كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

جديد الموقع

 

مع انطلاقة العام 2006، شهدت دور العرض المحلية تحسناً لافتاً في نوعية العروض السينمائية كانت قد افتقدتها اواخر العام المنصرم. والسبب يعود جزئياً الى ان هذه المرحلة تزخر عادةً بأفلام تتوقع فوزها بجوائز. وهي لذلك تطلق في الصالات الاميركية قبيل الموعد النهائي لترشيحات الاوسكار وتصلنا في هذا الوقت قبيل اعلان الترشيحات والجوائز. الفيلمان محور المقالة الاولى ليسا من الفائزين او المرشحين للجوائز الكبرى ولكنهما برغم ذلك من انتاجات العام 2005 البارزة. الاول، Lord of War، ينتمي الى نوعية الافلام السياسية الساخرة اما الثاني، Derailed لميخائيل هافستروم، فمن افلام التشويق جيدة الحبكة والبناء. اما المقالة الثانية، فتضيء على ابرز الافلام المتوقع ترشيحها لجوائز الاوسكار والتي تصل صالاتنا المحلية خلال الشهرين المقبلين مع الاشارة الى ان بعضها مازال يخضع لدراسة الرقابة لتقرير ما اذا كان "صالحاً" للعرض المحلي ـ نظراً لموضوعه الشائك او معالجته الجريئة ـ ام لا.

"سيد الحرب"

­1­

في مكان ما من فيلم أندرو نيكول الجديد، "سيد الحرب" Lord of War، نقع على سخرية تماثل تلك التي عالج بها ستانلي كيوبريك عام 1964تناحر أكبر سلطتين في العالم، اميركا والاتحاد السوفياتي. وتقترب كثيراً، اي السخرية، من لهجة مايكل مور في Fahrenheit 11/9. انها السخرية التي تبدو الملاذ الأخير لطرح موضوع "أخلاقي" وبديهي بالنسبة الى العالم ولكن لأسباب كثيرة ثمة من يعتبر مناقشته ضرباً من التقليد القديم او قصر النظر او حتى المثالية. بتلك السخرية المتهكمة قرر كيوبريك ان يفند السلام العالمي المزعوم على جبهتي القوتين العظميين وقتذاك وان يقول ان الصراع على السلطة لا يموت وانما يُهدّأ استراتيجياً وتكتيكياً. وبتلك السخرية ايضاً قدم مور صورة عن تشابك مصالح الدولة والرئيس والسلطة والنفط والارهاب. هل في ذلك تبسيط لموضوع بالغ التعقيد؟ حتماً ليس بالنسبة الى كيوبريك ولأسباب لا تُحصى. فالرجل قدم في فيلمه المذكور كوميديا سوداء من الطراز الاول مع مجموعة من الممثلين القديرين في مقدمهم بيتر سيليرز وبمعالجة ذكية. ولكن فضلاً عن ذلك كان موضوعه نقطة اساسية في نجاح الفيلم. فكل "تطرف" في معالجة موضوع ما يتطلب ان يكون الاخير مطروحاً وربما مستهلكاً في النقاشات وحتى السينما. حتى اذا أطل أحدهم به من زاوية تهكمية تحولت الاخيرة اضافة وليس انتقاصاً او تبسيطاً لمسألة عميقة ومهمة. بالنسبة الى نيكول، فإن الذهاب بالفكرة الى تخوم متطرفة وتوقع الاسوأ انما هما من صميم اسلوبه السينمائي الناشئ والمثبّت في افلام من طراز The Truman Show (كتابة) وS1MONE (كتابة واخراجاً) وGattaca (كتابة واخراجاً). يُضاف اليها جديده Lord of War عن تجارة السلاح في العالم. كما يتخيل في Truman وS1MONE وGattaca السيناريو الأسوأ للتقدم الهائل للتكنولوجيا على حساب الانسان، فإنه في Lord يحمل شخصاً واحداً مسؤولية الدمار والعنف الحاصلين في العالم على نحو مجازي. انه ذنب "يوري اورلوف".

­2­

في ما يبدو ساحة معركة مشتعلة مفروشة بالرصاص، يحدق "يوري" بالنيران المشتعلة خلفه قبل ان يستدير نحو العدسة نافخاً دخان سيجارته ومتحدثاً الى الكاميرا كما لو كان مراسلاً حربياً: "هناك قطعة سلاح لكل 12 شخصاً على الكرة الارضية. السؤال هو: كيف نسلح الاحد عشر الآخرين؟!" انها النبرة التي تمهد الأرضية لهذا العمل، يتبعها نيكول بمشهد طويل بلقطة واحدة موصولة من وجهة نظر "رصاصة" تبدأ بتصنيع الرصاص وتوضيبه ونقله ووصوله الى ساحة القتال وحشو السلاح به واطلاق النار وأخيراً استقرار الرصاصة في رأس مقاتل شاب. اي ان الرصاصة مهما جالت واستكانت فإن نهايتها الطبيعية هي الاستقرار في جسد أحدهم. هل تلك صرخة ضمير الى صانعي الأسلحة في العالم؟ ربما ولكنها صرخة مكبوتة في سياق فيلم سيولد المتعة والاكتشافات أكثر منه العذاب في نهاية المطاف. يرافق صوت "يوري" الفيلم من بدايته وحتى نهايته. انه الراوي الذي يخبر قصته في الصعود من حي فقير للمهاجرين الاوكرانيين الى قمة مانهاتن حيث يصبح أحد أكبر تجار السلاح في العالم. ولعل اختيار نيكول لشخصيته الرئيسية جذوراً اوكرانية مع التأكيد على ترعرعه في بروكلين لهو امتداد لتلك السخرية التي تلعب على فكرة أرض الاحلام اللصيقة بأميركا وحلمها. هناك، كل شيء يمكن ان يصير: تغيير الاسم والدين كما فعل والد يوري مدعياً انه يهودي ومقتنعاً بذلك في النهاية حتى ليمارس يهوديته أكثر من اي شخص آخر وُلد يهودياً. ولكن الاشارات الى العصابات الآتية من اوروبا الشرقية والتي تعيث فساداً في اميركا لا يتوقف عند "يوري" بل يتعداه الى فكرة التواطؤ بين اولئك وبين السلطات الاميركية باعتبار ان الأخيرة هي الرأس المفكر والاوائل هم الايدي القذرة التي تنفذ. لقد درجت افلام المافيا وغيرها من التي تتناول حقبة من تاريخ اميركا ان تشدد على التاريخ الدموي لصعودها او صعود افراد فيها (عصابات نيويورك، Goodfellas...). كذا يفعل نيكول في Lord of War مع فارق اساسي هو انه يصور سهولة الانخراط في العنف حيث يصبح الأخير غاية في ذاته وليس طريق الجلجلة فقط. يفاجىء أحياناً استخفاف الفيلم بكيفية صعود "يوري": هكذا ببساطة يقرر التحول تاجر سلاح فيتابع أخبار المجرمين للوقوع على نوع اسلحة الجريمة ومعرفة السلاح الاكثر شيوعاً واستخداماً... لا يصور الفيلم "كفاح" يوري للوصول الى مكانته كما يفعل مارتن سكورسيزي مثلاً في Goodfellas. لذلك يبدو نيكول اقرب الى اوليفر ستون في Natural Born Killers في تصويره سهولة الانشقاق عن القيم الاجتماعية والاخلاقية في عالم ينبهر بالاختلاف كما تحققه السلطة والمال والفساد... اذاً، ليس هدف الفيلم التركيز على الشخص بقدر ما هو شغفه برسم خارطة للحروب والعنف في العالم. كأن الفيلم هو توسيع للمشهد الاول للرصاصة التي تخرج من المصنع وتستقر في رأس أحدهم. اي انه بمعنى آخر تفصيل لتلك الرحلة التي تقطعها الرصاصة بين مقر صناعتها ورأس ضحيتها.

يفاخر "يوري" بأنه باع السلاح لكل العالم "ماعدا جيش الخلاص" واسامة بن لادن "ليس انطلاقاً من مبدأ اخلاقي ولكن لأن شيكاته في ذلك الوقت كانت من دون رصيد." على هذا النحو يحمل نيكول فيلمه اشارات من الواقع بينما يبقى بعيداً من الاخير في معظم الوقت. ثمة اغتراب عن الزمان والمكان مقصود بالطبع الا انه يخدم الفكرة المجازية للفيلم اكثر مما يخدم الأحداث الواقعية. ولكننا لم نقل بعد ان الفيلم منقسم الى جزءين او فكرتين او طبقتين: واحدة مجازية وأخرى واقعية. الاولى تخدم فكرة تصغير العالم الى مستنقعات للفساد والعنف متصل بسلسلة من عمليات الاتجار بالسلاح. على هذا النحو يتنقل الفيلم بين لبنان وفلسطين وسيراليون وليبيريا والبوسنة... كل من تلك البلدان تختصره ارض معركة والعامل المشترك بينها هو "يوري" رجل السلاح. اما المنحى الواقعي فهو ذاك الذي يمثله "يوري" الذي يزداد واقعية بعد ان يتزوج من عارضة أزياء كانت دائماً تفتنه وينجب صبياً ويُلاحق من قبل شرطي في الانتربول يُدعى "فالنتاين" (ايثان هوك)... بين هذين المنحيين، لا تحضر اميركا الا من خلال حي المهاجرين الاوكرانيين وشقة يوري الفاخرة في حي راقٍ بمانهاتن. حتى الضابط الاميركي الذي يعقد صفقات مع "يوري" ويؤكد معرفة الحكومة بنشاط الاخير لا يظهر وجهه إذ يستخدم نيكول التقنية التقليدية في تصويره من الخلف مركزاً على النياشين المعلقة على صدره امعاناً في طرح التساؤلات حول فكرة الوطنية وخدمة الوطن... لذلك يبدو تعليق "يوري" الأخير عندما يبدو انه وقع بين يدي "فالنتاين" صاعقاً عندما يقول له انه سينجو لأنه مرتبط بعلاقات مع كبار رجالات الدولة ويعقد الصفقات لهم وفي مقدمهم "رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأميركية".

­3­

انت ترى العالم من وجهة نظر "يوري" وعليه فإن الإحساس بما يجري في العالم يختلف تماماً. تشاهد المجازر والحروب التي سمعت عنها وشاهدتها وتأثرت بها من وراء الكواليس حيث يتحول البشر أهدافاً سهلة المنال. لعل هذا هو ابرز ما ينجح الفيلم في تحقيقه ومن دون مبالغة. "يوري" ليس مجرماً بارد الدماء. بل انه يرتعد من رؤية فعل القتل. انه رجل أعمال "مؤمن" بوجوب أداء مهمته تحت اي ظرف. لذلك لا يبدو ارتداؤه البزة وربطة العنق في أرض المعركة تهكمياً وانما تعبير عن عالمه المنفصل تماماً عما يجري. لا يفاجئك كذلك ان تسمعه يقول رداً على معرفته بعقد أحد الاطراف المتقاتلة هدنة "عندما يقولون انهم سيشنون حرباً فعليهم الوفاء بكلمتهم!". انه منطق "البزنس" الذي يلزم الاطراف بوعودها وان كان نقض تلك الوعود سيعود بالخير والسلام على عشرات الآلاف من البشر! هذا ما يحاول "فالنتاين" تحقيقه عندما يستخدم حقه في توقيف "يوري" اربع وعشرين ساعة على الرغم من عدم قدرته الامساك بدليل ضده. انه يحاول بذلك ان يؤخر موت المئات بالسلاح الذي يبيعه "يوري". في هذا الاطار الفصامي الذي تُرسم به شخصية "يوري"، يتقرب الأخير من زعيم ليبيريا المتعطش للدماء "اندريه باتيست" الذي يصبح من اهم زبائنه ويلوم خراب العالم على محطة "أم.تي.في"! لا يمكن الحديث عن تلك التركيبة لشخصية "يوري" من دون ادراك مساهمة لاعبها نيكولاس كايج في تشكيلها. انها الشخصية شبه المخدرة التي تملك الكثير من القواسم المشتركة مع شخصيتيه في Bringing Out the Dead وLeaving Las Vegas. اي ان كايج يلعب في ملعبه الذي برع فيه. وصوته الذي يرافق الفيلم على ما يربو على ساعتين، يتلون ببراعة فائضة بين السخرية والجدية والحماسة والملل والفخر وخيبة الأمل... وبقدرة هائلة على رص المعلومات عن تجارة السلاح في العالم. وفي ذلك يعود الفضل لنيكول ايضاً الذي يوفر بمحاذاة الصورة شريطاً صوتياً يزخر بالمعلومات التاريخية والسياسية التي تفيض أحياناً عن حاجة الفيلم او تبدو كأنها تبحث عن صور ترافقها! صوت كايج والمعلومات المتشابكة التي يقدمها ببرود وميكانيكية محسوبة تمنح الفيلم منحاه التقني الخالص بما يعمق الهوة عن قصد بين وجهتي موضوعه الانسانية (القتل والعنف) والعملية (اصول تجارة السلاح).

يتفادى شريط نيكول الوقوع في التنظير السياسي. ان ما نراه في ساحات المعارك يمر من دون تعليقات او أخذ طرف ضد الآخر. لذلك يبدو أكثر تأثيراً ان نشاهد فرقة أطفال مسلحة في ليبيريا تؤدي التحية لاندريه باتيست من ان يناقش الاثنان أخلاقية ذلك. بالمعنى عينه، يبدو صاعقاً ذلك المشهد الذي يدعو فيه "يوري" سكان منطقة في سيراليون افراغ طائرته الخاصة من السلاح للتخلص من دليل ادانته مدعياً انها "نماذج" توزع مجاناً لنكتشف ان معظمها يذهب الى الأطفال. تلك مشاهد تؤدي الغرض بذاتها من دون تعليق اضافي.

ولكن التنظير الأخلاقي لا يسلم الفيلم منه. فبعد مرور أكثر من نصف الفيلم من دون ان يخطر في بال "يوري" ان يسائل اخلاقية نشاطه بما يخدم الفيلم، يتحول فجأة رجل العائلة الذي يقرر التوبة والنزاهة تحت ضغط تأنيب زوجته الاخلاقي وعائلته. عندها يطلق جملته الشهيرة "ولكن الناس يموتون ايضاً من جراء التدخين والكحول" بما لا ينسجم مع شخصيته البعيدة من ذلك المنطق التبريري الذي لا تحتاج إليه اصلاً. يثبت ذلك تراجعه عن التوبة بعد فترة وجيزة.

"انحراف"

ليس "انحراف" ترجمة حرفية للعنوان الانكليزي Derailed. فالأخير يشير الى خروج القطار عن خط سيره. ولكن حيث ان الفيلم معني بخروج حياة رجل عن مسارها الطبيعي فإن "انحراف" يبدو وصفاً مجازياً أدق. هذا واحد من الافلام التي تستعيد حكاية الاحتيال والابتزاز المطروحة مراراً وتكراراً في السينما ولكن كما هي ايضاً موضوعات كثيرة اخرى. تبقى الفروقات الصغرى هي صانعة الفيلم او هي ما يميزه عن غيره. والفيلم يحتوي على تلك الفروقات وعلى اشياء اخرى ليس اقلها مناخاً انسانياً ودرامياً خاصاً. كأنما الفيلم قابع تحت غمامة تتحول تدريجياً من الرمادي الى الاسود الحالك. تلك الضاحية النائية التي لا نعرف اسماً لها والقطار اليومي الكئيب والوجوه الكالحة في صباحاتها المنذرة بيوم عمل طويل منهك والطقس الغائم الماطر... كل تلك تؤسس في شكل ما لمناخ درامي ذي خصوصية هي المنشودة في افلام لا تدعي الاختلاف عن السائد او التمرد على النوع. ولكن اللافت انها تأخذ شيئاً من ثقافة مخرجها المختلفة السويدي ميخائيل هافستروم. وذلك جزء من موضة انتشرت في السنتين الأخيرتين حيث شاهدنا افلاماً هوليوودية من نوع الاكشن والتشويق تحديداً بتوقيع مخرجين اجانب نذكر منها:Hostage فلورينت سيري وAssault on Precinct 13 لفرونسوا ريشيه.

توتر مشدود يخيم على صباحات "تشارلي" (كلايف اوين) وزوجته وابنته "ايما" مرده مرض الاخيرة­السكري­ الذي يعيق الحياة بهمومها العادية ويمتص شيئاً­كثيراً­ من حرارة علاقة الزوجين اللاهثين خلف جمع المال لدواء مرتقب لابنتهما. في يوم واحد من شهر اوكتوبر، تنقلب حياة "تشارلي" إذ يقابل إمرأة شابة في قطاره اليومي، "لوسيندا" (جينيفر انيستن) المسشتارة المالية في شركة كبرى، تدفع ثمن تذكرته بعد ان نسي سحب المال من آلة الصرف، ويصل عمله ليفاجأ بمديره يقصيه عن إعلان كان يعمل عليه. ولكن "لوسيندا" بذكائها وجاذبيتها وقدرتها على اشعاره بأنه شخص مرغوب توقع به وكذا يفعل هو بها على الرغم من انها متزوجة وام لفتاة تعرض له صورتها بينما يقص هو عليها حكاية ابنته ومرضها. وعندما يدرك الاثنان مدى انجذابهما واحدهما الى الآخر ويقصدان حجرة في فندق رخيص، يتعرضان لهجوم رجل يُدعى "لاروش" يجردهما من مالهما ويغتصب "لوسيندا" مراراً.

(في ما يلي ستنكشف حبكة الفيلم).

تتحول حياة الاثنين جحيماً لاسيما عندما يبدأ المجرم بابتزاز "تشارلي" مما يضطر الاخير الي سحب ما ادخره لعلاج ابنته بينما تكشف "لوسيندا" لتشارلي انها خضعت لعملية إجهاض. تصر الأخيرة على عدم ابلاغ الشرطة خوفاً على عائلتها وابنتها ويقتنع "تشارلي" تماماً ليدفع هو الثمن الغالي: مال الادخار الخاص بابنته والاحساس بالذنب تجاه "لوسيندا" لعدم تمكنه من انقاذها من مغتصبها. من هناك يكمل الفيلم محاولاً التأكيد على ان ما جرى كان عملية سرقة عادية ذهب ضحيتها "تشارلي" و"لوسيندا". ولكن تداخل الأحداث وتورط عامل التنظيفات في الشركة الذي يكن لتشارلي الامتنان لعدم تبليغ الاخير عن محاولة سرقته الكومبيوتر، سيوصل الامور الى حدها. فعندما يقتل "لاروش" العامل ويحصل على المئة الف دولار من تشارلي شرط ان يبتعد عن حياته، يجد الاخير نفسه متورطاً في التحقيق بقتل العامل. عندها يقرر العودة الى "لوسيندا" لاقناعها بالاعتراف بما جرى تلك الليلة لانقاذها. فإذا به يُفاجأ بأن "لوسيندا" ليست سوى سيدة اخرى وان من عرفها هي في الواقع سكرتيرتها. يتضح من ذلك انه كان ضحية مكيدة ما فيقرر الكشف عن خيوطها.

السوال الاساسي في هذا النوع من الافلام هو: هل استطاع المشاهد ان يكتشف الحبكة مبكراً ان انه تفاجأ بها؟ إذ ان هذا النوع من الافلام ينجح أكثر كلما استطاع "خداع" المشاهد أكثر. في هذه الحالة ثمة نوعان من المشاهدين لهذا الفيلم: النوع الاول هو الذي لن يرتاب في القصة وسيصدق ان الاثنين كانا ضحية "لاروش" وهؤلاء سيُفاجأون حتماً بتحول السرد في النهاية. اما النوع الثاني فهو الذي سيشك في ان ثمة ما هو مدبر ومحاك وعليه فسيبدأ بالتساؤل حول من تراه متورطاً. في هذه الحالة، من الصعب الا يلتقط ذلك المشاهد بعض الاشارات المبكرة بعضها مبطن وبعضها الآخر خطأ ادائي. الاولى تخص اللقاءات الاولى بين "تشارلي" و"لوسيندا"، هي تعرف عن عملها بالقول "انا أخدع الزبائن". ثم تلك اللقاءات المشحونة بالغرابة والمجهول وحيث المكتوم أكثر بكثير من المحكي. ان بناءً من هذا النوع يشير الى علاقة أبعد من مجرد لقاء جنسي ليس مقدراً له ان يتم. بمعنى آخر، اذا كانت الاحداث ستكمل مع "تشارلي" فقط فلا حاجة الى إرساء ذلك الغموض في علاقة الاثنين. وفي لقطة أخرى بارعة، يتواجه الاثنان في القطار وقوفاً تأهباً للنزول، فتلتقطهما كاميرا المخرج من زاوية تغلب عليها الظلال الرمادية والسوداء بين جسديهما وعلى وجهيهما وفي المساحة الفاصلة بينهما. اما الاشارات الأخرى غير المقصودة فتأتي من أداء انيستن الذي ينضح ارتباكاً في مشاهد كثيرة. هل يوحي بذلك شك المشاهد بتورطها؟ ليس تماماً لأن تعابيرها تشي في اماكن كثيرة بالكذب بما يتنافى مع حرفيتها في عمليات الاحتيال التي تمتهنها وعشيقها "لاروش". هل سبب ذلك اذاً تعاطفها الضمني مع "تشارلي" او قدراتها التمثيلية المحدودة في دور أكثر تعقيداً من "أصدقاء"؟ نترك ذلك لحكم المشاهد. ولكن من الجدير هنا ان نشير في مقابل اداء انيستن الى اداء كلايف اوين المتماسك وحضوره القوي واحتوائه المرهف والحساس لشخصية رجل يقرر القدر ان يسلبه كل شيء في لحظة.

المستقبل اللبنانية في 20 يناير 2006

بطلة «سيد الحرب» إلى جوار نيكولاس كيج...

بريدجت مويناهان لـ «الحياة»: كدتُ أن أصبح لاعبة كرة قدم

باريس - نبيل مسعد

عرفت بريدجت مويناهان الشهرة فور توليها البطولة النسائية في فيلم «المجند» إلى جوار النجم كولين فاريل، ثم العملاق آل باتشينو حيث تقمصت شخصية إمرأة سورية الجنسية تجد نفسها وسط عملية تجسس خطرة إلى أبعد الحدود. وكانت ملامحها السمراء وأنوثتها الجذابة ذات الطابع الحوض متوسطي وصوتها الدافئ عناصر ساهمت في فوزها بدور عربي على رغم كونها أميركية بحتة من مواليد مدينة نيويورك. وسرعان ما بدأت الأوساط السينمائية والإعلامية تبدي اهتمامها بهذه الفنانة الناشئة وتترقب أفلامها بلهفة مثل الجمهور الذي راح يتابع أخبار صعودها. وهناك عنصر اضافي في شعبية مويناهان هو ظهورها في بعض حلقات المسلسل الناجح «الجنس والمدينة» حيث أدت شخصية زوجة الرجل الذي تعشقه بطلة الحلقات سارا جسيكا باركر وتعيش معه علاقة حميمة ومتوترة في آن واحد.

وفي «سيد الحرب» تؤدي بريدجت شخصية المرأة التي تعشق نيكولاس كيج تاجر الأسلحة الروسي الأصل الذي هاجر إلى الولايات المتحدة واختار التجارة بالموت بدلاً من خلافة والده في مطعم روسي ناجح وذلك لأسباب مادية بحتة بطبيعة الحال. ويصور الفيلم الحياة العادية جداً التي يعيشها مثل هذا الشخص على رغم نشاطة المريب، بمعنى أنه حنون وعاشق وطيب القلب ولا يحلم بأن يلحق الأذى ولو بذبابة أو نملة على رغم كسبه لقمته من طريق بيع أسلحة للإبادة البشرية.

وها هو «سيد الحرب» ينزل إلى الصالات الأوروبية بعد الصالات الأميركية ما دفع ببطليه نيكولاس كيج وبريدجت مويناهان إلى القيام بجولة خاصة لتقديم العمل لأجهزة الإعلام في العواصم الأوروبية. وفي باريس أقيم الاحتفال الإفتتاحي للفيلم في دار سينما «بوبليسيس» في جادة الشانزليزيه فحضرته «الحياة» قبل أن تلتقي مويناهان وتجري معها هذا الحديث.

·         ما هي معرفتك للعرب وللمنطقة العربية في شكل عام؟

- ترددت على مصر وأعجبت بها إلى أبعد حد فهي سحرتني جداً وشعرت وأنا أمام اهراماتها ومعابدها الفرعونية وأثارها بأنني أتأمل عظمة تاريخ البشرية. وترددت مرة إلى المغرب لكن في زيارة قصيرة لم تسمح لي باكتشاف معالم هذا البلد إلا أن أهله بدوا لي بدورهم مثل أهل مصر في غاية اللطف والكرم.

·         ما الذي جعلك تفوزين بدور امرأة سورية في فيلم «المجند»؟

- أجريتُ الإختبار التقليدي أمام الكاميرا، وأعتقد شخصياً بأن مظهري الأسمر لعب دوره في الحكاية، ثم ربما انني أحسنت الأداء في يوم الإختبار ولا أعرف أكثر من ذلك.

·         حدثينا عن بدايتك الفنية؟

- بدأتُ عارضة أزياء بفضل طولي الفارع قبل أن أتجه إلى التمثيل في مسلسلات تلفزيونية ثم المشاركة في بعض أفلام الفيديو الغنائية الإستعراضية وجاءتني السينما في العام 2000 من خلال فيلمين متوسطي الأهمية والجودة، إلى أن فزت بأحد الأدوار الرئيسة في «كويوتي أغلي» وهو عمل استعراضي سمح لي بإبراز طاقتي الفنية كراقصة وممثلة في آن واحد.

·         هل توقفت عن عرض الأزياء؟

- نعم لأنني مارست هذه المهنة أصلاً بهدف الإنتقال من خلالها إلى السينما وبالتالي اعتزلتها فور تحقيق أمنيتي.

·         ما الذي منعك من ممارسة التمثيل منذ البداية من دون اللجوء إلى وساطة عرض الأزياء؟

- سهولة الحصول على عروض مغرية للعمل كعارضة بفضل مظهري، بينما التمثيل له متطلبات لا تتوقف عند الجمال الخارجي وحسب.

·         أنت تحبذين العمل السهل إذن؟

- نعم إلى حد ما، بمعنى إنني مستعدة للعمل الشاق من أجل التطور في ميدان يكون قد فتح لي بابه أساساً وليس لمجرد محاولة اقتحام الأبواب المغلقة كلياً.

·         من النادر أن تنجح عارضة أزياء كممثلة، والأدلة كثيرة على ذلك فما الذي جعلك تؤمنين بعكس ذلك بالنسبة إليك؟

- طموحي واستعدادي الكلي لاعتزال عرض الأزياء فور دخول عالم السينما والتلفزيون، على عكس العارضات النجمات اللاتي يرغبن في الدمج بين المهنتين ما يجعل الشركات المنتجة تعين عارضة في دور سينمائي وتبني دعاية الفيلم حول شهرتها في الموضة. والجمهور إذن يتردد على صالة السينما ليرى عارضة مشهورة وجميلة تستعرض مفاتنها فوق الشاشة من دون أي مبالاة بالدور ولا بطريقة تمثيله، وغالباً ما تفشل هذه الأفلام كلياً أو على الأقل لا تساعد العارضة في فرض شخصيتها كممثلة. وهناك عارضات نجحن في السينما مثل أندي ماكدويل ولورين باكال في زمانها، وأعتقد بأنه من الخطأ أن نتخذ كمثال كلوديا شيفر وسيندي كروفورد وناومي كامبل وحسب، فهن لسن العارضات الوحيدات في العالم وإن كن من أشهرهن.

·         كيف كانت علاقتك بنيكولاس كيج أثناء تصوير «سيد الحرب»؟

- علاقة معلم بتلميذته، فأنا لم أطلب منه أي شيء بطبيعة الحال لكنه اعتبر من واجبه أن ينصحني قبل تصوير المشاهد التي أظهر فيها وراح يحذرني من تصرفات بعض الممثلين الآخرين في الفيلم الذين ينتمون، بحسب قوله، إلى النوع الطموح الذي لا يتردد في محاولة «خطف» البطولة من زملائه أمام الكاميرا. لقد كان هذا الكلام غير صحيح بالمرة إلا أنه دفع بي إلى تحسين مستوى أدائي وإلى إظهار طاقتي كاملة في كل لقطة سواء مثلت فيها مع كيج شخصياً أو مع غيره من ابطال الفيلم.

ممثل رديء

·         ماذا عن ويل سميث شريكك في بطولة «أنا الروبوت»؟

- ويل من النوع المرح وهو يهوى المزاح حتى في أثناء العمل وأقصد بين لقطتين طبعاً وليس أمام الكاميرا، فهو بحسب قوله الشخصي إذا امتنع عن ترك العنان لروحه المرحة فقد قدرته على التركيز وتحول في غمضة عين إلى ممثل رديء. أنا أتذكر إنني ضحكت معه كثيراً وسمعته يروي النكات للفريق التقني في الأوقات التي لم يكن يتحدث فيها إلى زوجته جادا بينكيت بواسطة الهاتف الخليوي، فهو عاشق وكأنه لا يزال في الجامعة على رغم كونه رب أسرة، وهذا ما يعجبني فيه.

·         ساهم مسلسل «الجنس والمدينة» في شعبيتك فما رأيك في نجاحه الدولي؟

- لقد نجح كونه روى وجهات نظر نسائية بحتة في موضوع مخصص عادة للرجال وهو الجنس، وأنا كنت أحب متابعة حلقاته، إذ عثرت في بطلاته على سمات تخص الكثير من النساء حالياً، وفي مواقفه على تفاصيل تخصنا جميعاً في المجتمعات، خصوصاً الغربية، وأقصد سواء كنا نساء أو رجالاً. وأنا سعدت جداً حينما تلقيت العرض بالمشاركة فيه، وخصوصاً لأنني كنت سألتقي سارا جسيكا باركر في الحقيقة بعدما شاهدتها عشرات المرات فوق الشاشة الصغيرة في بيتي ووجدتها ذكية ومهنية وإمرأة أعمال ماهرة وفنانة كبيرة. صحيح أن ظهوري في بعض الحلقات فتح أمامي أبواباً جديدة في هوليوود وسمح لي بالعثور على أدوار أكبر لقاء أجر مضاعف، فأنا أشكر سارا جسيكا التي ساهمت في إختياري ولو جزئياً بصفتها شريكة في الإنتاج.

·         ما هي هواياتك؟

- أصبحت الأناقة من أهم هواياتي منذ أن مارست عرض الأزياء، أما قبل ذلك فلم أتحمل سماع كلمة «فستان» أو كلمة «تنورة» وكنت أقضي وقتي كله مرتدية الزي الرياضي العريض من دون أن أضع أي ماكياج فوق بشرتي أو أهتم بتسريحة شعري مثلاً وغير ذلك مما تفعله الفتيات عامة في العالم كله.

·         من الصعب تخيلك هكذا؟

- أنا مثلما قلت لك تغيرت كلياً وأصبحت مولعة بالأناقة ولا أتحمل نفسي الآن بثياب مهملة أو بتسريحة لا تليق بي حتى إذا بقيت وحدي في بيتي.

·         وما الذي كان يمنعك من ترك العنان لأنوثتك؟

- حبي لممارسة رياضة كرة القدم واحتكاكي منذ صغري بعالم الصبيان كي ألعب الكرة معهم، فكنت أخاف من أنهم يرفضونني إذا بدوت «أنثى» بشكل ما أو إذا شعروا بأنني أولي إهتمامي الأساسي لجاذبيتي على حساب كرة القدم.

·         وهل ما زلت تلعبين الكرة في أوقات فراغك؟

- لا أبداً فقد تغيرت اهتماماتي، لكنني في وقت ما كنت أحلم فعلاً باحتراف هذه اللعبة في فريق نسائي، فهل تتخيل لاعبة كرة تتحول عارضة أزياء علماً أن هذا ما حدث لي في الحقيقة.

الحياة اللبنانية في 20 يناير 2006

 
سينماتك

 

"سيد الحرب" لأندرو نيكول

يرسم خارطة العنف في العالم و"انحراف" يعتمد الالتباس لخداع المشاهد

ريما المسمار

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك