تتويجا لرحلة طويلة مع الفن حصلت الفنانة الكبيرة سميرة أحمد أخيرا علي درع تكريم من مهرجان البحرين، ورغم أنه ليس التكريم الأول لها إلا أنها سعيدة جدا به.. في البداية سألناها عما يعنيه لها هذا التكريم وسر سعادتها به فقال: بالتأكيد سعادتي بهذا التكريم لا توصف، فرغم أنه ليس التكريم الأول لي ولكن تكريم الفنان خارج بلده يجعله يشعر أن الجميع يقدر عطاءه.

دعوة فرح

·         وهل تم الاتفاق معك علي القيام بعمل درامي من إنتاج دولة البحرين؟

-في الحقيقة تم عرض الفكرة علي وأنا رحبت بها ولكن لم يتم الاتفاق علي شيء محدد.

·         اعتادت الفنانة سميرة أحمد أن تطل علينا بعمل درامي متميز خلال شهر رمضان فماذا عن عملك في شهر رمضان القادم؟

-أنا بالفعل أقوم بالتحضير لعمل درامي جديد سيتم عرضه في رمضان القادم إن شاء الله وهو مسلسل دعوة فرح قصة وسيناريو وحوار أحمد عبد الفتاح وإخراج أحمد عبد الحميد ويشاركني في العمل مجموعة من النجوم منهم عزت العلايلي وتوفيق عبد الحميد وبسمة وريهام عبد الغفور وأحمد راتب ونادية رشاد وهذا يعتبر أول تعاون بيني وبين شباب في التأليف والإخراج.

·         اعتادت أعمالك أن تنتقد سلبيات في الواقع فهل هذا سيكون محور عملك القادم؟

-أنا لا أحب أن أحرق قصة المسلسل الآن ولكني دائما أفضل أن أطل علي الجمهور بعمل متميز وأعتقد أن هذا المسلسل سيكون في مستوي الأعمال التي قدمتها في السنوات السابقة.

·         في مسلسل أحلام في البوابة قمت بالتعاون مع المخرج السوري هيثم حقي كيف جاء هذا التعاون؟

-جاء التعاون نتيجة الأعمال التي رأيتها، ووجدت أنه مخرج متميز، كما إنه قدم عملا متشابها في الإطار الفني وهو مسلسل خان الحرير فأعجبت بهذا المسلسل جدا ولذلك قررت أن نتعاون معا في مسلسل أحلام في البوابة.

·         وهل وجدت اختلافا بين التعاون مع مخرج سوري وآخر مصري؟

-لا يوجد اختلاف فكل مخرج له رؤيته الخاصة، ولكني رأيت أنه لا يوجد مانع في أن يكون هناك تعاون بين الدراما السورية والمصرية، خاصة أن التعاون بين مصر وسوريا موجود منذ زمن طويل، وهناك كثير من الممثلين الشوام لهم أدوار متميزة في أعمالنا المصرية.

·         هل يعني تعاملك مع مخرج سوري تميز الدراما السورية علي الدرما المصرية؟

-الدراما السورية تميزت في الأعمال التاريخية من خلال النصوص الجيدة والإبداع والإخراج والأداء والديكور والإضاءة ولكن لا تزال الدراما المصرية رائدة في الأعمال الاجتماعية.

·         ما رأيك في الأعمال الدرامية التي يتم تجهيزها قبل فترة وجيزة من بداية شهر رمضان؟

-أنا لا أفضل مثل هذه الأعمال لأنها لا تأخذ حقها من التصوير ويضطر المخرج للاستعجال في تصوير المشاهد والمونتاج وهذه السرعة تؤثر علي مصداقية العمل الفني، ولذلك قررت أنا وفريق عمل مسلسل دعوة فرح أن نستعد مبكرا للتحضير للمسلسل حتي ننتهي من تصويره قبل بداية الشهر الكريم بفترة كافية.

تحمس الشباب

·         دائمانجد فريق عمل متميزا يشارك الفنانة سميرة أحمد في أعمالها فما مدي اختيارك لشخصيات العمل؟

-أنا عادة أقوم بترشيح الشخصيات لأني أقرأ السيناريو قبل أن يتم تحديد مخرج له وهذه الاقتراحات ليست فرضا علي المخرج، بل نتناقش إلي أن نتوصل للممثل الذي يجيد أداء الدور وعموما عندما تكون الشخصية مرسومة بدقة تنادي صاحبها.

·         وماذا عن الوجوه الجديدة في أعمالك الدرامية؟

-أنا متحمسة جدا للتعامل مع المواهب الشابة لأن دورنا مساعدتهم وتشجيعهم علي تقديم أعمال جيدة لأنهم نجوم المستقبل.

·         امرأة من زمن الحب وأميرة في عابدين وأحلام في البوابة كلها أعمال من تأليف المبدع أسامة أنور عكاشة فما سر تعاملك معه؟

-أسامة أنور عكاشة كاتب مبدع كتاباته كلها تعالج قضايا مهمة في المجتمع وأنا أبحث عن هذه النوعية من الأعمال، ولذلك لا أستطيع أن أرفض عملا من تأليف أسامة أنور عكاشة كما أن أعماله ينتظرها جمهور عريض ليس في مصر فحسب ولكن في الوطن العربي بأكمله، والدور الذي يعرضه علي يكون متوافقا مع شخصيتي.

·         ما رأيك في المقولة التي تؤكد أن الأعمال الدرامية يشوبها المط والتطويل؟

-هذا بالفعل عيب موجود في معظم أعمالنا الدرامية وأعتقد أن المسئول عن هذا العيب المنتج المنفذ الذي يبحث عن كم الساعات الإنتاجية، وأيضا المخرج يساعده علي ذلك، لأن المخرج هو المسئول عن تحديد كل مشهد في العمل.

·         لماذا تفضل الفنانة سميرة أحمد الوجود خلال شهر رمضان؟

-بالطبع الأعمال الدرامية تنال أعلي نسبة مشاهدة في هذا الشهر عن أي وقت آخر، وأنا أقدم عملا واحدا كل عام ولذلك أفضل أن أدخل البيوت المصرية بشيء محترم في هذا الشهر.

المط مرفوض

·         ما رأيك في ظاهرة تحول معظم أعمالنا الدرامية إلي نظام ثلاثين حلقة؟

-هذا النظام جاء نتيجة لتسويق الأعمال الدرامية في شهر رمضان فمعظم البلدان العربية تفضل الأعمال التي تذاع علي مدار الشهر وعدد حلقاتها ثلاثين حلقة، وفي اعتقادي أن المسلسل إذا كان جيدا وعدد حلقاته ثلاثين فهذا لا يؤثر عليه المشكلة إذا كان الموضوع لا يحتمل الإطالة ونجد المؤلف يمط في الأحداث ليصل المسلسل إلي هذا العدد من الحلقات.

·         ما معايير الجودة التي تحكم بها الفنانة سميرة أحمد علي العمل الفني؟

-أهتم دائما بالحكم علي النص المكتوب فأنا أفضل النص الذي يطرح قضية مهمة تهم الناس وتحترم عقلية المشاهد، ثم أنظر بعد ذلك لباقي عناصر العمل، كالمخرج والأبطال ثم يأتي تقييمي بالدور الذي أقوم به، وأهتم بروح الأسرة في العمل فلابد أن يكون فريق العمل متعاونا حتي يظهر هذا علي الشاشة.

·         ومتي ترفض الفنانة سميرة أحمد عملا بشدة؟

-عندما لا يتوافق مع شخصيتي ولا يضيف جديدا لرصيدي الفني.

·         وماذا عن أهم أعمالك وأحبها إليك؟

-أنا قدمت في السينما العديد من الأعمال التي أعتز بها جدا منها الخرساء، والشيماء، وأغلي من عينيا، وقنديل أم هاشم، وأم العروسة.. هذه الأعمال كانت لها بصمة واضحة في حياتي أما في التليفزيون فأول عمل قدمته مع الفنان محمود ياسين ومجموعة من الأطفال هو غدا تتفتح الزهور وهو مسلسل جيد عالج مشكلة اجتماعية قريبة من كل بيت، ثم ابتعدت فترة عن التمثيل ولكني كنت موجودة في الساحة الفنية كمنتجة، وعندما وجدت مسلسل ضد التيار أعجبت به وعدت من خلاله للتليفزيون من جديد وتوالت أعمالي بعد ذلك قدمت امرأة من زمن الحب، وأميرة من عابدين وأحلام في البوابة.

التليفزيون أولا

·         الفنانة سميرة أحمد حققت نجومية في السينما والتليفزيون فماذا تعني كلمة نجم بالنسبة لك؟

-النجومية لا تأتي من فراغ بل من حب الجماهير وتقديرهم لأداء الفنان، ورغبتهم في متابعة أعماله وهذا ما حدث معي.

·         ما سر ابتعادك عن السينما؟

-أنا ابتعدت عن السينما كممثلة لكني أنتجت عدة أعمال وسر ابتعادي كممثلة هو عدم عثوري علي دور متميز أقدمه للجمهور، ولذلك كنت حزينة علي حال السينما، ولذلك وجدت أن التليفزيون هو الوسيلة الوحيدة التي أستطيع من خلالها الالتقاء بالجماهير.

·         هل تعتقد أن الفنان مسئول عن نجاح أو فشل العمل الفني؟

-أهم ما في العمل الدرامي النص فإذا كان النص مكتوبا بعناية ونفذه مخرج مبدع ودقيق في اختيار الشخصيات فيكون النجاح حليف هذا العمل.         

الأهالي المصرية في 19 أبريل 2006

 

كلام أبيض.. وآخر أسود

أشرف بيدس 

-أسدل الستار علي كليب تامر حسني وهيثم شاكر بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ بتهمة التزوير في أوراق رسمية، لكن الستار لم يسدل علي أحداث أخري لم يتم الكشف عنها لأشخاص آخرين، فمتي يتم الكشف؟

-نصيب الفرد المصري من القراءة نصف كتاب في العام، ولكن نصيبه من الفرجة علي التليفزيون كتاب في اليوم.

-بعض الفنانات يشترطن عند إجراء حوار لأي محطة تليفزيونية أن يتقاضين مقدما مبلغا وقدره 5 آلاف دولار أمريكي لا غير، يعني ساعة كلام بحوالي 30 ألف جنيه مصري فقط لا غير، يا بلاش.. فعلا الكلام من ذهب، مع أن الكلام في حالات كثيرة يذهب بصاحبه إلي أسفل السافلين.

-مازالت يسرا صاحبة أكبر أجر في تاريخ الدراما التليفزيونية والمنتشرة في المحطات الفضائية كالماء والهواء، لا شك أنها فنانة نشيطة، لكن هذه الكثافة التي تظهر بها، سوف تؤثر عليها في المستقبل القريب.

-بعد أفلامه السابقة الأجندة الحمراء والكافيير والتي لاقت فشلا ذريعا، مازال الإعلامي طارق علام صاحب البرنامج الشهير كلام من دهب يصر علي خوض العمل السينمائي مرة أخري، ورغم أنه مذيع نشط وذكي وتلقي برامجه قبولا لدي الجماهير، إلا أنه لا يملك أي قبول أو حضور سينمائي، فلماذا ينسف تاريخه الإعلامي بأفلام غير مقبولة؟

-علا غانم رغم أنها تعمل في خمسة أفلام حتة واحدة: صياد اليمام، عبده مواسم، ظاظا وبلية، نار الغضب، كامل الأوصاف، إلا أنها تصرح بأنها تجاوزت مرحلة الانتشار.. لا تعليق؟؟

-صرح الإعلامي الكبير أحمد فراج في برنامج طلة قمر الذي تقدمه الفنانة المعتزلة صابرين علي محطة الرسالة بأن بعض الأسئلة التي توجه لرجال الدين في كثير من البرامج، تدخل في إطار العيب وخدش الحياء، وتبعد كثيرا عن أمور الدين وخرجت عن النطاق المسموح به.

-البعض من الفنانين يستخدمون الحوار الصحفي إما لتصفية الحسابات مع خصومهم، أو للترويج لبعض الأخبار التي ليس لها أساس من الصحة، وفي كثير من الأحيان يحاولون تفادي بعض الأسئلة التي تتطلب إجابات حازمة وصريحة، ومع الإلحاح يضطرون في النهاية لتمييع الكلام، وعندما يكتشفون مع مرور الوقت خطأ ما ذهبوا إليه، يصرحون بأن الوقت لم يكن مناسبا للإفصاح عن كذا وكذا.. رغم أنهم أول من يلقي بشرارته للصحافة!

-لماذا يفشل الفنان عندما تنسب إليه أعمال إدارية؟

-سندريلا بالعربي، سندريلا بالإنجليزي، سندريلا بالفرنساوي، سندريلا بأي لغة، فالواقع يؤكد أن بوسي سمير لا تجيد الغناء، ومع أول تجربة سينمائية أثبتت أنها لا تجيد التمثيل، وهي أبعد ما تكون عن السندريلا أو زوجة أبو السندريلا.

-مازال مسلسل استغلال اسم عبد الحليم حافظ يتواصل علي محطة ام بي سي، ومازال التصويت مستمرا لاختيار شبيه يرضي المصوتين والهيئة المنظمة ووكالات الإعلانات فقط..

-في سرية تامة وبعيدا عن العيون يتم وضع اللمسات الأخيرة لألبوم روبي الجديد، هذا ليس الخبر، إنما الخبر هو .. هل روبي تغني فعلا؟

-مفيش غير كده اسم الفيلم الجديد الذي يعيد نبيلة عبيد إلي شاشة السينما، بعد آخر أفلامها قصاقيص العشاق الذي شهد تناحر وتشاجر البطل والبطلة والمخرج والمؤلف والجماهير ولم يستمر عرضه سوي أسبوعين فقط، ويقول بعض المتشائمين إنه الفرصة الأخيرة لنجمة مصر، وبعده مفيش وسائل أخري سوف تزيل التقاطع من قبل جماهير مصر.

- حول إعادة الأفلام القديمة، التي لاقت نجاحا عند عرضها، يتم الاستعداد الآن لجزء ثان من قصة حسن شاه أريد حلا والتي قدمتها في فيلم سينمائي العملاقة فاتن حمامة، ولكن هذه المرة من خلال عمل درامي تقوم ببطولته ندي بسيوني، فهل سوف يكون هناك فروق تمثيلية؟!

- مازال توافد الفنانات المعتزلات علي القنوات الدينية يتواصل بتقديم برامج لها.. حتي إن بعض القنوات الدينية تتنافس بشراسة عليهن، ويبدو أن الأمر مبالغ فيه لحد كبير، فهن مازلن يخطون أولي خطواتهن لعمل ليس لهن به أي دراية أو ثقافة، وهذا يجعل التهافت عليهن غير مبرر، إلا إذا كان الأمر مجرد الاستفادة من شهرتهن واللائي اكتسبنها من خلال العمل الفني، فأداء الكثيرات منهن كان فقيرا للغاية، ولم يشمل أي جديد سوي عرض أحدث وأغلي ثياب وإكسسوار للمحجبات.

- امتلأت صفحات المجلات في الأسبوع الماضي بأخبار حفل عيد ميلاد الطفل خالد سامي العدل، حتي إنها غطت علي كل الاحتفالات التي تمت بيوم اليتيم.

- يخوض المطرب حمادة هلال تجربته السينمائية الثانية بفيلم العيال هربت بعد فيلمه الأول عيال حبيبة وكما يبدو من أسماء الأفلام فهي موجهة لشريحة العيال فهل سيكون الفيلم الثاني والذي ينوي الاشتراك به في الموسم الصيفي كحال الأول، أما سيتعلم من أخطائه.

- قناة فنون الكويتية، والتي تبث برامجها التجريبية علي النايل سات، تعيد تقديم التراث الكوميدي في الوطن العربي،

- كثيرون يتساءلون هل المذيعة هالة سرحان تشاهد برامجها بعد تقديمها؟ وهل المقربون منها يشجعونها علي تجاوز كل الخطوط المسموح بها إعلاميا؟

- جميع المجلات الفنية دون استثناء نشرت حوارا مع عصام الحضري حارس مرمي المنتخب والنادي الأهلي ينفي فيه وجود أي علاقة تجمعه بالممثلة الشابة منة شلبي، ويؤكد علي حبه لزوجته وبناته، وأنه لا يعرفها، وكذلك الأمر بالنسبة لمنة، من أين تأتي الإشاعات وتتطور بهذه الصورة السريعة، وكيف يتم طبخها إذا كانت غير صحيحة؟

- هناك عداء شديد وتاريخي بين الراقصات، فهن ينتهزن أي فرصة للهجوم علي بعضهن البعض، والتشكيك في قدراتهن، وتنصيب أنفسهن علي عروش الرقص، وبأن كل واحدة منهن، كانت لها الريادة والتفوق والتطوير في الرقص الشرقي، ورغم أن الكثيرات منهن تخطين سن اللياقة بفعل الزمن، إلا أنهن لازلن يصررن علي الرقص، والشيء الوحيد اللائي اتفقن عليه، هو أن الراقصات الأجنبيات أفسدن هذا الفن.. والحقيقة أن ما يعيب الرقص في هذه الفترة ليس ما شهدته بدلاتهن من ندرة المساحات المغطاة، أو بسبب حركاتهن المثيرة أو شيوعه في كل الكليبات، وإنما أزمة الرقص الشرقي تكمن في تصريحات الراقصات التي تكون أشد سخونة وجرأة. ورغم ذلك لم يحسب للراقصات أي إضافات تمثيلية باستثناء تحية كاريوكا، فقد كن ومازلن يؤدن أدوارا هامشية، وتم حسبهن كراقصات بالسينما وليس ممثلات.. فلماذا هذه الضجة.  

الأهالي المصرية في 19 أبريل 2006

"أسبوع السينما الايطالية" يعيد الاعتبار الى باولو فيرتسي

الأفــــلام حــــزيــــنــة لكــــنــهــا تـمــازحــــنــا

هوفيك حبشيان 

ألا يحق لبيروت ان تحتضن مرة كل عام اسبوعاً للسينما الايطالية؟ فهذه السينما كان لها حضورها التاريخي العميق في صالات العاصمة قبل ان تلتهمها نيران الحرب. الجيل الذي سبقنا الى عشق الفن السابع عاش آخر سنوات العصر الذهبي للشاشة الايطالية وعباقرتها انطونيوني وفيلليني وبازوليني وفيسكونتي وروسيلليني. تجديد الموعد مع سينما ساهمت في صوغ ذائقتنا وتنمية فكرنا وتحسين رؤيتنا، هو أيضاً مناسبة لنكتشف كم ان السينما التي نعرفها ابتعدت، وتغيرت، بعدما عانت كثيراً وتلقّت ضربات ثقافية وكدمات سياسية لم تنهض منها بعد. الارجح انها لن تنهض لأن الظروف الاجتماعية التي نشأت من رحمها سينما الرواد لم تعد موجودة. في كل حال، مشكور المركز الثقافي الايطالي في بيروت الذي يلجأ منذ دورتين الى قلب طاولة النشاطات السينمائية في بلادنا، وإن على نحو متواضع، عبر تخصيص عروض لمجمل اعمال سينمائي واحد ووحيد، الامر الذي يندر حدوثه لأن المهرجانات عندنا تختار التنوع لجذب جمهور تتفاوت اهتماماته، في حين ان النشاط الذي يقام على شرف هذا المخرج او ذاك، هو، في رأيي، اسمى انواع التظاهرات السينمائية، لانها لا تبحث عن البهرجة الاعلامية انما الى التعريف والتثقيف، ولو جاءا احياناً على حساب بريقها وألقها وحضورها بين المهرجانات الواسعة الاقبال. فبعد بوبي أفاتي، في الدورة الماضية، أتى دور باولو فيرتسي الذي كنا نتمنى حضوره الى بيروت، لكننا سنكتفي بمشاهدة أفلامه الستة التي اخرجها بين 1994 و2003.

اختيار فيرتسي كان صائباً لأن هذا المخرج البالغ من العمر 42 عاماً يجسد "الوجه الآخر" للسينما الايطالية. وكان موفقاً طرح اسمه، لانه من المخرجين الذين قرأنا عنهم ولم يتسنّ لنا مشاهدة ايٍّ من افلامهم، خلافاً لآخرين ممن ذاع صيتهم (ناني موريتي، سيرجيو كاستيلليتو، ماركو بيلوكيو، روبيرتو بينيني) واستطاعوا بطريقة ما مدّ جسور مع المشاهدين. ولعل فيرتسي هو النموذج الذي يؤكد ان ثمة سينما موازية في بلاد دانتي، لكنها لا تحظى دوماً بفرص التسويق والانتشار، لشدة خصوصية الموضوعات التي تطرحها. وهذه حال معظم اعمال فيرتسي الذي اختار احياناً الطرافة اسلوباً في كشف خفايا المجتمع الايطالي.

فيلموغرافيا هذا المخرج اصبحت اذاً في متناول المشاهد اللبناني بدءاً من هذا المساء في صالة "أمبير - صوفيل" (الساعة الثامنة) على ان يمتد الى الثلثاء المقبل في المكان نفسه، يومياً الساعة السابعة مساء، وسيُعرض خلاله: "كاترينا تذهب الى المدينة" (فيلم الافتتاح)، "الحياة الحلوة" (الجمعة)، "حفل آب" (السبت)، "أوفوسودو" (الاحد)، "قبلة وعناق" (الاثنين)، و"اسمي تونينو" (الثلثاء). في مساره السينمائي غير الطويل، كان فيرتسي مخلصاً لمعاونيه وفي طليعتهم السيناريست فرنشيسكو بروني الذي تعاون واياه في تأليف افلامه الستة. منذ اول اعماله، ارتكز اهتمام المخرج على مسألة تهميش الفرد في نظام يسحقه ولا يترك له حتى متنفساً صغيراً. في شريط انطلاقته مثلاً، "الحياة الحلوة" (1994)، صوّر تداعيات اعادة هيكلة الاسس الاقتصادية على سكان قرية صغيرة في ايطاليا، ومدى تأثيرها في قيم الناس ومجرى حياتها. في حين ولد "حفل آب" (1996) من الحاجة الملحة الى ابراز التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي طرأ في ايطاليا خلال السنين العشر الاخيرة التي سبقت انجاز الفيلم. بعد عام ونيف، حاز فيرتسي جائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان البندقية السينمائي عن فيلمه "اوفوسودو" الذي أنجزه متسلحاً بالخفة والرغبة في ترفيه المشاهد. وجاء العمل خليطاً سينمائياً ممتعاً من قصص الاساطير وفن الميوزيكال. عن هذا الشريط الساحر، قال فيرتسي رداً على سؤال احد الصحافيين: "انه مثيل لروايات عيد الميلاد. هو نوع ادبي في ذاته، ويعيد الى بالي روايات ديكنز الشعبية. روايات تبعث على التقوى وحافلة بالطرافة والشعر".

في احد المواقع على شبكة الانترنت، صرح فيرتسي انه يحلو له التفكير في أن السينما وسيلة لمنح قيمة أو معنى شغوف، دراماتيكي وهزلي في الحين نفسه، لأمور الحياة العادية، والتي تدور بمعزل عن ارادتنا وقدرتنا على التحكم بها. كذلك يروي في اطلالاته الصحافية كافة أنه ميال الى كشف النقاب عن الوجه الكوميدي لهذه الشخصية او تلك، لكن هذا لا يمنعه من ان يسعى الى الكشف عن مصائبها المستترة ووجعها الدفين، معترفاً بأنه لا يطلب الى الممثل ان يؤدي دوره بأسلوب مسرحي، لكن يتمنى عليه ان يترك لنفسه مجالاً لأن يفاجأ. هذا النمط في التعاطي مع محيطه السينمائي، يجعل من فيرتسي سينمائياً كلاسيكيا بامتياز، لأن خطاه تتعقب التقليد السينمائي الايطالي، منذ الواقعية الجديدة التي ألفت وضع مدارس من الممثلين في مشهد واحد. في نظر المخرج، لا شيء أكثر متعة من إنجاز أفلام في بلاد تملك تراثاً سينمائياً بالغ الاهمية، اذ ان اسماء دو سيكا او روسيلليني لا تزال الى اليوم محفورة في ذهن هذا الفنان الذي صوّر أخيراً فيلماً اسمه "ن - نابوليون" مع دانيال اوتوي ومونيكا بيللوتشي، يجمع بين الصنف التاريخي والعاطفي والسيرة. تجري حوادثه في جزيرة ألبي عام 1814 ويروي تجربة استاذ شاب على علاقة غرامية بكونتيسة، يدافع بشراسة عن افكار نابوليون قبل ان يعيَّن ذات يوم مسؤولاً عن مكتبة الامبرطور الشهير.

يحلو لفيرتسي ان يروي قصصاً حزينة بنبرة شخص يمازح. بعد قراءة موضوعية لاعماله، يتبدى جلياً انه شق طريقاً محفوفة بالمجازفات، لكنه نجح حيث اخفق الآخرون، وخصوصاً في تقديم صورة سوية عن المجتمع الايطالي، صورة بعيدة وقريبة في الحين نفسه عن تلك التي رسمتها السينما الايطالية عبر تاريخها العريق. في مطلع العام 2000 حزم فيرتسي امتعته ليجرب حظه في القارة الاميركية، حيث صوّر "أسمي تونينو" (عُرض في مهرجان البندقية خارج المسابقة). ورغم رحابة صدر الصحافة، التي كثيراً ما تميل الى أفلام تنال قدراً مشؤوماً، لم تكن النتيجة مرضية، حتى بالنسبة الى صاحب العمل، اذ كان ضحية مشكلات انتاجية في غاية الصعوبة. "بدأت المشروع كمن يتولى قيادة باخرة. كان من حولي عدد لا يصدّق من المعاونين. كل تنقلاتي كان يتابعها احدهم ويكتب عنها تقارير لجهة مجهولة. بعد بضعة اسابيع من العمل، شح المال الآتي من ايطاليا. وذات يوم انقطع كلياً. عندها، توقف التصوير، ثم رحنا نستعيده خطوة خطوة. المشاهد الاخيرة من الفيلم انجزت بفريق مؤلف من ثلاثة اشخاص: أنا، مدير التصوير والممثل الرئيسي. ما بدأناه كإنتاج باهظ التكلفة انتهى مثل فيلم "اماتور".

مع "كاترينا تذهب الى المدينة"، عام 2003،  يأتي الاعتراف ولو متأخراً وعلى نطاق ضيق. في هذا الشريط الذي صوّره على مدى 11 اسبوعاً، انطلق فيرتسي من حجة بسيطة زادت تعقيداً كلما اقترب الفيلم الى نهايته. والحجة: انتقال عائلة لاكوفوني الى روما، وتشجيع الاب ابنته كاترينا، البالغة من العمر 13 عاماً، لنسج علاقات مع رفيقاتها في الصف واللواتي يتحدرن من عائلات ميسورة ونافذة.

وعليه، فان نشاطاً سينمائياً من هذا الطراز، والاقرب الى الطاولة المستديرة حول كوكب مخرج جدير، مسعاه الاول ان يعرفنا الى ايطاليا ما، غابت عن أنظارنا منذ ثلاثة عقود على الاقل، ولم يعد ممكناً الاتصال بها الا عبر وسائل اعلام الحاكم المهزوم الذي يطلق عليه الايطالون اليوم تسمية الديكتاتور الجديد (برلوسكوني ومحطته "راي")، في حين اصبحت كل الارقام وصلات الوصل الاخرى، او معظمها، معطلة، او تردّ عليك قائلة: "الرقم المطلوب غير متوافر حالياً، يرجى المحاولة لاحقاً".

النهار اللبنانية في 20 أبريل 2006

 

"النمر والثلج" لروبرتو بينيني اخراجاً وتمثيلاً

الحيـــــــــــــــاة حلـــــــــــــوة  فــي العــــــــــــــراق !

هافيك حبشيان 

العراق مسرحاً للحب؟ لا شيء مستحيلا قبالة كاميرا الصعلوك الايطالي القدير (نعم، قدير برغم انف بينوكيو). كيف ننسى انه تجرأ يوماً ان يحوّل الـ"هولوكوست" مادة للهتك والهزء والتأمل في الحين نفسه. هل يتنشق بينيني الهواء الذي نتنشقه؟ ألا يملك بالاحرى امعاء بلاستيكية او مصارين مصنوعة من الفولاذ؟ هل هو فعلاً موجود ام ليس سوى انعكاس لصورة افتراضية؟ فالرجل لا يهدأ على مدار ساعتين من الذهاب والاياب في الصحراء العراقية. نتعب عنه وهو يبقى صامداً في وجه التحديات الجسمانية التي يضعها امامه.

فكرة شبه عظيمة طرقت بال بينيني مع "النمر والثلج": اتاحة المجال لاول اطلالة سينمائية بعد سقوط نظام صدام لمدينة بغداد المحتلة والمدمرة واليائسة حيث النشالون والمحتالون، لكن ايضاً الشعراء والاطباء الطيبون. ليست مدينة بغداد هنا محض ديكور كرتوني ترميه شركة الانتاج في النفايات بعد أن يكون خدم عسكريته. انها نجمة الفيلم في ثلثيه. على غرار ما كانه معسكر الاعتقال النازي في "الحياة حلوة" الذي "يسرق" منه بينيني فكرة الاستخدام المضاد للكوميديا وتخدير العاطفة، ليأتينا بنسخة من "الحياة حلوة"، لكن في العراق.  

يلعب الحب دوراً مصيرياً في افلام بينيني، اذ يحجب نظره ويمنعه من رؤية الأخطار، كما في مشهد حقل الالغام. الواضح، هنا، ان لا شيء سوى الحب كان قادراً على ارسال أكبر ممثل كوميدي في اوروبا الى جحيم الحرب والدمار. عشق لم نعد نلتقي مثله الا في افلام الايطالي المخبول والحالم. هذه ايضاً المرة الثانية يبعث فيها رسالة غرام الى زوجته نيكوليتا براسكي. رسالة نقرأها لا بل نتمعن في قراءتها. لا شيء عند بينيني يتحقق بلا نزوع بهلواني. لا شيء امتع في هذا الموسم السينمائي الذي يتميز بتكاثر الموضوعات السقيمة، من ان ترى بينيني يرتدي برنس الطبيب او يخاطب الجمل او يصل الى حاجز للقوات الاميركية مدججاً بالادوية فيحسبونه انتحارياً. لا شي يؤانس المشاعر أكثر من رؤية بينيني بين عرب لا يفهم عليهم وهم لا يستوعبون كلمة مما يقوله. وأيضاً، لا شيء يخاطب الوجدان أكثر من ان نكون شهود عيان على ان الحب ليس كلمات معسولة فحسب، انما فعل وممارسة يومية وتحدّ. ومن يقول هذا؟ شاعر من شعراء الكوميديا، مهرج، ساعي بريد لا يعرف العناوين.

من جديد يخرج بينيني من بيئته الايطالية. ان يصبح غريباً في مكان مجهول ولا يعلم ماذا يفعل... هذا فيلم في ذاته. صحيح ان الصدام الثقافي ليس دخيلاً على الكوميديا، لكن لا نعرف ممثلاً حياً آخر يتحرك بهذه السهولة في الكادر ولا يبالي اذا كان مشروعه قابلاً للتصديق ام لا. مرة أخرى، يحفل فيلم من توقيعه بتلك الشرارة التي قلما نجدها في الكوميديات، رغم الثغر الكثيرة إن على مستوى القصة او السيناريو او بعض التطويلات او حتى الرضوخ السريع لمنطق الاستسهال. هناك كذلك بعض التكرار والثرثرة، لكنهما اساسيان في كل كوميديا ايطالية تستحق ان تحمل هذا اللقب.

عورات "النمر والثلج" لا تختلف كثيراً عن شوائب "الحياة حلوة". فالفيلمان يتأخران كثيراً في الدخول الى صلب الموضوع، ويعبران اليه عبر طرق ملتوية. يبرع بينيني على ارض الفانتازيا والاحلام أكثر مما يبرع في امكنة اخرى. لكنه يجيد استخدام تقنيات الانزلاق التدريجي من الدعابة الى ما هو أكثر مأسوية. وهذه تقنية ايطالية بامتياز. ولا يتوانى عن تبني الايحاء والرمزية في لغته السينمائية، ليصبح ما هو غير مرئي أكثر صدقية مما يتجلى بوضوح على الشاشة، داعماً الفيلم ببعض المزاعم الفلسفية والقصائد التي تمجد الحب. وكذلك ببعض الخواطر من مثل: "خلق العالم من دون الانسان وسينتهي من دونه". اما استخدامه الاختزال الزمني، فليس له مثيل، وهذا ما يؤكده المشهد حيث نرى على شاشة التلفزيون بينيني في البصرة، فيما كان قبل دقائق معدودة، في المطار، محاولاً بلا جدوى شراء بطاقة سفر الى العراق...

مع ذلك، لا يدّعي الفيلم معالجة قضية الحرب العراقية ولا يتأخر مطولاً عند تداعياتها. بمشهد انتحار خاطف ومؤثر، يقول أكثر من مئة صفحة سيناريو. وفي غمرة هذه التحديات يتفادى التبسيط والنظرة السياحية. في الواقع، ما يمنح بينيني صدقيته هو حقيقة انه لا يأخذ نفسه على محمل الجد. واذا كان لا يهتم بكل ما يدور حوله من مآس، غير مدرك خطورة القذائف التي تمر فوق رأسه، ذلك لانه ليس أكثر من شاعر زنديق ضل طريقه، فأصبح حيث يجب ألاّ يكون: في مكان لا يستطيع الشعراء انقاذ انفسهم، فكيف ينقذون العالم؟   

(¶) يُعرض بدءاً من اليوم في سلسلة صالات "بلانيت".

النهار اللبنانية في 20 أبريل 2006

 

سينماتك

 

سميرة أحمد ل الأهالى

لا فرق في الكفاءة بين المخرج السوري والمصري

نجوي إبراهيم

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك