أهدى فيلمى إلى كل أولئك الذين يخاطرون بحياتهم كل يوم دون أن يكون هناك كاميرات تصور ولا من يصفقون لهم بينما هم يناضلون من اجل تحقيق السلام والعدالة ضد التعصب هكذا عبر مخرج فيلم اصطدام الكندى بول هاجيس، أثناء تسلمه جائزة الأوسكار كأحسن فيلم فى مفاجأة كبرى لكل النقاد السينمائيين الذين حصروا المنافسة على الجائزة بين فيلمى ميونخ وجبال بركباك ولكن يبدو أن ارتباط فيلم اصطدام بقضية إنسانية يندر مناقشتها فى هوليوود لوجود خطوط حمراء اسفل القضية المثارة فيه كما أن الفيلم يعتبر صغير إنتاجيا بالنسبة للأفلام المنافسة ما جعل لا أحد يتوقع تلك الجائزة، وقد أكد ذلك مخرج الفيلم حين قال: لم يتوقع أحد منا أن يفوز فيلمنا بجائزة، فقد قدمنا فيلما بسيطا يحطم جميع الحواجز ولكن هوليوود فاجأتنا وكافأتنا.

تدور أحداث الفيلم فى مدينة لوس أنجلوس الأمريكية التى تحوى اكبر مزيج عرقى فى العالم مما جعلها مركزا رسميا للأزمات العنصرية، وجدير بالذكر أن مؤلف ومخرج الفيلم من ساكنى تلك المدينة لسنوات طويلة مضت وهما يكشفان عبر أحداث الفيلم عن واقع تلك المدينة القاتم، من خلال سيناريو كتبه بمهارة بول هاجيس، وشاركه بوبى موريسكو، وحصل على جائزة أحسن سيناريو أصلى عنه، ويوضح بول الهدف من الفيلم أثناء تسلمه الجائزة فيقول: لقد حققنا معنى الفن الحقيقى فليس الفن مرآة تدعو للتمسك بقيم المجتمع لكنه مطرقة تعيد تشكيله.

ولقد اشترك الكاتبان بول وبوبى فى صياغة مجموعة من أجزاء الحوارات التى صيغت فى تاريخ السينما وأكثرها حرية فى عرض الصراع العنصرى مما بدا فى بعض الأحيان كما لو كان متعمدا مثل مشهد الاتصال بالأم.

تبدأ اللقطات الأولى من الفيلم مع عرض جنونى لمجزرة دموية دون توضيح لدوافعها يليها ظهور التحريين جرهام الذى قام بدوره دون شدل وريا وقامت بدورها جينفار ازبوزيتو وهما مرتبطان بعلاقة وينطلقان إلى مسرح الجريمة كاشفين فى حوارهما عن موقف جرهام تجاة الغرباء المقيمين فى المدينة: اعتقد أننا فقدنا مشاعرنا العامة ووقعنا فى الغرام حتى نشعر بشيء يخصنا فقط ويلى ذلك حوار حاد مليء بالجدل والصراخ والعبارات العنصرية المهينة أثناء تحقيق ريا مع الساقطة الكورية الأصل إحدى شهود الحادث، ثم ندخل بعد ذلك وسط سلسلة من النزاعات تضم 20 شخصية شبه رئيسية منها 9 شخصيات تدير الصراع والباقى يدورون داخله وسط مجموعة من الأحداث والمصادفات التى تأتى أحيانا غير واقعية ولكن تستخدم بمهارة للكشف عن تركيبة الشخصيات ودوافعها تجاه الفكر العنصرى لنقضى 90 دقيقة فى رحلة مع تلك الشخصيات ومع أفكارها العنصرية التى تتسبب فى مجموعة من الصدامات والتى استلهم منها اسم الفيلم بدا من اصطدام السيارات والأشخاص فى الطرق إلى اصطدام الثقافات والقوميات والأديان لتكتمل دائرة الصراع البشرى.

نرى رك الذى قام بدورة النجم براندن فريزر وزوجته جين النجمة ساندرا بولوك بينما تُسرق سيارة رك المدعى العام بواسطة عصابة من الزنوج يجد نفسه فى صراع حول قيمة السيارة أمام أهمية أصوات الناخبين السود وتأييد مساعديه من الزنوج ليقرر عدم الخوض فى مهاجمة الزنوج فى حين تسقط زوجته جين فى شبكة عنكبوت العنصرية لتبدأ فى التعامل مع كل زنجى باعتباره أحد أفراد العصابة كما فى مشهد عامل الأقفال ومشهد الشرطى الذى أداه الممثل مات ديلون، ونرى العامل الأسيوى دنيال الذى أداه ميكل بيتا وهو يقع ضحية للص فارسى الأصل أداه شون توك وهناك الزنجيان انطونى كريس لوداكريس وبيتر لارنيز تابت، وهما يطردان من عملهما فى المطعم الإيطالى لأسباب عنصرية ويبرر بيتر أسباب طردهما قائلا: إن السود يحملون معهم السمعة السيئة دائما بينما يرى انطونى أن العنصرية موجودة فى كل زاوية حتى فى حركة امرأة بيضاء تسير فى الشارع ممسكة بيد زوجها، وفى تساؤل يقول انطونى لصديقه بيتر: نحن السود وحدنا محاطون بالكراهية من البيض والشرطة ومع ذلك لا نخافهم؟ فيرد بيتر موضحا: لأننا نحمل سلاحا دائما وهكذا يصبح السلاح ردا وحيدا أمام العنصرية، ونجد أيضا كاميرون تيرانس هورد مدير التليفزيون الزنجى وزوجته كرستين تاندى نيوتون اللذين يتعرضان لمضايقات عنصرية من شرطيين تصل إلى حد الإهانات المباشرة والصريحة، وذلك التاجر الكورى الأصل الذى يبيع العمال التايلنديين كرقيق وعامل اسود يرفض مساعدة رجل مريض لأنه سبق وتعرض لمعاملة عنصرية من ابن الرجل وشرقى ابيض يرتكب جريمة قتل وعضو فى النيابة يهاجم السود وغيرها من الصور السوداء الواقعية العرض لمظاهر سيطرة الصراع العنصرى على مدينة لوس أنجلوس من خلال مجموعة من الشخصيات تتسم بالقسوة فى تركيبتها سواء من مرتكبى التعصب أو ضحاياه.

الفيلم يعيد إحياء الفكر العنصرى الذى يسبق نزول الأديان السماوية ويحطم أسطورة الحلم الأمريكى التى تحكم أحلام فقراء العالم الثالث وذلك بأسلوب مباشر جدا دون أى تورية أو ادعاءات حتى جاء العمل مشابها للواقع فى شكل العلاقات وتشابكها وارتباطات الشخصيات ببعضها مما منحه حالة من التميز خاصة على مستوى السيناريو المكتوب ولكن رغم ذلك فقد جاء الجو العام للفيلم ليشيع بشكل تدريجى وعبر مدار الأحداث حالة من الاكتئاب تسيطر بشكل تدريجي، ورغم أن هذا نجاح لمخرج العمل إلا انه سيفقده الكثير من الجماهير التى لن تتحمل تلك الجرعة من الاكتئاب، حيث وصل الفيلم ببنائه إلى أن أصبح بطولة جماعية تشترك فيها الأدوار الصغيرة قبل الكبيرة ومسئولو حركة الكاميرا قبل من صممها وذلك لخدمة العمل فى مجمله، وجاءت جوائز الأوسكار الثلاثة أحسن فيلم، أحسن سيناريو أصلي، أحسن مونتاج لتتوج ذلك المجهود الجماعى ولتؤكد أن المجتمع الحر فى حاجة دائما إلى إعلام حر وفكر ناضج ليكشف الأخطاء منطلقين من مقولة الرئيس الأمريكى الراحل جون كندى: إذا كان المجتمع الحر لا يستطيع مساعدة الكثرة الفقيرة فانه لن يستطيع حماية القلة الغنية.

إن صناع الفيلم يضعون أمام الحكومة الأمريكية صورة واقعية لمأزق كبير يحتاج إلى حل خاصة فى ظل اعتماد الاقتصاد الأمريكى بشكل كامل على المهاجرين غير الشرعيين والذين يمثلون بتنوع أصولهم العرقية واتجاهاتهم الدينية أرضا خصبة لإشعال فتيل العنصرية.

العربي المصرية في 30 أبريل 2006

 

فيلم أميركي ينتقد اضطهاد العرب بعد 11 سبتمبر

واجب وطني: فيلم يقدم رؤية متعاطفة مع العرب في اميركا وينتقد تشويه صورتهم بعد تفجيرات نيويورك.

نيويورك - من كلاوديا بارسونز: أبدى الممثل المصري الوسيم خالد أبو النجا سعادته للعب دور رئيسي في فيلم أميركي لم يظهر فيه كارهابي.

ويدور فيلم "واجب وطني" وهو فيلم أميركي كندي بتكلفة محدودة عرض في مهرجان تريبكا السينمائي في نيويورك حول اضطهاد العرب في أميركا في أعقاب هجمات 11 ايلول/سبتمبرعام 2001 على الولايات المتحدة ويقدم رؤية متعاطفة بدرجة كبيرة مع العرب في أميركا. وهو من بين عدد من الافلام التي تتناول التوترات بين الولايات المتحدة والشرق الاوسط منذ هجمات 11 سبتمبر.

ويلعب أبو النجا في الفيلم دور طالب يثير شكوك أحد جيرانه. وقال "عادة يلعب الممثلون المصريون ومن الشرق الاوسط أدوار الارهابيين لكنني في هذا الفيلم ألعب دور ضحية من ضحايا الارهاب. هذا تحول ايجابي".

وأضاف أبو النجا وهو حاصل على جائزة مصرية في السينما في مؤتمر صحفي "نشعر بأننا معرضون لسوء فهم شديد". وتابع قائلا "يشعر كثير من "شعوب" الشرق الاوسط والمصريين والعرب بأنهم معرضون لسوء فهم وتشويه لصورتهم. يشعرون أن أصواتهم غير مسموعة في العالم الغربي".

وافتتح المهرجان الذي تأسس في أعقاب هجمات 11 سبتمبر لانعاش منطقة مانهاتن الجنوبية بالعرض الاول لفيلم "يونايتد 93" وهو فيلم من أفلام هوليوود يقدم في قالب درامي قصة طائرة الركاب الاميركية المخطوفة التي تحطمت في ولاية بنسلفانيا بعدما تغلب ركابها على الخاطفين.

ويلعب دور البطولة في فيلم "واجب وطني" الذي بلغت ميزانية انتاجه 1.2 مليون دولار بيتر كراوز الذي اشتهر في مسلسل "ستة اقدام تحت الارض". ويمثل شخصية تيري الن وهو محاسب فقد وظيفته ويقضي وقتا كثيرا في مشاهدة قصص الرعب في الشبكات الاخبارية الخاصة بالمشتركين وتنامت لديه عقدة الاضطهاد.

ويقرر تيري الذي ساورته شكوك في جاره الجديد أن يتولى الامر بنفسه بعدما فشل في اقناع زوجته أو ضابط في مكتب التحقيقات الاتحادي لعب دوره ريتشارد شيف الذي حقق شهرة في مسلسل "وست وينج" بمخاوفه.

ويطرح الفيلم تساؤلات صعبة بشأن الحريات المدنية والتصنيف العنصري وكان ملتبسا عن قصد في مسألة ما اذا كان تبين أن شكوك تيري تستند الى أساس أم لا لكن منتجي الفيلم يقولون انهم لا يرغبون في الانشغال بالسياسة.

قال كراوز الذي يلعب دور متعهد جنازات في مسلسل "ستة أقدام تحت الارض" انه "ليست هناك طريقة للوصول الى قطاع معين من جمهور الافلام دون انتاج رواية مثيرة".

وقال جيف رينفرو مخرج "واجب وطني" انه كان مصمما على ألا يقول للناس ما يتعين عليهم التفكير فيه. وقال "اذا خرجنا على المألوف وانتجنا فيلما سياسيا مثقلا حقا وكئيبا فانني أخشى أن الناس لن تذهب لمشاهدته".

ومن الافلام الاخرى التي تشحذ الفكر في مرحلة ما بعد هجمات 11 سبتمبر فيلم "عمارة يعقوبيان" الذي يوصف بأنه أضخم انتاج في السينما المصرية الى الان.

وهو فيلم من نوع مختلف تماما تدور أحداثه حول سكان عمارة قديمة في قلب القاهرة منهم طه الذي لم يقبل في كلية الشرطة لان أباه يعمل حارس عقار ومن ثم ينضم لجماعة دينية متطرفة.

كما يتطرق الفيلم الذي بلغت تكلفة انتاجه 20 مليون جنيه (3.5 مليون دولار) لموضوعات تعد من المحظورات كالمثلية الجنسية والدعارة والتحرش الجنسي والفروق الطبقية في مصر المعاصرة.

وقال المخرج مروان حامد في نبذة عن الفيلم في برنامج المهرجان "انه عمل يناقش بجرأة وحيادية كل القضايا الموجودة في المجتمع التي يخشى كثير من الناس الاقتراب منها".(رويترز)

ميدل إيست أنلاين في 29 أبريل 2006

 

غليان جريمة اغتيال الحريري في فيلم <المدمّر> لكاتيا جرجوره

أفكار وشخصيات معلّقة في فراغ فني ودرامي

جرجوره نديم  

مساء الأربعاء الفائت، قدّمت المخرجة الكندية اللبنانية الأصل كاتيا جرجوره (31 عاماً) فيلمها الوثائقي الأخير <المدمّر: المعركة الأخيرة>، في صالة سينما <أمبير> في <مركز صوفيل> (الأشرفية)، بحضور شخصيات الفيلم وعدد من العاملين فيه، إلى جانب حشد من الضيوف المدعوين، علماً أن المخرجة نظّمت عرضاً صحافياً مساء الجمعة الفائت في صالة العروض السينمائية في <إسباس أس دي> (الجميزة).

يُذكر أن <المدمّر> هو الفيلم الرابع لكاتيا جرجوره بعد أن أنجزت، في الفترة الفاصلة بين العامين 2001 و2002 أول فيلمين لها وهما: <بين ضفّتين> و<أمراء الحرب وآلهة السلام>. وفي العام ,2004 أنجزت <الطريق إلى كربلاء>. علماً أنها حقّقت في العام الفائت فيلماً وثائقياً قصيراً بعنوان <ما بعد> (12 دقيقة).

تعاني الأفلام الوثائقية التي تنجزها كاتيا جرجوره مشكلة خطرة، تتمثّل في ازدواجية متناقضة بين المضمون والشكل: تختار مواضيع أو شخصيات قابلة للتحوّل إلى مواد درامية مهمّة، لكنها تعجز عن تحقيق أفلام وثائقية بالمعنى الإبداعي الحقيقي للكلمة، إذ تبقى هذه المواضيع والشخصيات معلّقة في الفراغ الفني والدرامي، على الرغم من أهميتها القصوى في إعادة صوغ المشهد الإنساني الذي تختزله في ذاتها. مثلٌ أول: تُعتبر مسألة العملاء والمقاومين في الجنوب اللبناني أثناء الاحتلال الإسرائيلي (وفي مرحلة التحرير) من أهمّ المسائل الإنسانية، بتشعّباتها الاجتماعية والسياسية والثقافية والحياتية والنفسية. لكن <بين ضفّتين> بدا مرتبكاً في علاقة الكاميرا بالشخصيات المختارة، وركيكاً في معالجته أحد الأسئلة المعلّقة في الفراغ اللبناني، في مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي. مثلٌ ثان: إن الاحتفال بذكرى عاشوراء مدخل درامي وإنساني لولوج عالم تتداخل فيه الطقوس الدينية بمحطّات تاريخية، والفعل الثقافي والاجتماعي والنفسي (أيضاً) بالتماهي الفردي والجماعي مع الحادثة المأسوية التي بلغت ذروتها في مقتل الحسين. لكن <الطريق إلى كربلاء> تاه في ادّعاءات بصرية وتصنّع فني طغى على موضوع مفتوح على الاحتمالات الثقافية المختلفة، وسقط في فخّ البهتان والتبسيط و<التسرّع> في تحقيق فيلم لم يبلغ المستوى الإبداعي المطلوب.

مرّة أخرى، يُعاني الفيلم الأخير لكاتيا جرجوره المأزق نفسه: اختيار شخصية قابلة لأن تعكس واقعاً وتفاصيل وحبكة درامية متكاملة تتناول جزءاً مهمّاً من الغليان الشعبي الناتج من حادثة اغتيال رفيق الحريري، في حين أن المعالجة لم تبلغ مستوى سينمائياً، إذ ظلّ <المدمّر: المعركة الأخيرة> تحقيقاً تلفزيونياً عاديّاً عن أحداث وأناس معروفين. لم يخرج الفيلمان السابقان على النمط التلفزيوني، ولم يتحرّرا من سطوة الريبورتاج البصري العادي. هنا أيضاً، كرّر <المدمّر> <الأخطاء> نفسها: تسرّع في تحقيق فيلم امتلك موضوعاً مهمّاً للغاية، بسبب ارتباطه بحركة مجتمع متكامل في لحظة تاريخية كادت تأخذه وشعبه إلى مرحلة التأسيس الفعلي لوطن آخر. التقط مشاهد لا أهمية درامية أو فنية لها، وأطال تصوير بعضها بدل تكثيف مغازيها الإنسانية والفنية والدرامية. عجز عن مواكبة المضامين التي تعتمل في طيات كلام تبوح به الشخصية الرئيسة (المدمّر ماهر)، أو في نظرته إلى ما يجري حوله، أو في سلوكه وحركاته وطريقة تعاطيه مع ذاته.

لا يُمكن التغاضي عن قدرة شخصية المدمّر على اختزال المشهد اللبناني في مرحلة ما بعد الرابع عشر من شباط ,2005 بتناقضات المجتمع وانقساماته وذكرياته وذاكرته وعلاقاته الداخلية والخارجية ولغته السياسية والاجتماعية وعزلاته وتشرذمات ناسه. ذلك أن المدمّر، الذي بات <جندياً> في صفوف الجنرال ميشال عون منذ أن بلغ الخامسة عشرة من عمره، احتلّ موقعاً متقدّماً في الاعتصام اللبناني في خيمة الحرية في ساحة الشهداء، باسم <التيار الوطني الحرّ>، في المرحلة الفاصلة بين اغتيال رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005 (هل هي مجرّد صدفة بحتة أن يُعرض الفيلم في اليوم نفسه للذكرى السنوية الأولى لخروج الجيش السوري من لبنان؟). كثيرون عرفوه: بعضهم اصطدم به، وبعض ثان شكّك في التزاماته (إلى حدّ اتهامه بالعمل لجهاز المخابرات التابع للجيش اللبناني)، وبعض ثالث امتعض من سلوكه و<بهوراته> (حرس شخصي، استخدام تقنيات رفيعة المستوى في الهواتف الخلوية، الملابس التي يرتديها، نظّارات الشمس التي يضعها على عينيه، إلخ.)، وبعض رابع اعتبره بطلاً حقيقياً، بسبب مواقفه ولهجته الخطابية وقدرته على التأثير في المحيطين به، وسعيه الدائم إلى إزالة التوترات التي تنشأ بين الشباب المنتمين إلى تيارات وأحزاب وقوى مختلفة، باتت كلّها اليوم في <خندق واحد> (!).

لم يكن المدمّر وحيداً في المشهد. هناك الفريق المسيحي الآخر الذي شكّل جزءاً أساسياً في معركة تحرير لبنان من الاحتلال السوري، أي القوات اللبنانية. فكاميرا كاتيا جرجوره حاولت أن توازن بين الفريقين، وأن تروي فصولاً من علاقاتهما المتوترة، وأن تصنع من ساحة الحرية محطة لقراءة التناقض الحاصل بينهما، وأن تضع القواتيين في مواجهة العونيين، كما لو أنها تفضح سلوكهم جميعاً، وهو سلوك متناقض، أو بالأحرى مختلف في آلية التعاطي مع اليوميّ والسياسي والحياتي. فهل حافظ الفيلم على الحيوية المتنوّعة للشخصية الرئيسة، أم ضاع في متاهة التناقضات التي لم تستطع كاتيا جرجوره أن تعيد صوغها في فيلم سينمائي متكامل؟ هل أرادت المخرجة، منذ البداية، أن تقيم هذه المقارنة بين الفريقين المسيحيين، بصورة أساسية، أم إنها لحقت بالمدمّر منذ أن التقته، وهو الذي قادها (غصباً عنها، وليس بالمعنى الجمالي والإبداعي للعلاقة القائمة بين المخرج الوثائقي تحديداً والشخصية المختارة) في تعرّجات الساحة (بعض الجغرافيا اللبنانية) والمرحلة (تاريخ الانتفاضة الجديدة والوقائع اليومية)؟

لا شكّ في أن المدمّر بدا أقوى من المخرجة، لغة وخطابة وتصرّفات وثقة بالنفس وحضوراً وقدرة على الهزء والسخرية واحتقار الآخر. بدا <أجمل> من الفيلم، لأنه عرف كيف يتغلّب على صانعته منذ اللحظة الأولى، وكيف يأسرها في حبائله، وكيف يضعها في خانة محدّدة ليتسلّط عليها. ربما لهذا السبب، قرّرت كاتيا جرجوره أن تجعل مدّة الفيلم تسعين دقيقة، ظنّاً منها أنها، بهذا، تخفي بعض عجزها عن مواكبة سلوك شخصية مؤثرة وقوية وفاعلة، مثل المدمّر، اختزلت بذاتها آتون الحرب الملتبسة، وفراغ السلم الأهلي الهشّ والمنقوص.

السفير اللبنانية في 29 أبريل 2006

نواف الجناحي.. العمل في السينما متعة ومغامرة لذيذة

الرباط: أمينة بركات | المغربية  

نواف الجناحي اسم من بين الشباب الذي أخذ على عاتقه مسؤولية بناء أسس سينما محلية في الإمارات، يعمل كممثل ومخرج سينمائي متيم بالتصوير الفوتوغرافي، درس أبجديات السينما في الولايات المتحدة الأميركية.

واجتهد شخصيا في البحث عن الجديد في هذا الفن، مضيفا له من اهتمامه بفن التصوير الفوتوغرافي، رصيده الفيلمي تلاثة أشرطة قصيرة: "أرواح"، "على الطريق"، "هاجس" شاركت في العديد من المهرجانات وحظيت بتقدير النقاد وإعجاب المشاهدين. كان لنا لقاء مع هذا السينمائي المتميز وقفنا معه في مجموعة من المحطات:

·         الفنان نواف الجناحي مخرج وممثل إماراتي، أي من هذه المحطات تسحرك أكثر؟

ـ لكل منهما متعته الخاصة، وكلاهما ساحر له عالمه الخاص، ورغم اندماجهما وتكاملهما فإن الاختلاف بينهما يبقيني دائما في حيرة الاختيار عندما أسأل عن أيهما أقرب إليّ.

·     ألا تعتقد بأن العمل في مجال مازال غير قائم بذاته وغير محصن يعتبر مغامرة وتحيط به العديد من الإشكاليات التي يعاني منها المخرج والممثل بصفة عامة في الدول التي ليست بها صناعة سينمائية؟

ـ دون شك، ولكن هذه المغامرة مطلوبة ولذيذة، إن العمل على فيلم متعة في كل أشكاله، وهو يواجه الصعوبات والاشكاليات في كل ظروفه، سواء هنا أو حتى في تلك البلدان التي بها السينما محصنة وقائمة بذاتها.

المبدأ الوحيد هو أنه إن انتظرنا انتهاء الاشكاليات فلن ننتج شيئا، لسنا البلد الوحيد في العالم الذي يعاني من الاشكاليات والصعوبات في هذا المجال، ومن سبقنا تحرك وأنتج وحقق أفلاما جيدة، هذه الأفلام وصلت لنا ولغيرنا، وهذا دليل على أن الفيلم الجيد سيصل إلى كل مكان.

·     هناك انتعاش ملحوظ على مستوى الإنتاج التلفزيوني وبوادر إيجابية بالنسبة للإنتاج السينمائي فهل العرض بالنسبة لك كممثل يرقى إلى طموحاتك؟

ـ بشكل عام، الانتعاش الإنتاجي لا يعني بالضرورة الارتقاء بمستوى الصورة والحكاية المقدمة للعمل نفسه، خاصة في السنوات الأخيرة، قليل من الأعمال ـ سواء التلفزيونية أو السينمائية ـ يتم صنعها بشكل جيد فعلا، شكلا ومضمونا، وهذه هي النوعية التي تغريني.

·         هل هناك أدوار معينة تحب تشخيصها أم تضع نفسك في خانة الممثل الشامل الذي عليه أن يتقمص كل الأدوار مهما كان نوعها؟

ـ باعتقادي كل ممثل يجب بشكل ما أن يكون شاملا، فلا أرى كيف يكون الممثل ممثلا حقا وهو لا يعرف كيف يشخص دورا ما أو محصور في نطاق شخصيات معينة دائما. خصوصا وأن لكل ممثل أدوار يرغب في تشخيصها بلا شك، ولكن لا أعتقد أنه من الصواب أن يحصر نفسه بها فقط، إلا أن على الممثل أن يدرك أنه قد يرغب في أداء دور معين ولكن ربما هذا الدور لا يناسبه، ربما لا يناسب هيئته الخارجية، ربما لا يناسب عمره، ربما لا يناسب صوته، أو العكس، قد لا يرغب في أداء شخصية معينة، ولكنها فرصته للخروج عن التقليدية.

عوامل كثيرة يمكن أن تحدد هذه المسألة، إنها عملية معقدة ولكن يظل التحدي في تقديم المغاير بشكل جيد، الجميل في التمثيل هو ذلك التعدد اللامحدود لكم الأدوار والشخصيات التي يمكن أن يؤديها كل ممثل أو ممثلة، وهنا تبقى رؤية المخرج، المخرجة والقدرة على إدارة الممثل هي الحكم النهائي.

·         ما هو السبب الرئيسي لاختيارك الإخراج؟ وما هي أهم المشاكل التي تعترض مشاريع انجازاتك؟

ـ لقد عشقت التمثيل أولا في سن صغيرة جدا، ولكن ومع وصولي إلى المرحلة الإعدادية تقريبا تيقنت أن هذا المجال هو ما أريد أن أنتهج في حياتي، وهنا فكرت بأن دراسة الإخراج ستفتح آفاقا أوسع.

هناك مشاريع كثيرة، هناك أفكار كثيرة، بل هناك سيناريوهات جاهزة، أفلام طويلة وقصيرة، ولكن السينما لا تنتج مجانا، السينما مكلفة، وتحتاج إلى تمويل، أحاول وأصدقائي السينمائيون أن نتغلب على هذه الإشكالية ولكن يبقى ذلك في حدود إمكانياتنا المتواضعة جدا.

هناك أفكار وسيناريوهات نستطيع تحمل تكاليفها الإنتاجية، ولكن تلك التي تفوق طاقتنا وحدود إمكانياتنا يجب أن تنتظر الوقت المناسب، وإلا فإن التسرع في إنتاجها قد يقتلها تماما.

يعتبر مهرجان "أفلام من الإمارات" الذي أقيم أخيرا، مبادرة مهمة ونقطة انطلاق للعديد من المبدعين السينمائيين، وقيل عنه إنه أيضا بوابة السينمائيين الخليجيين إلى العالمية، فهل هذا هو الطموح الرئيسي أو المرحلة الأولى لتحقيق الذات على المستوى المحلي؟

ـ مهرجان "أفلام من الإمارات" ربما يكون اليوم أهم مهرجان مختص بالسينما في منطقة الخليج، ويعتبر من أكثر المهرجانات تميزا في الوطن العربي، لقد خلق له وللسينما الإماراتية بلا أدنى شك وجودا حاضرا بشكل ايجابي في فترة قصيرة نسبيا مقارنة مع دول أخرى.

الآن، هل ينطلق هذا بالسينمائيين الخليجيين نحو العالمية؟ أعتقد أن الأفلام نفسها هي التي يمكن أن تجيب عن هذا السؤال على السينمائي برأيي أن يهتم بصنع الفيلم الجيد فقط.

مسألة المهرجانات لا ينبغي أن تكون هي الطموح الرئيسي في ذهن المبدع، المهرجان مجرد بوابة للعرض، مجرد بوابة للوجود، ولكنها ليست بوابة ـ بحد ذاتها ـ للتميز، فالفيلم يتحدث عن نفسه، إن صنع فيلم جيد يتطلب الكثير وهو ليس بالأمر الهين، وعرض فيلم في مهرجان لا يعني دوما أن الفيلم نفسه جيد دائما.

·     يعتبر النقد السينمائي من أهم العوامل التي تساهم في الدفع بالسينما إلى توظيف آلياتها وقوتها لخدمة النفع العام ما هو رأيك؟ وهل هناك حركة نقدية موازية لما تعرفه منطقة الخليج من انتعاش هذا الحقل؟

ـ بالتأكيد، النقد أمر مهم جدا، وباعتقادي يجب على المبدع عموما أن يمارس النقد الذاتي أولا وقبل أي شيء آخر، حتى يخرج عمله بأفضل شكل ممكن.

ولكن للأسف قليلون هم من درسوا النقد أو من يدركون أهميته، وهذا ينعكس سلبا بكل تأكيد على عدة جوانب، الحركة النقدية في الإمارات بشكل عام ضعيفة جدا للأسف، ربما بسبب قلة العاملين في هذا المجال الذي لم يبدأ وينتعش سوى من فترة قصيرة، ولكن الأمر في تطور مستمر، وهذا هو الرهان الرئيسي.

·     إلى أي مدى يشكل العامل الديني والاجتماعي في منطقة الخليج عائقا لتنمية الفن السابع لو أخذنا بعين الاعتبار نموذج السعودية وموقفها من السينما؟

ـ في رأيي، الأمر يعود إلى المبدع نفسه، وكمثال على النموذج المذكور، فقد عرض مهرجان "أفلام من الإمارات" في دورته الماضية 10 أفلام سعودية، صنعها شباب سعوديون، ومن إنتاج سعوديين، هذه الأفلام صنعت خلال السنة الماضية فقط، وهذا يؤكد أنه مهما كان المجتمع قاسيا فإن السينمائي يظل صاحب القرار في صنع الفيلم.

·     في أفلامك الثلاثة "أرواح"، "على الطريق"، "هاجس" قمت بكتابة السيناريو والإنتاج والإخراج وهي مهام لها قواعدها وتتطلب مجهودا كبيرا يتوزع المبدع بينها، وقد تأتي مهمة على حساب الأخرى، فهل تستطيع أن تباشر هذه المهام بدون مشاكل؟

ـ بالتأكيد مسألة التخصص أو التفرغ لعمل معين أفضل من تشتيت الذهن في أكثر من مهمة، إن تحمّل فرد واحد لأكثر من مهمة قد يكون سهلا نسبيا في فيلم قصير بسيط جدا، ولكن عندما تطول المدة وتزداد متطلبات الفيلم نفسه، فهذا سينعكس سلبا على المبدع من ناحية وعلى العمل نفسه من ناحية أخرى، ليست هناك أمنية أفضل من أن أتفرغ تماما لمهمة الإخراج، أما اليوم و بعد تكثل السينمائيين فقد أصبحت تعتمد بشكل كبير على التخصص، وأصبح هناك فريق عمل جيد يقف خلف كل فيلم.

شاركت في مهرجان أصيلة في يوليوز 2004، واغتنمت الفرصة لالتقاط بعض الصور، فماذا أثارك في مدينة صغيرة تكاد تكون مهمشة لولا المهرجانات الصيفية التي تخرجها من سكونها المهيب الذي يعاني منه سكانها بقية السنة؟ وهل أوحت لك هذه الزيارة بشيء ما يلهمك في إبداعاتك؟

ـ لقد وجدت في أصيلة روحا أصيلة فعلا، لقد جذبتني بساطتها، بعيدا عن جو المدن الحديثة الصاخب، ولنلاحظ أن نظرة العين الجديدة مختلفة دائما، فسكان أي مكان مهما كان تميزه قد اعتادوا عليه، وأصبح الأمر بالنسبة إليهم تحصيل حاصل، بيد أن الزائر الجديد قد يكون في حالة بحث عن شيء لم يره سابقا، أو ربما يفتقده.

إن السفر بالنسبة لي ملهم دوما، فوجود المرء في بيئة مختلفة ومواجهته لوجوه جديدة وقيامه بأمور ربما لم يقم بها سابقا، هذا كله يشكل تجربة حياتية رائعة، يكفي ذلك المخزون البصري والمعرفي الذي يلتهمه المرء مع كل يوم جديد أثناء السفر، وهذا بالتأكيد يحرك مكامن الخيال ويستفز الطاقة الإبداعية لقد عدت من هناك بعدة أفكار رائعة بالفعل.

الصحراء المغربية في 27 أبريل 2006

 

سينماتك

 

الفائز بجائزة أفضل فيلم فى الأوسكار

اصطدام - فيلم بسيط يفضح عنصرية أمريكا

منى الغازي

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك