أن يعي مفهوم الرسالة إلا إذا تعرض للرسالة أولاً، ثم تنبه لها واهتم بها. وتتدرج الأهداف الاتصالية كما يلي:

1- تعريض المستلم للرسالة.

2- جذب انتباهه للرسالة.

3- إثارة اهتمامه بالرسالة والإعجاب بها.

4- تعريفه بالموضوع الذي تتحدث عنه الرسالة.

5- تعليمه بعض المهارات المتعلقة بحل المشكلة.

6- تسهيل فهمه للرسالة ولأسباب السلوك الذي تدعو إليه.

7- تغيير الاتجاهات والاعتقادات لديه بما يتفق مع الرسالة.

8- احتفاظه بالمعلومات المكتسبة من الرسالة وتذكرها .

9- اتخاذه للقرار بالاستجابة للرسالة.

10- قيامه بسلوك يتفق مع الرسالة.

وتمر عملية تغيير السلوك في أربع مراحل تحتاج كل منها إلى وقت كاف، وهذه المراحل هي:المعرفة، الإقناع، القرار، وتثبيت القرار بالممارسة الفعلية.

ومن البديهي أن صعوبة تحقيق الهدف تزداد كلما تقدمت قائمة الأهداف، فتحقيق الأهداف الأولى في القائمة مثل تعريض الجمهور للرسالة وجذب انتباهه وإثارة اهتمامه وتعريفه بموضوعها أكثر سهولة من تغيير الاتجاهات والاعتقادات واتخاذ القرار بالاستجابة للرسالة والقيام بالسلوك المتفق معها.

ومن هنا بالضبط تنبع أهمية الكيفية التي تقدم فيها المادة الدرامية الإذاعية كي تحقق الرسالة غايتها المتوخاة وهذا يتطلب ما يلي:

أولا: الوضوح

حتى تصل الرسالة الدرامية واضحة ومفهومة إلى المستلم، لا بد من تنظيم المضمون وإخراجه بقالب منطقي وبكلمات معروفة لدى المستلم من حيث اللغة والتعبير ومخارج الحروف وبالصوت المسموع وبنبرة ملائمة للمضمون.

ثانيا: الواقعية

وفي مجال اللغة والشخصيات فإن استخدام اللهجة المحلية من قبل شخصيات واقعية في زيها وكلامها ومنطقها سواء في اتخاذ مواقف سلبية أو إيجابية من الرسالة المراد توصيلها سيحدث نوعا من التماهي بين المرسل والمتلقي مما سيسهم في توليد القناعة المطلوبة.

ثالثا: التواضع وتجنب الاستعلاء والتقرب من مستوى وعي المتلقي

من المهم جدا للحفاظ على التواصل مع المستلم وإثارة رغبته في الاستماع إلى الرسالة أن لا يشعر بأن المرسل يتعالى عليه أو يسخر من معتقداته وسلوكياته أو يعامله بفوقية. إن تجربته الحياتية والاتجاهات التي يتبناها ومهما ظهرت على إنها غير منطقية او بدائية يجب أن لا تعامل باستهزاء، بل تطرح البدائل لإنه قد أثبتت فعاليتها بالتجربة العلمية. ولهذا تعتبر أفضل واسهل واكثر فائدة. ويمكن هنا الاستدلال بأمثلة واسماء معروفة. ومن المهم أن يتذكر المرسل بأنه لا يملك المعرفة المطلقة وانه من الممكن أن يخطئ كالآخرين.

الدراما الاذاعية

يعتبر الراديو من أسهل الوسائل الإعلامية استخداما، ويستطيع الوصول الى جميع السكان بيسر وسهولة، متخطيا حاجز الأمية والحواجز الجغرافية وبشكل أوسع مما تستطيعه الوسائل الأخرى.

كما أن الراديو لا يحتاج إلى مجهود من جانب المستمعين، وحيث أن الناس اصبحوا مشغولين وليس لديهم وقت للتفرغ للقراءة الواسعة أو المشاهدة الكثيرة، فان الراديو هو الوسيلة السهلة التي تبقيهم على علم بما يحدث كما تقدم لهم المتعة والتسلية والفائدة من خلال الدراما والبرامج المنوعة. والمواد البسيطة التي يقدمها الراديو يسهل تذكرها مما لو قدمت مطبوعة خاصة بين الأفراد الأقل تعليما. وينشط الراديو الخيال الى أقصى حد، إلى جانب أن أجهزة الراديو رخيصة وسهلة الحمل.

ويمكن توصيل الرسائل المطلوبة بأساليب سريعة وغير مباشرة عبر الدراما الإذاعية حتى لو كانت ذات صفة تعليمية، مع الانتباه لضرورة الابتعاد عن الخطاب المباشر والأوامر الصارمة فثمة فارق نوعي بين القول: عليك باعتماد الرضاعة الطبيعية وتجنب الحليب الصناعي وبين: أن الأيحاث والدراسات أثبتت أن حليب الأم لا غنى عنه لتنمية طفلك بصورة صحية ونفسية سليمة. ويفضل أن تمرر هذه الرسالة عبر مشهد درامي غير مباشر من خلال حوار بين أطراف مختلفة، وقس على ذلك.

وفي هذا السياق فلا بد من الانتباه لتوفر عناصر التأثير الدرامية الفنية المختلفة في المسمع الإذاعي سواء في الأداء التمثيلي العفوي ألمقنع، وسواء بالمؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية أو الخلفيات الغنائية الفلكلورية الملائمة للمسمع. ذلك أن البعض يتعامل مع الدراما التعليمية باستخفاف.. باعتبارها وسائل إيضاح وليست فناً حقيقيا يمتلك خاصتي التأثير والتغيير.. ذلك أن قدرة الفن على التغيير نابعة أساسا من السحر الإبداعي الذي فيه.

وفي تجربة خاصة في مجال الدراما الاذاعية التعليمية شاركت بتأليف وتقديم حملة إعلامية حول صحة الأم الحامل والجنين، وابتكرنا فكرة فانتازية تقوم على أن موجه الرسائل هو الجنين نفسه واسمه  صحي  الذي يشتيك بحوارات مع أخته الطفلة ومع أمه وأبيه ومع الممرضات والأطباء. ويتخلل الحوارات والتعليمات غناء أطفال يرحبون بالطفل القادم على النغمة الشائعة: اهلا وسهلا باللي جاي وهادا صحي اللي جاي، هذه الاغنية تحولت إلى أغنية شائعة بين الصغار والكبار. كما تخلل حلقات البرنامج الذي لم يصل الدقائق الثلاث أمثال وعبارات شعبية وأغاني شائعة.. ساهمت في توصيل ما يطرح من مفاهيم إلى أبسط الفئات الاجتماعية.

إن الدراما التعليمية الإذاعية، وكذا التلفزيونية، بكل مكوناتها يمكن أن تلعب دورا متعاظماً يمكن الاستفادة منه إلى أقصى حد في توجيه الرسائل والتأثير على القناعات والسلوكيات شرط أن لا تأخذ شكلا تعليميا فجا ومباشرا وآمراً .. بل تذهب إلى فن الدراما القادر على تحويل أكثر الموضوعات جفافا وتعقيدا إلى متعة وتسلية وفائدة... وهذا هو المطلوب.

* كاتب أردني

الرأي الأردنية في 2 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك