سينماتك

 

تخريفة جديدة للسينما الأمريكية

فى فيلم ديجافو: الهذيان أسمه الخيال العلمى!

أحمد يوسف

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

يقوم فيلم ديجافو على تخريفة بالمعنى الحرفى للكلمة، هدفها صنع أحد أفلام الأكشن الأمريكية، ومع ذلك فلم يكن الجهد الرئيسى الذى بذله صناع الفيلم موجها لتنفيذ مشاهد المطاردات والمعارك الدامية التى احتشد بها الفيلم على نحو يفوق الخيال أحيانا، وإنما كان الجهد فى اتجاه أن يصدق المتفرج هذه التخريفة وكل ما يترتب عليها، وقد نتصور أن مصداقية هذا النوع من الخيال تأتى من الآلات والافتراضات والنظريات التى تحول الهذيان إلى ما يسمى الخيال العلمى، لكن هذه المصداقية تأتى أولا من الدراما، أو بكلمات أدق من عنصر التوحد مع الشخصيات الرئيسية فى رحلتها الدموية الخيالية، وسوف تجد نفسك هنا مع البطل فى كل خطوة يخطوها وهو يفعل المستحيل لأنك تصدقه تماما فى كل دوافعه وتصرفاته التى تضرب بجذورها فى الدراما متقنة الصنع، كما تتجسد فى الأداء شديد الرهافة للممثل لدينزل واشنطن.

فى كل إيماءة لدينزل واشنطن فى هذا الفيلم تنسى تماما أنه أمريكى برغم أن الفيلم أمريكى تماما، إنه فى بعض المشاهد كان يأتى أفعالا خارقة بحق، لكنه قبلها كان يبدو حائرا خائفا مثلنا، وهو بعدها تثخنه الجراح وتعصف به الآلام، وهو لا يمثل علينا أو يتحدث بطريقة مصطنعة كأنه يقول فى كل جملة حوار: أنا نجم!! هل ترون نجوميتى؟، وهذا ماجعلنى أشد شعرى غيظا لأننى قبل الفيلم مباشرة شاهدت بضعة إعلانات ومقدمات عن أفلام مصرية قادمة من نوعية الأكشن، فإذا بهذا البطل أو ذاك - وهو ابن إمبارح الذى لا يمكن مقارنته بحال بدينزل واشنطن صاحب عشرات الأفلام والجوائز - يطل على الشاشة وقد غطت وجهه أطنان من مساحيق الماكياج وارتدى أفخر الثياب كأنه ذاهب إلى حفلة عرسه، وهو يخوض مشاهد الأكشن الساذجة التى تنحصر فى بعض الحركات البهلوانية الزائفة ومطاردات السيارات المضحكة ليخرج بعدها ولم تهتز له شعرة، فلاتزال التسريحة تلم شعره فى تنسيق من سوف يقف أمام عدسات الكاميرا لتلتوى شفتاه ويبتسم مؤكدا أنه ما حصلوش حاجة وكل شيء تمام!!

يبذل مخرجونا كل اهتمامهم لما يتصورونه محاكاة لمشاهد الأكشن الأمريكية، ويدفع المنتجون دم قلبنا والجانب الأكبر من الميزانية لهؤلاء النجوم المزيفين، والنتيجة شرائط سينمائية مضحكة تخلو من الإقناع على كل المستويات، لأن أضعف ما فيها هو الدراما التى لا يوليها أحد ما تستحقه من اهتمام.

ومن طرائف تاريخ السينما أنه منذ نصف قرن اكتشف أصحاب استوديو إيلينج البريطانى أنه يمكنهم صنع أفلام الرعب بأقل التكاليف، لأن المتفرج لا يشعر بالرعب إذا ما رأى كائنا خرافيا تخرج من فمه ألسنة اللهب رغم ما يكلفه ذلك من نفقات باهظة، لكن شعر المتفرج قد يقف رعبا من التأثير النفسى للخطر الذى قد يمثله شخص يختفى فى الظلام ولا نراه على الشاشة، بشرط أن نتوحد مع الضحية فى الشعور بهذا التهديد الخفى، إنه الرعب الذى ينبعث من داخلنا لأنه جاء من إحكام بناء الشخصيات وتطور الأحداث.

ومن المؤكد أن تونى سكوت مخرج ديجافو وصاحب أفلام مثل رجل على نار وعدو الشعب ليس بحاجة لتعلم تنفيذ مشاهد الأكشن أو إثبات قدرته على إنجازها، والحقيقة أنه يستعين بما يسمى مخرج الوحدة الثانية ليقوم بتنفيذها، كما أن المنتج جيرى بروكهايمر الذى قدم من قبل أفلاما من نوعية بيرل هاربور أو الجزيرة يعرف جيدا كيف ينفق الملايين الطائلة على السيارات المحترقة والطائرات المنفجرة الأهم أنه يعرف أن ذلك لا يضمن نجاح الفيلم!!، لكنهما - سكوت وبروكهايمر - يدركان تماما القاعدة الذهبية لصنع فيلم الأكشن، لذلك بدآ بسيناريو شديد الإتقان كتبه بيل مارسيلى وتيرى روسيو، وجاءا بالممثل ولا نقول النجم دينزل واشنطن، لكى يؤدى دور محقق الشرطة دوج كارلين الذى وجد نفسه مشغولا بحل لغز العبارة التى انفجرت وهى تعبر نهر المسيسيبى مما أدى إلى مصرع مئات الضحايا، وقد قادته الخيوط إلى أن إرهابيا أمريكيا ويله من إنجاز أن يدركوا أن الإرهاب ليس حكرا على العرب والمسلمين!! وراء الانفجار، إنه الشاب كارول جيم كافيتزيل - مسيح ميل جيبسون الوطنى المتطرف الذى ينتقم من حكومته لفشله فى الالتحاق بالجيش، وهو فى رحلة انتقامه يختطف الفتاة الجميلة كلير باولا باتون ويقتلها لتبدو أنها من ضحايا الانفجار، بينما يستخدم سيارتها لشحن المتفجرات فوق العبارة، لكن المحقق دوج ينجح بعد العثور على جثة الفتاة فى اكتشاف أنها لم تلق مصرعها فى الانفجار، لكى يتعقب ما فعلته خلال الأيام القليلة الماضية من أجل وصوله إلى المجرم.

كان من الممكن بالطبع لكاتبى السيناريو الاكتفاء بهذا الخط الدرامى لصنع فيلم يحتشد بالمطاردات الدموية والإثارة والتشويق، ولكن كعادة هوليوود فى الفترة الأخيرة فى تهجين عدة أنماط فيلمية فى فيلم واحد فإن السيناريو سوف يضيف الخيال العلمى أو شبه العلمى، وها نحن نسمع بعض تهويمات علمية ونرى آلات معقدة نعرف من خلالها أن هناك برنامجا معقدا يشبه جوجل إيرث على نحو ما يجمع معلومات أقمار التجسس الاصطناعية ليصنع بها صورة لما حدث قبل أربعة أيام وبضع ساعات، ليعرضها كأنها شريط سينمائى لا يمكن استعادة عرضه مرة أخرى، وبه يمكنك لمرة واحدة فقط أن ترى الماضى أمام عينيك كأنه حاضر موازٍ، لكن الأهم هو أنك تستطيع أن تقفز من الحاضر إلى الماضى لتكون جزءا منه، وهناك - فى الماضى - قد يمكنك تغيير تسلسل الأحداث، وهكذا يمكن للبطل أن ينقذ الفتاة ويمنع الانفجار فى وقت واحد!

أرجو أن تتأمل كيف استطاع ديجافو أن يقنعك بهذه التخريفة التى تمزج بين أفلام المخبر السرى وآلة الزمن فى فيلم واحد. تأمل على سبيل المثال لقطات راكبى العبارة والكاميرا تتابعهم فى مونتاج سريع، لتتوقف أمام تفاصيل إنسانية حميمة: جنود وعائلات، رحلة لتلاميذ المدارس، فرقة موسيقية عسكرية، وطفل يتثاءب... عشرات اللقطات التسجيلية التى تقنعك بأنك كنت معهم هناك، وتمهد لكى يحدث الانفجار أثره الدرامى عليك بالشفقة العارمة على هؤلاء الضحايا، وعندما نستعيد تلك اللقطات مرة أخرى وقد قفزنا مع البطل إلى الماضى سوف يستولى عليك التوتر وتشتاق إلى أن ينجح البطل فى منع الانفجار.

أرجو أن تتأمل أيضا ملامح دينزل واشنطن الذى يعتصر وجهه الألم وهو ينظر إلى الضحايا بعد وصوله إلى موقع الحادث، وإلى تعبيراته وهو يتأمل وجه كلير وقد استلقت جثتها فى المشرحة، وكل إيماءاته الأخرى فى لحظات الفرح والحزن والقلق، لتدرك أنه لا يمثل علينا بل يمثلنا، وأخيرا أرجو أن تتأمل كيف أن النصف الأول من الفيلم كان مكرسا لكى ندخل إلى الأحداث ببطء وثقة دون أى أكشن، بما أتاح تعاطفنا الكامل مع الشخصيات وتصديق قصة الحب بين المحقق البوليسى والقتيلة المجنى عليها. وإن أردت تفسيرا لعنوان الفيلم ديجافو فهو ذلك الشعور الغامض الذى يعتريك فجأة بأن اللحظة التى تعيشها الآن قد مررت بها فى الماضى، وإذا كان علم النفس يقدم تفسيرات علمية عديدة لمثل هذا الشعور فهذا ما لا يشغل بال صناع الفيلم، إنهم بكل بساطة يفعلون نفس ما يفعلونه فى كل المجالات، عندما يسبغون على التخاريف الزائفة كل ما يمكنهم من أقنعة العلم والمنطق والتاريخ، بينما نفعل نحن ما نفعله فى كل المجالات، نحول الحقائق الناصعة إلى تخاريف وتهويمات!!

العربي المصرية في 28 يناير 2007

 

الفيلم الاميركي (ديجا فو)

الجمع بين التشويق البوليسي والخيال العلمي

عمان - ناجح حسن 

فيلم  ديجا فو  واحد من بين الأفلام الاميركية الحديثة الإنتاج التي عرضتها الصالات المحلية مؤخرا.. وفيه يقدم المخرج الإنجليزي الأصل توني سكوت احد ابرز الأسماء الفاعلة في السينما الاميركية منذ عقدين من الزمان على افلام تتسم بالثيمة الثابتة وتشتمل على جملة من الأفلام التي تعج بمشاهد الحركة والتشويق البوليسي والمطاردات التي تستهوي قطاعا عريضا من رواد النموذج الهوليوودي المعهود. المخرج توني سكوت في فيلمه الجديد على نقيض من شقيقه المخرج رادلي سكوت صاحب الأفلام اللافتة بتنوع موضوعاتها وفرادتها الجمالية والفكرية يكاد أن ينحى ولو قليلا عن أفلامه السابقة ويقدم للمشاهد في  ديجا فو  شحنة مضاعفة من جرعة التشويق البوليسي على خلفية من الخيال العلمي السايكوباتي والمطعم بعلاقة رومانسية في سلسلة من المطاردات اللاهثة ومحاولات التتبع والتحري عبر أسلوبية تقنية متطورة في الرصد والتحليل بغية الكشف عن جريمة قتل . مثل هذه الجريمة التي يبذل فيها ضابط الشرطة - يؤدي الدور الممثل دينزل واشنطن جهوده المتواصلة والتي تتكيء على قدرات ذاتية تمتلك حدسا خاصا تنتابه في إعادة تذكر أحداث سبق له أن عايشها قبل حدوثها وبالتالي يأخذ على عاتقه الكشف عن الجريمة في أجواء من حمى الإرهاب التي تعصف بالعالم وتحديدا في الحياة الاميركية. يستهل الفيلم أحداثه بمشاهد تمتليء بالمجاميع من أفراد المارينز الذين تخرجوا للتو ويعدون أنفسهم المشاركة في احتفال جماعي بهذه المناسبة على ظهر احد اليخوت .. لكن لا يلبث الأمر أن يتطور ويحدث الانفجار بيد أن جثة رجل هناك تبدو كأنها لاقت مصيرها في الانفجار قبل أن يجري الكشف عنها بأنها حدثت قبيل الانفجار. هذا المخرج الذي تمرس خلال التسعينات ، وقدم عددا من أكثر الأفلام جماهيرية :  توب غن  مثلا.. وأكثرها تعبيرا عن ثقافته الهوليوودية ينجح في وضع بصمته الخاصة على مجمل العمل ولكن من المؤكد أيضا أنه يعود هنا إلى العالم القريب منه بتفاصيله ولغته الخاصة في التعبير البصري المجبول بغرائبية التقنية الرقمية .
أيضا لسنا هنا أمام فيلم يهتم بآفة الإرهاب الآخذة بالهيمنة على أحوال الناس العالم بقدر ما يبرز استعراضات المخرج وفذلكته التقنية وانفلات عناصر الحالة السايكوباتية والعلاقة الإنسانية التي تجمع بين ابنة القتيل ورجل التحري ولينتهي بالنهاية المغايرة والتي تصب في خانة النهايات السعيدة التي اعتادت عليها السينما الهوليوودية.

الرأي الأردنية في 1 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك