غالبا ما تعرف المشاهدون العاديون في مصر على مصطلح السينما المستقلة في أجواء سلبية وذلك عبر ما تثيره مواضيع هذه الأفلام من جدل ونقاش وربما معارضة، فهي تحاول أن تكون جريئة وكاسرة لبعض التابوهات والمحرمات "الدينية والاجتماعية والجنسية" وإن بقيت السياسية بعيدة عن المشهد السينمائي، أو تتقدم مصحوبة بالحياء والخجل.

فمثلا اتهم فيلم "الأسانسير" بأنه يهين الحجاب عبر تقديمه فتاة تحتجز في أسانسير ثم تنخرط في محادثة عاطفية ساخنة ثم ما تلبث أن تخلع حجابها، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل تم تصعيد الموقف عبر اتهام الفيلم -بما ليس فيه أصلا- بأن علاقة جنسية تتم داخل الأسانسير.

أزمة مماثلة حدثت مع فيلم "الجنيه الخامس" الذي وجد المشاهدون في قصته نوعا من الابتذال، حيث تدور القصة حول شاب وشابة محجبة -أيضا- يركبون الأتوبيس المكيف ويتركون الجنيه الباقي من الجنيهات الخمس -حيث إن قيمة التذكرة جنيهان- للسائق حتى يتغاضى عن ممارساتهما العاطفية الساخنة داخل الأتوبيس.

وأيا كان الموقف من العملين السابقين فإنهما لا يلخصان حال السينما المستقلة وبالتالي لا يمكن تعميمهما على تلك السينما في ضوء تعدد الاتجاهات الرؤى وتعاملها مع القضايا المختلفة، وما ينبغي معرفته في هذه المقدمة هو أن السينما المستقلة تكتسب سمعة سيئة بالنسبة للمشاهد العادي غير المهتم، ولكن هذا لم يمنع أن يبدي بعض من صناع هذه السينما تفاؤلهم من حالة التشابك والحوار التي تنشأ مع المشاهد على اختلافه؛ طامحين إلى أن تنتج تلك الحالة بمرور الوقت وبتعدد التجارب شريحة تهتم بمتابعة هذا النمط من الأعمال الفنية.

المصطلح وسؤال الاستقلالية

مبدئيا يشير مصطلح السينما المستقلة independent cinema إلى تلك الحركة التي نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل السبعينيات لتتمرد على سلطان نظام الأستوديوهات الأمريكي بما يمثله من قواعد وتقاليد فنية وفكرية سائدة لا تسمح بتقديم المختلف، ولتقدم أعمالا فنية خارجة عن السائد متمردة سواء على العلاقات الإنتاجية والظروف الاقتصادية لإنتاج الفن السينمائي.

كما ظهرت السينما المستقلة كنوع من التمرد على الأفكار والتقاليد الفنية والجمالية السائدة أيضا في سبيل تحقيق جماليات مغايرة وتجارب فنية خاصة ومختلفة؛ سواء أكانت تتميز هذه التجارب بالتجديد والتميز على مستوى الشكل والجماليات الخاصة بالوسيط السينمائي، أم على مستوى الرؤية والأفكار ورؤية العالم وعلاقة الإنسان بهذا العالم وبالآخرين.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل نستطيع أن نطلق نفس المصطلح على الجهود السينمائية المستقلة في مصر والتي بدأت منذ خمس سنوات تقريبا؟.

لا شك أنه سؤال مهم للفهم خاصة الاختلاف الشديد بين نظام الإنتاج الأمريكي ونظام الإنتاج المصري؛ فبينما يعتمد النظام الأول على الكيانات العملاقة التي تملك الأدوات اللازمة للصناعة السينمائية من أستوديوهات وآلات ونوافذ عرض وشركات توزيع، نجد أن النظام الثاني يعتمد على القطاع العام الذي كان يمتلك تقريبا كل الأستوديوهات وأدوات الإنتاج ويقوم بأغلب الإنتاج السينمائي؛ والذي ما لبث أيضا أن تخلى عن هذا الدور -ضمن مشروع تقليص دور القطاع العام وبيعه في مقابل تفعيل دور القطاع الخاص فيما عرف بالخصخصة- بالإضافة إلى الشركات الصغيرة الخاصة المستقلة التي يملكها أفراد أو عائلات والتي عادة لا تملك الأستوديوهات، أو أدوات الإنتاج وكانت تلجأ -غالبا- إلى التأجير وشركات التوزيع.

والسؤال هنا هو: كيف تستقل السينما المستقلة عن نظام إنتاج لا يقوم على الاستقلال في الأساس؟.

سيبدو السؤال وجيها لو ظل نظام الإنتاج في مصر على ما كان عليه. ولكن التغيرات التي طرأت على نظام الإنتاج والمتمثلة في اتحاد بعض شركات الإنتاج والتوزيع الكبرى في كيان ضخم يسيطر على مجريات السوق السينمائي أدت إلى صعوبة في إمكانية فكاك الشركات الإنتاجية الصغيرة من أسر وقيود ذلك النظام، ومجمل هذه التغيرات جعلت من البعد الاقتصادي لمفهوم الاستقلال أمرا له وجاهته كما له شرعيته أيضا.

ويأتي البعد الثاني وهو الأهم، وهو بعد اهتم به كثير من فناني وصناع السينما المستقلة وهو البعد الفكري والفني والجمالي للاستقلال، ويتمثل في أن صناع هذه الأفلام اختاروا تقديم تجارب سينمائية مختلفة؛ سينما تهتم بالهامشي والمختلف والمسكوت عنه والفردي، خارجة بذلك عن الشركات الكبرى المهتمة بالبعد التجاري السطحي، ومتحررة من سلطان الرقابة التي فرضت وصاية على المشاهدين وحالت دون تقديم ما يهمهم ويلبي احتياجاتهم.

الإرهاصات والبدايات

من الصعب تحديد بداية حقيقية للسينما المستقلة؛ ذلك أن الطبيعة غير الرسمية وغير التوثيقية تجعل من الصعوبة بمكان الوقوف على نقطة البداية الحقيقية لها، وإذا أردنا أن نقف على البداية الحقيقية لهذا التيار باعتباره توجها له شكل وسمات شبه محددة وإنتاج حقيقي على مستوى عدد الأفلام فنحن نتحدث عن بدايات القرن الحادي والعشرين أي سنة 2000.

أما لو كنا نتحدث عن بداية التكوين لإنتاج وتسويق ومساندة الأفلام المستقلة فنحن نتحدث عن عام 1997 عندما تكونت شركة "سينمائيون مستقلون للإنتاج والتوزيع" والتي ساهمت في رواج مصطلح السينما المستقلة في الصحافة ووسائل الإعلام والتي كان فيلم "مربع داير" -وهو من إخراج أحمد حسونة- باكورة أعمالها عام 1997.

لكن إذا تحدثنا عن الجهود غير الرسمية لتعليم السينما وإنتاج الأفلام فنحن نتحدث عن ثلاث مؤسسات عملت معا في نفس الوقت تقريبا عام 1990، هذا العام الذي يرى بعض المهتمين بالسينما المستقلة أن يبدءوا به التأريخ للسينما المستقلة.

فهذه الفترة هي التي شكلت الإرهاصات الأولى للسينما المستقلة من خلال إقامة الدورات والورش الفنية وإنتاج الأفلام.

والمؤسسات الثلاث هي مؤسسة "بروهلسفيا" السويسرية و"معهد جوته" الألماني و"قصر السينما" بمصر الذي أنتج أول فيلم في الدورات الحرة لقصر السينما عام 1991 بعنوان "رف الحمام" إخراج أيمن خوري، ثم توالى بعدها تكوين الشركات والكيانات التي تدعم السينما المستقلة.

ومن الممكن أن نرصد البداية الحقيقية للسينما المستقلة في مصر بدءا من عام 2000، حيث بدأ يتكون تيار محدد الملامح إلى حد كبير وظهر إنتاج كثيف للأفلام المستقلة وحصلت على بعض من الاعتراف الرسمي حيث أقيم على هامش دورة مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام الروائية والتسجيلية 2002 برنامج لعرض إنتاجات السينما المستقلة، وصدر كتاب عن السينما المستقلة في الوطن العربي.

كما تم عرض الأفلام المستقلة ضمن فعاليات المهرجان القومي للسينما المصرية عام 2004 وحاز الفيلم المستقل "من بعيد" إخراج أحمد أبو زيد على جائزة أفضل فيلم روائي قصير.

السمات والخصائص

عند الحديث عن سمات للسينما المستقلة في مصر يصعد تساؤل مهم حول موضوعية البحث عن سمات لمشروع أو تيار ما يزال قيد التشكل، فهي سينما لم تقدم ما نستطيع أن نستخلص منه سمات أو صفات لتوجهها.

وعلى الرغم من حداثة التجربة وكثرة الاختلافات في أشكال التعبير التي يتبناها مخرجو هذا النوع من السينما فإنه ومع غزارة الإنتاج يمكن للمتابع أن يقف على بعض من هذه السمات، وليس بالضرورة أن تجمع هذه التجارب جميعا داخل تجربة أو تيار واحد؛ بل هي تتراكم داخل المتابع من خلال المشاهدة والمتابعة لهذه التجارب الفنية.

فهذه التجارب تتفق بما نستطيع أن نعتبره تيارا فنيا له خطابه الخاص والمميز والمتمثل بالاختلاف عن السائد والمستقر، بمعنى آخر تعتبر سمات الاختلاف عن السائد هي سمات الاتفاق فيما بين هذا النوع من السينما، وفيما يلي نحاول إجمال بعض من الخصائص المهمة في هذا النوع من السينما:

- أنها تقتصر على الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، ما عدا تجربتين وهما "حبة سكر" للمخرج حاتم فريد و"إيثاكي" للمخرج إبراهيم البطوط. أما ما يتعلق بفيلمي "كليفتي" و"المدينة" فهما لمخرجين يعملان بالسينما التجارية قاما بإنتاج عمليهما وفق شكل إنتاج الأفلام المستقلة.

- اللجوء إلى التكنولوجيا الرقمية (الديجيتال) كوسيط تقدم من خلاله الأعمال السينمائية، وذلك لخفض تكاليف الإنتاج بما يتناسب مع الميزانيات المنخفضة للأفلام، ومن المتوقع أن تؤثر ثورة الديجيتال على مستقبل السينما المستقلة.

- الرغبة في الاختلاف لم تمنع أن يكون هناك الكثير من التجارب للسينما المستقلة لم تحمل بداخلها أي اختلاف أو تميز عن السينما التجارية السائدة، وذلك على مستوى اختيار الموضوع أو الجماليات البصرية.

- اعتماد بعض الأعمال السينمائية على أصل أدبي، وهنا نلحظ أمرين: الأول أن هذه السينما اعتمدت على النصوص الأدبية القديمة الكلاسيكية، والثاني: وجود قدر من التشابك بين الأفلام وبين النصوص الأدبية ومن ثم فهي تتشابه مع السينما التجارية في تشابكها مع هذه النصوص، بمعنى الإذعان الشديد للأدب بوصفه أعلى قيمة دون تحويل الشفرات الأدبية لأخرى فيلمية، إضافة إلى النزوع الشديد نحو السطحية والتجارية على مستوى الاختيار أو المعالجة. مع الاعتراف أنه جاءت بعض الأفلام متشابكة مع أعمال أدبية بشكل مميز مثل: فيلمي رامي عبد الجبار "بيت من لحم" و"جليد".

- استثمار ما يميز وسيط الفيديو ديجيتال من طبيعة تسجيلية، من حيث سهولة حمله والتحرك به والاتجاه لتسجيل ما هو مسكوت عنه وغير رسمي، كذلك تقليص مواقع التصوير والبعد عن تأجير أماكن التصوير لما يترتب على ذلك من تكلفة مرتفعة ومن ثم فهناك ابتعاد عن بناء الديكورات في توجه فني يشبه تيارَ "سينما الحقيقة".

- غالبا ما تم اختراق التابوهات الثلاثة (الدين -الجنس - السياسة)؛ مع ملاحظة أن اختراق التابوه الجنسي كان من أهم وأغلب اختراقات هذا النوع من السينما. فيما يلحظ أن محاولات محدودة قدمت اختراقا للتابوه السياسي.

- أغلب الأفلام المستقلة كان همها الأول الهم الفردي والتعبير عن القضايا الفردية والشخصانية الضيقة دون اهتمام بقضايا المجتمع أو حتى الفئات المهمشة باستثناء قضايا النساء في كثير من أفلام المخرجات المهتمات بقضايا المرأة، وهذا يرجع إلى أن جميع صناع الأفلام ينتمون لشريحة اجتماعية واقتصادية من أعلى السلم الاقتصادي والاجتماعي وأغلبهم تعلموا في مدارس أجنبية أو درسوا بالخارج.

- قلة عدد الممثلين والاستعانة بالممثلين المحترفين في حدود ضيقة، وعادة ما تكون هناك أطقم تمثيل خاصة بالأفلام المستقلة من ممثلين هواة. كما يساعد فنانو السينما المستقلة بعضهم بعضا تمثيلا وكتابة وإخراجا أو عبر التبرع بالأجور.

مشاركات وجوائز

بدورها شهدت الأعوام الخمس الماضية حصول العديد من أفلام السينما المستقلة على كثير من الجوائز في العديد من المحافل والمهرجانات المحلية والدولية. ففاز فيلم "يوم الإثنين" إخراج تامر السعيد بالكثير من الجوائز كجائزة أحسن فيلم روائي قصير في المهرجان القومي للسينما المصرية 2005، والجائزة الثانية لمهرجان روتردام للفيلم العربي في هولندا عام 2005، وجائزة الدب الفضي في مهرجان ابنسى بالنمسا 2005 وغيرها من الجوائز.

أما فيلم "الأسانسير" فقد فاز بالجائزة الذهبية في مهرجان روتردام للفيلم العربي 2005، كما حصل على جائزة شادي عبد السلام في المهرجان القومي للسينما المصرية 2005 والعديد من شهادات التقدير.

كما اشتركت أفلام المخرج تامر عبد الجبار "جليد" و"بيت من لحم" في العديد من المهرجانات الدولية كمهرجان لوكارنو بسويسرا 2005 وكليرمونت فيران الدولي في أسبانيا عام 2005 ومهرجان الإسماعيلية الدولي بمصر عام 2005.

وهكذا فمن الواضح أن هذه الأفلام على ما تتميز به من تجريب على مستوى الشكل أو المضمون فهي تمللك القدرة على المشاركة في المهرجانات الدولية وانتزاع الإعجاب والجوائز لتقول إن هناك وجهة نظر ثانية مختلفة لها الحق في الحياة.

وفي الختام يثور تساؤل حول مستقبل السينما المستقلة في مصر وهل تستطيع القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المهمشة أن تستثمر تلك السينما للتعبير عن مطالبها ورسالتها في ظل تدني تكاليف إنتاجها وانتشار تكنولوجيا الديجيتال؟ أم أن تلك القوى ما تزال تفتقد الوعي والإدراك لأهمية السينما المستقلة؟.

* صحفي مصري

إسلام أنلاين في 28 مارس 2006

 

رعب الواقع.. فيلم حول احداث سبتمبر 2001 يثير جدلا في اميركا

يونايتد 93: فيلم يثير اعتراض كثيرين في اميركا لانه يعرض اختطاف احدى طائرات هجمات سبتمبر 2001.

الكويت - اثار عرض اعلان ترويجي لفيلم (يونايتد 93) في عدد من دور السينما الامريكية جدلا واسعا وحفيظة الكثير من النقاد في امريكا لانه يتناول لحظة بلحظة الاحداث التي سبقت سقوط الطائرة التي تحمل نفس اسم الفيلم غرب ولاية بنسلفانيا خلال الحوادث الارهابية التي عصفت بالولايات المتحدة في سبتمبر عام 2001.

وذكر راديو (سوا) ان دار عرض (لويز لنكولن) في حي مانهاتن بمدينة نيويورك قامت بسحب عرضه بسبب تلقيها شكاوي من عدد من الرواد والمشاهدين.

واعرب مدير الدار كيفين ادجوده عن اعتقاده بعدم استعداد الجمهور لرؤية مشاهد مثل تلك التي يتعرض لها الفيلم في الوقت الراهن.

واشار كيفين الى خطأ عرض الدار لاعلان الفيلم في الوقت الحالي على اساس اثارته للكثير من المشاعر الكئيبة والذكريات الاليمة لدى الكثيرين.

من جانبه اشار مدير قسم التسويق بشركة (ينفيرسال) المنتجة للفيلم ادم فوغلسون الى مضي الشركة قدما في خططها بعرض الاعلان في دور العرض حتى وقت طرح الفيلم رسميا للعرض والذي حدد له يوم 28 من ابريل الحالي.

واكد فوغلسون ان الفيلم رؤية حقيقية وصادقة لاحداث رحلة الطائرة يونايتد 93 حيث لم يصحبها اي تعديل او تخفيف مضيفا ان فريق العمل بالفيلم والتسويق الخاص به عملا بالقرب من عائلات ضحايا الحادث لضمان اعطاء اكبر قدر من الاحترام والمراعاة لمشاعرهم.

وعبر فوغلسون عن ارتياحه تجاه المشاهد التي احتواها الاعلان الترويجي للفيلم منتقدا الدعوات التي انطلقت بضرورة التخفيف من حدتها باعتبار ان ذلك يمكن ان يعطي فكرة مشوهة عن الفيلم ذاته.

ومن المقرر ان يتم عرض الفيلم لاول مرة ليلة افتتاح مهرجان تريباكا السينمائي في حي مانهاتن في نيويورك والمقرر ان يستمر من 25 ابريل الى السابع من مايو من العام الحالي.(كونا)

ميدل إيست أنلاين في 8 أبريل 2006

"يا نوسو" لايلي خليفة: أوروبي وسط التعقيدات

شارل مارينا  

سرعة في العمل من دون تسرع، تفاهم وانسجام بين كل اعضاء فريق العمل، اجواء حلوة اثناء التصوير. هذه باختصار الانطباعات التي تكونت بعد مرافقة "الدليل" المخرج ايلي خليفة اثناء تصوير فيلمه الطويل الأول "يا نوسو" في بعض أحياء الأشرفية. الفيلم يسرد حكاية شاب سويسري جاء الى بيروت وافتتح مطعماً للبيتزا لكن هدفه الاساسي هو التعرف الى المرأة الشرقية التي سمع عنها أنها مثال الحنان والعاطفة والتضحية والإخلاص، فإذا به يكتشف أنها تقّلد المرأة الغربية. مواقف مضحكة، مفارقات، كوميديا، مشكلات اجتماعية، كل ذلك تضمنه الفيلم الذي استغرق تصويره 20 يوماً فقط في أماكن قريبة من بعضها البعض تحاشياً للتنقل والمصاريف.

في أحد شوارع الأشرفية قرب مستشفى القديس جاورجيوس، واكب "الدليل" بعض مراحل التصوير حيث محل البيتزا، ثم انتقلنا الى أحد سطوح البنايات المجاورة، الى منزل الشاب السويسري رودي حيث تحصل مواقف طريفة مع الجيران. الكل يعرف ما هو مطلوب منه وما هي شخصيته، هذا ما لمسناه اثناء متابعة التصوير ومن خلال المقابلات:

المخرج ايلي خليفة

·     هذا فيلمك الطويل الأول بعد اربعة افلام قصيرة: "تاكسي سرفيس"، Merci Natex Van express و Love and cigarets، كيف خطرت لك فكرة فيلم "يا نوسو"؟

- الفرنسيون يتطرقون في أفلامهم الى مشكلات اللبنانيين في فرنسا، والألمان الى مشكلات الأتراك في ألمانيا، والنمساويون الى مشكلات العرب في النمسا، أنا قررت أن أعكس الموضوع لأتحدث عن مشكلات الأوروبي في لبنان.

·         والأوروبي اخترته سويسرياً، لماذا؟

- هو سويسري ـ ألماني ( وليس سويسريا ـ فرنسيا) أي إن لغته هي الأنكليزية، وهي اللغة التي سيتحدث بها مع اللبنانيين الذين يتحدثون العربية، وهو أمر يؤدي الى مواقف كوميدية مضحكة.

·         ما هي مشكلاته؟

- هرب من مشكلة الوحدة في سويسرا ليبحث عن الحب والحنان مع امرأة شرقية فإذا به وسط مشكلات المجتمع اللبناني، ومنها مشكلة الضياع، فهناك من يحاول التصرف مثل الأوروبي أو الأميركي وهو شرقي في داخله، والعكس صحيح، وهذه حالة الشباب في عمر العشرينات والثلاثينات، وهذا ما أدى الى ضياعه هو ايضاً، لم يفهم ما يحصل من حوله، وخصوصا انه كان دائماً "فشة خلق" الآخرين.

·         اضافةً الى رودي الشاب السويسري، من هي شخصيات الفيلم؟

- الشخصيات تعكس لوحة عن المجتمع اللبناني، هناك الفتاة التي تسعى أمها الى تزويجها لأنها بلغت الثلاثين، والفتاة التي ستتزوج شابا لا تحبه، والمرأة المتزوجة رجلا غير منسجمة معه، والشاب المغرم وهدفه العلاقة الجنسية مع الفتاة، الى ما هنالك من نماذج في المجتمع.

·         وهو فيلم كوميدي كأفلامك الأخرى؟

- نعم، وهي كوميديا ترتكز على المواقف.

·         من هو منتج الفيلم؟

- شركة "تاكسي فيلم" في لبنان وفي سويسرا، أي سابين صيداوي حمدان وأنا وشريكي الكسندر مونييه، مع مساعدة صغيرة من وزارة الثقافة ومن بعض مشجعي السينما.

·         والكتابة والسيناريو؟

- أنا، أما في الإخراج فقد ساعدني الكسندر مونييه في القسم التقني.

·         هل سيُعرض الفيلم خارج لبنان؟

- نعم، من المهم جداً الحديث عن مشكلات الأوروبي في فيلم يُعرض في أوروبا، كما أنه يجب تغيير صورة الحرب والعنف في الأفلام اللبنانية، وبما أن الفيلم فيه اللغة الإنكليزية فسيكون مفهوماً من الجميع في الخارج.

·         من هم الممثلون اللبنانيون؟

- جورج دياب، زينة دكاش، طارق تميم، يوسف فخري، نيكول كاماتو، ختام اللحام، فايق حميصي، حسين المقدم، انطوان نادر وجورج قاصوف. وأحب أن أشكرهم جميعاً لأنهم كانوا رائعين وإلاّ لما صورنا خلال 20 يوماً. الممثلون في لبنان جيدون و"حرام" ألاّ يكون عندنا صناعة للسينما كما يجب.

·         ما دمت تتحدث عن السينما اللبنانية، ما رأيك بـ  After shave  و"البوسطة"؟

- هاني طمبا من أعز أصدقائي وفرحت جداً لنيله السيزار عن فيلمه  After shave. وفيلم "البوسطة "مهم وهو يشكل محطة مهمة في السينما اللبنانية، وخصوصا انه لا يتكلم عن الحرب، وأتمنى على LBC (التي ساعدت في إنتاج "البوسطة ") أن تساهم في إنتاج ابرز الأفلام للإنطلاق بمرحلة جديدة في صناعة السينما في لبنان.

·         لديك أمل بإنطلاقة سينمائية لبنانية؟

- الإنتاج السينمائي نافذة للبنان، لا بأس أن نبدأ بسبعة أو ثمانية أفلام طويلة في السنة، فهذه ُتعتبر خطوة جيدة، يجب اعتبار السينما مثل السياحة وخصوصا انها تنشّط الاقتصاد ايضاً.

الممثل السويسري سيغفريد تربوتن

الممثل السويسري سيغفريد تربوتن (وينادونه سيغي ) ممثل محترف درس التمثيل في ألمانيا ثم في سويسرا، وقد أجاب عن اسئلة"الدليل"فيما كان يتحضر لتصوير أحد المشاهد في الموقع المفترض انه منزله.

·         كيف وجدت لبنان؟

- جميل جداً، وهو بلد منفتح اكثر مما كنت اتصوره، فالتلفزيونات الأجنبية لا تنقل لنا سوى صور الحرب أو الصور السيئة كما حصل أخيرا عند إحراق السفارة الدانمركية. كان الكل ينصحني بعدم المجيء لأنه يوجد ارهابيون، لكنني وجدته بلداً جميلاً وشعبه ودود جداً.

·         أين تعرفت إلى ايلي خليفة؟

- منذ عامين رآني ايلي وشريكه الكسندر مونييه في أحد الأفلام السويسرية فاتصلا بي والتقينا للحديث عن دوري في الفيلم، وقد وافقت على العمل معهما.

·         كيف تفاعلت مع دورك في الفيلم؟

- اعجبتني قصة الفيلم، فأنا رجل سويسري اسمه رودي أتى الى لبنان لتمضية عطلته وأحب المكان فقرر البقاء وافتتح محلاً لبيع البيتزا السويسرية، وهو يعتقد أن جده كان لبنانياً.

·         والمرأة الشرقية؟

- في الواقع جاء رودي الى لبنان كي يبحث عن حب حياته، هذا الحب الذي لم يجده في سويسرا، في البداية لا يُوفق لكنه في النهاية يجده.

·         ويبقى في بيروت؟

- انها نهاية مفتوحة، هو وحبيبته سيبقيان معاً لكن لا نعرف أين والى متى.

·         كيف وجدت العمل مع ايلي خليفة؟

- "كتير cool"، انها تجربة جميلة. ايلي هادئ ويعرف ماذا يريد، أُعجبت به وبجو الفيلم العائلي إذ لا يتعدى عددنا الـ 15 شخصاً.

·         هل تحب أن تقول شيئاً للبنانيين؟

- (ضحك وقال) نعم، أقول لهم قودوا على مهل، وخصوصا إذا رأيتم الأجانب فهم غير معتادين طريقتكم في القيادة.

نيكول وجورج

الممثلة نيكول كاماتو لديها مشهد مع رودي. هي جارته ميشلين وتتحرش به رغم انها متزوجة. مجرد أن رودي هو أجنبي فهذا يعني لها الكثير، وخصوصا أن زوجها "عالبلدي" كما قالت. ولمعرفة المزيد سألناها:

·         هل نشأت علاقة بين ميشلين ورودي؟

- لا، فرغم المحاولات هو لا يقبل بهذه العلاقة لأنها جارته ولأن زوجها يزوره دائماً.

·         في إصرارها على العلاقة، هل أرادت ميشلين أن تكون أوروبية؟

- ليس بهذا المعنى، هي بسيطة وطموحة، وعندما ترى فتيات كثيرات عند جارها تتساءل: لمَ لا أكون انا ايضاً؟

·         هي شخصية كوميدية؟

- كوميدية طريفة، مواقفها مضحكة من طريقة اللباس الى التطفل على جارها ومحاولة التدخل في شؤونه.

·         وما المشهد الذي ستصورينه الآن؟

- انا عند رودي لأسترجع جاط الحلوى ولأعرض نفسي عليه للمرة الأولى.

دور زوج ميشلين يلعبه الممثل جورج دياب الذي قال:

- نحن جيران رودي، ولأن "كل فرنجي برنجي" رأيناه "محل الله". انا أردت منه أن انّمي ثقافتي الأنكليزية مع القليل من الفرنسية والألمانية، وهي ( أي الزوجة ) أرادت اختبار عواطفها، فكان أن اصبحنا "تقال الدم" عليه. شخصيتي كوميدية تريح الأعصاب جاءت في فيلم "ناعم" بعيد من الـaction ومن الأسلوب الكلاسيكي ومن الحرب والعنف. انها قصة بسيطة مع حبكة صغيرة تتطور بعمق وبأسلوب جميل.

زينة وحسين

الممثلة زينة دكاش تلعب دور منى، الفتاة التي تعمل في محل البيتزا. شخصيتها لا تظهر إلاّ في منتصف الفيلم رغم انها موجودة دائماً. هي لديها مشكلاتها في البيت مع أمها وتبدو كأن لديها عالمها الخاص. وقد أوضحت زينة وجهة نظرها في موضوعات عدة:

·         يبدو أن دورك هو عكس الأخريات اللواتي يتحرشن برودي.

- نعم، وهو يُغرم بي في النهاية.

·         انطبعت صورتك في أذهان الناس في دور "إيزو" في برنامج "بسمات وطن"، هل تعتقدين انهم سيتقبلونك بهذا الدور؟

- انا درست التمثيل ومهنتي أن أقوم بكل الأدوار، لو درست العلوم المصرفية مثلاً فهل كنت سأعمل في مصرف واحد وفي وظيفة محددة؟ البعض يعتقد ان هناك فصلاً واحداً في السنة ولا يعي أن الممثل يمكنه أن يكون صيفاً وشتاءً ويتماشى مع الفصول الأربعة.

·         الإنطباع بشخصية معينة منتشرة لدى الناس أمر سلبي أم ايجابي بالنسبة إلى للممثل؟

- سلبي وايجابي، فلا مشكلة لدى الممثل في لعب ادوار متعددة، المشكلة هي عند الجمهور الذي لا يستوعب احياناً.

وفي محل البيتزا ايضاً الممثل حسين المقدم الذي يلعب دور الشاب المهتم بالـ delivery، هو طالب في معهد الفنون سنة ثالثة قسم المسرح، وهذا دوره السينمائي الأول بعد مشاركة تلفزيونية في "حلم آذار". عن هذه التجربة يقول:

- انا ألعب دور علي وشخصيتي عكس زميلي في العمل. انا اؤدي دور الشاب المغامر الذي يحب إقامة العلاقات العاطفية مع نساء لديهن خبرة فيما زميلي مروان يحب"تربية" الفتاة التي سيتزوجها منذ صغرها.

·         وكيف هي علاقتك برودي؟

- انا اعمل عنده وهناك علاقة بيننا ـ زميلي وانا ـ وبينه حيث نزوره في منزله لكننا لا نؤثر فيه، هو يعرف ماذا يريد.

"يا نوسو "فيلم لبناني تم تصويره وسط ظروف سياسية غير مشجعة، ومع ذلك كان هناك عزم على تنفيذه، وقد شرحت سابين صيداوي حمدان لماذا تابعت شركة "تاكسي فيلم" العمل قائلة: "الحياة مستمرة ولا يمكن أن تتوقف. نخشى احياناً  تـأثير الأوضاع السياسية أو الأمنية على العمل لكننا نتابع بشكل عادي، يجب أن نتابع، فالسينما هي اصلاً نضال في هذه البلاد، والنضال يجب أن يستمر".

وفريق "النضال"، على حد قول سابين، مؤلف من ايلي خليفة (كتابة وسيناريو وإخراج)، الكسندر مونييه (انتاج ومشاركة في الإخراج)، سابين حمدان (انتاج)، جيل طرزي (مساعد مخرج)، طلال خوري (تصوير)، راشيل عون (إضاءة)، ومهاب شانهاز (صوت).

القبس الكويتية في 16 أبريل 2006

 

سينماتك

 

السينما المستقلة في مصر

سينما تخترق الجنس وتخشى السياسة

محمد ممدوح *

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك