سينماتك

 

مشروع مجلة سينمائية

عدنان مدانات *

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

في حين يشكو المهتمون بالثقافة السينمائية من ندرة المجلات السينمائية المتخصصة التي تصدر في العالم العربي، تلوح في الأفق تباشير ولادة مجلة سينمائية عربية جديدة متخصصة، يريد منها محررها وناشرها، أن تحتفي بفن السينما و بالإبداع السينمائي قديمه وحديثه. ما يؤكد هذه الرغبة في الاحتفاء بفن السينما هو تبويب المجلة الذي يفترض فيه أن يتضمن ملفات وقضايا سينمائية ومقالات نقدية جادة. ومن ضمن هذه الخطة سيجري تخصيص ملف في العدد الأول الذي من المفترض أن يصدر في ربيع العام 2007، حسب ما أبلغنا الناشر الناقد الزميل محمد رضا، لإنجازات السينما السوفياتية لا من منظور أيديولوجي، بل من منظور فني إبداعي، وفي أساس هذه الإنجازات أبرز الأفلام السوفياتية الصامتة في عشرينيات القرن العشرين، وهي الفترة التي شهدت إنتاج مجموعة من الأفلام الروائية والتسجيلية بتوقيع مخرجين يوسمون بالمبدعين العباقرة، وهي الأفلام التي أثرت في مسيرة السينما في العالم إذ أسست لأهم وسائل التعبير السينمائية وصنعت مجد السينما كفن وكفكر، وما تزال تًعَدّ حتى الآن من روائعها الخالدة.

هذا يعني أن المجلة الموعودة لن تسير على نهج المجلات الشعبية التي لا ترى السينما إلا من زاوية ملخصات الأفلام وأخبار النجوم وغيرها من المعلومات المختصرة، أو لن تحصر مهمتها بما تمارسه المجلات السينمائية الرصينة التي تكتفي بالتركيز على عروض ونقود الأفلام الحديثة والتي تتسلط الأضواء عليها إما لنجاحها التجاري أو لارتباطها بموضوع راهن أو لكونها من توقيع مخرج مشهور أو لفوزها بجوائز من مهرجانات سينمائية، أي إنها تكتفي بالحديث عن الأفلام، فيما لا تولي، بالمقابل، أي اهتمام بالمقالات التي تعالج مواضيع وقضايا سينمائية أو المقالات ذات الطابع النظري.

في واقع الأمر، ثمة حاجة لمجلة سينمائية عربية جديدة تضع هدفا لها أن تحتفي بالسينما كنوع فني متميز ولا تقصر احتفالها بالسينما على الأفلام فقط. إذن، ثمة حاجة لمجلة تحتفي بالسينما وليس بالأفلام، مجلة تتعامل مع السينما من منظور ثقافي معرفي وجمالي واجتماعي وتضع السينما ضمن النشاط الثقافي في المجتمعات العربية. واكثر من ذلك، ثمة حاجة لمجلات متعددة تعني بالسينما وتضعها في موقع متساو، على الأقل، مع الآداب والفنون الأخرى، مع الرواية الشعر والمسرح والفن التشكيلي، والتي تتخصص في مناقشة قضاياها النظرية مجلات شهرية ودورية تصدرها مؤسسات ثقافية وجامعات واتحادات لأدباء وفنانين، ويكتب فيها نقاد ذوو خبرة وباحثون متخصصون وأكاديميون.

مجلة سينمائية ثقافية جديدة طموحة لن تتأسس على فراغ، بل يمكن لها أن تستفيد من تجارب سابقة، بسلبياتها وإيجابياتها، صدرت في فترات متفاوتة في العالم العربي. هنا لا بد أن نلاحظ ونشير إلى أن أولى المجلات السينمائية التي صدرت في وقت مبكر من القرن العشرين، خاصة في مصر، كانت تضع على رأس اهتماماتها الحديث عن السينما كظاهرة فنية واجتماعية دون أن تتجاهل منتجاتها من الأفلام ومشتقات هذه الأفلام، خاصة ما يرتبط منها بنجوم السينما. وإذا كان مرد هذا الاهتمام في بداياته يعود إلى الاندهاش بسحر السينما والفضول للتعرف على خصائصها وطبيعتها وأنواعها، فإن المجلات التي صدرت في مصر في الستينيات، مثل مجلة السينما والمسرح ، ولاحقا مجلة السينما ، انطلقت من وعي معرفي وتوجه ثقافي منهجي، وهذا ما كانت تعكسه الأبواب الثابتة التي تشتمل على معالجات لمواضيع وقضايا سينمائية مهمة ومقالات ودراسات سينمائية نظرية ومقالات مفصلة حول تجارب مخرجين مهمين وتحليلات نقدية للأفلام الجديدة الهامة وعروض للكتب الصادرة حول السينما، إضافة إلى نشر نصوص كاملة لسيناريوهات أفلام مميزة. ويمكن أن نضيف إلى تجربة هاتين المجلتين اللتين كان لهما دورا مهما في نشر الثقافة السينمائية وتنشيط حركة النقد السينمائي في العالم العربي، الدور المهم الذي لعبته النشرة الدورية التي كانت تصدر عن نادي السينما في القاهرة. ومن ضمن المحاولات الجادة لمجلات سينمائية متخصصة كانت تجربة إصدار مجلة متخصصة تحت عنوان السينما والتاريخ بإشراف الناقد سمير فريد. هذا إضافة إلى النشرات الخاصة التي كانت تصدر تباعا عن نادي السينما في القاهرة.

نعثر على تجارب جادة أيضا في بعض دول المغرب العربي، كما في ليبيا التي صدرت فيها قبل بضعة عقود مجلة سينمائية متخصصة وجادة تحت عنوان الخيالة ، أو في تونس التي تصدر فيها، بجهود فردية من ناقد تونسي هو عمر المدني، مجلة صغيرة الحجم أقرب إلى نشرة مصورة نصفها بالعربية ونصفها بالفرنسية تحت عنوان الفن السابع . كما نجد تجارب جادة في المشرق العربي منها مجلة طموحة صغيرة بحجم كتاب الجيب صدرت في لبنان لبعض الوقت في سنوات السبعينيات باسم فيلم أشرف عليها الناقد محمد رضا. وصدرت تحت العنوان نفسه في دمشق وبحجم صغير أيضا بضعة أعداد من مجلة فيلم التي كان يغلب غليها الطابع النظري ويشرف عليها فريق من السينمائيين العاملين في المؤسسة العامة للسينما، وعن هذه المؤسسة صدرت فيما بعد المجلة السينمائية الفصلية المتخصصة الحياة السينمائية التي سارت على نهج مجلة السينما المصرية، وهي المجلة الوحيدة التي ما تزال مستمرة في الصدور، ولكن في فترات متقطعة غير منتظمة مع اقتصار توزيعها على السوق الداخلي فقط.

وحتى في دولة الإمارات، وعلى الرغم من عدم وجود إنتاج للأفلام السينمائية فيها في ذلك الوقت، صدرت بدعم من المجمع الثقافي في أبو ظبي مجلة صغيرة بحجم الجيب ولكن طموحة باسم سينما أشرف على تحريرها الناقد صلاح صلاح. استمرت المجلة بالصدور بانتظام عاما وبعض عام قبل أن تتوقف. ركزت المجلة على المقالات النظرية والمقابلات مع المخرجين وخصصت بعض أعدادها لنمط من الأفلام أو لفترة محددة من تاريخ السينما أو لتحليل تجربة مخرج متميز، وغير ذلك من مواضيع جادة ذات هدف معرفي.

إضافة إلى هذه التجارب صدرت اكثر من مجلة سينمائية جادة توقف معظمها عن الصدور باستثناء مجلة سينما التي تصدر في باريس بإشراف من الناقد قصي صالح درويش، وهي مجلة تعنى بعرض وتحليل الأفلام الجديدة من مختلف أنحاء العالم، ولكنها لا تتضمن مقالات نظرية. ويبدو أن المجلة تسعى للمواءمة بين النقد الجاد للأفلام وإمكانية الانتشار والاستمرارية.

في الواقع ثمة حاجة ملحة لوجود مجلة سينمائية عربية، بل لمجلات متنوعة، تحتفي بالسينما ككل وليس بالأفلام وحدها. والفرق بين الحالتين كبير جدا وجوهري. ثمة حاجة ملحة لمجلة سينمائية عربية تعنى بالثقافة السينمائية وتغطي كافة المجالات النظرية المرتبطة بالسينما كفن وكفكر وكوسيلة اتصال وتحلل الأفلام من منظور ثقافي معرفي.

حتى الآن فإن ما يعوض عن غياب المجلات السينمائية الثقافية المتخصصة هو المواقع الإلكترونية العربية التي ينشئها سينمائيون ونقاد عرب فتعيد لملمة وتجميع ونشر ما تعثر عليه من مقالات نظرية حول السينما في المجلات والصحف العربية.

تؤدي العناية بالنظرية السينمائية إلى تشكيل وعي عام بالسينما لدى المهتمين يسمح لهم باكتشاف والتعرف على مفاتيح الأفلام ويزودهم بالقدرة الذاتية على فهمها شكلا ومضمونا، وذلك على العكس مما هو شائع حاليا من أحوال الكتابة عن الأفلام التي لا تعكس اكثر من وجهة نظر كاتبها، مقنعة كانت أم غير مقنعة، متكاملة كانت أم منقوصة وجزئية، وجهة نظر يرسلها الكاتب باتجاه قارئ مستسلم قد تزوده ببعض المعلومات عن الفيلم لكنها لن تزوده بالوعي أو بالمعرفة الكافيين.

غير أن هذا الطموح يجب أن لا يؤدي إلى استعجال الأمور، فمن المبكر الآن السير عمليا باتجاه مجلة سينمائية نظرية متخصصة أو ذات طابع أكاديمي بحت. ما هو مأمول حاليا هو وجود مجلة تجمع بين الجهد النظري الثقافي وبين النقد السينمائي، لكن ليس النقد الانطباعي، بل النقد التحليلي المستند إلى المعرفة بالسينما وبأرقى منتجاتها من الأفلام عبر تاريخها القصير زمنيا نسبيا ولكن السريع التطور والمكتظ بالمنجزات المتعاقبة.

* ناقد سينمائي أردتي

الرأي الأردنية في 2 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك