سينماتك

 

حتى الذين لا يحبون أفلام كياروستامي يشيدون بـ «عبقريته»...

السينما الايرانية: للأطفال حصة وجوائز العالم جاهزة

طهران – ندى الازهري

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

في طهران متحف للسينما. والطريق إليه مبسط لكنه وعر، حاله كحال كل الأمكنة في العاصمة الإيرانية. كلها تقع تحت رحمة الزحام. وعلى المرء القيام بحسابات دقيقة لتقدير مدى انسيابية الطرقات عند كل خروج. بعد وصول متأخر إلى ندوة عن عباس كياروستامي نظمها في المتحف المعهد الفرنسي بحضور الناقد السينمائي في «كاييه دي سينما» آلان بيرغالا، بدأ عرض (متأخر هو الآخر) لفيلم «أين منزل صديقي؟» على اعتبار أنه العمل الأول الذي لفت الانتباه حقاً إلى «ولادة مخرج كبير» على حد تعبير الناقد. الحضور كان متنوعاً. بعضهم يدرس السينما وآخر يكتفي بحبها. خارج القاعة كانت مجموعات من شباب وشابات ينتظرون العرض التالي مضفين الحيوية على المكان الجميل. داخلها، كان الاهتمام كبيراً بالحوار مع الناقد. «عبقرية» هذا المخرج أمر لا جدال فيه حتى لهؤلاء الذين «لا يحبون أفلامه» كما عبر ناقد إيراني. كان ثمة سؤال لبعض الحضور «لماذا هو؟». بمعنى أن هناك أساتذة قبل كياروستامي لم ينالوا ما نال على رغم أهليتهم». الحكاية في هذا العمل قائمة على مستويات عدة، أسلوب جديد، طريقة غربية وشرقية في السرد»، وجد كيارستامى «طريقته الخاصة» وهذا «ما يميز المخرج الكبير» بحسب الناقد.

... ونسبة من الحظ

في جوار المتحف، يقع مقر مؤسسة الفارابي للسينما التي تقوم بدعم الفيلم الإيراني وتنظيم مهرجان فجر السينمائي. وجهنا السؤال نفسه إلى أمير اسفندياري، مدير الشؤون الخارجية أو «أمور بين الملل» كما تقال بالفارسية. «لأنه عظيم». رد ببساطة، مردفاً «كيارستامى كبير يستحق المكانة التي وصلها. إن ما يحصل بشكل عام، هو تضافر جملة من العوامل: الفيلم، التوزيع... تضاف إليها نسبة ضئيلة من الحظ. وصحيح أيضاً أن لدينا مخرجين جيدين جداً، مثل دريوش مهرجوي وبهمان فرمنازا وجعفر بناهي ومجيد مجيدي ،الذي كان أول إيراني يسمى للأوسكار، اضافة الى آخرين غير معروفين عالمياً».

ظهرت السينما في إيران في أوائل القرن العشرين، وما بين 1930 و1979 فأنتج نحو ألف ومئة فيلم. ومنذ ذلك التاريخ، تزايد الإنتاج ليصل إلى معدل 85 فيلماً في العام. وفي 2006 أنتج مئة فيلم. ويبلغ عدد دور العرض 295 داراً، ثلثها تقريباً يتواجد في طهران. «كان واضحاً أن السينما في إيران ما بعد الثورة كانت في الواقع تحل محل الشعر والمسرحيات والقصص والروايات». كما كتب الناقد حميد دباشي (السينما الإيرانية - منشورات وزارة الثقافة السورية).

من ضمن مراحل تطور هذه السينما، إعطاء البطولة المطلقة للأطفال («العدَاء» لأمير نادري) عام 1985، واكتشاف الغرب لها في 1990. وحين نال كيارستامى «السعفة الذهب» في مهرجان «كان» عام 1997 عن «طعم الكرز» علّق قائلاً إن إيران التي كانت تصدر النفط والسجاد والفستق غدت مصدرة للفيلم الآن، مضيفاً «إيران تصدر ثقافتها، وهذا أمر حسن».

منذ ذلك التاريخ والسينما الإيرانية من المشاركين الدائمين في المهرجانات الدولية. في عام 2005، حصدت هذه السينما 168 جائزة. هذه السينما التي تستخدم لغة سينمائية تقترب من الواقعية الإيطالية الجديدة وسينما المؤلف الفرنسية، وتجد مصادرها في قلب الواقع اليومي والشعر الفارسي، هي سينما تلتف على الممنوع والرقابة، وتفرض نفسها لجدتها وبساطتها وسحر مواضيعها.

كيف تقوّم هذه السينما هنا؟ يقول اسفندياري إن القيمة العامة للفيلم الإيراني تحسنت. وأن عشرين في المئة منها يعرض في الخارج. «المهرجانات في حاجة إلى تلك السينما لتمتعها بالابتكار والبساطة. لا «كليشيه» في السينما الإيرانية، إنه أمر مهم نحافظ عليه. معظم أفلامنا فنية، لدينا التواجد والثقافة والمخرجون وما علينا فعله الآن هو تطوير الجانب العملي، الاقتصادي» ويفسر «لا يعني هذا تغليب التجاري على الفني، إنما محاولة الانفتاح وفتح مجالات جديدة لعرض أفلامنا. تطوير الإنتاج والحقوق والتوزيع وكل ما تتطلبه الصناعة السينمائية. وخلق فيلم بين الفني والتجاري يشاهده الجميع ويتمتع في الحين نفسه بمواصفات عالية».

وتسعى المؤسسة إلى تسويق الفيلم الإيراني بأنواعه كلها من خلال مشروع «السوق العالمية للفيلم وبرامج التلفزيون» الذي ينظم منذ عشر سنوات في طهران، بالتزامن مع مهرجان فجر، حيث يدعو اتحاد المنتجين موزعين عالميين ليعرضوا عليهم أنواعاً مختلفة من الفيلم الإيراني «عرض جميع الأفلام في الخارج صعب ومن الأفضل تنظيم السوق هنا، يشرح أمير اسفندياري، ثمة أفلام نظن أنها لن تنجح في الخارج، ولكن تحصل مفاجآت عدة». ويعطي مثلاً فيلماً عن الأطفال «مربى حلو»، اعتقدوا بأن قصته محلية ولن يتجاوب معها غير الإيرانيين «الذين لن يضحكوا لما أضحكنا»، وكانت المفاجأة في النجاح الذي لقيه هذا العمل في العالم.

فني وتجاري

أما التفاوت بين أفلام المهرجانات» الفنية» و الأخرى «التجارية»، فنجده واضحاً في لائحة الأفلام العشرة الأولى التي حققت النجاح في إيران عام 2005. حيث لم يشارك في المهرجانات العالمية إلا فيلم واحد فقط من ضمنها وهو «امرأة غير مرغوبة» لتهميني ميلاني. ويبين اسفندياري أن ثمة تطوراً حصل في عام 2006، فضمن تلك اللائحة، نجد ثلاثة شاركت في مهرجانات «بست سيلرز»، «وقف النار»، «زواج على الطريقة الإيرانية». قد يفسر ذلك بأن ثمة تراجعاً فنياً أو أزمة قد تكون تعاني منها تلك السينما. لا يوافق مدير مؤسسة الفارابي «كل مهرجان وصانع أفلام يمر في فترات صعود وهبوط، وفي عملية الإنتاج لا يمكن التنبؤ. لدينا مخرجون على مستوى عال وما زالت أفلامنا تتمتع بهذه الدرجة الرفيعة، وما برح الاهتمام بها قائماً والأرقام تثبت ذلك. لكن لجان الاختيار في الخارج تختلف. في العام الماضي مثلاً، لم يكن هناك فيلم إيراني في أي تظاهرة في كان، ولكن كانت لدينا ستة أفلام في برلين. لا أظن بأن ثمة أزمة في السينما الإيرانية. هناك قادمون جدد مثل أصغر فرهادي وسامان سامور (فاز الأول بجائزة لجنة التحكيم الخاصة والثاني بالجائزة الأولى في نانت). ومهرجان فجر في دورته الحالية يقدم ستة عشر مخرجاً جديداً. هناك دماء جديدة تتدفق والقدامى ما زالوا يعملون». ويعتقد اسفندياري بأن المشكلة الأساسية التي تعاني منها السينما الإيرانية هي في عدد دور العرض بشكل عام «الإنتاج يتزايد وعلينا بالتالي زيادة دور العرض. إيران هي من الدول القليلة التي تصنع أفلاماً جيدة وسهلة التنفيذ».

وينفي اسفندياري عن السينما الإيرانية تهمة تركيزها على المواضيع الاجتماعية فقط «منذ سنوات، نجح في الداخل والخارج فيلمان فكاهيان لكمال تبريزي، «ليلي معي» وهو عن الحرب العراقية - الإيرانية و «ليزرد». أثناءها كان يقال إن معظم ما تركز عليه السينما الإيرانية هو الطفل! لا يمكن حصر هذه السينما في الإطار الاجتماعي، وهي وإن تناولته فإن المعالجة والموضوع يختلفان. السينما الاجتماعية متنوعة جداً وسينما المؤلف هي سينما إنسانية مختلفة تحض على التفكير. هي عن أشياء بسيطة قد تصادفها في حياتك وقد تعبرها من دون أن تلفت انتباهك». إن أهمية كل فيلم تكمن في الطريقة التي يصنع بها. حتى لو كان الموضوع قديماً، أو معاداً فهو يمثل نظرة جديدة». وإن كان يمكن القول عموماً أن الأفلام الاجتماعية مع أفلام الطفل هي «الغالبة» بحسب اسفندياري، فهذا لا ينفي وجود أنواع أخرى في السوق الداخلية منها مثلاً أفلام «الأكشن»، والفكاهية التي «قد تكون صعبة الفهم خارجياً» والتاريخية المكلفة التي «لا تهم إلا الناس هنا»...

في النهاية سألنا اسفندياري السؤال الذي لا بد منه عند الحديث عن السينما الإيرانية «الرقابة»، لا سيما مع حلول مهرجان فجر في الأول من شباط (فبراير) «الفيلم المشارك يجب أن يتوافق مع ثقافتنا وديننا. ما نرفضه واضح وغير معقد: الجنس والعري والعنف».

الحياة اللندنية في 2 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك