شعار الموقع (Our Logo)

 

 

بين قوسين (الصليب على الخاتم والصليب على الظهر بشكل ضخم) يجري النهر الغامض والذي من خلاله يدفعنا المخرج الممثل (كلينت ايستود) لدخول في عوالم فلمه عبر رؤى عميقة للنفاذ إلى جوهر الاشياء، قبل ذلك كان ملك الخاتم الذي قاد معركته الملحمية من خلال الشاشة وخارجها والذي قسم العالم إلى ثنائية الشر والخير لنصل معه إلى مفادها ان الشر هناك في الشرق حيث يسكن الشيطان الذي يقود الارهاب ليقضي على الخير في الغرب، فما على الملك اراغورن إلا القضاء على الشر كي ينتصر الخير ويعم البشرية والكون. فيما يحمل فيلم النهر الغامض إلى مقولة معاكسة تقول ان الشر هنا في الداخل حيث الحضارة في انحرافها تقود الانسان إلى الموت والاكاذيب بعد ان تحاصر روحه، فقد استند المخرج على رواية مكاتب (دنيس ليهين) محاولا فتح القوس بشكل لا يقول بل يشير عبر الايماء والاشارة الى ذلك التاريخ ذلك النهر الغامض في حركته. تلك الحضارة التي يطلق عليها اصحابها الحضارة اليهودية المسيحية المسئولة عن أكبر جريمتين (العنصرية والاصولية) انه يوم الشكر يوم ان يقدم الاب في الكنيسة قائلا جسد المسيح الأب بايمائة منه محاولا اضحاك ابنته، الام تقول له: لا تضحك ابنتنا، انه شهر نوفمبر في احد الاعوام في القرن السابع عشر عندما قدم الهنود الحمر الديك الرومي وكيزان الذرة وكرات القرع ذلك هو يوم الشكر في الولايات المتحدة يوم تمت مذبحة الهنود من خلال الاصوليين واتباعهم لاقامة مملكة الرب.

حتى كتاب (كيفين فيليبس).»السلالة الحاكمة الامريكية) التي تطمح لصناعة الامبراطورية في عالم السياسة والمال لتبتكر نفسها باعتناقها المبادئ المسيحية الصهيونية متخذة التوراة من خلال فهم مغلوط للمسيحية، الكاميرا في لقطة للأب المفجوع يقول : »انني اعرف في قرارة نفسي انني ساهمت في موتك لكنني لا اعرف كيف«.

المخرج يعتمد لسرد الفيلم على حركة كاميرا من الاعلى إلى الاسفل لنرى المدينة (ذاكرة الاطفال الثلاثة) (ديفيد، جيمي، شون) يرد شون وهو يقف على الجسر ينظر إلى الاسفل حيث الذكرى قائلا: انظر الى مكان طفولتي. انه يعود بنا الى الاطفال الثلاثة يوم ان تم اختطاف (ديفيد) من خلال رجل ادعى انه شرطي تم وصعد ديفيد بالقوة داخل السيارة. السيارة تبتعد وديفيد ينظر من الزجاج الخلفي الى صديقيه. من هذه اللقطة تبدأ الفكرة بالحركة باتجاه الحبكة »الفكرة ان ثلاثة اطفال كتبوا اسماءهم على اسمنت رطب حين احتفت الكرة وقرروا سرقة سيارة وارجاعها فمنذ الآن يبدأ النهر بالجريان في ثلاث لقطات وكلها إلى الامام مقدمة الكاميرا اتجاه الصالة تحاول في حركتها الغامضة ان تظهر هدوء النهر الذي يخبئ بداخله جرائم جيمي وهو يطعن ديفيد (اننا نرتكب جرائمنا ونخبئ آثارها ننظف ايدينا منها، لكن هل بإمكان النهر ان يغسل الايدي من آثار الدماء. لم تظل الدماء عالقة في يد الليدى مكبث، ما الذي يمكن ان يغسلها. اليوم تغطى الاصولية الامريكية المهيمنة فيما يعرف بحزام التوارة مساحة واسعة تمتد من فرجينيا وكاتساس وفلوريدا شرقا شمالا وجنوبا تضم ولايات مسييسبي والاما وكارولينا وميشيغان. ثلاثة اطفال يلعبون بكل براءة لعبة البيسبول، الكرة تسقط في المجاري يحاولون احاضرها دون جدوى يقترح احدهم (انه شون رجل القانون بعد ٥٢ عاما) على الطفلين سرقت سيارة فلعل احدا ترك مفتاح سيارته. جيمي (قاتل ديفيد) بعد ٥٢ عاما يقول : انه لا يستطيع المشاركة في السرقة لان والده سوف يقتله، جيمي القاتل، جيمي المحتال، جيمي الذي يبعث النقود لعائلة الشاب لانه قتل والده انها، الاسماء الثلاثة المنوتحة على الاسمنت بعد ٥٢ عاما شاهدة على زمن لم يمض، تلك هي حركته خيوط التي يتحرك عليها معمار السيناريو.. الكاميرا تنحدر من أعلى إلى اسفل بعد ٥٢ عاما اول ما يدخل الكادر شجرة يسار الكادر نتبين جيمي جالس في ذات المكان يحتسي الكحول يظهر عليه السكر تقف سيارة ينزل منها »شون« يناوله جيمي زجاجة الكحول يتحدث شون مع جيمي عن ديفيد الذي اختفى ويسأله متى رأيت ديفيد آخر مرة؟ يقف جيمي يرد على سؤاله قائلا: قبل ٥٢ عاما يعود المخرج الى ذات اللقطة. لقطة لديفيد في السيارة وهو ينظر الى الخلف في اتجاه اصدقائه. انه الآن وهنا ينظر الى اصدقائه بعد ٥٢ عاما محبوسة في الاسمنت كشاهد على تاريخ لقتل البراءة. ها هو ديفيد بعد الهرب ينظر من الشباك على اصدقائه في الاسفل، الام تقفل ستارة الشباك تنهدر الشاشة الى السواد. يرد شون قائلا يبدو اننا الثلاثة قد صعدنا في السيارة. حبكة السرد تدفع الى الركوب في السيارة في الاختطاف في الاغتصاب. ديفيد اصبح الآن ابا يمشي مع ابنه الذي يبدو انه لم يلعب اليوم بشكل جيد يحاول الآب التخفيف عنه يحدث عن نفسه في هذا المكان كانت كراتنا تضيع اذا بحثت سوف تجد آلاف الكور يباعتنا المخرج بمشهد اختطاف الطفل صرخة مفاجأة للخاطف الذي أمر ديفيد قبل ٥٢ عاما لصعود الى السيارة الطفل ديفيد الأدب يهرب عبر الغابة، خطوط اللعبة تدور في المنزل حيث الشك والريبة والمؤامرة، الحانة حيث السكر والضياع انها ابنة جيمي اعرفها منذ ان كانت طفلة، الغابة حيث دروب للهرب واختفاء الطريق، الكنيسة حيث المنوالة والقربان والتعمير، الشارع حيث الاحتفال (الموكب) (قتل الرئيس). شون ينظر الى جيمي وبايماءة من يده يمثل طلقة مسدس في اتجاه جيمي، لكن جيمي يشير بايماءة بأنه لا يعرف من الذي اطلق الرصاصة، المركز حيث التواطؤ جيمي لقد تأخرت بإخباري عن موت ديفيد شون ينظر إليه وبايماءة نعرف بأنه يعلم ما حدث لكنه يفضل الصمت، يدفع المخرج ممثليه ناحية التمثيل بطريقة تذكرك مدرسة الدراما النيويركية في سينما (كازان) في مخطط حسى حركي يستحوذ على الصورة. انهم يمثلون الشخصية بتشبع كالاسفنجة وبالكثافة لتجسيد الحس من خلال الحركة بمخطط حس حسي حركي بسيط من نموذج السيالة العصبية الانعكاسية المشروطة تأخذ في اعتبارها عوامل الداخلية لتظهر خارجيا كل ما يعتمل في داخل الشخصية عند تقاطع الوضع الذي تتشرب به والفعل الذي ستفجره. الداخل الباطن وحده المهم، لكن هذا الداخل ليس في الما وراء وليس متخفيا انه يمتزج مع العنصر الوراثي للسلوك الذي عليه ان يظهر. فالمسألة لا تتمثل في اتقان الفعل وانما هو الشرط اللازم لتطور الصورة الفعل والتي نشاهدها في تمثيل الممثلين والتي تقترح عليهم اقامة احتكاك حسي مع الموضوعات (الاشياء) المتصلة بالوضع مثل علكة الفم ومن جهة اخرى ينبني الموضوع في الذاكرةالفعالة وان يعيد تفعيل احساس ليس بالضرورة مطابقا وانما مناظرا للاحساس الذي يحرضه الدور التمثيلي من خلال لمس أو استعمال موضوع متصل بالوضع يوقظ احساسا ملائما لهذا الوضع تعتمد على الاجراء المعاكس الذي من خلاله يفترض الممثل الواقعي ان يطابق بين الدور وبين بعض العناصر الداخلية التي يمتلكها. عند اقتراب الفيلم من النهاية يبدأ المخرج باستخدام المونتاج المتوازي فمن خلال مونتاج سريع بين قطع ووصل اللقطات القصيرة. فالغابة يقف جيمي وثلاثة من اتباعه امام ديفيد يحاصرونه. جيمي يتهم ديفيد بأنه قتل ابنته. جيمي انها في التاسعة عشرة.

قطع على منزل الشاب وهو يقول لأخوه الابكم من تحب أكثر الابكم بإشارة من يده. انت
الشاب: امى.. الابكم لا يهز رأس

ديفيد: انا لم اقتلها.. لقد قتلت رجلا شاذا

الشاب: يضرب اخاه الابكم.. لقد قتلتها

جيمي: يصرخ اصمتوا.. انها ابنتي في التاسع عشرة

ديفيد: لم اقتلها قطع ديفيد يضرب الرجل الشاذ يأمر الطفل بالهرب - انه يهرب ومن خلال ذات الغابة التي هرب منها ديفيد ذاته نسمع صوت يردد اهرب.

ديفيد: ديفيد يضرب الرجل الشاذ

الشاب: يضرب اخاه وصديقه على فمه وانفه بالحذاء المونتاج يأخذنا في ثلاثة ازمنة زمن الحاضر ديفيد جيمي الزمن الحاضر مكان مختلف الشاب واخيه الابكم، الزمن الماضي ذاكرة ديفيد العودة لما تم اخفاؤه جريمة ديفيد قتله للرجل الشاذ وانقاذ الطفل.

الطفل صديق الابكم يرفع المسدس على الشاب يفتح الباب يدخل المفتش شون يقف، الطفل لقد كسر انفي المفتش سوف نقبض عليه.

جيمي: اعترف قبل انك قتلتها وسوف لن اقتلك سوف اسلمك للقانون.

ديفيد: يكذب ويعترف بالقتل

المفتش: يهجم على الطفل تنطلق الرصاصة في السقف

جيمي: يطعن ديفيد يصوب المسدس عليه 

وكل هذا يحدث وفق المونتاج من خلال التتابع السريع بايقاع حتى يطلق جيمي النار على ديفيد وهنا يلجأ المخرج الى ما يطلق عليه تخفيف الكادر والذي هو عكس الاشباع إلى ما يطلق عليه تخفيف الكادر والذي هو عكس الاشباع في الكادر انه تخفيف كلي كما نرى ذلك لدى »جودار«« حيث تتحول الشاشة الى البياض ثم تبدأ الكاميرا بالحركة من أعلى إلى اسفل.

نسمع الحوار الذي يقوله شون عبر ذاكرتنا ونحن نغمض العيون يبدو ان ثلاثتنا قد صعدنا في السيارة ثلاثة اطفال ينظرون لنا داخل السيارة ينظرون باتجاهنا وهم يغوصون في نهر غامض يخفي تاريخ الجريمة بعد ان يمحو يده من آثارها. عليك ان تنسى ان ما قلته لك قد قالته لي اذ علينا ان نكون اقوياء انت الملك والملك يمتلك القوة دع الضعف للآخرين. انه العماء الذي يحيط السياسية الامريكية. يكفي ان ندرك كما يقول عالم الاجتماع الامريكي (رايت ميلز) في كتابه (الصفوة القوية) ان الولايات المتحدة تحكمها جماعة ادارية متداخلة وصغيرة جدا ومكونة من رؤساء الشركات والقادة العسكريين تقودها إلى العماء.] تحيلنا تعبيرية الصورة الى منطقة أخرى من القراءة الفيلمية هي قوة السرد، التي تنطلق من حقيقة ما يقوله الفيلم او ما يرويه وعند الوصول الى هذه المنطقة، نكون قد وصلنا الى شبكة المرويات ضمن بني السردة والسرد هو بناء او معمار القصة وبمقدار عنايتنا بتتبع بني السرد وشبكة المرويات نكون بصدد قراءة الحبكة، لان الاقتراب من الحبكة ببساطة شديدة هو اقتراب من الآلية التي بموجبها يتم توزيع الاحداث الفيلمية على مسار الزمن. وبذلك يقترب المروى بالعامل الزمني وبفعل الشخصيات كما يذهب (روبرت كولكر). ومن هنا يتم الانتقال من الصورة إلى السرد ومن السرد الى الحبكة بالانتقال من المحتوى أو المضمون الفيلمي إلى الشكل الفيلمي. وذلك لان القراءة الجمالية ما يؤطر البناء الفيلمي بهذه الشبكة الكثيفية من المعطيات. فالبناء الفيلمي يقوم على نسق شكلي / بنائي ثم معنوي مقترن بالمعنى وتوليدات الصورة ومن هذه التوليدات تتم الصلة بالمتلقى التي سرعان ما سيتحول الى صلة عاطفية ما حالما ننتقل إلى استقراء المعنى في الفيلم. فالصورة هي اداة توليد المعنى. فالكادر يعلمنا على نحو ما بالصورة لان الصورة لا تعرض نفسها من اجل الرؤية الابصارية وحسب وانما هي مقروءة بقدر ما هي مرئية. فالكادر يتمتع بالوظيفة مضمرة في تسجيل معلومات ليست صوتية وبصرية فقط في ضبط حدود الكادر في المنظومة المغلقة نسبيا تحتوي على كل ما هو ماثل في الصورة ديكور، شخصيات، اكسسوارات، اصوات. فالكادر أو اطار الصورة هو مجموعة من عدد كبير من الاجزاء من العناصر التي تدخل هي نفسها في اجزاء ومجاميع يمكن وضع كشف حساب لها تشكل في رأي (جسكو جاكوبسون) موضوعات - اشارات وفي رأي »بازولين« سينيم، سينميات، على غرار الفوينمات اي الاصوات بحسب »لوتمان«« لكن هناك رأي »دولوز«« ينظر الكادر وهي المنظومة المعلوماتية، وليس في المنظومة اللسانية فهي كثيرة العدد احيانا ومنخفضة حينا آخر واللقطة شبيهة بالحركة - اذ لا نكفي عن تأكيد التحول والانتقال انها تجزئ الديمومة ويجزئ اجزاءها بحسب الموضوعات التي تكون المجموع وهي تجمع الموضوعات والمجاميع في ديمومة واحدة في الكل الكوني. وهذه التقسيمات والتجميعات يقوم بها الشعور وهنا يقع التماثل بين الشعور وبين اللقطة غير ان الشعور السينمائي ليس نحت وليس الجمهور النظارة وليس البطل انه الكاميرا وهذا الشعور يكون انسانيا حينما ولا انسانيا حينا آخر لقطات السيارات الجسور النهر الاشجار فحركة الممثلين والاماكن والطبيعة تمتزج في ادراك حسي واحد لكل الطبيعة المؤسفة حسب دولوز.] المونتاج هو التركيب هو التنسيق الصور حركة تقوم بتأليف صور غير مباشر للزمن وهناك عديد من الطرائق يمكن يتصور بها الزمن تبعا للحركة. قياسا للحركة وفقا لتركيبات متنوعة.ذ] هناك دائما عصر اسود ينتظرك وراء الباب، ان انت اسأت اللعب بالاوراق التي بين يديك. 

بول جونسون

الأيام البحرينية في  2 مارس 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

بسام الذوادي ـ لقاء

      مهرجان البندقية.. يكرم عمر الشريف

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

آسيا جبّار عبّرت عن الهواجس الدفينة للمرأة

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

في فيلم "النهر الغامص":

هل بإمكان النهر غسل اليد من الدم؟

عبد الله السعداوي